توالت الكوارث على الغابة فاجتمعت الحيوانات عند الحكيم تسأله.
فقال ناصحا:بينكم مذنب يجب قتله ..وفى حضور الجميع .
قال الأسد:يوما ما قتلت فريسة ولم أكن جائعاً ..فصاحت الحيوانات وماذنبك ياسيدنا وهي التي قابلتك وانت على شبع.
وبكي النمر معترفا:قتلت غزالة كانت ترضع رضيعها .
فصاحت الحيوانات وماذنبك ألم يكن بإمكانها تأجيل ارضاع رضيعها فلاتفترسها في هذا الوضع.
وتقدم الفيل معترفاً: لقد دست قطة صغيرة فقتلتها.
فصاحت الحيوانات وماذنبك ياعظيمنا ..هذا قدرها أتى بها فى طريقك فدستها.
ثم تقدم أرنب ضعيف يبكي:لقد دست يوماً نملة دون قصد.
فصاح الحضور هذا هو المجرم ..هذا هو المجرم .. واجتمعوا عليه يريدون قطع راسه.
في غابة الحيوانات إلى هنا انتهت الحكاية.. لكنها في «غابة» الانسان مازالت تسير على نفس النحو .. القوي يأكل الضعيف .. الكبير يحاول سحق الصغير .. الغني يأخذ الفقير لحماً ويرمي به عظماً.. إذ سرق «أبناء الذوات» عفو عنهم .. وإذا حصل ذلك من معدوم حاكموه وأردوه.
هذه حال الأمة بأكملها .. وهذا هو حال الناس .. ولن يستغرب إذا أذن الله بزوال تلك الأمة عن بكرة أبيها.. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد». «رواه البخاري»