مهنة المعلم مهنة جليلة ، وعظيمة ، فهي المهنة المسؤولة عن تغذية العقول بالعلم الرفيع ، وتهيئة النفوس بالمعرفة ، وترقية الروح إلى درجات النور ، والمعلمون هم من يزرعون البذرة الأولى للنشء في معرفتهم بالحياة ، وهو شيء جليل عظيم يفوق أي عمل على هذه الأرض .
وأصبح الآن من مقاييس التقدم والحضارة لدى الشعوب اهتمامها بمعليمها ، لأنها تعرف جيداً أن مفتاح صلاحها فيهم ، ومقياس تقدمها بهم ، وتدرك كذلك الأمم الراقية ، أن جميع مفاتيح الحلول يمسكها المعلم بيده ، عندما يخرج أجيالاً قادرة على صنع الفارق الحضاري والتنموي .
جلس الكسائي يوماً في حضرة هارون الرشيد فسأله الرشيد من أفضل الناس ياكسائي ؟، فقال الكسائي أو غيرك يستحق الفضل يا أمير المؤمنين ، فقال الخليفة نعم : إن أفضل الناس من يتسابق الأميران إلى إلباسه خفية ، وكان الأمين والمامون تقديرا للكسائي يتسابقان على الباسه خفيه عندما يهم بالخروج من عندهما
هكذا كانوا يعاملون المعلم ، وهكذا يعرف فضل المعلم ، وأهميته في أي مجتمع يقدره ويحترمه يقول الشاعر :
قُــمْ لـلمعلّمِ وَفِّـهِ الـتبجيلا»
كـادَ الـمعلّمُ أن يـكونَ رسولا
لأعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي
يـبني ويـنشئُ أنـفساً وعقولا؟
أما ما نسمعه الآن من تهجم على المدرس ، وإظهار عدم الاحترام له من بعض طلبتنا للآسف ، فهي تصرفات يندى لها الجبين ، ويشمئز منها الخلق القويم ، وينفرها الأدب المستقيم .