
قال التقرير الأسبوعي لـ«ساكسو بنك» كان تداوُل نفط برنت الخام -على الرغم من مرور فترات زمنية تشوبها الريبة- محصورا ضمن نطاق تداول مستقر نسبيا خلال العامين الماضيين، وخاصة بالمقارنة مع السنوات السابقة التي ظهرت خلالها فترات من الإرتفاعات والإنخفاضات الهائلة في الأسعار. وإذا فكرنا فيما سيكون عليه الوضع في سنة 2013، فإننا نعتقد أن نطاق سعر التداول الحالي سوف يبقى على ما هو عليه؛ ذلك لأن نفط خام برنت واقع بين عدة عوامل لها نفس الدرجة من الأهمية، من شأنها مجتمعة أن تُبقي السعر محصورا في نطاق سعري يتراوح بين 90 و125 دولارا أمريكيا للبرميل
واضاف التقرير خلال العامين الماضيين أصبح سعر نفط خام برنت المؤشر القياسي العالمي المتبع في معرفة أسعار أغلبية الصفقات المادية الفعلية الخاصة بالنفط، وبات أيضا -على نحو متزايد- السلعة المفضلة في عالم النفط الخام بالسندات الاستثمارية. شهدنا مؤخرا منذ زمن قريب مؤشرين من المؤشرات العالمية الأكثر متابعة –أي مؤشر كل من ستاندرد اند بورز وجولدمان ساكس للسلع- يعلنان زيادة أخرى في وزن نقطة النسبة المئوية لنفط برنت في سنداتهم التجارية للعام 2013 على حساب خام غرب تكساس الوسيط الذي لا يزال يتمتع بالوزن الأثقل إلا أنه هبط هبوطا حادا عن مستواه في السنوات الماضية.
وتابع نتجت التذبذبات الكبيرة في أسعار نفط برنت الخام للفترة 2010-2011 في المقام الأول عن المخاوف الكبيرة والصغيرة المتعلقة بانقطاع الامدادات، خاصة الحرب الأهلية في ليبيا أوائل عام 2011 والإعلان عن فرض عقوبات على إيران بسبب الشكوك بشأن نواياها النووية في أوائل عام 2012. أدت الإنقطاعات الطفيفة في الإنتاج في السودان ونيجيريا وسوريا وبحر الشمال أيضا إلى دعم أسعار النفط.
وفي مقابل هذه المخاوف المتعلقة بانقطاع الإمدادات، فإن الإقتصاد العالمي قد واصل الإزدهار وفق نمط بطيء نسبيا، نتج عنه زيادة طفيفة في الطلب العالمي على النفط. ساعدت المخاوف المتعلقة بالركود –التي تحققت الآن في أوروبا- في بعض المناطق الأخرى من العالم في بعض الأحيان على موازنة مخاوف الإمدادات المذكور أعلاه وتعويضها، مما أدى إلى إصلاحات طفيفة فيما يتعلق بالهبوط العامّ في أسعار سوق الأوراق المالية أثناء دورة التداول مع القليل من الإصلاحات الكبرى في هذا المجال.
ونتيجة لذلك، فإن معدل سعر نفط برنت الخام بقي تقريبا دونما تغيير على مدى العامين الماضيين، أي عند مستوى 110.75 دولار للبرميل في سنة 2011 وعند مستوى 111.70 دولار أمريكي للبرميل في العام 2012 على الأقل حتى هذا الوقت. يبين الرسم البياني توزيع الحجم المتداول في عقود أوائل الشهر للعام 2011 ومن دون المستغرب فإن هذه النتيجة قريبة جدا من الملاحظات الخاصة بمعدل الأسعار. يقع حوالي 9 في المئة من الحجم الكلي خلال العامين الماضيين بين 110 و111 دولارا للبرميل بينما يقع 54 في المئة من الحجم المتداول ضمن نطاق 9 دولارات أي بين 106 و115 دولار للبرميل.
وبين إن طرف منحنى الهبوط العامّ في أسعار سوق الأوراق المالية أثناء دورة التداول السفلي –كما نرى أيضا أسفله- أطول بطريقة ما من طرف الارتفاع العام. يفسر هذا -إلى جانب أشياء أخرى- بوجود مستثمري المضاربة مثل صناديق التحوط وتجار المضاربة. فتجار المضاربة يتفاعلون مع حركة السوق إما عبر زيادة أو تخفيض التعرض، فأثناء الزيادتين الكبيرتين في أسعار النفط –كما نرى في الرسم البياني أعلاه- قد أُتبعتا بموجة بيع صغيرة بأسعار متدنية وأخرى كبييرة لأنهم أُجبروا على تخفيض حالات الشراء المسببة للخسارة. خلال هذا الوقت من التصفي الذاتية طويلة الأمد نجد في أكثر الأحيان أن الحركة تمتد إلى ما هو أبعد مما تكفله الأساسيات ذات الأولوية.
والآن بعد أن حددنا المحركين الرئيسيين المسببين لارتفاع أسعار النفط -وهما المخاوف الجيوسياسية وتدفق الاستثمارات الناتجة عن المضاربة- دعونا نلقي نظرة على بعض الأسباب الأخرى التي تجعلنا نعتقد أن أسعار النفط ستبقى تتراوح ضمن ذلك النطاق في المستقبل المنظور.
وخلال أوائل عام 2012 عندما ارتفع سعر خام برنت سمعنا في كثير من الأحيان تدخلا لفظيا من النعيمي -وزير نفط المملكة العربية السعودية- يهدف إلى تحقيق انخفاض في الأسعار. وبما أن المملكة هي أحد أكبر منتجي النفط في العالم والوحيدة التي تمتلك قدرة احتياطية على زيادة الإنتاج، فإن العالم ينتبه ويدون ملاحظاته عندما يتكلم. بعد الحظر على النفط الايراني زادت المملكة العربية السعودية إنتاجها ليبلغ ما يقارب 10 ملايين برميل يوميا من أجل الوفاء بوعده في إعادة أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل وهو مستوى مقبول لكل من المنتج والمستهلك. ومع استمرار الإقتصاد العالمي في حالة انتعاش هشة، فإن أسعار النفط تلعب دور الرادع للنمو وبالتالي الرادع للطلب أيضا.
احتياطيات النفط الإستراتيجية
وإن رفع الأسعار بسبب التوترات الجيوسياسية يحمل أيضا مخاطر دخول دول منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية في تهدئة الأسواق من خلال الإفراج عن المنتجات النفطية من احتياطياتها الإستراتيجية. إن أعضاء وكالة الطاقة الدولية ملتزمون بالإحتفاظ على احتياطي نفطي للطوارئ من شأنه أن يغطي 90 يوما من الواردات، ومع أن الولايات المتحدة أكبر مستهلك، فإن لديها حاليا ما يقارب 700 مليون برميل احتياطي، وفقا لوزارة الطاقة الأميركية. وعلى الرغم من أن الإفراج عن الإحتياطي الإستراتيجي الذي نفذ في يونيو 2011 - بسبب فقدان الإنتاج الليبي - كان له تأثير محدود على المدى الطويل، فإن التهديد بالإفراج يعد كاف لردع المستثمرين الذين يعتمدون المضاربة في تداولاتهم ومنعهم من التدخل بشكل كبير، وبالتالي منع الأسعار من الإرتفاع.
وقال التقرير نجد أن أهم نمو في الإنتاج في عام 2013 يأتي من الزيت الصخري في الولايات المتحدة. وقد أدى هذا النمو بالفعل في انخفاض كبير في صافي واردات النفط الخام على مدى السنوات الخمس الماضية. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في توقعاتها السنوية المتعلقة بمجال الطاقة للعام 2013 أن «حدوث تحسن مستمر في مجال التقنيات المتقدمة لإنتاج النفط الخام يواصل رفد الإمدادات المحلية المتوقعة» وترى من خلال التوقعات أن يصل الإنتاج إلى 7.5 ملايين برميل في اليوم بحلول العام 2019. هذه النقلة النوعية في أسواق النفط العالمية خلال العقد القادم يمكن في النهاية -وفقا لوكالة الطاقة الدولية- أن تجعل إنتاج الولايات المتحدة من النفط يتجاوز إنتاج المملكة العربية السعودية. من شأن هذه الزيادة أن تساعد على زيادة العزل وبعد الفجوة بين الطلب والعرض المتاح، مما يقلل من خطر ارتفاع الأسعار خلال فترات نقص أو انقطاع الإمدادات.