كشف تقرير صادر عن البنك الوطني ان بعد التقلبات التي شهدناها في معظم هذه السنة، كان شهر نوفمبر أكثر هدوءا بالنسبة لأسعار النفط الخام. فقد تم التداول في سعر خام التصدير الكويتي في نطاق ضيق تراوح ما بين 105 و108 دولارات للبرميل في معظم شهر نوفمبر، مع ارتفاع متواضع في منتصف الشهر تلاشى في بداية شهر ديسمبر. وتم التداول بخام مزيج برنت في نطاق ضيق مماثل تراوح بين 108 و111 دولاراً للبرميل في معظم شهر نوفمبر. وبقي سعر خام غرب تكساس المتوسط، وهو الخام الإسنادي الأميركي، منخفضا جدا مقارنة بخام برنت حيث تراوح بين 85 و90 دولاراً. وبلغ الفارق بين سعر خام غرب تكساس المتوسط وسعر خام برنت رقما قياسيا في العام 2012 قدره 23 دولارا، فيما بلغ الفارق مقابل خام التصدير الكويتي مستوى قياسيا قدره 20 دولاراً.
وقال التقرير ويمكن إرجاع الاستقرار الحالي في الأسعار إلى انحسار أزمة الديون السيادية الأوروبية والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. ولكن هذه الأمور لم تحلّ حتى الان، ويمكن اي منهما أن تبرز مرة اخرى كعامل تازم في الأسواق في بداية العام 2013. وقد تحول الانتباه الآن إلى «الهاوية المالية» في الولايات المتحدة، والتي من المحتمل أن تدفع الاقتصاد الأمريكي إلى حالة ركود في السنة القادمة. فإن تعقّد المفاوضات وعناد طرفي الحوار قد شجّع المتعاملين في السوق على الترقب فقط لحين تتضح الأمور.
ومضى وفي تلك الأثناء، بقيت أساسيات أسواق النفط متوازنة. ورغم التوقع الواسع بازدياد ارتفاع العرض عن الطلب في العام 2013، فإن مدى الاتساع ليس أكيدا. وتعتبر سياسة أوبك عاملا أساسا في هذا الأمر، وخلال اجتماع منظمة الأوبك الذي انعقد في 12 ديسمبر، اتفق الأعضاء على ابقاء اجمالي انتاج المنظمة عند مستواه الحالي، وهو المستوى الرسمي وليس الفعلي.. وقدرة أوبك على القيام بتحرك منسق وحاسم فيما يخص السياسة المتبعة هو أمر معقد بسبب ديناميكيات سياسية داخلية إضافة إلى قوى خارجية تؤثر على إنتاج بعض أعضائها، من ضمنها العلاقات بين بغداد وكردستان في العراق والعقوبات الدولية على إيران وحالات التعطيل في إنتاج بعض الدول الإفريقية. والرأي المجمع عليه هو أن أوبك ستحتاج إلى خفض الإنتاج بشكل كبير لمنع الأسعار من الانخفاض في السنة القادمة.
وأضاف إن الاقتصاد العالمي الضعيف يعني أن نمو الطلب على النفط سيتحسن بشكل طفيف فقط في السنة 2013، بعد ارتفاع متواضع في العام 2012. ويتوقع المحللون ارتفاعا في الطلب على النفط بمقدار 0.7 - 0.9 مليون برميل يوميا أي 0.8 في المئة إلى 0.9 في المئة، وذاك مقارنة بارتفاع بلغ 0.7 - 0.8 مليون برميل يوميا هذه السنة. ومن المفاجئ أن التحسن يأتي من أسواق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فبالرغم أننا لا زلنا نراه في تراجع إلا أنه من المتوقع أن تكون وتيرة الانخفاض أبطأ من مثيلتها في العام 2012. ومن ناحية أخرى، فإن النمو في الاقتصاديات الناشئة هو إيجابي بمقدار 1 مليون برميل يوميا أو أكثر، ولكن يتوقع أن يتباطأ. ويتوقع أن يكون لاجتماع عوامل التقشف المالي والنمو الضعيف هيكليا في منطقة اليورو وضعف القطاع المصرفي والنمو في المصادر البديلة للوقود، أن تضعف من الطلب على النفط في الأسواق المتقدمة في المستقبل المنظور. ولكن في الأسواق الناشئة، لا يزال هناك مجال لأن يبقى نمو الطلب على النفط قويا، خاصة في ضوء استخدام سياسات تحفيزية لأجل تعويض الضعف في أسواق التصدير الرئيسة.
وتابع: تراجع إنتاج النفط الخام من دول أوبك الإحدى عشرة «أي باستثناء العراق» بشكل طفيف بمقدار 64.000 برميل يوميا في شهر أكتوبر ليصل إلى أقل بقليل من 27.8 مليون برميل يوميا، وهو أدنى مستوى منذ 12 شهرا. ويأتي معظم هذا التراجع من نيجيريا حيث تدهور الإنتاج إلى أقل مستوى له منذ 3 سنوات. وهذا هو الشهر الثاني من تراجع قدره 100.000 برميل يوميا أو أكثر، وذلك بسبب فيضانات قوية في منطقة دلتا النيجر المنتجة للنفط وتوقف شركة شل عن الانتاج عقب سلسلة من حوادث التخريب والنهب. وقد شهدت إيران أيضا تراجعات كبيرة إذ انخفض إنتاجها إلى 2.6 مليون برميل يوميا في شهر أكتوبر، أي أقل بمقدار 1 مليون برميل يوميا تقريبا من سنة مضت. وقد تجاوز الآن إنتاج العراق والكويت ومؤخرا الإمارات مستويات الإنتاج النفطي الإيراني. وكانت هناك بعض الارتفاعات الكبيرة في الإنتاج في دول أخرى، خاصة في أنغولا حيث ارتفع الإنتاج بمقدار 108,000 برميل يوميا بعد انتهاء أعمال صيانة الحقول.
وأكمل: وتراجع مجموع إنتاج أوبك «بما فيه العراق) للشهر الثاني على التوالي إلى أقل بقليل من 31 مليون برميل يوميا. فالإنتاج العراقي، والذي شهد ارتفاعات كبيرة هذه السنة، سجل انخفاضا طفيفا بمقدار 5.000 برميل يوميا ليبلغ 3.2 ملايين برميل يوميا وذلك حسب مصادر مستقلة. اما البيانات من مصادر مباشرة والأرقام الرسمية فتشير إلى تراجعات كبيرة مقدارها 200.000 برميل يوميا. وسيعتمد استمرار التوسع في الطاقة الانتاجية للعراق على تطوير مشاريع رئيسة في البنية التحتية النفطية، والتي شهدت تطورا بطيئا حتى الآن. وزاد: بعد ارتفاعات كبيرة في الربع النهائي من هذه السنة، نرى إنتاج الدول من خارج أوبك يرتفع أكثر بمقدار 0.1 – 0.3 مليون برميل يوميا في الربع الأول من العام 2013. وسيأتي ثلث هذا الارتفاع على الأقل من سوائل الغاز الطبيعي الذي تنتجه أوبك. وكان وراء ارتفاع إنتاج الدول من خارج أوبك الارتفاع الحاد المتواصل في إنتاج أميركا الشمالية. وفي المجموع، يتوقع أن يكون إنتاج النفط العالمي قد ارتفع بأكثر من 2 مليون برميل يوميا هذه السنة. ويتوقع أن يرتفع بقدر أكثر تواضعا في العام 2013، إذ أن انخفاض مستويات الانتاج لأوبك سيحد بشكل جزئي الارتفاعات المتواصلة في الإنتاج من خارج أوبك.