بدأت الأسواق المالية خلال العام 2012، وبدفع من تحرك المصارف المركزية، بطي صفحة أزمة الديون الأوروبية لتقبل على العام 2013 بهدوء واستقرار بفضل الانتعاش الاقتصادي في الصين والولايات المتحدة، غير أنها تبقى متيقظة إزاء انعدام النمو في منطقة اليورو.
وقال الخبير الاقتصادي في دار «اوريل بي جي سي للسمسرة» جان لوي مورييه: «من الواضح أنه كان هناك في العام 2012 ما قبل ماريو دراغي وما بعده» في إشارة إلى رئيس البنك المركزي الأوروبي.
وظهر توتر شديد خلال الربيع في الأسواق بعدما سيطر عليها الهلع نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي الاسباني.
غير أن الموقف الذي اتخذه رئيس البنك المركزي الأوروبي الذي أكد استعداده «للقيام بأي شيء من أجل إنقاذ اليورو»، حال دون وقوع كارثة في الصيف على غرار ما حصل العام 2011.
وفي سبتمبر، تحرك البنك المركزي الأوروبي من جديد لتعزيز هذا الارتياح، معلنا عن خطة غير محدودة بسقف لإعادة شراء ديون الدول التي لن تكون لجأت إلى صناديق الإغاثة الأوروبية.
ولم يتم تفعيل هذا البرنامج حتى الآن لعدم تقديم أي طلب بهذا الصدد، لا سيما من قبل الحكومة الاسبانية.
وقال مورييه ملخصا الوضع: «هذا لا يهم، فالبنك المركزي الأوروبي بات لديه حاجز واق فعال. أزمة الميزانيات العامة لم تنته، والدول ستقضي سنوات قبل أن تعود بميزانيتها ضمن هامش العجز المسموح به، لكن المخاطر التي كانت تتسبب بها للأسواق زالت تقريبا». كذلك سقط سيناريو كارثي يتوقع خروج اليونان من منطقة اليورو.
وعادت الثقة أخيرا إلى الأسواق مع تحقيق تقدم على صعيد الرقابة على المصارف والإصلاحات البنيوية في اسبانيا وايطاليا.
والنتيجة أن البورصات الكبرى الأوروبية تختتم السنة بوضع جيد، إذ سجل في 20 ديسمبر ارتفاعا بنسبة 16 في المئة منذ الاول من يناير في باريس و7 في المئة في لندن و30 في المئة في فرانكفورت.
كذلك سجلت «وول ستريت» تقدما واضحا مع تحقيق مؤشر داو جونز +8.5 في المئة، فضلا عن بورصات الدول الناشئة، إذ حقق مؤشر أدائها المشترك ارتفاعا بأكثر من 12 في المئة.
كما عاد الهدوء إلى سوق السندات الثانوي، إذ يتم التداول بالأسهم والسندات التي سبق وأصدرتها الدول، ولو أن نسب الفوائد على القروض الاسبانية والايطالية تبقى مرتفعة.ورغم كل ذلك، يستقبل المستثمرون مطلع العام الجديد بمزيد من الحذر.
فعلى الرغم من التقدم الذي تم احرازه، لم يتم التوصل حتى الآن في واشنطن إلى أي تسوية بين الديموقراطيين والجمهوريين تجنب البلاد «الهاوية المالية» ولا يزال خطر هذه الخطة التلقائية من الزيادات الضريبية والتخفيض في النفقات العامة يهدد الولايات المتحدة.
وقالت المسؤولة في شركة «أودو سيكيوريتيز» ميريلا اغاش دوران إن «الشركات الأميركية تجمد استثماراتها منذ ثلاثة فصول، ينبغي إعادة تشغيل المحرك».
وفي أوروبا لا تزال هناك عوامل غموض قائمة. وتساءل رئيس قسم الاقتصاد في مصرف «نوفليز او بي سي» اوليفييه رينجار: «ماذا عن طلب انقاذ اسباني، عن إعادة جدولة للدين اليوناني، عن الاصلاحات في فرنسا؟ كما أن الانتخابات في المانيا وايطاليا ستطرح ضغوطا على الأسواق».لكن العقبة الأساسية في وجه انتعاش اقتصادي مستديم تبقى انعدام النمو في منطقة اليورو.