أكد الخبراء والمختصون في عالم الصيرفة الإسلامية أن هذا القطاع يشهد استقرارا واضحا وتوسعا مضطردا بعد نجاته من الأزمة العالمية وقد تلامس أعماله عتبة 4 تريليونات دولار في 2015كما توقعوا أيضا أن يقود التمويل والاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية إلى تعافي القطاع المالي العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة، مشيرين إلى أهمية تشكيل تحالفات استراتيجية بين القائمين على القطاع وتعزيز الحوار بين الأطراف في الصناعة المالية العالمية.
وقال أحمد محمد رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية إن مبادئ التمويل الإسلامي تعمل على تحقيق الاستقرار المالي والمواءمة بين النشاط المالي والنشاط الاقتصادي، وهذا ما يجعل التمويل الإسلامي قادراً على الإسهام في الاستقرار المالي العالمي. وقد أدركت كريستين لاجارد، وزيرة المالية الفرنسية سابقاً، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي حالياً، هذا المعنى حين قالت: إن المبادئ التي نكافح من أجلها مدونة في التمويل الإسلامي.
وأضاف أن مبادئ التمويل الإسلامي في جوهرها قيم عالمية ولا تختص بالمسلمين وفي الوقت الذي يدعو فيه قادة العالم إلى الإصلاح المالي فإنه من المناسب إعادة بناء أنظمتنا المالية على أسس أخلاقية ومعنوية مقبولة على نطاق واسع لخدمة الخير المشترك للإنسانية جمعاء في قريتنا الكونية.
ومن أجل إنجاح الصناعة المالية الإسلامية في تحقيق أهدافها وغاياتها النبيلة، لا بد من تهيئة البيئة المناسبة، اجتماعياً واقتصادياً وماليا وتنظيميا.
كما أوضح أن الأمر يتطلب أيضا تعزيز المؤسسات المالية الإسلامية الأخرى كالزكاة والأوقاف والقرض الحسن التي تمثل ركائز الجانب غير الربحي من الأنشطة المالية. هذه المؤسسات مطلوبة ليس لخدمة المجتمع فحسب، بل هي مطلوبة أيضاً لكي تنجح المصارف الإسلامية في عملها على الوجه المطلوب.
فقد اتضح من الأزمة المالية العالمية، أن آلية السوق تخفق وتتعطل في ظل سوء توزيع الثروة، وتؤدي إلى استفحال المديونية وتهديد استقرار المجتمع. فالمؤسسات غير الربحية مع كونها صمام أمان للمجتمع فهي أيضاً أساس مهم لعمل المؤسسات المالية والمصرفية في دعم عجلة التنمية والنمو الاقتصادي وبهذا يمكن للمصارف الإسلامية أن توجه التمويل نحو المشاريع البناءة والإنتاجية والمفيدة للمجتمع، بدلاً من التمويلات الاستهلاكية قصيرة الأجل، وأن تسهم بفعالية في المشاريع التنموية طويلة الأجل.
كما أشار إلى أن نجاح المؤسسات المالية الإسلامية يتطلب التمكن من فهم قواعد التمويل وضوابطه الشرعية والتطبيقية، وهو ما يتطلب بناء رأسمال بشري قوي قادر على النهوض بالصناعة المالية الإسلامية والسير بها قدما نحو النجاح. ويلاحظ أن البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تُعاني من نقص واضح في الكوادر المؤهلة والمدربة في مجال البنوك والتمويل الإسلامي. ومجهودات التدريب القائمة مع أهميتها، إلا أنها لا تفـي باحتياجات الصناعة الحالية والمستقبلية. وعليه فمن المناسـب أن تولي المؤسسات الإسلامية عناية أكبر بدعم برامج التدريب وخططه، كما يفضل أن تتعاون فيما بينها لإعداد خطة عمل لتطوير الكادر المطلوب بطريقة علمية مدروسة وتتسـم بالاسـتمرارية.
من جانبه، أكد الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية عزالدين خوجة، أن العمل المصرفي الإسلامي بحاجة إلى نموذج تطبيقي أمثل يتوافق مع نظيره النظري ليكون مرتبطاً بالمقاصد الشرعية والمآلات الاقتصادية الحقيقية. ودعا إلى ضرورة العمل الجاد للالتزام الكامل بالأطر الشرعية وعدم تهافت المصارف الإسلامية على الشكليات والعقود الصورية بغية محاكاة المنتجات الغربية وأكبر تحدٍّ تعيشه المصارف الإسلامية محاولة إيجاد الأدوات والمنتجات فاقدة المصداقية في شكلها ومضمونها وذات قشور إسلامية، مطالباً المؤسسات المالية الإسلامية بتفادي نزوات الربح السريع والحفاظ على هويتها الشرعية ومميزاتها المصرفية.
كما حذر المصارف الإسلامية من مغبة الوقوع في نفس الفخ الذي أهلك النظام المالي العالمي بالبحث عن القشور على حساب الأسس والمفاهيم المصرفية الإسلامية، مؤكداً دور الجمهور من متعاملين وموظفي المؤسسات المالية الإسلامية في إعادتها على المسار الصحيح، ورأى خوجة أن الالتزام بالأسس والمفاهيم المبنية على أحكام الشريعة الإسلامية ستكون الحل الوحيد الذي سيجعل أي نظام مالي اقتصادي على مقدرة جيدة لمواجهة أي أزمة مالية.
كما صرح رئيس البنك المركزي التركي دورميش يلماز بأن التمويل الإسلامي يساعد في تحقيق ميزتين أساسيتين كدعائم مهمة في التعامل الإسلامي المالي إذ أن التمويل الإسلامي يشجع أنشطة الأعمال والتجارة، تلك التي تخلق فوائد مشروعة، وتخضع لمتطلبات صريحة وشرعية، هذه المتطلبات تكفل للشركات والصناديق الاتصال بنشاطات وأعمال مالية حقيقية، وتقوي الحلقة المغلقة بين التدفق المالي والإنتاج «المنتج». وبهذه الآلية يقل تعرض النظام المالي الإسلامي إلى المخاطر.
وتوقع الرئيس التنفيذي في مصرف نور الإسلامي والرئيس التنفيذي لمجموعة نور الاستثمارية حسين القمزي، أن يقود التمويل والاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية إلى تعافي القطاع المالي العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة، مشيراً إلى أهمية تشكيل تحالفات استراتيجية بين القائمين على القطاع في المنطقة، وتعزيز الحوار بين الأطراف في الصناعة المالية العالمية كما توقع المشاركون في مؤتمر الشرق الأوسط السنوي الأول للتمويل والاستثمار الإسلامي الذي حمل عنوان النجاح في التكيف مع حقائق السوق الجديدة للتمويل الإسلامي في الشرق الأوسط، أن يصل حجم التمويل الإسلامي إلى 4 تريليون دولار بحلول عام 2015، مقارنة بـ3 تريليونات دولار حالياً، وأن تنتعش سوق الصكوك مع تعافي الاقتصاد العالمي.
أما الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال بلبنان رؤوف أبوزكي، فقد أكد أن صناعة المال والصيرفة الإسلامية أصبحت قطاعاً حيوياً ينمو باطراد من حيث الموارٍد وعدد المؤسساتٍ ومستوى الانتشار، وقد سجلت الأصول المصرفية والمالية العالمية الإسلامية على مدار السنوات الفائتة معدلات نمو سنوية ملفتة تراوحت ما بين 15 و30 في المئة، ليتجاوز حجم تلك الأصول نهاية العام 2011 حدود الـ1 تريليون دولار أمريكي.