
اشار الشال في تقرير لصندوق النقد الدولي حول الأداء المحتمل للاقتصاد العالمي، ذكرنا بعض أرقامه في فقرة أخرى من تقريرنا الحالي، يذكر الصندوق بأن هبوطاً متوقعاً في معدل نمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوف يحدث في المستقبل، سببه الرئيس هبوط معدلات النمو لدول النفط، ضمن هذه المجموعة، بسبب توقعات بضعف سوق النفط.
وفي تقديرات سابقة للصندوق عن المنطقة -أكتوبر 2012-، تهبط معدلات النمو لدول مجلس التعاون الخليجي، مجتمعة، من نحو 7.5 في المئة لعام 2011 و5.5 في المئة لعام 2012، إلى 3.7 في المئة لعام 2013 و3.7 في المئة لعام 2014، وتهبط، والسبب هو الضعف المحتمل لسوق النفط.
وأوضح ان هناك ثلاث عوامل تؤثر في أداء سوق النفط، الأول هو العامل السياسي أو أحداث الربيع العربي وأزمة الغرب مع إيران وتأثيرهما، موجباً، وهما، وليس الاقتصاد، كانا السبب الرئيس في علاوة المخاطر الحالية التي رفعت أسعار النفط، وإنتاجه، للكويت، في السنتين الأخيرتين.
والعامل السياسي لا تمكن المراهنة عليه، فهو لا يدوم، حتى إن طال أمده، ومخاطره تكمن في احتمال اجتناب آثاره من خلال الإحلال، كما حدث مع نفوط بحر الشمال، في ثمانينات القرن الفائت. أما العامل الثاني، فهو اقتصادي وتأثيره على أطول من القصير، سالب، والواضح، من تنبؤات النمو للاقتصاد العالمي، أن زخم النمو حتى عام 2008 لن يتكرر، فكل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الوحدة الأوروبية سوف تتعايش مع معدلات نمو أقل.
والأهم، هو أن آسيا المتفوقة سوف تفقد هامشاً من معدلات نموها، فمن المحتمل أن تفقد الصين نحو 2 في المئة، سنوياً، وربما أكثر، من معدلات نمو اعتادتها خلال عشرين سنة سبقت الأزمة، ومثلها الهند والبرازيل وغيرهما من نمور آسيا.
وبين التقرير ما يفترض أن يأخذ حقه من الدراسة، هو ثالث تلك العوامل، وهو التهديد الجديد لإمدادات الطاقة من الغاز الصخري، فعند مستوى أسعار لبرميل النفط بحدود 70 دولاراً أمريكياً، يبدو أن مصادره كبيرة، وقد تتحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى أكبر منتج لما يقابله من براميل النفط، بحلول عام 2020، وقد يحول أمريكا الشمالية إلى صافي مصدر للطاقة بحلول ثلاثينات القرن الحالي.
والمهم أنه قد يتوافر في أي مكان آخر، مثل أستراليا، كما نشر، حالياً، أو حتى الصين والهند، وقد تتطور تقنيات استخلاصه وتصبح أرخص، وقد تتطور تقنيات استخدامه وتؤدي إلى خفض جاذبية نفوط الشرق الأوسط.
وفي الدول الحريصة على البقاء والنماء ما بعد عمر إداراتها، تتسابق مؤسساتها على دراسة تأثيرات مثل هذه التطورات على استقرارها ونموها، وفي الكويت يتسابق السياسيون على توريط الدولة المسكينة بما ليس لها قدرة على مواجهته بالحديث عن الإعفاء من الالتزامات أو القروض وعن مزيد من المنح والكوادر، من دون إنتاج يذكر.
وفي تقرير سابق لصندوق النقد الدولي، بنيت فرضياته على توقعات الأداء المحتمل الضعيف لسوق النفط، ذُكر بأن الكويت قد تصل نقطة تعادل مصروفات وإيرادات الموازنة العامة، بحلول عام 2017، ولا يهم إن حدث ذلك سنتين قبل أو سنتين بعد، بينما لم يناقش سياسيونا حجم البطالة الشابة السافرة والمقنعة، حالياً، وحالتها بعد مرحلة تعادل الموازنة.
ربما يكون غياب العقل، حال تعرض الإنسان لأزمة على المستوى الشخصي، رحمة في بعض الأحوال، فهو يحتاج إلى إنكار وجودها لبعض الوقت، ولكن غيابه، ومعه تغييب فهم الواقع على مستوى الإدارة العامة، كارثة، لا تدفع ثمنها تلك الإدارة أو جيلها، وإنما من لم يشارك في قرارها أو في اختيارها.