
قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي لا نعرف، على وجه الدقة، الأرقام الحقيقية للاتفاق، الحكومي النيابي، حول إسقاط فوائد القروض، ولكننا نعرف، مما هو منشور، أن مشروع إسقاط الفوائد شمل 66,555 قرضاً أو مقترضاً، ممن اقترضوا خلال الفترة ما بين الأول من يناير 2002 و31 مارس 2008. ونعرف بالتقريب، أنه إذا كان المقصود بالرقم عدد المقترضين فهم يمثلون نحو 19 في المئة من عدد المقترضين الإجمالي، أما إذا نسب إلى عدد القروض فيمثل نحو 12 في المئة من إجماليها. ولا نعرف، أيضاً، رقماً حول إجمالي التكلفة، ولكن يرجح مما تسرب أنها بحدود المليار دينار كويتي، ربعها قيمة الفوائد التي سوف تسقط، وثلاثة أرباعها يشترى ويقسط من دون فوائد، وتبقى التكلفة التي ستزيدها تكلفة الفرصة البديلة للأموال العامة أعلى بكثير، ولكن المبدأ هو صلب الخطيئة في هذا الاتفاق.
وأضاف التقرير يفتقر اتفاق الحكومة ومجلس الأمة إلى أسس الحصافة، فهو يفتقر الى أسس العدالة، كلها، وضمن المقترضين المستفيدين منه، ومع غيرهم من المقترضين، ومع غير المقترضين. فالعقاب تدفعه الخزينة العامة من حصيلة بيع أصل زائل وليس من حصيلة نشاط اقتصادي، وعلى حساب وظيفة صغار وأجيال لم تولد وتعليمهم وصحتهم، وضمن المقترضين المستفيدين هناك من اقترض ألف دينار، فقط، وهناك من اقترض 70 ألف دينار كويتي، وهناك من سدد قرضه، معظمه أو كله، وهناك من لم يسدد، وهناك من صدق بأن ليس لدى الحكومة سوى صنــــدوق المعسريـــن وعوقـــب باستثنائـــه.
وذكرنا في تقرير سابق لنا، بأن ما يحدث هو فيما يبدو صفقة بين الحكومة وأعضاء في مجلس الأمة، أنه ثمن باهظ جداً على مستوى المال والقيم وأسس التنمية السليمة، وقد تصبح بعدها إمكانات الإصلاح مستحيلة، بما يحتم ضرورة مواجهته بشكل غير تقليدي. ويبقى موقف بنك الكويت المركزي، المعترض على المبدأ، الموقف الرسمي العاقل الوحيد، لذلك، من الواجب تقدير موقفه ودعمه في زمن لا يبدو للعقل وزن في قرارات الإدارة العامة. ونأمل، كما ذكرنا سابقاً، بأن يغادر الحكومة ممن لازلنا نعتقد بأنهم يعون خطورة هذا المسار، ونتمنى أن يعتذر ويعلن موقفاً مغايراً بعض من أيد التغيير غير الدستوري في قانون الانتخاب بدعوى وقف الهدر لو جاء مجلس طيع. فمع ما يحدث في سوق النفط من تمدد لجانب العرض، أصبحت المخاطر الاقتصادية لا تقل عن المخاطر السياسية، وتدارك خطورة الأوضاع يستحق كل تضحية.