
قال تقرير شركة بيان للاستثمار للمرة الأولى خلال العام الحالي تجتمع المؤشرات الثلاثة لسوق الكويت للأوراق المالية على الإغلاق في المنطقة الحمراء على المستوى الأسبوعي، حيث أنهت تعاملات الأسبوع الماضي، والذي انحسرت تداولاته على أربع جلسات، مسجلة خسائر متباينة، وذلك في ظل حركة التصحيح التي يشهدها السوق حالياً، والتي كانت متوقعة، خاصة بعد التضخم الذي شهدته أسعار العديد من الأسهم منذ بداية العام الحالي. وقد جاءت خسائر السوق وسط أداء اتسم بالتذبذب الحاد خلال أغلب الجلسات، وهو ما جاء نتيجة المضاربات النشطة وعمليات جني الأرباح القوية التي طالت العديد من الأسهم، ولاسيما الصغيرة منها، الأمر الذي أدى إلى هبوط المؤشرات الرئيسية للسوق بشكل واضح، وخاصة المؤشر السعري الذي كان الأكثر خسارة بالمقارنة مع المؤشرين الوزني وكويت 15.
وأضاف التقرير على الصعيد الاقتصادي، أقر مجلس الأمة في الأسبوع قبل الماضي قانون الجمعيات التعاونية الجديد في المداولتين، حيث تم إقرار آلية الصوت الواحد في انتخابات مجالس الإدارات، وشمل كذلك التعديل الذي أدخلته الحكومة على القانون والذي يقتضي اشتراط حصول المرشح في انتخابات مجالس الإدارات على شهادة الدبلوم على الأقل.
وتابع هذا ويعد إقرار قانون الجمعيات التعاونية، أمراً إيجابياً لابد أن نشيد به، فالجمعيات التعاونية تعتبر قطاعاً اقتصادياً هاماً، حيث تشكل ما يقارب 70 في المئة من قطاع التجزئة في الكويت، وخاصة قطاعي المواد الغذائية والاستهلاكية، فالقطاع التعاوني بحد ذاته قطاعاً مفيداً للمجتمع، إلا أنه قد تجاوز دوره في خدمة المستهلك عندما بدأ يتدخل في تحديد أسعار السلع، حيث أن تحديد الأسعار هو نظام اشتراكي قد «عاف عليه الزمن»، وأن أفضل الأساليب المتبعة في النظم الرأسمالية الحرة، وهو النظام الذي اقتضيناه في الكويت، هو إطلاق قوى السوق لتتفاعل فيما بينها من خلال منافسة حرة وعادلة، وبذلك يستطيع المستهلك أن يحصل على أفضل السلع بأقل الأسعار. أما ما تقوم به الجمعيات التعاونية بالتدخل المستمر والمباشر في تحديد أسعار هذه السلع هو أمراً لا شك انه مضر للمستهلك، فكيف يتم التمكن من تحديد أسعار عشرات الآلاف من السلع المختلفة ذات المصادر المتعددة من دول كثيرة بعملات متغيرة وأسعار متحركة وتكلفة شحن ترتفع وتنخفض حسب أسعار الطاقة؟!، وبالتالي أي تحديد فيه إضراراً للمستهلك، فإما يكون هذا التحديد منخفضاً فيضطر المورد إلى تخفيض النوعية، أو مرتفع وبالتالي يضطر المستهلك أن يدفع سعر أعلى من القيمة الحقيقية لهذه السلعة، وفي الحالتين يكون المتضرر الأول والأخير هو المستهلك الذي يعد هو الهدف الرئيسي للمشرع من إنشاء الجمعيات التعاونية.
وأوضح على صعيد متصل، أقر مجلس الأمة أيضاً قانون الاستثمار الأجنبي المباشر، وذلك في مداولته الثانية، حيث تضمن القانون إنشاء هيئة تتمتع بالشخصية الاعتبارية تلحق بوزير التجارة والصناعة وتسمى «هيئة تشجيع الاستثمار المباشر» ويكون مقرها الكويت، حيث من المتوقع أن يساهم القانون في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في البلاد، نظراً للصلاحيات الأوسع والآليات الواضحة التي ستتضمنها اللائحة الداخلية للقانون الجديد مقارنة مع نظيره القديم، وذلك بحسب تصريح وزير التجارة والصناعة.
وأكد مما لا شك فيه أن إقرار قانون الاستثمار الأجنبي الجديد يعد خطوة إيجابية في طريق التنمية الاقتصادية التي تتعطش إليها البلاد في الوقت الراهن، كما أن إنشاء هيئة خاصة لتشجيع الاستثمار في الكويت تعد خطوة مهمة في طريق الإصلاح الاقتصادي، إلا أن الأمل يبقى معقوداً على أن يتخطى ذلك القانون السلبيات السابقة، والتي أعاقت الاستثمار في البلاد وأدت إلى هجرة رؤوس الأموال من السوق المحلي بدلاً من جذبها إليه، حيث تعاني البيئة الاقتصادية في الكويت من عدة معوقات، مثل البيروقراطية المزمنة التي تميز أداء الأجهزة الحكومية، والتي تعيق المستثمر المحلي قبل الأجنبي، فالمستثمر الأجنبي يجب أن يحظى بسهولة في الإجراءات التي تيسر عليه الاستثمار في السوق المحلي، وذلك لن يحدث إلا من خلال نظام النافذة الواحدة، بدلاً من أن يتعامل المستثمر مع الوزارات المختلفة والتي تعاني من البطء الشديد في الانجاز. ومن الجدير بالذكر أن إقرار القوانين الاقتصادية وحدها لن تكن كافية لإصلاح الوضع الاقتصادي المحلي، إذ أصبح لزاماً توفير بيئة استثمارية جاذبة للاستثمار الأجنبي توفر الأساسيات والمميزات اللازمة لجذب المستثمرين الأجانب، مثل الدعم وتوفير الأراضي اللازمة لإنشاء المشروعات التنموية، مما يخدم الاقتصاد الوطني ويساهم في تنميته.
وأشار من جهة أخرى، أصدرت مجلة «ميد» تقريراً اقتصادياً تحدثت فيه عن بعض التحديات التي تواجه قطاع النفط في الكويت، حيث أشارت إلى تأخر الكويت في قطاع النفط والغاز بالمقارنة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وذكرت المجلة أنه بحسب بيانات صادرة عن مؤشر «ميد بروجكتس»، بلغ مجموع قيمة العقود في الهندسة والتوريد والإنشاء التي وقعتها الحكومة الكويتية في العام الماضي 3.7 مليارات دولار، استقطب منها قطاع النفط والغاز 71 في المئة، وأنفقت الدولة أقل من 400 مليون دولار على معالجة النفط وتكريره، و100 مليون دولار فقط على إنشاء خطوط أنابيب نفطية. وأضافت المجلة أنه في العام الجاري لا تبدو الدولة قادرة على تحقيق نتائج أفضل عن 2012، ففي الربع الأول وقعّت مشاريع بقيمة 1.47 مليار دولار، أكثر من نصفها يتعلق بالمعالجة والتكرير، كما يتوقع ترسية عقد بقيمة 500 مليون دولار في نهاية شهر يونيو الجاري، ومن المرجح أن يصبح مجموع ما ستتم ترسيته لهذا العام ملياري دولار تقريباً.
ولا شك أن الكويت تعاني أساساً من محدودية مساهمة القطاعات غير النفطية في النشاط الاقتصادي، الأمر الذي أصبح الاقتصاد الوطني على إثره أحادي المورد، فالاقتصاد يحتاج إلى دعم القطاعات غير النفطية، حتى يتسنى لها المساهمة في الدخل بدلاً من الاعتماد شبه الكلي على النفط، وهو الأمر الذي أكد عليه بعض المسئولين سابقاً، حيث أكدوا أكثر من مرة على وجود خطط لإعادة هيكلة للاقتصاد الكويتي، إلا أن إعادة الهيكلة ليس معناها أن نُهمل القطاع النفطي الذي يعد عصب الاقتصاد الكويتي حالياً، بل يجب على الحكومة أن تطوره وتحسن من أدائه لكي يواكب نظرائه في البلدان المجاورة، والتي تأخرنا عنها كثيراً في العديد من المجالات الاقتصادية.
وأضاف على صعيد أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع الماضي، فقد سجل تراجعاً ملحوظاً إثر تعرضه لعمليات بيع قوية بهدف جني الأرباح، وسط أداء اتسم بالتذبذب الشديد في ظل عمليات المضاربة الواسعة التي كانت حاضرة بشكل لافت خلال معظم جلسات الأسبوع، والتي كانت محصلتها سلبية على مؤشرات السوق الثلاثة التي اجتمعت على الإغلاق في منطقة الخسائر على المستوى الأسبوعي للمرة الأولى هذا العام.
وتابع قد استهل السوق تعاملات الأسبوع الماضي مسجلاً خسائر كبيرة على صعيد مؤشراته الثلاثة، وخاصة المؤشر السعري الذي سجل في جلسة بداية الأسبوع أكبر خسارة له في يوم واحد منذ منتصف عام 2009 تقريباً، حيث تخطت نسبة خسائره الـ3 في المئة، وذلك وسط تراجع السيولة النقدية بشكل لافت، حيث نقصت قيمة التداول بنسبة تعدت الـ50 في المئة بنهاية هذه الجلسة.
وعلى الرغم من الخسائر القوية التي شهدتها مؤشرات السوق خلال الأسبوع الماضي، إلا أنها تعتبر ضرورية ومطلوبة ومتوقعة، ولاسيما في ظل الارتفاعات الكبيرة التي حققتها أسعار العديد من الأسهم المدرجة في السوق منذ أواخر العام الماضي وحتى الآن، مما أدى إلى زيادة الفجوة بين المؤشرات الرئيسية للسوق، الأمر الذي كان يتطلب حركة تصحيحية لتضييق هذه الفجوة.
وبين على صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري نمواً عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 35.28 في المئة، بينما بلغت نسبة نمو المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 12.25 في المئة. في حين وصلت نسبة ارتفاع مؤشر كويت 15 إلى 8.80 في المئة، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2012.
وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع عند مستوى 8.027.98 نقطة، مسجلاً انخفاضاً نسبته 3.28 في المئة عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي.