
قال تقرير البنك الوطني إن أسعار النفط ارتفعت في أوائل شهر يوليو، وذلك بعد أن بقيت مستقرة نوعاً ما في شهري مايو ويونيو. وارتفع سعر خام التصدير الكويتي من مستوى منخفض بلغ 97 دولاراً للبرميل في أواخر شهر يونيو إلى 103 دولارات للبرميل في 12 يوليو. وارتفعت كذلك أسعار مزيج خام برنت بحوالي 9 دولارات ليصل إلى 109 دولارات، وهو المستوى الأعلى له منذ أوائل شهر أبريل. ولا يزال خام التصدير الكويتي ومزيج برنت أقل بحوالي 11 دولاراً من مستوى الذروة الذي بلغه كل منهما في شهر فبراير. وفي الوقت ذاته، تسارع سعر خام غرب تكساس المتوسط – وهو المزيج الإسنادي الرئيسي في الولايات المتحدة – بمقدار 12 دولاراً إلى 106 دولارات، متجاوزاً بذلك مستوى 100 دولار للمرة الأولى منذ شهر مايو من العام الماضي. وبذلك تقلص هامش الفارق بين مزيج برنت وغرب تكساس المتوسط إلى أدنى مستوى له منذ سنتين ونصف.
وأضاف التقرير يبدو أن العوامل الموسمية كانت وراء الارتفاع الأخير في الأسعار. وعادة ما تشهد فترة الصيف ارتفاعا في الطلب العالمي على النفط، إذ أن موسم القيادة في الولايات المتحدة خلال فترة الإجازة تشهد ارتفاعاً في استهلاك الوقود، كما أن منطقة الشرق الأوسط تستهلك نفطا أكثر لسد حاجتها من ارتفاع استخدام التكييف. وتاريخيا، ارتفع الطلب على النفط في الربع الثالث مقارنة بالربع السابق بمعدل 1.1 مليون برميل يوميا. وهذه السنة، تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يكون الارتفاع الموسمي أكبر من المعتاد بسبب بدء العمل بمصاف جديدة في الشرق الأوسط وآسيا. كما أن التراجع الأخير في المخزون النفطي للولايات المتحدة والمخاوف من تعطل الشاحنات النفطية عبر قناة السويس «بسبب الاضرابات في مصر»، قد أضافت إلى الضغوط التصاعدية على الأسعار.
وتابع لكن نظرا للتباطؤ الأشمل في الاقتصاد العالمي في العام 2013 وارتفاع الإمدادات النفطية، فمن المتوقع أن تتجه أساسيات السوق إلى التراجع. ومؤخرا، خفض صندوق النقد الدولي توقعه بشأن النمو الاقتصادي العالمي أكثر لهذه السنة. ويأتي ذلك على خلفية تباطؤ النمو في الأسواق الناشئة «بما فيها الصين»، وركود أكبر في أوروبا، وضعف في توسع الاقتصاد الأمريكي. ومن ناحية الإمدادات، يتوقع أن يرتفع الإنتاج النفطي في الدول من خارج أوبك بشكل أكبر هذه السنة، مما زاد من التوقعات بتراجع أساسيات السوق.
وبين بقيت التوقعات بشأن نمو الطلب العالمي على النفط في العام 2013 على حالها تقريبا خلال الشهر الماضي، رغم تراجع التوقعات بشأن الاقتصاد العالمي. ولا تزال الوكالة الدولية للطاقة ترى أن الطلب سيرتفع بمقدار 0.8 مليون برميل يوميا، أو 0.9 في المئة، مقارنة بنسبة 1.0 في المئة السنة الماضية. وفي الوقت ذاته، يتوقع مركز دراسات الطاقة الدولي أن يبلغ نمو الطلب العالمي نسبة أكثر تشاؤما قدرها 0.8 في المئة، أو 0.7 مليون برميل يوميا. ويتوقع أن يتراجع الطلب من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 0.5 مليون برميل يوميا «1.1 في المئة»، فيما يتوقع أن يرتفع طلب الدول من خارج هذه المنظمة بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا «2.9 في المئة». ويتوقع أن تشكل الصين نصف الارتفاع في الطلب العالمي على النفط تقريبا، رغم أن التوقعات الخاصة بالصين قد تم خفضها قليلا لتعكس تراجع النمو.
وأوضح ارتفع إنتاج النفط لدول أوبك الإحدى عشرة «أي باستثناء العراق» للشهر الثاني على التوالي بمقدار 129 ألف برميل يوميا ليصل إلى 27.4 مليون برميل يوميا في شهر مايو. وشهد إنتاج السعودية أكبر ارتفاع له منذ 18 شهرا، وذلك بمقدار 144 ألف برميل يوميا ليصل إلى 9.4 مليون برميل يوميا. وتظهر الأرقام الرسمية ارتفاعا أكبر قدره 347 ألف برميل يوميا ليصل الانتاج السعودي إلى 9.7 ملايين برميل يوميا. ورفع منتجون خليجيون آخرون أيضا إنتاجهم استجابة لارتفاع الطلب المحلي الموسمي. ولكن هذه الارتفاعات قابلها خفض الإنتاج في إيران «38 ألف برميل يوميا» وليبيا «27 ألف برميل يوميا» ونيجيريا «21 ألف برميل يوميا». وتراجع الإنتاج الإيراني إلى 2.6 مليون برميل يوميا أي أقل بمقدار 0.5 مليون برميل يوميا تقريبا عن سنة مضت، وذلك نتيجة استمرار العقوبات الدولية. وفي الوقت ذاته، تراجع الإنتاج في بعض الدول الإفريقية المصدرة للنفط من دول أوبك خلال الشهرين الماضيين بسبب أوضاع أمنية أضرت بالقطاع النفطي، بما فيها تظاهرات وإضرابات في ليبيا والسرقة والتخريب في نيجيريا.
ارتفع مجموع إنتاج أوبك «بما فيه العراق» أكثر ليصل إلى 30.6 مليون برميل يوميا، أي 0.6 مليون برميل يوميا أعلى من سقف إنتاج الأوبك. وجاء ذلك رغم تراجع إنتاج العراق، حيث تراجع الإنتاج بشكل طفيف بمقدار 22 ألف برميل يوميا ليصل إلى 3.1 ملايين برميل يوميا في شهر مايو. ورغم التوقع بارتفاع الإنتاج العراقي في الأشهر القادمة، فإنه من المحتمل ألا يتحقق ارتفاع كبير بسبب التأخير المستمر في بدء مشاريع رئيسية.
ومن المتوقع أن ترتفع الإمدادات من خارج أوبك بحوالي 0.9 – 1.2 مليون برميل يوميا في العام 2013، يأتي ربعها على الأقل من سوائل الغاز الطبيعي لدول أوبك. ومن المحتمل أن يعوض الإنتاج القوي لأميركا الشمالية عن التراجعات المتوقعة في أماكن أخرى، بما في ذلك توقف الإنتاج في بحر الشمال بسبب الصيانة والتوقف المحتمل للإنتاج الذي عاد مؤخرا في جنوب السودان. وفي المجموع، من المتوقع أن ترتفع إمدادات النفط العالمية بأقل من مليون برميل يوميا في العام 2013، حيث تخفف التراجعات في إنتاج أوبك من الإمدادات القوية للدول من خارج أوبك.
واشار من المتوقع أن تتراجع أساسيات السوق النفطية في النصف الثاني من السنة، رغم احتمال أن يمنع الخفض في إنتاج الأوبك من تدهور الأسعار دون المستوى المستهدف غير الرسمي لأوبك والبالغ 100 دولار. وبناء على الرأي الأكثر تشاؤما لمركز دراسات الطاقة الدولي بارتفاع قدره 0.8 في المئة في الطلب العالمي على النفط، وزيادة كبيرة قدرها 1.3 مليون برميل يوميا في إنتاج الدول من خارج أوبك والذي يقلل منه جزئيا الخفض في إنتاج أوبك، فإن المخزونات النفطية العالمية يمكن أن ترتفع بقدر متواضع يبلغ 0.6 مليون برميل يوميا في العام 2013. وفي هذه الحالة، فإن سعر خام التصدير الكويتي سيتراجع بنسبة قليلة فقط في النصف الثاني من السنة، ولكنه سيبقى قريبا من معدله في الربع الثاني من العام 2013 والبالغ 100 دولار للبرميل.
وإذا، من ناحية أخرى، جاءت إمدادات الدول من خارج أوبك أقوى بمقدار 0.3 مليون برميل يوميا مما كان متوقعا في النصف الثاني من العام 2013، فإن أوبك ستحتاج حينها لإجراء تخفيضات أكبر في إنتاجها من أجل منع تدهور أسعار النفط بشكل كبير. ووفق هذا السيناريو، سينخفض سعر خام التصدير الكويتي إلى حوالي 95 دولاراً للبرميل في النصف الثاني من العام 2013، وإلى ما دون 90 دولاراً للبرميل في بداية السنة القادمة.اما اذا اتت الإمدادات من خارج أوبك أقل بمقدار 0.3 مليون برميل يوميا من المتوقع في النصف الثاني من العام 2013، فسوف يدعم أسعار النفط فوق مستوى 100 دولار. وفي هذه الحالة، سيحوم سعر خام التصدير الكويتي فوق 100دولار بقليل لباقي السنة، وذلك قبل أن يتراجع بشكل طفيف في الربع الأول من العام 2014. وستبقى أوبك بحاجة لخفض إنتاجها في بداية السنة القادمة من أجل منع هبوط الأسعار أكثر من ذلك.