
أوضح التقرير انة صدر الأسبوع قبل الفائت مرسوم ضرورة بربط الموازنة العامة للدولة، للسنة المالية 2013 / 2014، ويفترض، دستورياً، صدور قانون الموازنة العامة قبل بدء السنة المالية، في الأول من شهر أبريل من كل عام، ولكنها صدرت لهذا العام –وكل عام– بعد مرور أكثر من 3 شهور من بدء العمل بها. وبينما لا معنى كبير لجانب تقديرات الإيرادات فيها، فهي تسير على صدى قناعة قديمة بضرورة التحفظ في تقدير أسعار النفط، حتى لا يظهر فائض في الموازنة، لكي لا يضع الحكومة تحت ضغط المطالبة بالمساعدة من بعض الدول، تبقى قراءة جانب النفقات العامة هي الأهم. وما كان يفترض كتابة فقرة مطولة حول المرسوم بقانون، فالتعليق يفترض ألا يتعدى توثيق الأرقام الجديدة والإشارة إلى أن حالة الضرورة لا تنطبق عليه، فتأخير ثلاث شهور ونصف الشهر مثل تأخير أربعة شهور، ولكن، تصدره للإعلام يتطلب التذكير بأنه استثناء، من جانب المصروفات، لا أرقام الإيرادات ولا أرقام عجز الموازنة لها أية دلالة.
وأشار ففي جانب الإيرادات، تقدر أرقام الموازنة سعراً للنفط عند 70 دولاراً أمريكياً للبرميل، ومعدل إنتاج للنفط عند مستوى 2.7 مليون برميل، يومياً، بينما بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي، الفعلي، للأشهر الثلاثة الأولى من السنة المالية الحالية، نحو 99.9 دولاراً أمريكياً للبرميل، أي بفارق 42.7 في المئة عن تقديرات الموازنة، والمخاطر المستقبلية، إن طالت الأسعار، سوف تطال الإنتاج، أيضاً. وضمن التقديرات الخطأ، نعتمد رقماً للإيرادات العامة بحدود 18.096 مليار دينار كويتي، ضمنه نحو 16.883 مليار دينار كويتي إيرادات نفطية، أو نحو 93.3 في المئة من الإجمالي، ثم تخصم منها نسبة 25 في المئة لصالح احتياطي الأجيال القادمة، ليبلغ العجز الافتراضي، قبل الخصم، نحو 2.906 مليار دينار كويتي، وبعد خصم الـ 25 في المئة، نحو 7.430 مليارات دينار كويتي. وكلها أرقام ليس لها معنى، فتقدير الإيرادات، وصلبها إيرادات النفط، بعيد عن الواقع، والعجوزات أرقام وهمية، وفي دول العالم، كلها، يوضع تصور لمواجهة العجز، إن وجد في التقديرات، والكويت وحدها تعرف، سلفاً، أنها لا تحتاج مثل هذا التصور، للسنة المالية الحالية. والواقع أننا نشرنا في تقريرنا رقم 27/2013 أن الموازنة الحالية قد تحقق فائضاً، بحدود الـ 10 مليارات دينار كويتي، والفارق عن التقديرات شاسع وبحدود 17 مليار دينار كويتي، أو ما بين سالب 7.4 مليارات دينار كويتي وموجب بنحو 10 مليارات دينار كويتي. وبين: في جانب النفقات العامة، خفضت تقديرات المصروفات بنحو 200 مليون دينار كويتي، عن أرقام مشروع الموازنة المقدم إلى مجلس الأمة المبطل «2»، وهو أمر طيب، إلّا أن هيكل المصروفات لا زال شديد الخطورة. فالإنفاق الجاري لا زال بنحو 84.8 في المئة، من اعتمادات مصروفات الموازنة، وضمنه نحو 10.4 مليارات دينار كويتي للرواتب، وما في حكمها، ونحو 4.9 مليارات دينار كويتي للدعم. ذلك يعني أن بندي الرواتب والأجور، وما في حكمهما، والدعم، يستهلكان نحو 15.3 مليار دينار كويتي، أو نحو 4 أضعاف مصروفات الموازنة العامة، كلها، قبل 13 سنة، ونحو 73 في المئة من مصروفات الموازنة الحالية.
وقال: في القديم، كنا نأمل أن تلتزم الدولة بالمهلة الدستورية لإصدار موازنتها العامة، وكنا نأمل تطوير الموازنة العامة، باتجاه موازنات البرامج والأداء، لمواجهة متطلبات بناء أسس لاقتصاد دائم، وكنا نأمل أن تكون الموازنة شاملة إيرادات ومصروفات الدولة، كلها، وكنا نأمل، أيضاً، إصدار برنامج مالي يشمل حجم الميزانيات العامة، لأكثر من سنة مالية. في الوقت الحاضر، بات الأمل، فقط، في الإجابة على سؤال واحد، وهو ما إذا كانت استدامة وضع المالية العامة ممكنة أو غير ممكنة؟ وهو ما كان مشروع الخطة الخمسية قاطعاً فيه، أي غير ممكن، وأسماه بالخلل الهيكلي المالي. أي إن طموح الحاضر بات ينحصر في درء المخاطر، بينما آمال الماضي كانت حول توظيف الوضع المالي في عملية بناء مبكر، ومشروع الموازنة الحالي لا يحقق هذا ولا ذاك، أي لا يبني شيئاً أو لا يخفف حجم المخاطر.