
قال التقرير الاقتصاد الأسبوعي ان هيئة أسواق المال أصدرت قراراً بإيقاف 4 من المتداولين، بتهمة التلاعب في تداولات الأسهم، ولسنا بصدد نقاش حالة الإيقاف المذكورة، رغم أننا نرى فيها مؤشراً إيجابياً على بدء ممارسة الهيئة دورها الرقابي، وإنما سوف نناقش مبدأ التفعيل الكامل لهذا الدور. فهيئة أسواق المال مسؤولة عن سلامة عمليات التداول لضمان حماية كافية لمدخرات المستثمرين في السوق المالية، ومسؤولة عن سلامة التداولات، حماية للاقتصاد الكلي وتحقيقاً للتفوق في موقع الكويت التنافسي، لو أرادت التحول إلى مركز مالي. وأحد أهم مواقع الرقابة هو متابعة سيولة السوق الإجمالية، والمراقبة اللصيقة الجزئية، أي مراقبة توزيع السيولة على المنتجات المدرجة في السوق، وفي الكويت، ليس هناك سوى الأسهم، ما يحصر الرقابة حول المنطق وراء توزيع السيولة بينها.
وأضاف التقرير: من بعدها العام، اتسمت تداولات النصف الأول من العام الجاري بنمو وفر لهيئة أسواق المال ما يفترض أن تقلق بشأنه وتتدخل، مبكراً، للتعامل مع انحرافاته، فالسيولة مقاسة بمعدل قيمة التداول اليومي، للنصف الأول، ارتفعت بنحو 62 في المئة عن مستوى معدل قيمة التداول اليومي للعام الفائت. وضمنها، ذهب نحو 48.1 في المئة من سيولة السوق إلى شركات قيمتها السوقية 3.7 في المئة من القيمة السوقية، للشركات المدرجة، كلها، وعددها لا يتجاوز 22 شركة «11.2 في المئة » من عدد تلك الشركات، وضمنها، بلغ معدل الدوران لأسهم شركة واحدة 10 أضعاف، وأخرى 8 أضعاف وثالثة 6 أضعاف، وفي 6 شهور، فقط. أي إن معدلات الدوران تلك تتضاعف، إذا استبعدت أسهم تلك الشركات المملوكة لكبار الملاك أو المرهونة، وتتضاعف، مرة أخرى، لو حسب المعدل على أساس سنوي. ذلك يعني انحرافاً كلياً في السيولة ناتجاً عن ارتفاع كبير فيها، وما لم تقتنع الهيئة، مبكراً، بأن لهذا الارتفاع الكبير ما يبرره، كان لابد من التدخل، وتحليل جزئيات التداول، وكان يفترض أن يوفر المبرر لتدخلها المبكر.
وتابع: في الاقتصاد الكلي، ينحصر الدور الأساس للبنوك المركزية في ضبط السيولة في الاقتصاد حماية له من الضغوط التضخمية، في حال ارتفاعها، ودعماً له من خلالها، في حال انخفاضها، لذلك تعمل البنوك المركزية باستقلالية حتى تتفادى وصاية الحكومات وتقاتل ضد انفلات السياسات المالية. ولهيئة أسواق المال المستقلة دور مماثل في الوصاية على أسواق المال، فالسيولة في السوق مثل الحامض في البطارية، ضروري لتشغيلها عندما يكون بكمية تملؤها، ولكنه خطر إن فاض ومؤذ إن نقص.
وعليه، يفترض أن يكون لدى قيادات الهيئة وإداراتها المسؤولة تصوراً لمستوى سيولة بين حدين -40 إلى 60 مليون دينار كويتي-، يثير قلقاً يستحق المتابعة والتحليل، إن زاد أو نقص واستمر لفترة من دون مبرر مقنع، وبينما لا تستطيع سوى التوعية في حال النقص، يصبح دورها حمائياً وأساسياً، في حال الإفراط في السيولة. ولابد من تطوير نظام التداول لرصد انحرافات التداول الجزئية، ويفترض أن تكون مهمة الفريق فيها، بشكل يومي، رفع تقريره بانتظام بعد نهاية فترة التداول. ومن توقيت العقوبات الأخيرة وحجمها، ومع ما ذكرناه من تغيرات جوهرية، حدثت لسيولة السوق منذ بداية العام الجاري، لا نعتقد بوجود مثل هذا الفريق ولا بجهود للرقابة اليومية أو حتى الأسبوعية. ونكرر، لا بأس بالبداية في فرض عقوبات، ولكن، نعتقد بضرورة تحويل الرقابة إلى عمل مؤسسي مهني ومحايد، تتناسب فيه العقوبة وحجم الخطأ، ويتفوق فيه التدخل، المبكر أو الاستباقي، على العقوبات المتأخرة. وفي فقرة أخرى من التقرير الأسبوعي، نفسه، للشال، يقبع مؤشر سوق الكويت الوزني الرسمي في الترتيب الثاني عشر، أو الثالث من الأخير، في أدائه، منذ اندلاع أزمة العالم المالية في خريف عام 2008، وأحد أسباب التأخر هو الضعف الإصلاحي والرقابي الذي انعكس ضعفاً في الثقة بالسوق المالية، ودور الهيئة استعادة تلك الثقة.