قال التقرير انه: رغم أن السعودية من الدول المانحة لصندوق النقد الدولي، وتقاريره بشأنها لا تتعدى النصح والاسترشاد، إلا أنه نشر تقريراً ناقداً حولها، أخيراً، تناولته وسائل الإعلام السعودية، وما يعنينا منه أمران، الأول والأهم هو أن السعودية نموذج لدول النفط في المنطقة وما ينطبق عليها ينطبق، بشكل كبير، على ما عداها، والثاني هو أن أمراض البطالة في الدول العربية، الغنية والفقيرة، متشابهة. والتقرير الصادر في 24 يوليو 2013 عن الصندوق، يحذر من مخاطر محددة في المستقبل، فهناك هبوط محتمل في معدلات النمو الاقتصادي، وازدياد محتمل في معدلات البطالة، وانخفاض في عائدات النفط، مع مرور الزمن، بسبب ضعف سوق النفط، وبسبب اقتطاع الاستهلاك المحلي المدعوم من النفط مع مرور الزمن لنسب متزايدة على حساب التصدير، وهو الأكثر أهمية.
فالنمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي بلغ في عام 2011 نحو 8.6 في المئة، ونحو 5.1 في المئة في عام 2012، إلا أنه سوف ينخفض إلى نحو 4 في المئة في عام 2013 ونحو 4.4 في المئة في عام 2014، أي نحو نصف مستواه في عام 2011. ورغم ارتفاع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، غير النفطي، بمعدل سنوي بلغ نحو 7.75 في المئة للفترة 2008–2012، عجز الاقتصاد بشقيه، النفطي وغير النفطي، عن مواجهة العرض المتزايد في سوق العمل من السعوديين، فارتفع معدل البطالة للسعوديين من 10.5 في المئة في عام 2009 إلى 12 في المئة في نهاية عام 2012. وضمن معدلات البطالة العالية، تتشابه المكونات مع مكونات البطالة في مصر، - 13 في المئة بطالة عامة وأكثر من 30 في المئة بطالة الشباب -، فبطالة الشباب السعودي وفقاً للصندوق تبلغ 30 في المئة وبطالة المرأة 35 في المئة. وخلق الاقتصاد السعودي في أربع سنوات «2009–2012» نحو 2 مليون وظيفة، ضمنها نحو 1.5 مليون وظيفة لغير السعوديين، بما ترك نحو 500 ألف وظيفة للسعوديين، وهو مستوى دون التدفقات إلى سوق العمل.
ولا يوحي المستقبل بحل مشكلة البطالة، فأعداد السعوديين الذين التحقوا بالجامعات في الفترة ما بين 95/1996 – 2010/2011 تضاعفت ثلاث مرات، وضمنهم ارتفعت نسبة الإناث من 47 في المئة إلى 54 في المئة، بينما نسبة بطالة النساء، حالياً، 35 في المئة. وينمو سوق العمل للسعوديين بمعدل 3.5 في المئة، سنوياً، للسنوات العشر القادمة، وضمن سيناريو متشائم، يمكن ارتفاع البطالة بإضافة 1.4 مليون عاطل سعودي جديد، خلال عقد من الزمن. وبينما يوظف القطاع العام السعودي نحو 65 في المئة من العمالة السعودية، ويواجه تآكلاً في إيرادات النفط ناتجاً عن ضعف محتمل في سوقه، وناتجاً عن استهلاك محلي، حالياً، بنحو 20 في المئة من إنتاجها النفطي، وقد يبلغ الاستهلاك المحلي 50 في المئة بحلول عام 2028، وفقاً لرئيس أرامكو، يبدو الإصلاح المبكر والجوهري أمراً لا مفر منه. ويتفق مع مثل هذا التوجه محتوى رسائل المناصحة الثلاث التي بعث بها الأمير الوليد بن طلال، بتاريخ 13/05/2013، إلى كبار المسؤولين في السعودية حول الاحتياطيات المالية، والنفط وتهديد المالية العامة وأزمة المياه واستهلاك الطاقة، وهي رسائل منشورة.
وتقرير صندوق النقد الدولي صورة طبق الأصل عن التقارير الجادة، كلها، حول حالة الكويت، والفارق هو أن الكويت توظف نحو 76 في المئة من قوة العمل الكويتية في القطاع العام، مقابل 65 في المئة للسعوديين، وتدعم الكويت ما عداهم من العاملين الكويتيين في القطاع الخاص، لذلك يبدو رقم البطالة السافرة أقل ويبلغ 3.5 في المئة، بينما البطالة المقنعة أعلى، كثيراً، وتكلفة الموظف العام الكويتي تبلغ نحو 3 أضعاف السعودي. وتستقبل سوق العمل الكويتية نحو 20 ألف قادم جديد كل عام، ويتزايد، وسوف يبلغ طالبو فرص العمل نحو 460 ألف قادم جديد خلال 17 سنة، أي بحلول عام 2030، بينما لا توظف الحكومة سوى نحو 304 آلاف كويتي، حالياً، بعد نحو 67 سنة من عمر النفط، وبتكلفة، مباشرة وغير مباشرة، تبلغ 10.4 مليارات دينار كويتي، سنوياً. واجتناب المخاطر الحتمية يحتاج إلى رؤية مخلصة ومعمقة لمواجهة معضلة عجز الاقتصاد عن خلق فرص عمل، ذلك حال الكويت وما عداها، وما لم تأتِ إدارة عامة في الكويت على مستوى ذلك التحدي، لن تفيد إضافة مساحيق التجميل للإدارة الحالية، برلماناً وحكومة، والانتخابات الأخيرة لن تكون أكثر تجميلاً لتلك الإدارة مما حدث في حكومة عام 1992.