
قال تقرير البنك الوطني جاءت البيانات المُفصّلة لميزانية الكويت للسنة المالية 2013/2014 «من أبريل إلى مارس» التي تم نشرها مؤخراً متماشية نوعاً ما مع التوقعات. وتشير تقديرات الميزانية إلى انخفاض في الإنفاق العام بواقع 1 في المئة مقارنة بميزانية السنة السابقة، ويعزى ذلك إلى الانخفاض المخطط له في الإنفاق الجاري. ورغم أن تراجع الإنفاق قد لا يعتبر خبرا سارا في الظاهر، إلا أن الواقع يبدو أكثر ايجابية.
وتابع: بحسب الميزانية، يقدر إجمالي الإنفاق العام بـ 21.0 مليار دينار، ما يمثل انخفاضاً طفيفاً مقارنة بميزانية السنة السابقة. ويشمل ذلك انخفاضا في الإنفاق الجاري بنسبة 1 في المئة، وذلك نتيجة تراجع الإنفاق على الخدمات والسلع بواقع 7 في المئة مقارنة بالسنة الماضية مدفوعاً بتراجع تكلفة شراء الوقود. وبما أن الحكومة هي المزوّد الرئيسي للكهرباء في السوق المحلي، فإن هذه التكلفة تأخذ حيّزاً كبيراً في الميزانية حيث تمثّل 15 في المئة من إجمالي الإنفاق الجاري. ومع استبعاد تكلفة شراء الوقود، يرتفع الإنفاق الجاري بحسب الميزانية بواقع 1 في المئة مقارنة بالسنة الماضية.
واضاف كما إن الإنفاق الجاري يشمل الرواتب والأجور للمدنيين والتي يقدر ارتفاعها بواقع 1 في المئة مقارنة مع مستواها للسنة السابقة. وقد تأثر هذا الارتفاع بتراجع الاعتماد التكميلي الذي يتم استخدامه أحياناً للمصروفات الطارئة أو من أجل تمويل الالتزامات المستجدة التي لم تكن مأخوذة في الاعتبار عند اعداد الميزانية. لذلك فإن البيانات قد لا تكون دليلاً قاطعاً لتوجه عام حول مصروفات هذا الباب في الميزانية. وتمثّل الرواتب والأجور للمدنيين ما نسبته 28 في المئة من إجمالي المصروفات الجارية، اما كافة مصروفات التوظيف فتمثل 50 في المئة منها.
من المقدر أن ينخفض الإنفاق الرأسمالي للسنة الثانية على التوالي وذلك بواقع 3 في المئة مقارنة بالسنة الماضية ليصل الى 2.6 مليار دينار. ويرجع ذلك إلى تراجع الإنفاق الرأسمالي على الماء والكهرباء بنسبة 24 في المئة، والذي كان قد شهد تطوّراً سريعاً في السنوات الأخيرة نتيجة تهيئة مشاريع البنية التحتية الجديدة. ومن الجدير بالذكر أن مجمل الانخفاض في الإنفاق الرأسمالي يرجع إلى تخفيض الإنفاق على باب وسائل النقل والمعدات، حيث أنه من المخطط أن يرتفع الإنفاق الرأسمالي على باب المشاريع الانشائية الأكبر وزناً بواقع 3 في المئة ليصل الى 2.2 مليار دينار. ويجب الأخذ بعين الاعتبار أنه يتوقع تنفيذ بعض المشاريع الضخمة القادمة القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهذه لا تظهر في الميزانية.
قد يشير التراجع الطفيف في المصروفات العامة الى أن السياسة المالية قد لا تكون محفزة بالمستوى المأمول للاقتصاد هذا العام، ولكن من المبكر استنتاج ذلك. أولاً، إن إرجاء إقرار الميزانية حتى الشهر الرابع من السنة المالية جعل الإنفاق في الأشهر الأولى من السنة المالية الحالية محكوماً بمخصصات السنة الماضية، مما يجعله في حاجة للتعديل في الوقت الحالي.
ثانياً، فإن الإنفاق الفعلي عادة ما يأتي دون مستواه المعتمد في الميزانية. وبالفعل، فإن الانفاق الفعلي للسنة المالية السابقة 2012/2013 قد جاء دون المستوى المستهدف بنسبة 9 في المئة. وبالتالي، فإن الإنفاق الفعلي للسنة الحالية قد يأتي أعلى من السنة السابقة على الرغم من تراجع المصروفات المعتمدة في الميزانية.
وأخيراً وبغض النظر عن أرقام الميزانية، فإن أجزاءاً كبيرة من الإنفاق العام لا يعتبر تأثيرها كبيرا على الاقتصاد الكلي. ويشمل هذا التحويلات الضخمة ما بين المؤسسات الحكومية مثل تكاليف شراء الوقود كما ذُكر سابقاً والتحويلات إلى صندوق التأمينات الاجتماعية. وبانتظار التفاصيل المتعلّقة بهذا الإنفاق، لا يمكن فعليا تقييم أثر الميزانية. أما في منظورنا، فنرى أنه هناك إمكانية كبيرة لأن يحقق الإنفاق المعتمد في ميزانية السنة الحالية دعما للاقتصاد هذا العام.
وفي الجانب المتعلّق بالايرادات، تقدر الحكومة أن ترتفع الايرادات الإجمالية بنسبة 30 في المئة لتصل الى 18.1 مليار دينار. ويأتي ذلك نتيجة افتراض أعلى للانتاج النفطي، والذي من المتوقع أن يبلغ 2.7 مليون برميل يومياً في المتوسط مرتفعاً بنسبة 23 في المئة عن العام الماضي. بينما تم تحديد متوسط أسعار النفط عند 70 دولارا للبرميل، متخطياً بذلك افتراضات السنة المالية 2012/2013 التي كانت 65 دولارا. وقدرت الحكومة أن تصل الايرادات النفطية الى 16.9 مليار دينار، بما يشكل 93 في المئة من الايرادات الإجمالية. أما الإيرادات غير النفطية، فمن المتوقع أن ترتفع بنسبة 4 في المئة لتصل الى 1.2 مليار دينار وذلك نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية ورسوم خدمات الكهرباء والماء ورسوم الخدمات الأخرى.
وبحسب التقديرات الحكومية، ستسجل الميزانية عجزٍا بمقدار 4.5 مليارات دينار في السنة المالية 2013/2014، وذلك قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة. اما توقعاتنا فتشير الى نتائج أكثر ايجابية خصوصاً ان متوسط انتاج النفط قد بلغ 3.0 ملايين برميل يومياً في الربع الثاني من العام 2013، بينما بلغ متوسط أسعار النفط 101 دولار منذ شهر أبريل حتى منتصف أغسطس.
وعلى الرغم من ان الوقت ما زال مبكراً لوضع توقعات محددة عن الأسعار والانتاج، إلا أننا نتوقع أن تصل الايرادات النفطية الى 27.2 مليار دينار في السنة الحالية، أي أعلى بنسبة 61 في المئة من تقديرات الميزانية المتحفظة. كذلك الحال، من المحتمل أن تتخطى العوائد غير النفطية مستوها القياسي الذي سجلته في السنة السابقة عند 2.0 مليار دينار. ووفقاً لتقديراتنا، فإن هذه الايرادات قد تؤدي الى تحقيق فائض في الميزانية يصل إلى 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو فائض مرتفع جدا رغم تراجعه بواقع 25 في المئة مما كان عليه في السنة السابقة.