
أغلق سوق الكويت للأوراق المالية «البورصة» تداولات جلسة أمس منخفضا تحت حاجز الـ7000 نقطة النفسي جراء موجة البيع والتسييل وعمليات جني الارباح.
وبذلك تعاود البورصة سلسلة تراجعاتها السابقة لتشمل عموم الاسهم سواء كانت صغيرة أو كبيرة ما ساهم بشكل كبير في اصباغ جميع المؤشرات الرئيسية المحركة لاداء تداولات السوق باللون الاحمر.
وكان لافتا في مسار الجلسة الهبوط غير المبرر وموجات البيوع الموجهة بشكل كبير نحو أسهم دون الـ100 فلس ما جعل مؤشر القيمة النقدية المتداولة تستحوذ على نسبة أكثر من 60 في المئة من اجمالي التداولات تقريبا.
وعلى الرغم من الخسائر التي منيت بها أسهم منتقاة في الشركات التشغيلية إلا أنها في المقابل ظلت متماسكة في الـ30 دقيقة الاخيرة لكن ليس على تلك الوتيرة في فترة المزاد «دقيقتان» قبل الاغلاق.
ويظهر انخفاض السوق أمس أنه تعرض الى ارتدادة فنية عكسية من المضاربات والضغوطات البيعية خصوصا على الاسهم التي شهدت ارتفاعات في جلسة الامس وإن كانت بعض الاسهم الخاملة التي شهدت تحركا ملحوظا ما قلل من خسائر المؤشر السعري وحال دون نزيف النقاط.
وظهر في مسار الاداء بوضوح خصوصا في الساعة الاخيرة للجلسة زيادة عمليات تكثيف البيع على الاسهم القيادية لاسيما بعض المصرفية منها وأخرى في قطاعات الاستثمار والخدمات والعقار من جانب بعض المحافظ المالية التي رأت في المستويات السعرية الحالية فرصة لها.
وأغلق المؤشر السعري لبورصة الكويت منخفضا 51.3 نقطة الى مستوى 8.6972 نقطة في وقت بلغت القيمة النقدية نحو 4.18 ملايين دينار تمت عبر 3658 صفقة نقدية وكميات اسهم بلغت 8.148 ملايين سهم.
موجة تفاؤل
وكان قرار إحالة مادة قانونية تقيد حركة المضاربين في السوق الكويتية إلى المحكمة الدستورية العليا للبت قد أشاع فيها جواً من التفاؤل دفع السوق للارتفاع لكن محللين يرون أن الانتعاشة ستكون عارضة.
وتعاقب المادة 122 من قانون هيئة أسواق المال من يقوم بتداولات، وهمية في البورصة بالحبس مدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة مالية تصل إلى 100 ألف دينار. وشكلت هذه المادة مع غيرها من مواد القانون التي هدفت لتحقيق الشفافية في التداولات وحماية مصالح صغار المستثمرين عقبات أمام المضاربين الذين اعتادوا على العمل دون حسيب ولا رقيب.
ويرى خبراء أن إحجام المضاربين عن التداول ساهم في دخول السوق ، فيما يشبه الركود منذ أن بدأ تطبيق القانون في 2011، والذي جاء قبل أن يلملم السوق شتاته في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008.
بيد أن الخبراء يقولون في الوقت نفسه أيضا إن نص المادة 122 يتسم بالعمومية بحيث يمكن أن تدخل أية تداولات تحت طائلتها كما أنها قد توقع العقوبة على أفعال هي في حد ذاتها صحيحة إن كان القصد من ورائها خلق «إيحاء زائف أو مضلل» للآخرين وهو ما يجعل العقوبة تتجه للنوايا وليس للأفعال.
وقال الدكتور بدر الملا وهو محام ومؤلف كتاب النظام القانوني لأسواق المال لرويترز إن «شبهة عدم الدستورية واضحة في المادة 122.. لقد أصبحت من الاتساع بحيث يمكن للأبرياء أن يقعوا فيها.. كل شخص معرض أن يدخل في آتون هذه الجريمة طالما ليست هناك معايير منضبطة» للتداولات القانونية والأخرى غير القانونية.
وأضاف الملا أن المادة 122 تعاقب المتداولين على النوايا «يقولون أنت اشتريت بهدف حث الناس على الشراء. ما الذي أدراك أني حثيت الناس على الشراء أو البيع؟ أنا أشتري وأبيع والقانون يسمح لي بالشراء والبيع.. أنت لماذا دخلت في نيتي!»
وأوضح الملا أن ما بين 70 إلى 80 في المئة ، من القضايا المحالة، لنيابة أسواق المال تكون عادة بسبب المادة 122 وهو ما جعل هناك حالة «من الإجماع» لدى اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة بضرورة تعديل هذه المادة عندما تقدم لها نواب منذ نحو شهرين بتعديلات على مواد القانون.
ورفض المجلس في حينها طلبا حكوميا بتمديد أجل إعداد التقرير ، لأكثر من ذلك وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرا قويا على جدية المجلس في انجاز تعديلات القانون. بيد أن التعديل لم يتم حتى الآن.
وقال الملا «كل شخص يتداول يحط يده على قلبه.. مش عارف هل سيقع في التجريم «طبقا لهذه المادة أم لا يقع».
لكن مدير إدارة الصناديق الاستثمارية في إحدى الشركات، الاستثمارية الكبرى قال لرويترز مشترطا عدم ذكر إسمه إن تأثير هذه الإحالة للمحكمة الدستورية على تداولات البورصة سيكون «محدودا ولحظيا» كما أن الظن بأن هذه الخطوة هي مرونة من قبل السلطات تجاه المضاربات هو اعتقاد خاطئ.
وأضاف أن الفترات التي ارتفع فيها السوق اعتمدت بالأساس على ، حركة الأسهم الثقيلة بينما «أغلب الشبهات التي تم رصدها كانت تتم على أسهم هي بالأساس متعثرة وقيمتها متدنية ومع ذلك كانت تتم عليها مضاربات محمومة.. وكثير من صغار المتداولين راحوا ضحية هذه المضاربات».
وأعرب عن أمله أن ينتج عن إحالة المادة 122 للمحكمة الدستورية آلية واضحة المعالم لتعريف التداولات التي تنطوي على شبهة تدليس وعدم شفافية». وكانت القيم المتداولة اليومية في بورصة الكويت تزيد قبل الأزمة المالية العالمية في عام 2008 عن 200 مليون دينار «710 ملايين دولار» يومياً، لكنها انخفضت إلى النصف تقريبا بعد الأزمة. وكان المتداولون يعولون على القانون الذي أقر عام 2010 وبدأ العمل به في 2011 في علاج جوانب القصور والاسهام في تنشيط البورصة.
لكن ما حدث هو العكس حيث انخفضت التداولات اليومية حاليا إلى ، حدود 20 مليون دينار وأحيانا أقل أي نحو 10 في المئة من قيم ما قبل الأزمة. وأعرب فؤاد عبدالرحمن الهدلق نائب المدير العام في شركة الدار لإدارة الأصول الاستثمارية «أدام» عن مخاوفه من إلغاء هذه المادة وعودة ما وصفها بـ «المضاربات السيئة».