
قال وزير المالية انس الصالح ان الكويت تتطلع لان يلعب قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة دورا رائدا ومنتجا ومدرا للدخل مؤكدا السعي لتوظيف هذا القطاع باتجاه قوة العمل الوطنية في البلاد.
واضاف في كلمته الافتتاحية بملتقى (الكويت للمشروعات الصغيرة والمتوسطة) ان هناك اجماعا بالدور الحيوي والهام الذي يلعبه قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في اقتصادات دول العالم كافة بما فيها الكويت.
واوضح الصالح ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورغم استخدامها لرؤوس اموال صغيرة وعددا محدودا من الايدي العاملة الا ان الاعداد الكبيرة جدا من هذه المشروعات تشغل الغالبية العظمى من قوى العمل في مختلف دول العالم.
وذكر ان تلك المشروعات هي الموظف الرئيس لقوى العمل والقيمة المضافة على المستوى القومي في دول العالم وهنا تكمن اهمية هذا القطاع بما دفع دول العالم للاهتمام بها واقامتها ودعمها والحرص على توفير كافة التسهيلات لها سواء الفنية او المالية او التسويقية او الاستشارية.
وتطرق الوزير الصالح الى اتساع درجة التشابك بين هذا القطاع وباقي قطاعات الاقتصاد الوطني الانتاجية والخدمية مؤكدا ان تجارب الدول الصناعية الكبرى في اوروبا والولايات المتحدة واسيا اثبتت ان دعم هذا القطاع له مردود اقتصادي كبير واثار اجتماعية هامة خصوصا فيما يتعلق بدعم الاستقرار الاجتماعي من خلال توفير الوظائف والحد من ضغوط سوق العمل.
واعتبر ان هذا القطاع يسهم في بناء قاعدة من الصناعيين الوطنيين وتوجيه المدخرات نحو سبل منتجة فضلا عن خلق المزيد من الثروات.
وقال ان احد اهم التحديات المستقبلية التي تواجه دولة الكويت تتمثل في نمو اعداد الداخلين الجدد الى سوق العمل عاما بعد عام.
واكد ان هذه الزيادة تلقي باعباء كبيرة على الاقتصاد القومي في ضرورة خلق فرص العمل المناسبة لهؤلاء الخريجين خارج القطاع الحكومي الذي بلغت طاقته على استيعاب العمالة الوطنية حدودها القصوى في الوقت الحالي.
وشدد على حتمية تهيئة الفرص امام القطاع الخاص لاستيعاب الاعداد المتزايدة من العمالة الوطنية بكافة السبل مؤكدا ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص تمثل اهم الروافد التي يمكن من خلالها رفع درجة استيعاب الاقتصاد الوطني للعمالة الوطنية والحد من الضغوط الناجمة عن ارتفاع بطالة الشباب.
واوضح الصالح ان برنامج عمل الحكومة والخطة الانمائية السابقة والجديدة ترتكز على اهمية الدور الذي يجب ان يلعبه هذا القطاع في الاقتصاد الوطني ليصبح قاطرة النمو وسبيل الكويت لتنويع اقتصادها والحد من تركز النشاط الاقتصادي على المستوى الكلي في صناعة استخراج النفط التي لايمكن ان تضمن استدامة النمو والرفاه.
وشدد على ضرورة تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة كونها اهم سبل دعم مساهمة القطاع الخاص ورفع دوره وقيمته المضافة في الكويت مشيرا الى ان تنمية هذه المشروعات تتطلب تهيئة بيئة الاعمال في الكويت لكي تصبح صديقة لهذه المشروعات.
واوضح الصالح ان تذليل العوائق امام المبادرين في هذا القطاع يجب ان يحتل اولوية اولى في الفترة المقبلة كما ان تيسير سبل التمويل المناسب بتكلفة معقولة سوف يساعد على تشجيع فتح المزيد من هذه المشروعات فضلا عن توفير المدخلات اللازمة وعلى راسها الاراضي.
واكد ايمان الحكومة باهمية تنمية هذه المشروعات اذ تم انشاء الصندوق الوطني لتنمية ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بميزانية تبلغ ملياري دينار التي تعتبر ضخمة وكفيلة بتمويل عدد هائل من هذه المشروعات التي تستوفي الشروط.
وقال ان الصندوق يوفر تمويل سخيا بحد اقصى نصف مليون دينار للمشروع الواحد يكفي لتوفير الاحتياجات الراسمالية للجانب الاكبر من هذه المشروعات.
وتوقع الوزير الصالح بدء عمل الصندوق في القريب العاجل كي تتسع قاعدة قطاع المشرعات الصغيرة والمتوسطة في الكويت على ان يرافقها تشجيع قاعد واسعة من المبادرين على دخول هذا المجال الذي سيعتمد النشاط الاقتصادي في الدولة عليه في المستقبل.
ويناقش الملتقى العديد من الموضوعات ذات الصلة بهذا القطاع والمعوقات والتحديات التي تواجه تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بما يتسق والظروف الاقتصادية والاجتماعية لدولة الكويت.
ويتناول في ستة محاور أساسية دور الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وواقع المعوقات والتحديات وتجارب عالمية في تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال التركيز على تجربة تايوان وفرص الاستثمار والتمويل للمشروعات الصغيرة.
كما تشمل محاور الملتقى نظرة استراتيجية وتشريعية لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والنظرة المستقبلية لأهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الكويتي.
ويشهد الملتقى حضور نخبة من القيادات والمسؤولين التنفيذيين بالبنوك ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
من جانبه قال رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف الكويتية حمد المرزوق في كلمته بالجلسة الافتتاحية ان تنظيم هذا الملتقى بالتعاون مع المعهد العربي للتخطيط يأتي استشعارا من الاتحاد بمسؤوليته الوطنية.
واكد المرزوق حرص الاتحاد على التفاعل مع التوجيهات السامية وما يوليه حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله من اهتمام بدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وحرصه على توفير البيئة الاستثمارية الملائمة لتنميته وتفعيل دوره في الاقتصاد الوطني باعتباره حلقة في سلسلة الاصلاح الاقتصادي وتنويع القاعدة الاقتصادية.
وذكر المرزوق ان الاقتصاد العالمي يشهد حاليا تراجعا حادا في الاسعار العالمية للنفط وازمات وتطورات اقتصادية معاكسة يترتب عليها تداعيات واثار سلبية ستزيد من التحديات التي يواجهها الاقتصاد الكويتي وما يعانيه من اختلالات هيكلية.
وعدد تلك الاختلالات بهيمنة القطاع النفطي على الناتج المحلي الاجمالي وهيمنة الحكومة على جانب كبير من النشاط الاقتصادي وتركيز الايرادات العامة للدولة في مصدر شبه وحيد تقريبا هو النفط وتركز قوة العمل الوطنية في القطاع الحكومي والوافدة في القطاع الخاص وتنامي البطالة بين المواطنين.
وذكر ان من الاختلالات في الاقتصاد الوطني ايضا تركز الصادرات في النفط في هيكل التجارة الخارجية بما يفوق 90 في المئة من اجمالي الصادرات والاعتماد بدرجة كبيرة على الاستيراد من الخارج لتلبية الاحتياجات المحلية.
وقال المرزوق رغم كل هذه التحديات الا انه مايزال لدى الاقتصاد الكويتي مقومات حقيقية وفرصا للنمو اضافة الى ما تمتلكه البلاد من دوافع تعتمد على جرأة الفكر واختلافه خارج الاطار التقليدي لمواجهة تلك التحديات.
واكد الحاجة الى استراتيجيات مدروسة ترتكز على رؤى وبرامج تنفيذية واضحة وواقعية ومحددة تدعمها نصوص تشريعية مواكبة للتطورات الاقتصادية السريعة لتعظيم الاستفادة من هذه المقومات والفرص المتاحة بما يكفل زيادة الانتاجية والحد من التداعيات السلبية لهذه التطورات وانعكاساتها.
واعتبر المرزوق ان التحرك السريع مطلوب نحو اطلاق اصلاحات هيكلية وتغيرات مؤسسية واتخاذ ما يلزم نحو تنفيذ حزمة متكاملة من السياسات والاجراءات لزيادة دور القطاع الخاص بهدف احداث نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني.
واشار الى ان هذا التحرك السريع لم يتحقق في الواقع الملموس على النحو المأمول رغم كونه هدفا استراتيجيا محوريا ضمن الاهداف الاستراتيجية التي تضمنتها خطط التنمية وذلك لوجود عدد من اوجه القصور وعدم توفير العديد من المتطلبات التشريعية والتمويلية الاقتصادية والادارية.
وتطرق الى الجهود الحكومية لتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في السنوات الماضية بانشاء عدد من المؤسسات الداعمة لحركة هذه المشروعات معتبرا ان تلك الجهود لم تصل الى مستوى الطموح لاسيما خلال تركزها على الجوانب التمويلية بدرجة اكبر والتي لاتمثل السبيل الوحيد للتعامل مع ما تواجهه المشروعات من معوقات.