
أوضح تقرير اقتصادي خاص لشركة بيان للاستثمار أن سوق الكويت للأوراق المالية فقد ما يقرب من 400 مليون دينار كويتي من قيمته الرأسمالية خلال خمسة جلسات فقط، إذ شهد موجة بيع عشوائية خلال الأسبوع الماضي شملت الكثير من الأسهم القيادية والصغيرة على حد سواء، وهو الأمر الذي أسفر عن تراجع مؤشراته الثلاثة بشكل لافت بنهاية الأسبوع؛ هذا وقد جاءت خسائر السوق الكويتي بالتزامن مع التراجعات التي منيت بها العديد من الأسواق العالمية والإقليمية خلال الأسبوع الماضي على إثر حالة القلق التي سيطرت على تلك الأسواق نتيجة الأنباء السلبية المتداولة بشأن الإرهاب، فضلاً عن الخسائر القوية التي منيت بها أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي، خاصة مع وصول سعر برميل النفط الكويتي إلى حدود الـ35 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ ما يقرب من ست سنوات.
من جهة أخرى، شهد الأسبوع الماضي انقضاء المهلة القانونية المحددة للشركات المدرجة في السوق لكي تفصح عن بياناتها المالية لفترة التسعة أشهر من العام الجاري، وقد وصل عدد الشركات المعلنة إلى 179 شركة، من أصل 192 شركة مدرجة في السوق الرسمي، محققة ما يقرب من 1.34 مليار دينار أرباحاً صافية، بتراجع طفيف بلغت نسبته 0.60% عن نتائج نفس الشركات لذات الفترة من العام 2014، حيث بلغت آنذاك 1.35 مليار دينار كويتي. هذا وقد لوحظ تراجع إجمالي الأرباح التي حققتها الشركات الاستثمارية المدرجة في السوق لفترة التسعة أشهر من العام 2015 إلى ما يقرب من 87 مليون دينار، أي بانخفاض نسبته 35% تقريباً بالمقارنة مع نتائجها في نفس الفترة من عام 2014، حيث بلغت وقتها حوالي 134 مليون دينار.
والجدير بالذكر أن ذلك التراجع المبرر قد جاء في ظل الضعف الواضح الذي تشهده بيئة الأعمال المحلية منذ فترة ليست بالقليلة، وهو ما انعكس سلباً على أداء سوق الكويت للأوراق المالية الذي أصبح سوقاً ضعيفاً وهشاً وفقد معظم وظائفه الأساسية، فمن المعلوم أن هناك علاقة طردية بين الأداء التشغيلي لغالبية شركات قطاع الاستثمار وأداء السوق المالي، فكلما كان أداء البورصة جيداً انعكس ذلك بطبيعة الحال على هذه الشركات، لذلك فمن الطبيعي أن تتأثر أرباحها بشكل سلبي بالوضع السيء الذي وصل إليه السوق في السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي نأمل أن يتم معالجته في الفترة القادمة.
على الصعيد الاقتصادي، قال رئيس الخبراء الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى (البنك الدولي) أن التحدي الرئيسي الذي يواجهه الاقتصاد الكويتي يكمن في كيفية إدارة الإيرادات النفطية والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط، ووضع رؤية واضحة لهذه المرحلة المستقبلية، مشيراً في الوقت نفسه أن الكويت يغلب عليها طابع الاحتكار وتغيب عنها المنافسة في السوق إلى حد ما، إذ أن بيئة الأعمال لديها محدودة بعض الشيء، فإذا كانت الدولة تتطلع إلى تنويع الاقتصاد، فعليها أن تمنح الشركات المتوسطة والصغيرة الفرصة للمنافسة والنمو، لكن ما نجده اليوم أن أغلب الصناعات أو القطاعات في الكويت تفتقر للمنافسة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاحتكار يعتبر من أكثر المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد المحلي، إذ تحتكر الحكومة العديد من الخدمات في الكثير من القطاعات الاقتصادية في الدولة، وهو الأمر الذي لطالما يؤثر على مستوى جودة هذه الخدمات بشكل سلبي، ويؤدي إلى آثار سلبية على المواطنين والاقتصاد الوطني بشكل عام، إذ يؤدي الاحتكار إلى ظهور مشكلات اقتصادية خطيرة كالتضخم والفساد وزيادة البطالة، إلى جانب انعدام المنافسة العادلة المبنية على تكافؤ الفرص، والتي تخدم بدورها حصول المستهلك على الخدمات الحكومية بكفاءة أفضل وتكلفة أقل؛ لذلك فعلى الدولة أن تتخلي عن بعض الأنشطة التي تحتكرها لصالح القطاع الخاص، مما يساهم في تعزيز دور هذا القطاع الحيوي في تنشيط عجلة الاقتصاد، كخطوة ضرورية وملحة في طريق إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني.
وبالعودة إلى أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع المنقضي، فقد شهد السوق أداءً سلبياً نتيجة عمليات البيع العشوائية التي شملت العديد من الأسهم التي تم التداول عليها خلال الأسبوع، حيث جاء ذلك على وقع العديد من العوامل السلبية المتمثلة في الأوضاع السياسية المقلقة التي يمر بها العالم هذه الفترة، فضلاً عن الانخفاض الواضح الذي تشهده أسعار النفط حالياً، الأمر الذي دفع السوق إلى تسجيل تراجعات واضحة لمؤشراته الثلاثة، لاسيما المؤشرين الوزني وكويت 15 اللذان سجلا خسائر قوية نتيجة عمليات جني الأرباح التي تركزت على الأسهم القيادية والتشغيلية، خاصة في قطاع البنوك؛ كما شهد الكثير من الأسهم الصغيرة أيضاً عمليات بيع عشوائية، تركزت على الأسهم التي أعلنت عن بيانات مالية سلبية في فترة الربع الثالث من العام الجاري، خاصة أسهم الشركات الاستثمارية التي شهدت معظمها خسائر متباينة بنهاية الأسبوع، وهو الذي انعكس سلباً على أداء المؤشر السعري الذي أغلق في المنطقة الحمراء للأسبوع الرابع على التوالي.
وقد استهل السوق تعاملات الأسبوع مسجلاً خسائر قوية في جلسته الأولى، حيث شهد موجة بيع عنيفة شملت الكثير من الأسهم القيادية والصغيرة معاً، مما أدى إلى تسجيل مؤشراته الثلاثة لخسائر متباينة بنهاية الجلسة، وقد جاء ذلك بالتواكب مع الخسائر القوية التي منيت بها العديد من الأسواق العالمية والإقليمية على إثر الأحداث الإرهابية التي شهدتها فرنسا نهاية الأسبوع قبل الماضي.
وفي الجلسة التالية تمكن السوق من تسجيل مكاسب محدودة عوض بها جزء من خسائره السابقة، إذ أقفلت المؤشرات الثلاثة باللون الأخضر بعد أداء غلب عليه التذبذب المحدود، وذلك قبل أن يعود مجدداً إلى المنطقة الحمراء في جلستي الثلاثاء والأربعاء نتيجة عودة عمليات البيع العشوائية مرة أخرى في السيطرة على مجريات التداول في السوق، الأمر الذي انعكس سلباً على أداء المؤشرات الثلاثة، وخاصة المؤشرين الوزني وكويت 15 اللذان تأثرا بانخفاض أسعار العديد من الأسهم الثقيلة. هذا وقد تمكن السوق في جلسة نهاية الأسبوع من تحقيق نمواً جيداً لمؤشراته الثلاثة بدعم من عمليات الشراء الانتقائية التي شملت أسهماً عديدة وتركزت على بعض الأسهم القيادية، وذلك وسط نمو محدود لقيمة التداول.
هذا ووصلت القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية في نهاية الأسبوع الماضي إلى 25.96 مليار د.ك. بتراجع نسبته 1.50% مقارنة مع مستواها في الأسبوع قبل السابق، والذي كان 26.36 مليار د.ك. أما على الصعيد السنوي، فقد سجلت القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق تراجعاً بنسبة بلغت 7.22% عن قيمتها في نهاية عام 2014، حيث بلغت وقتها 27.98 مليار د.ك.
وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5,725.41نقطة، مسجلاً انخفاضاً نسبته 0.71% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني تراجعاً بنسبة بلغت 1.68% بعد أن أغلق عند مستوى 390.84 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 933.99 نقطة، بخسارة نسبتها 2.16% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق تراجعاً في المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 15.21% ليصل إلى 13.77 مليون د.ك. تقريباً، في حين سجل متوسط كمية التداول انخفاضاً نسبته 8.90%، ليبلغ 132.61 مليون سهم تقريباً.
على صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق الثلاثة، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري تراجعاً عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 12.40%، بينما بلغت نسبة تراجع المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 10.95%، في حين وصلت نسبة انخفاض مؤشر كويت 15 إلى 11.88%، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2014.
مؤشرات القطاعات
سجلت ستة من قطاعات سوق الكويت للأوراق المالية نمواً لمؤشراتها في نهاية الأسبوع الماضي، فيما تراجعت مؤشرات القطاعات الستة الباقية. وقد تصدر قطاع الاتصالات القطاعات التي سجلت ارتفاعاً، إذ أغلق مؤشره مع نهاية الأسبوع عند مستوى 594.07 نقطة، مسجلاً ارتفاعاً نسبته 2.93%، تبعه قطاع الخدمات الاستهلاكية في المرتبة الثانية، إذ سجل مؤشره نمواً أسبوعياً بنسبة بلغت 2.14%، مقفلاً عند مستوى 1,013.94 نقطة، فيما جاء قطاع السلع الاستهلاكية في المرتبة الثالثة، إذ سجل مؤشره ارتفاعاً أسبوعياً بنسبة بلغت 1.05%، مقفلاً عند مستوى 1,114.75 نقطة. هذا وقد كان قطاع التكنولوجيا الأقل ارتفاعاً خلال الأسبوع الماضي، إذ سجل مؤشره نمواً نسبته 0.56%، منهياً تداولات الأسبوع عند مستوى 888.65 نقطة.
في المقابل، تصدر قطاع الخدمات المالية القطاعات التي سجلت تراجعاً، حيث انخفض مؤشره بنسبة 3.58%، مغلقاً عند مستوى 627.54 نقطة، فيما شغل قطاع البنوك المرتبة الثانية بعد أن أغلق مؤشره عند مستوى 928.07 نقطة، ليفقد ما نسبته 2.47%، تبعه قطاع النفط والغاز بالمرتبة الثالثة، إذ أغلق مؤشره مع نهاية الأسبوع عند مستوى 776.64 نقطة، ليفقد ما نسبته 0.56%. أما أقل القطاعات انخفاضاً خلال الأسبوع الماضي، فكان قطاع المواد الأساسية، إذ أقفل مؤشره مع نهاية الأسبوع عند مستوى 1,032.49 نقطة، مسجلاً انخفاضاً نسبته 0.05%.
تداولات القطاعات
شغل قطاع الخدمات المالية المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 259.57 مليون سهم تقريباً، شكلت 39.15% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 175.37 مليون سهم للقطاع، أي ما نسبته 26.45% من إجمالي تداولات السوق، أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع الصناعية والذي بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 11.24% بعد أن وصل إلى 74.52 مليون سهم.
أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 26.50% بقيمة إجمالية بلغت 18.25 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع الاتصالات في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 18.95% وبقيمة إجمالية بلغت 13.05 مليون د.ك. تقريباً، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع الخدمات المالية، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 12.78 مليون د.ك.، شكلت حوالي 18.55% من إجمالي تداولات السوق.