
وافقت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، على تمديد خفض إنتاج النفط إلى 9 أشهر إضافية، وذلك للمساعدة في تصريف تخمة المخزونات العالمية ورفع أسعار الخام، ووفقا للاتفاق، سيتعين على المنتجين خفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا طيلة هذه المدة، في منتصف الشهر الجاي، قالت السعودية وروسيا – أكبر منتجين للنفط في العالم – إنهما مستعدان لتمديد اتفاق خفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر أخرى، وهو الاقتراح الذي دعمته لاحقاً العراق وإيران، وهما ثاني وثالث أكبر منتجي “أوبك”، حيث إنه من الضروري تمديد التخفيضات لتسريع إعادة التوازن إلى السوق والحيلولة دون تراجع أسعار النفط مجددا عن 50 دولارا للبرميل.
تصريحات وزارء النفط
وجاءت تصريحات الدول الأعضاء بالأوبك مؤيدة للقرار قبل الاتفاق وبعده، فكانت البداية مع تصريحات وزير الطاقة السعودي “خالد الفالح ” أنه من المرجح أن تمدد أوبك تخفيضات الإنتاج بنفس الشروط الحالية لتسعة أشهر،مستبعدًا حاجة المنتجين لتعميق حصص الخفض ومؤكدًا أن المستويات الحالية للتخفيضات مناسبة خلال الوقت الراهن، وأضاف أن استعادة التوازن في سوق النفط سيحدث عاجلا وليس آجلاً، وأشار إلى الاجتماع التالي للأوبك سيكون من المرجح أن يكون في نوفمبر أو ديسمبر وختاماً قال أن هناك دول كثيرة أبدت مرونة بشأن التخفيضات.
وصرح وزير النفط الكويتي عصام المرزوق أن سوق النفط استوعبت بالفعل زيادة إنتاج النفط الصخري، ومن جانبه قال وزير النفط العراقي جبارعلي اللعيبي إن تمديد خفض المعروض الحالي الذي تقوده أوبك لتسعة أشهر هو الخيار الأمثل لاستعادة التوازن بسوق الخام،وقال وزير الطاقة الإماراتي أننا لا نصدق التوقعات القائلة إن إنتاج النفط الصخري الأمريكي سيرتفع مليون برميل يوميا، وأضاف أن تركيز محادثات أوبك ينصب على الإنتاج لا الصادرات.
وكانت تصريحات وزير النفط الفنزويلي نلسون مارتينيز معبره عن الوضع الحالي للدولة فقال “هذه مشكلة للمنتجين لا المصدرين. للمرة الأولى ندرك نحن من نملك مرافق لإنتاج النفط في بلداننا ضرورة تنظيم السوق وتحقيق الاستقرار بها،ونخفض إنتاجنا لخفض مستويات المخزون إلى متوسط خمس سنوات.”وأضاف أن فنزويلا، التي تعاني من ركود حاد وتشهد تظاهر آلاف المحتجين يوميا، تنتج حاليا نحو 1.97 مليون برميل يوميا من الخام.
ومن جهته قال وزير النفط الايراني أن إيران ستحترم أي قرارا يصدر بالاتفاق في اجتماع أوبك، وأضاف أنه “لا مشكلة لدى إيران في تمديد خفض الإنتاج 6 أشهر أو 9 أو 12 شهرا”وأشار إلى أن سعر الخام بين 55 و60 دولارا جيد لكل من أوبك ومنتجي النفط الصخري.
ومن غير الأعضاء صرحت روسيا من خلال وزير ماليتها ” أنطونس يليانوف”، إنه سيدعم تمديد اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي لأنه سيساعد روسيا في زيادة احتياطياتها.وقال “تمديد الاتفاق يهدف إلى دعم أسعار النفط وتحقيق استقرارها عند المستويات الحالية وهو ما سيؤثر تأثيرا إيجابيا على ميزان المدفوعات للدول المنتجة للنفط.”
النفط ينخفض بعد الاتفاق
خسرت أسعار النفط أكثر من 1.5% بعد الإعلان عن تمديد اتفاق خفض انتاج النفط لمدة 9 أشهر حتى مارس من العام المقبل
أسباب انخفاض أسعار النفط
أولاً : خيار التمديد تم تسعيره بالفعل
تعتبر تصريحات السعودية وروسيا في منتصف الشهر لخفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر أخرى، وتتمثل المشكلة في الإعلان عن هذه التصريحات “الإيجابية ” أنها جعلت خيار تمديد اتفاق خفض الإنتاج فعالاً في الأسواق، وهو ما يسهم إلى حد كبير في سلب قدرة اجتماع أمس على دفع الأسعار إلى الأمام، وذلك لأن خيار التمديد تم تسعيره بالفعل.
ثانيا : تعميق خفض الإنتاج
الإعلان عن تمديد الإتفاق قبل الاجتماع، رفع آمال الأسواق حيث أنها توقعت احتمال تعميق التخفيضات لتصل إلى مليوني برميل/يومياً، في محاولة من “أوبك” للوصول بشكل أسرع لهدفها المعلن بشأن إعادة التوازن لسوق النفط، ولذلك يعتبر تمديد الاتفاق بنفس مستوى التخفيضات قابله انخفاض في الأسعار.
ثالثاً :الخلافات الإيرانية السعودية
تنشأ مخاوف الكثيرين من الخلافات السعودية الإيرانية التي يحتمل معها انهيار الاتفاق، حيث لا يوجد بين السعودية وإيران سوى القليل من القواسم المشتركة، وخصوصا بعد زيارة الرئيس الأمريكي ترامب، ودعوته إلى عزل إيران وألغاء الاتفاق النووي الإيراني، مما قد ينتج عنه عدم إلتزام إيران بالاتفاق وخصوصا أن إيران تستطيع إنتاج ثلاثة ملايين برميل في أمس حسب تصريحات المسئولين آخيراً.
رابعاً : النفط الصخري والإشاعات لوصوله لمليون برميل يوميا :
استغل منتجو النفط الصخري استقرار أسعار الخام في النطاق بين 52 إلى 54 دولاراً للبرميل وقاموا بالتوسع في أنشطة التحوط لحماية إنتاجهم المستقبلي، وهو التحرك الذي يسمح لهم بزيادة عدد منصات التنقيب عن النفط للأسبوع الثامن عشر على التوالي حتى الآن ، حيث بلغ العدد الإجمالي إلى 720 منصة،وذلك في 19 مايو الماضي، وقال محللو بنك “جولدمان ساكس” بافتراض ثبات عدد منصات التنقيب عن النفط عند المستوى الحالي، فإن تقديراتنا تشير إلى أن متوسط الإنتاج السنوي في الولايات المتحدة سيزيد بمقدار 290 ألف برميل/يومياً في خلال عام 2017، ورغم ذلك فأن هناك إشاعات تهول من الأمر أكثر وأكثر حتى تقول أنها ستصل إلى مليون برميل، وهم ما رفضه الوزير الإماراتي.
خامساً : الخبر المفاجيء لبيع لاحتياطي النفطي للولايات المتحدة
تقدمت الإدارة الأمريكية بمقترح الموازنة للعام 2018 والتي تستهدف خفض العجز بالتدريج وتوفير ما يقارب 500 مليار دولار. اعتمدت الإدارة على مجموعة من المحاور كان من ضمنها خفض أو بيع ما يعادل نصف المخزون الاستراتيجي من النفط وكامل مخزون الوقود في خطوة من شأنها أن تضخ 16.6 مليار دولار أمريكي في ميزانية الدولة على مدار العشرة أعوام القادمة.
كانت الولايات المتحدة قد لجأت إلى المخزون النفطي الاستراتيجي كمحاولة لحماية اقتصاد الدولة من أية صدمات غير متوقعة منذ سبعينات القرن الماضي، وقد أوضحت الإدارة الأمريكية بأن الطفرة الأخيرة التي شهدتها صناعة النفط الصخري داخل البلاد قلصت من الحاجة إلى المخزون النفطي. كما ساعد ارتفاع معدلات الإنتاج النفطي المحلي في تقنين صادرات البلاد من نفط الأوبك. بالتالي، أكدت الإدارة بأن نصف المخزون الحالي سيظل كافياً لمواجهة أية أزمات قد تواجه قطاع الطاقة. كما شددت على أن توفير أمن الطاقة يكون عن طريق زيادة حجم استثمارات قطاع الطاقة وليس من خلال تخزين كميات هائلة من النفط.
هذه الخطوة قد تقلق كبار منتجي الخام، حيث إن الكميات المقترح التخلص منها – بافتراض بيعها بالتساوي على مدى عشر سنوات – ستصل إلى 94 ألف برميل/يومياً، وهو ما يعادل 0.1% من الاستهلاك العالمي الحالي للنف، يمكن للجميع الاتفاق على أن 0.1% لا تبدو كمية كبيرة، ولكن في ظل سعي “أوبك” بالتعاون مع الكرملين إلى تقليص حجم الإنتاج بغرض إنهاء حالة التخمة التي يعاني منها المعروض من الخام في الأسواق، قد تمثل 94 ألف برميل يومياً إضافية مشكلة.
تراجع عملات السلع الأولية
تراجع الدولار الكندي والأسترالي والنيوزيلندي تراجعا حادا يوم الخميس مقتدين بانخفاض في أسعار النفط بعد أن بدا أن دول أوبك المجتمعة في فيينا لن تمضي في تخفيضات الإنتاج إلى ما هو أبعد من توقعات الأسواق،و فشل هذا الاتفاق في تحقيق الهدف المرجو وهو دعم الأسعار بسبب استمرار ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي وارتفاع مستويات المخزون وهو ما أدى إلى استمرار التأثير السلبي على الأسعار، وتراجع الدولار الأمريكي، الذي استقر بعد أسوأ أسبوع له في أكثر من عام، 0.1 بالمئة مقابل سلة عملات بينما ارتفع ارتفاعا طفيفا إلى 111.75 ين و1.1213 دولار لليورو.
وكان الدولار الكندي مرتبعاً لكن العملة تخلت عن مكاسبها لتتراجع 0.2 بالمئة إلى 1.3427 دولار كندي مع مواجهة النفط صعوبة في العودة للصعود على هامش اجتماع أوبك، وانخفضت الكرونة النرويجية، المرتبطة هي الأخرى بالنفط، بادئ الأمر ثم ارتفعت 0.1 بالمئة إلى 9.3320 كرونة لليورو، وانخفض الدولار الأسترالي نصفا بالمئة إلى 0.7466 دولار أمريكي بعد تراجعه يوم الأربعاء إلى 0.7443 دولار أمريكي إثر خفض وكالة موديز تصنيفها الائتماني للصين.
انضمام غينيا الإستوائية للأوبك
أعلن متحدث باسم منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أمس الخميس أن المنظمة وافقت على انضمام غينيا الاستوائية، لتصبح العضو الرابع عشر بالمنظمة. وأظهرت بيانات المنظمة أن الدولة الواقعة في وسط أفريقيا تنتج يوميا نحو 300 ألف برميل، ما يعني أنها إحدى أصغر دول المنظمة إنتاجا، فيما قال مندوبان في أوبك إن المنظمة تناقش يوم الخميس ضم نيجيريا إلى اتفاق خفض إنتاج النفط.
وختاما من المرجح أن تشارك 12 دولة من غير الأعضاء في قرار التمديد على رأسها روسيا، ومن المقرر أن يلتقي الأعضاء من خارج أوبك مع المنظمة في وقت لاحق من أمس، وكان أعضاء منظمة أوبك و11 دولة من خارجها اتفقوا في نهاية العام الماضي على خفض الإنتاج من النفط بمقدار 1.8 مليون برميل لمواجهة الانخفاض في أسعار الخام، وكان اتفاق التخفيض السابق في النصف الأول من 2017، قد ساعم في دفع أسعار النفط إلى ما فوق 50 دولارا للبرميل.