
أشار المركز المالي الكويتي «المركز» إلى أن النظام المصرفي في الكويت سيظل يواجه ضغوطًا تتعلق بالربحية وجودة الأصول على مدار السنة. جاء ذلك في تقريره الصادر مؤخرًا بعنوان «النظرة المستقبلية للقطاع المصرفي في الكويت 2020 - جودة الأصول تحت الضغط في ظل تحول البيئة التشغيلية إلى بيئة مفعمة بالتحديات»، والذي يناقش التقرير بتعمّق أثر جائحة كوفيد - 19 المترتب على العوامل الرئيسية مثل الطلب على الائتمان ونمو الودائع وصافي هامش الفائدة للقطاع البنكي. ويرصد التقرير الأثر المترتب على القروض المتعثرة وربحية البنوك الكويتية على مدار الفصول القليلة المقبلة.
وأوضح التقرير أنه من المرتقب أن تلقي جائحة كوفيد -19 بالمزيد من الضغوط على القطاع المصرفي الكويتي في عامي 2020 و2021، متوقعاً أن تؤدي قيود الإغلاق وكذلك الانخفاض اللاحق في أسعار النفط إلى تدني معدلات النشاط الاقتصادي إلى مستويات لم نعهدها منذ عقود. ونظرًا للطابع الفريد للأزمة، والتي كان لها بالغ الأثر على كل من العرض والطلب، فإنها تتطلب اتخاذ إجراءات معالجة فاعلة من خلال تدابير السياسة العامة.
إضافة إلى ذلك، يقول التقرير أن عدم وجود حوافز مالية كبيرة لدعم الاقتصاد جنباً إلى جنب مع عدم وجود طفرة في الأعمال التجارية المتعثرة قد يسفرا عن زيادة العبء الملقى على عاتق القطاع المصرفي ناهيك عن أن النفقات قد تكون باهظة على المدى البعيد. في ظل مواجهة بيئة الأعمال لتحديات جسيمة خلفتها أزمة جائحة كوفيد - 19، فقد ارتفع الطلب على التمويل والائتمان لدعم الأعمال (خاصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة) رغم عدم تحقيق أي إيراداتٍ تذكر. من ناحية أخرى، وفرت الحكومة الكويتية الدعم للمشريع الصغيرة والمتوسطة في شكل قروض مدعومة (معفاةٍ من الفوائد). ورغم ذلك، يقع عبء إصدار القروض إلى جانب التدابير الإدارية وبذل العناية الواجبة على عاتق البنوك، مما يؤدي إلى تفاقم المخاطر التشغيلية.
كذلك، توقع التقرير أن يكون الطلب على الائتمان معتدلًا بنسبة 4.0% (على أساس سنوي) في عام 2020 بسبب تراجع النشاط الاقتصادي فضلًا عن الناتج بسبب القيود التي فرضتها الحكومة. ومن المتوقع أن يتمثل الأثر المترتب على القيود المفروضة على العرض مثل نقص القوى العاملة في القطاعات التي يسيطر عليها المقيمون في كبح جماح النشاط الاقتصادي.
وعلى غرار ذلك، من المتوقع أن ينخفض نمو ودائع البنوك المدرجة إلى 5.0% في 2020، مقارنة بالانخفاض بنسبة 8.1% في العام السابق. ومن المتوقع أن ينتج عن الانكماش احتمال فقدان الوظائف وانخفاض أسعار الفائدة على الودائع. ويؤكد التقرير أن المزيد من التخفيض في أسعار الفائدة من أجل تحفيز النمو الاقتصادي سيسفر عنه نتائج سلبية في تعبئة الودائع.
ووفقاً للتقرير، يُتوقع أن يقفز إجمالي القروض المتعثرة إلى 4.7% في 2020، مقارنة بـ 1.8% في 2019. ومن المرجح أن يكثر التعثر في السداد لدى قطاعات مثل العقارات، نظرًا لارتفاع نسبة الرفع المالي لدى بعض المقترضين بشكل نسبي. ورغم ذلك، فإن البنوك الكويتية لديها مخصصات لخسائر القروض هي الأعلى من نوعها عن جميع الدول الخليجية، بما يضمن توفير احتياطيات للبنوك لتغطية أعلى قدر من الخسائر غير المتوقعة.
كما توقع التقرير أن ينخفض معدل الربحية في 2020، إلى جانب انخفاض صافي الدخل من 1,202 مليون دينار كويتي في 2019 إلى 592 مليون دينار كويتي في 2020 بسبب انخفاض الإيرادات التشغيلية نتيجة لهوامش الفوائد الصافية التعاقدية إلى جانب انخفاض الإيرادات غير المحملة بالفائدة بسبب أنشطة الأعمال المتدنية.
ونوه التقرير إلى أن النظرة المستقبلية للخدمات المصرفية في الكويت يمكن أن تتغير وفقًا للأمور التالية: توفير حوافز مالية إضافية للحد من وطأة الأضرار الاقتصادية وانتعاش أسعار النفط وإجراءات الخصخصة الفعالة وعمليات الإصلاح القوية وذلك على الجانب الإيجابي، والارتفاع في عدد الحالات وعودة قيود الإغلاق والمزيد من التدهور في النشاط الاقتصادي على الجانب السلبي. ومن شأن التطورات الإيجابية بشأن التوصل إلى لقاح محتمل لعلاج وباء كوفيد - 19 أن تغير قواعد اللعبة.
وأشار تقرير «المركز» أيضًا إلى أنه بصرف النظر عن الضغط قصير المدى على العمليات البنكية، فإن الأثر المترتب على جائحة كوفيد - 19 سيكون ملموسًا بطرق أخرى مثل التغيرات في سلوك المستهلك والتي سيكون لها أثر على القطاع البنكي. هذا وستكون هذه الجائحة محفزًا ومحركًا لزيادة الاعتماد على الرقمنة في القطاع البنكي. وسيتم البدء في تسويق المنتجات وبيعها عبر القنوات الرقمية، حيث يميل العملاء إلى تجنب زيارة فروع البنوك وأجهزة الصراف الآلي. إن الانتشار السريع للهواتف الذكية إلى جانب الملامح الديموغرافية لدى الشاب سيدعم الاعتماد على القنوات المصرفية الرقمية بشكل أسرع. وسيبدأ الكثير من العملاء بالمطالبة بميزات رقمية احترافية مثل الدفع بدون تلامس وفتح حسابات بدون زيارة الفرع والإقراض الرقمي. وسيكون لزامًا على البنوك ترقية أنظمتها وفقًا لذلك لمواكبة التطورات في مجال الخدمات المالية وقد تضطر إلى الشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية الصغيرة على المدى القصير من أجل توفير الخدمات الرقمية التي يتطلع إليها عملاء المصارف في العصر الحديث.