
أوضح تقرير اقتصادي متخصص لـ»الوطني» أن الدولار الأمريكي شهد أسبوعاً قاسياً أمام العملات الرئيسية بعد تسجيله انخفاض بنسبة 1% الأسبوع الماضي وخسارته 2.4% من قيمته في نوفمبر. كما شهدت السندات الحكومية الأمريكية عمليات بيعية مكثفة مما دفع عائدات السندات لأجل 10 سنوات للوصول إلى 0.97%. وتم اختراق عدد من مستويات الدعم والمقاومة الهامة للعملات الأجنبية الرئيسية مؤخراً، إذ تراجع اليورو / الدولار الأمريكي إلى مستوى 1.20، وتم اختراق حاجز 1.30 للدولار الأمريكي / الدولار الكندي ووصل الدولار الأمريكي / الفرنك السويسري إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ يناير 2015 بعد أن تخلى البنك المركزي السويسري عن الحد المفروض مقابل اليورو. وساهمت تلك التطورات الفنية الهامة في تعزيز الاتجاه الهبوطيللدولار الأمريكي. ومن جهة أخرى، كشف استطلاع رأي أجرته وكالة رويترز لعدد من استراتيجيي العملات أن 51 من بين 72 محللاً يتوقعون أن يستمر الاتجاه النزولي للدولار الأمريكي حتى منتصف العام 2021.وتتزامن هذه النتائج مع تلك التي تم التوصل إليها في استطلاع نوفمبر للأسهم العالمية حيث يرى غالبية المحللين أن الاتجاه «الصعودي» الذي تتخذه الأسهم حالياً سوف يستمر لمدة ستة أشهر أو أكثر. وهناك علاقة عكسية بين الأسهم العالمية والدولار الأمريكي. كما تراجع أداء عملات الأسواق الناشئة بشكل ملحوظ هذا العام، إلا أنها انتعشت الشهر الماضي بعد عودة المستثمرين الأجانب. ومنذ نتائج الانتخابات الأمريكية، كشفت مؤشرات الأسواق الناشئة الصادرة عن معهد التمويل الدولي عن وصول متوسط التدفقات اليومية لمدة 28 يوماً للأسواق الناشئة إلى 1.28 مليار دولار أمريكي، فيما يعد رقماً قياسياً منذ بدء تجميع سلسلة البيانات في العام 2005. وساهم انتعاش الاقتصاد الصيني وارتفاع أسعار السلع والتفاؤل بشأن اللقاحات في دفع المستثمرين نحو البحث عن عوائد أكثر ارتفاعاً.
اما على صعيد حالات الإصابة الجديدة بكوفيد-19في الولايات المتحدة، فقد خرجت عن السيطرة بعد تسجيل ثلاثة أرقام قياسية مثيرة للقلق. فخلال يوماً واحداً فقط، تم تسجيل 200 ألف حالة إصابة جديدة ودخول أكثر من 100 ألف حالة إلى المستشفيات وارتفاع أعداد الوفيات إلى رقم قياسي جديد بلغ 2,804 حالة وفاة. وفي ذات الوقت، أدت التوقعات الخاصة بحزمة التحفيز المالي وتزايد معنويات التفاؤل بشأن التوصل إلى لقاح فعّال إلى اقبال المستثمرين على بيع الدولار الأمريكي على المكشوف والتحول نحو العملات ذات المخاطر العالية والأصول ذات العوائد المرتفعة خارج الولايات المتحدة. ومن جهة أخرى، وعد جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة حتى تظهر علامات فعلية للتضخم مما أعطى المستثمرين سبباً آخر لعدم شراء الدولار الأمريكي. وقفز صافي مراكز البيع على المكشوف للدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ أواخر أكتوبر، وفقاً لحسابات وكالة رويترز وبيانات لجنة تداول السلع الآجلة الأمريكية، إذ وصل إلى 24.31 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 24 نوفمبر مقابل 21.83 مليار دولار في الفترة السابقة.
أما بالنسبة لأحدث التطورات الخاصة بحزمة التحفيز المالي، عقد وزير الخزانة ستيفن منوشين ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي خلال الأسبوع الماضي محادثات خاصة بحزمة التحفيز المالي تجمع بين الحزبين للمرة الأولى منذ انتخابات 3 نوفمبر. وتضمن الاقتراح تقديم حزمة مالية جديدة بقيمة 908 مليار دولار لمواجهة تداعيات فيروس كورونا بالإضافة إلى تأكيد مجانية اللقاحات واتاحتها للجميع. ويتوقع المستثمرون أن يتوصل المشرعون إلى اتفاق في نهاية المطاف في ظل مواجهة الطرفان لمهلة نهائية تنتهي في 11 ديسمبر لتمرير ميزانية بقيمة 1.4 تريليون دولار أو المخاطرة بإغلاق الحكومة.
سوق العمل الأمريكي يفقد زخمه
أضاف الاقتصاد الأمريكي أقل عدد من الوظائف في ستة أشهر. وبلغ عدد وظائف القطاعات غير الزراعية 245 ألف وظيفة في نوفمبر، فيما يعد أقل بكثير من التوقعات البالغة480 ألف وظيفية، ومقابل 610 ألف وظيفة في أكتوبر. وبذلك يواصل سوق العمل الأمريكي تراجعه للشهر الخامس على التوالي. ومن جهة أخرى انخفض معدل البطالة من 6.9% إلى 6.7%، إلا أن تفسير هذا التراجع لا يحمل آفاق واعدة نظراً لأن الانخفاض كان ناتجاً بشكل أساسي عن مغادرة 400 ألف فرد سوق العمل. أما على الصعيد الإيجابي، فقد ارتفعت الأجور بنسبة 0.3% على أساس شهري مقابل توقعات ارتفاعها بنسبة 0.1%، مما رفع المعدل السنويللأجور إلى 4.4%. وقد يكون هذا الشهر أيضاً من الأشهر المليئة بالتحديات لسوق العمل نظراً لاستمرار انتشار الفيروس بوتيرة سريعة. وتدرس عدة ولايات زيادة القيود المفروضة على الأنشطة الاقتصادية. وبصفة عامة، قد يلقي تقرير الوظائف المخيب للآمال بظلاله على اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المقرر عقده في 16 ديسمبر بما قد يؤدي إلى زيادة الميزانية العمومية للبنك لدعم الاقتصاد من خلال تدابير التيسير الكمي.
قطاعي التصنيع والخدمات
انخفض مؤشر مديري المشتريات الصناعي في الولايات المتحدة إلى 57.5 الشهر الماضي مقابل 59.3 في أكتوبر، منهياً بذلك رحلة صعوده التي استمرت على مدار ستة أشهر متتالية. كما ارتفعت الطلبات الجديدة والإنتاج بوتيرة أكثر بطئاً. وتواجه الولايات المتحدة موجة جديدة من الإصابة بفيروس كوفيد-19، إذ تم تسجيل أكثر من 4 ملايين حالة جديدة خلال شهر نوفمبر وحده. وقد تؤدي الجائحة إلى تعطيل إنتاج المصانع. ووفقاً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، ما يزال الإنتاج الصناعي أقل بنسبة 5% تقريباً عن مستويات ما قبل الجائحة. أما على صعيد قطاع الخدمات، حيث يعمل معظم الأمريكيين، فقد تباطأ إلى أدنى مستوياته المسجلة في ستة أشهر وصولاً إلى 55.9 في نوفمبر مقابل 56.6. وبصفة عامة، يبدو أن كلا القطاعين يعانون من جولة أخرى من تداعيات الموجة الثانية من الجائحة، إذ تشير قراءة مؤشر مديري المشتريات فوق 50 إلى تسجيل نمو. إلا أن آفاق النمو تبدو غير مؤكدة نظراً للقيود التي تم فرضها مؤخراً في الولايات المتحدة، والتي قد تؤدي إلى التأثير سلباً على النشاط الاقتصادي والطلب. وأدى الارتفاع القياسي لحالات الإصابة بكوفيد-19 وغياب الحوافز المالية الإضافية إلى توقع الاقتصاديين حدوث انكماش اقتصادي في الربع الأول من العام 2021.
أوروبا والمملكة المتحدة
كان اليورو هو العملة الأفضل أداءً الأسبوع الماضي مقابل الدولار الأمريكي، وارتفع إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ أبريل 2018 وصولاً إلى 1.2177. إذ ارتفع اليورو مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 1.30% خلال جلسات التداول الخمس الماضية. وكأحد العملات ذات معامل البيتا المرتفع،من المرجح مواصلة اليورو صعوده طالما ارتفعت الأسهم العالمية واستمر تحسن معنويات الاقبال على المخاطر. وأصبح تباين أعداد الإصابة بكوفيد-19 ما بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واضحاً. وبدأت عمليات الإغلاق الصارمة في أوروبا تؤتي ثمارها أخيراً وانخفضت حالات الإصابة الجديدة في فرنسا إلى حوالي 4 آلاف حالة الأسبوع الماضي من مستويات الذروة التي بلغت 86 ألفاً في نوفمبر. أما في إسبانيا، بلغت حالات الإصابة أكثر قليلاً من 10 آلاف حالة تقريباً مقابل أكثر من 25 ألف حالة في أواخر أكتوبر. كما تحسنت بيانات الإصابة بالفيروس في ألمانيا أيضاً.
قطاع الصناعات التحويلية يتوسع
سجل قطاع الصناعات التحويلية البريطاني الشهر الماضي نمواً بأسرع وتيرة يشهدها فيما يقرب حوالي ثلاث سنوات، حتى في ظل إجراءات الإغلاق. وساهم في تعزيز النمو قيام الشركات بزيادة الإنتاج وتسريع الطلبات في حالة فشل المحادثات التجارية مع الاتحاد الأوروبي بشأن انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. وقفز مؤشر مديري المشتريات الصادر عن شركة IHS إلى 55.6 مقابل 53.7 المسجلة في أكتوبر الماضي وفيما يعد أعلى من القراءة السابقة البالغة 55.2 . وعلى الرغم من نمو هذا القطاع، إلا أن فقدان الوظائف ما يزال واضحاً، إذ خفضت المصانع أعداد العاملين للشهر العاشر على التوالي، فيما يعتبر أطول سلسلة متتالية منذ الأزمة المالية الكبرى. كما أن استدامة نمو الإنتاج الصناعي غير مؤكدة إلى حد كبير، خاصة بعد تلاشي الدعم المؤقت الناتج عن زيادة المخزون قبل انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي وفشل الجانبين حتى الآن في التوصل إلى اتفاق يسمح بالتبادل التجاري دون فرض الرسوم الجمركية اعتباراً من 1 يناير.
أما على صعيد انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، تعثرت المباحثات الأسبوع الماضي بعد ضغط الرئيس الفرنسي ماكرون للحصول على ضمانات إضافية لما يسمى تكافؤ الفرص (فرصة نجاح متساوية). ويطالب مسؤولو الاتحاد الأوروبي بأنه إذا رغبت المملكة المتحدة في الوصول إلى السوق الموحدة دون فرض رسوم جمركية عليها أو تقيدها من خلال تحديد حصص تجارية، فلا يمكنها دعم شركاتها بشكل غير عادل عندما تغادر سوق الاتحاد الأوروبي. كما يريد الاتحاد الأوروبي أيضاً من كلا الطرفين الامتثال لمعايير مماثلة فيما يتعلق بحقوق العمال والضرائب واللوائح البيئية. وعلى الرغم من ذلك، أوضحت كل من هولندا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا لميشيل بارنييه مفاوض الاتحاد الأوروبي، أنه يواجه مخاطر الانجراف بعيداً عن حدود التفويض الموكل إليه من أجل الحصول على صفقة. وصرح مصدر داخل حكومة المملكة المتحدة أنه «في الساعة الحادية عشرة، سيقدم الاتحاد الأوروبي عناصر جديدة إلى المفاوضات. ولا يزال انفراج الأزمة ممكناً في الأيام القليلة المقبلة، لكن الفرص ضئيلة».
آمال ضعيفة لتغيير أسعار الفائدة
أبقى البنك المركزي الأسترالي على سعر الفائدة الرسمي عند مستوى قياسي منخفض بلغ 0.1% في اجتماعه الأخير لهذا العام كما كان متوقعا ويتوقع مجلس إدارة الاحتياطي الأسترالي أن يظل سعر الفائدة دون تغيير لمدة ثلاث سنوات على الأقل. ولم يكن لنتائج الاجتماع تأثيراً يذكر على الدولار الاسترالي. وأدى تحسن معنويات الاقبال على المخاطر وضعف الدولار الأمريكي أمام كافة العملات الرئيسية الأخرى إلى ارتفاع الدولار الأسترالي مقابل الدولار الأمريكي بنسبة فاقت أكثر من 4% في نوفمبر.وحدث هذا الانتعاش الذي شهده الدولار الأسترالي أمامالدولار الامريكي حتى مع قيام البنك المركزي في نوفمبر الماضي بخفض سعره النقدي للمرة الثالثة وحدد هدفاً للعائد على سندات الحكومة الأسترالية لأجل 3 سنوات بنحو 0.15% وضخ برنامج التيسير الكمي 100 مليار دولار أسترالي إضافية في الاقتصاد من خلال شراء السندات طويلة الأجل. ونظراً لأن السعر الرسمي يبلغ الآن 0.1% ولا يريد البنك أن يتعامل بمعدلات الفائدة السلبية، لذا فقد تتمثل الخطوة التالية في رفع أسعار الفائدة. ومن المستبعد أن يلبي رفع أسعار الفائدة المستوى المستهدف من قبل الاحتياطي الأسترالي الذي يتراوح ما بين 2% إلى 3% لمدة ثلاث سنوات أخرى أو نحو ذلك وفقاٍ لتوقعات البنك. نتيجة لذلك، من غير المرجح أن نشهد رفع أسعار الفائدة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
الاقتصاد الصيني يؤكد مرونته
توسع نشاط الصناعات التحويلية في الصين بأسرع وتيرة يشهدها منذ أكثر من ثلاث سنوات خلال شهر نوفمبر الماضي بالتزامن مع النمو الكبيرالذي شهده قطاع الخدمات. إذ ارتفع مؤشر مدير المشتريات الصناعي الرسمي إلى 52.1 مقابل 51.4 في أكتوبر - أعلى من المستوى الدال على التوسع وأعلى قراءة له منذ سبتمبر 2017. وارتفع مكون التوظيف إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ العام 2011 مما يشير إلى أن قوة سوق العمل قد تؤدي إلى تعزيز الانتعاش الاستهلاكي خلال الأشهر المقبلة. وفي الربع الثالث من العام الحالي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.9% على أساس سنوي وكانت الصين الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي أشارت التوقعات إلى تسجيلها نمواً إيجابياً في العام 2020 بدعم رئيسي من استثمار الحكومة في البنية التحتية والازدهار العقاري. ويسير ثاني أكبر اقتصاد في العالم على المسار الصحيح لتحقيق انتعاش قوي حيث يواصل التعافي من أعماق الجائحة.
السلع
توصلت الأوبك وروسيا إلى اتفاق لزيادة إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياً اعتباراً من الشهر المقبل، وهو ما يعد أقل بكثير عن مستوى مليوني برميل يومياً المتفق عليها سابقاً. وصرح وزير النفط السعودي أن الأوبك ستغير الاتفاق «كلما دعت الضرورة إلى ذلك». وارتفعت أسعار النفط بعد توصل كبار المنتجين إلى حل وسط، كما واصلت الأسعار ارتفاعها للأسبوع الخامس على التوالي. وعلى صعيد الأداء الأسبوعي، قفز سعر مزيج خام برنت بأكثر من 8% وتم تداوله مؤخراً عند مستوى 49.28 دولاراً للبرميل.