
أوضح تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي أنه منذ بداية عام 2020، مر العالم بأزمة لا تقل في حجمها وتبعاتها عن أزمتي عام 1929 وعام 2008، ما صنع الفارق في حجم الضرر على الدول وشركاتها، هو عامل واحد، كفاءة الإدارة من عدمها في التعامل مع الأزمة. والكويت هي استثناء عن كل العالم في عاملين، العامل الأول، هو كونها الدولة الشركة الوحيدة الباقية في العالم، فلم يعد هناك دولة في العالم يتحكم القطاع العام بنحو 70 % من اقتصادها، وكل ما عداه يعتمد عليه، ولا بأس في ذلك لو كان قطاعاً عاماً كفؤاً ونزيهاً، والعامل الثاني، هو أن أزمتها سبقت العالم وبدأت في خريف عام 2014 مع تدهور أسعار النفط، والكويت حافظت على استمرار تردي كفاءة إدارتها العامة منذ ذلك الحين، وحافظت على مساهمة النفط بتمويل ميزانيتها عند 90 %.
وإن تركنا الماضي، وحصرنا اهتمامنا بالإدارة العامة الأخيرة، أو الحكومات الثلاث السابقة والحكومة الحالية ومجلس الأمة الأخير، نلحظ أن معدل عمر الحكومات الثلاث السابقة هبط إلى 244 يوم، وعمر الحكومة الحالية المشكلة في 28/12/2021 نحو 68 يوم مع تاريخ نشر فقرتنا الحالية، وسوف يكون في حكم المعجزة إن بلغ عمرها معدل عمر سابقاتها. وبينما الإصلاح ومواجهة الأزمات الكبرى يتطلب حالة من الاستقرار على مستوى الإدارة العامة، ما حدث في الكويت هو العكس تماماً، فبدلاً من شراء الاستقرار بكفاءة الإنجاز، أصبح ثمن البقاء لأطول فترة ممكنة هو ابتذال المالية العامة والوظيفة والدستور والقانون والقيم، ورغم ذلك، استمر تآكل عمر الإدارة العامة.
ومنذ انتخابات ديسمبر 2020، باتت كلفة عقد اجتماع واحد لمجلس الأمة بمشاركة الحكومة مليار دينار كويتي في زمن تشكو فيه الحكومة من احتمال العجز عن دفع الرواتب والأجور، وبات باب المقايضة على كل ما يمثل تقويض للإصلاح باب مفتوح لشراء مهلة أو منصب وزاري. وفي عمر الحكومة الرابعة القصير، لم تعد استدامة الاقتصاد والمالية العامة أو استدامة ميزان العمالة المواطنة أو وقف تدهور التعليم او استدامة السياسة الاسكانية، ولا مواجهة آفة الفساد المخجلة حتى الأن من الأولويات، بل استدامة منصب هذا الوزير أو ذاك هي أولى الأولويات وبأي ثمن. وحتى تلك الأولوية، نجحت الحكومة على الحفة في مواجهتها في أخر استجوابين ومؤقتاً، والقادم كثير، وقدم إثنان من الوزراء الرئيسيين استقالتهما المسببة من الحكومة، صلب سببها هو أن مناخ العمل العام ضمن الحكومة، ومع السلطة التشريعية بات مستحيلاً ومناقضاً تماماً لنهج الإصلاح، وهو مبرر صحيح إذا عرفنا أغلبية النواب وصناعة حكومية.
تشخيص سبب التردي بات معروفاً، وهو تردي مستوى إدارة المحاصصة والإصرار على شراء ديمومتها بأي ثمن، والمخارج من الوضع البائس الحالي تحتاج إلى مزاوجة موارد البلد المادية والبشرية، وهي كافية حتى الآن مع تغيير جوهري في الإدارة العامة يضمن كفاءة إدارتها، والحافز يفترض أنه أصبح وبالدليل القاطع قناعة حتى لدى من كانوا يخجلون من إعلان موقف صريح من تردي أوضاع البلد وباتوا يعلنونه، وما لم يكن ذلك كله مبرر كاف لتغيير إداري جوهري، فنحن لا نعرف متى يكون التغيير مستحق، فقد تخطى الوضع خراب البصرة.
النفط والمالية العامة
بانتهاء شهر فبراير 2022، انتهى الشهر الحادي عشر من السنة المالية الحالية 2021/2022، وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي لشهر فبراير نحو 94.2 دولار أمريكي، وهو أعلى بنحو 49.2 دولار أمريكي للبرميل أي بما نسبته نحو 109.3 % عن السعر الافتراضي في الموازنة الحالية والبالغ 45 دولار أمريكي للبرميل. وبانتهاء شهر فبراير، حقق معدل سعر برميل النفط الكويتي نحو 76.8 دولار أمريكي خلال فترة الشهور الاحدى عشر الأولى من السنة المالية الحالية (أبريل 2021 – فبراير 2022)، وهو أعلى بنحو 33.3 دولار أمريكي عن معدل السنة المالية الفائتة والبالغ 43.5 دولار أمريكي للبرميل، ويظل أدنى بنحو 13.2 دولار أمريكي للبرميل عن سعر التعادل الجديد للموازنة الحالية البالغ 90 دولار أمريكي وفقاً لتقديرات وزارة المالية، وبعد إيقاف استقطاع الـ 10 % من جملة الإيرادات لصالح احتياطي الأجيال القادمة.
ويفترض أن تكون الكويت قد حققت إيرادات نفطية في شهر فبراير بما قيمته نحو 1.8 مليار دينار كويتي، وإذا افترضنا استمرار مستويي الإنتاج والأسعار على حاليهما -وهو افتراض قد لا يتحقق- فمن المتوقع أن تبلغ جملة الإيرادات النفطية بعد خصم تكاليف الإنتاج لمجمل السنة المالية الحالية نحو 17.5 مليار دينار كويتي، وهي قيمة أعلى بنحو 8.4 مليار دينار كويتي عن تلك المقدرة في الموازنة للسنة المالية الحالية والبالغة نحو 9.1 مليار دينار كويتي. ومع إضافة نحو 1.8 مليار دينار كويتي إيرادات غير نفطية، ستبلغ جملة إيرادات الموازنة للسنة المالية الحالية نحو 19.3 مليار دينار كويتي.
وإذا تم الالتزام بقرار مجلس الوزراء بتخفيض نفقات الموازنة الحالية بما لا يقل عن 10 %، أي تعديلها إلى ما يقارب نحو 20.7 مليار دينار كويتي بعد أن كانت اعتمادات المصروفات عند نحو 23 مليار دينار كويتي، فمن المحتمل أن تسجل الموازنة العامة للسنة المالية 2021/2022 عجزاً مقداره 1.4 مليار دينار كويتي. والأرجح هو أن لا يتم الالتزام بكامل الخفض المقدر، لذلك نعتقد أن يقع رقم العجز ما بين 1.4 مليار دينار كويتي و3.7 مليار دينار كويتي حال استمرار أسعار وإنتاج النفط عند معدل الشهور الاحدى عشر الفائتة، ومع مستوى أسعار النفط الحالي المرتفع استثناءً عززته تداعيات الحرب الأوكرانية، نعتقد أن رقم العجز المتوقع أقرب إلى الرقم الأدنى، وقد يقل عن ذلك المستوى إن ظل معدل سعر النفط الكويتي للشهر الأخير عند مستواه الحالي.
الأداء المقارن لأسواق مالية منتقاة
كان أداء شهر فبراير مماثلاً لأداء شهر يناير، حيث انقسمت الأسواق المنتقاة مناصفة ما بين 7 أسواق رابحة و7 أخرى خاسرة. الأداء الإيجابي طال 6 أسواق خليجية من أصل 7 أسواق رابحة في نهاية فبراير، بينما غالبية الضرر اتجه للأسواق الناشئة والناضجة. وحصيلة أداء الأسواق منذ بداية العام هي الحصيلة ذاتها لشهر فبراير، أي انقسام أداء الأسواق مناصفة ما بين 7 رابحة و7 خاسرة، إضافة إلى تحقيق 6 أسواق خليجية مكاسب من أصل 7 أسواق رابحة مقارنة مع نهاية العام الفائت.
أكبر الرابحين في شهر فبراير كانت بورصة البحرين التي حقق مؤشرها مكاسب بنحو 8.5 %، لتصبح رابع أكبر الرابحين منذ بداية العام بنحو 9.3 %. ثاني أكبر الرابحين كان سوق أبوظبي الذي أضاف مؤشره نحو 7.1 %، لترتفع جملة مكاسبة منذ بداية العام إلى نحو 9.8 %، أي ثالث أكبر الرابحين. تلاهما في الارتفاع، سوق دبي بمكاسب بنحو 4.7 % في فبراير. وحقق المؤشر العام لبورصة الكويت مكاسب بلغت 3.9 %، وبذلك تبلغ جملة مكاسب بورصة الكويت منذ بداية العام نحو 8.4 %. تليها بورصة قطر بمكاسب بنحو 3.6 % (ثاني أكبر الرابحين منذ بداية العام وبنحو 11.4 %)، ومن ثم السوق الصيني، الرابح الوحيد خارج إطار إقليم الخليج وبنحو 3.0 %. وأقل الرابحين خلال فبراير كان السوق السعودي بنحو 2.6 %، وهذه المكاسب جعلته أكبر الرابحين منذ بداية العام وبنحو 11.6 %.
الخاسر الأكبر في شهر فبراير كان السوق الألماني بفقدان مؤشره نحو -6.5 %، وكذلك الخاسر الأكبر منذ بداية العام وبنحو -9.0 %. تلاه السوق الفرنسي بخسائر بحدود -4.9 %، ثم السوق الأمريكي لمؤشر داو جونز بنحو -3.6 %. وتبعهم في الانخفاض السوق الهندي بفقدانه نحو -3.0 %، ثم الياباني بنحو -1.8 % وبورصة مسقط بنحو -1.5 %. وكان السوق البريطاني أقل الخاسرين خلال فبراير 2022 بفقدان مؤشره نحو -0.1 %.
ولم يعد من الممكن اعتماد أساس منطقي لتوقعات أداء شهر مارس، فالمؤثرات باتت سياسية بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية وقد يذهب أداء الأسواق في الاتجاهين، فإن تطورت الأمور عسكرياً للأسوأ، قد تنعكس تلك التطورات سلباً على أداء جميع الأسواق، وإن فتحت نافذة لحل سلمي إضافة إلى خفوت احتمالات رفع متصل لأسعار الفائدة، قد يتجه أداء كل الأسواق للارتفاع. ونعتقد بأن تفوق أداء أسواق إقليم الخليج سوف يستمر في مارس، وستكون مكاسبها أعلى بدعم من ارتفاع أسعار النفط إن تطورت أوضاع الحرب الروسية-الأوكرانية إلى التسوية السلمية، وتظل خسائرها أقل أيضاً بسبب دعم مؤقت من ارتفاع كبير لأسعار النفط إن تطورت أوضاع الحرب للأسوأ.
نتائج البنك الأهلي الكويتي 2021
أعلن البنك الأهلي الكويتي نتائج أعماله للسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2021، وأشارت هذه النتائج إلى أن البنك حقق أرباحاً (بعد خصم الضرائب) بلغت 27.4 مليون دينار كويتي، بارتفاع مقداره 96.9 مليون دينار كويتي أي ما نسبته 139.4 % مقارنة بخسائر بنحو 69.5 مليـون دينار كويتي في عام 2020. ويعود السبب في تحقيق البنك أرباحاً، إلى انخفاض المخصصات وارتفاع الربح التشغيلي، حيث انخفضت جملة المخصصات بنحو 90.7 مليون دينار كويتي أو بنسبة 66.5 %، بينما ارتفع الربح التشغيلي للبنك (قبل خصم المخصصات) بما قيمته 8.7 مليون دينار كويتي أو بما نسبته 11.8 %. ويعرض الرسم البياني التالي التطور في مستوى الأرباح الخاصة بمساهمي البنك خلال الفترة (2008-2021):
وفي التفاصيل، ارتفعت جملة الإيرادات التشغيلية إلى نحو 153.9 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 141.5 مليون دينار كويتي، أي بارتفاع قيمته 12.4 مليون دينار كويتي أو ما نسبته 8.8 %. وتحقق ذلك نتيجة ارتفاع بند صافي إيرادات الفوائد بنحو 7 مليون دينار كويتي، وصولاً إلى نحو 112.5 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 105.5 مليون دينار كويتي لعام 2020. وارتفع أيضاً، بند صافي إيرادات أتعاب وعمولات بنحو 2.9 مليون دينار كويتي، وصولاً إلى نحو 28.7 مليون دينار كويتي مقارنة مع نحو 25.8 مليون دينار كويتي.
وارتفعت جملة المصروفات التشغيلية للبنك بنحو 3.7 مليون دينار كويتي أو بنسبة 5.5 %، لتبلغ نحو 71.7 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 68 مليون دينار كويتي لعام 2020. وتحقق ذلك نتيجة ارتفاع معظم بنود المصروفات التشغيلية. وبلغت نسبة إجمالي المصروفات التشغيلية إلى إجمالي الإيرادات التشغيلية نحو 46.6 % مقارنة بنحو 48.1 %. وانخفضت جملة المخصصات بنحو 90.7 مليون دينار كويتي أو بنسبة 66.5 % كما أسلفنا، لتبلغ نحو 45.8 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 136.5 مليون دينار كويتي. وارتفع هامش صافي الربح إلى نحو 17.8 % بعد أن كان نحو -49.1 % لعام 2020.
وبلغ إجمالي موجودات البنك نحو 5.627 مليار دينار كويتي، بارتفاع بلغت نسبته 16 % وقيمته 775.5 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 4.852 مليار دينار كويتي في نهاية عام 2020. وسجل بند قروض وسلف ارتفاعاً بقيمة 269.9 مليون دينار كويتي وبنسبة 8.7 %، وصولاً إلى نحو 3.387 مليار دينار كويتي (60.2 % من إجمالي الموجودات) مقابل 3.117 مليار دينار كويتي (64.2 % من إجمالي الموجودات) كما في نهاية عام 2020. وبلغت نسبة القروض والسلف إلى ودائع العملاء نحو 72.4 % مقابل نحو 78.5 %. وارتفع أيضاً، بند نقد وأرصدة لدى البنوك بنحو 235.5 مليون دينار كويتي ونسبته 25.8 %، ليصل إلى نحو 1.148 مليار دينار كويتي (20.4 % من إجمالي الموجودات) مقابل 912.3 مليون دينار كويتي (18.8 % من إجمالي الموجودات) في نهاية عام 2020.
وتشير الأرقام إلى أن مطلوبات البنك (من غير احتساب حقوق الملكية) سجلت ارتفاعاً بلغت قيمته 756.2 مليون دينار كويتي أي ما نسبته 17.7 %، لتصل إلى نحو 5.017 مليار دينار كويتي مقارنة بنحو 4.261 مليار دينار كويتي بنهاية عام 2020. وبلغت نسبة إجمالي المطلوبات إلى إجمالي الموجودات نحو 89.2 % مقارنة بنحو 87.8 % في نهاية عام 2020.
وتشير نتائج تحليل البيانات المالية، إلى أن جميع مؤشرات الربحية للبنك تحولت إلى الموجب مقارنة مع نهاية عام 2020. إذ ارتفع العائد على معدل حقوق المساهمين الخاص بمساهمي البنك (ROE) إلى نحو 5.4 % مقارنة بنحو -12.7 %. وارتفع مؤشر العائد عى معدل رأس مال البنك (ROC) ليصل إلى نحو 16.5 % قياساً بنحو -49.2 %. وارتفع أيضاً، مؤشر العائد على معدل موجودات البنك (ROA) إلى نحو 0.5 % قياساً بنحو -1.4 %. وارتفعت ربحية السهم (EPS) إلى نحو 12 فلس مقارنة بنحو -45 فلس. وبلغ مؤشر مضاعف السعر/ ربحية السهم الواحد (P/E) نحو 21.2 ضعف. وبلغ مؤشر مضاعف السعر/ القيمة الدفترية (P/B) نحو 0.8 مرة مقارنة بنحو 0.7 مرة في نهاية عام 2020. وأعلن البنك عن نيته توزيع أرباح نقدية 5 % من القيمة الاسمية للسهم أي ما يعادل 5 فلس و5 % أسهم منحة، وهذا يعني أن السهم قد حقق عائداً نقدياً بلغت نسبته 2.0 % على سعر الإقفال المسجل في نهاية ديسمبر 2021 والبالغ 254 فلساً كويتياً للسهم الواحد.
الأداء الأسبوعي لبورصة الكويت
كان أداء بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي (يومان عمل بمناسبة عطلة العيد الوطني وعطلة الاسراء والمعراج) أكثر نشاطاً، حيث ارتفع مؤشر كل من قيمة الأسهم المتداولة، كمية الأسهم المتداولة وعدد الصفقات المبرمة، وكذلك ارتفعت قيمة المؤشر العام (مؤشر الشال). وكانت قراءة مؤشر الشال (مؤشر قيمة) في نهاية تداول يوم الخميس الماضي قد بلغت نحو 700.7 نقطة، بارتفاع بلغت قيمته 23.8 نقطة ونسبته 3.5 % عن إقفال الأسبوع الماضي، وظل مرتفعاً بنحو 77.9 نقطة أي ما يعادل 12.5 % عن إقفال نهاية عام 2021.