
أكد تقرير الشال للاستشارات الاقتصادية الصادر أمس السبت أنه بعد انتهاء الحرب الساخنة بين إسرائيل وإيران دون تحقيق حاسم لأي من الطرفين بدأت المنطقة بالانتقال نحو مرحلة جديدة تتسم بالحروب الباردة والصراع غير المباشر ولفت التقرير إلى أن هذه المتغيرات العسكرية والسياسية ألقت بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الإقليمي والدولي فانعكست على أسواق النفط وتدفقات الاستثمارات الأجنبية وأكد التقرير أن دول الخليج ومنها الكويت ستجد نفسها أمام تحديات كبيرة في ظل التقلبات في أسعار النفط وتراجع جاذبية الاستثمار وتطرق التقرير الى عدد سكان الكويت الذي وصل إلى 5.019 مليون نسمة في الربع الأول من 2025 ونسبة زيادة النمو السكاني0.6 % كما أشار إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في دول الخليج تأتي الإمارات في الصدارة والكويت في نهاية القائمة وفيما ىيلي نستعرض ماورد في التقرير بالتفصيل
1- ما بعد الحرب الساخنة
انتهت معركة ساخنة بدأتها إسرائيل ضد إيران، ولم يتحقق أياً من أهدافها، ربما تتأخر، ولكن لن يتوقف برنامجها النووي ولا بناء وتطوير صواريخها البالستية، وربما تبدو خسائر إيران المطلقة أكبر، ولكن التفاوت الكبير في عدد السكان – 9 إلى 1 – والمساحة – 74 إلى 1 – يجعل الخسائر النسبية للطرفين قريبة من بعضهما. وتوقف الحرب دون حسم، يعني أن العودة إلى وضع ما قبلها يبقى قضية وقت، لذلك، سوف يبدأ انتقال الرهان إلى الحرب الباردة الشرسة، وهي التركيز على ضرب الجبهة الداخلية من أجل تغيير نظام أو حكومة ما قد يقرب من حسمها، وهي ضعيفة في البلدين. الأمر الذي يستحق الثناء، هو الإخراج الذي قادته قطر لوقف الحرب، وهو إخراج ذكي توافقي يحسب لها، لأن الإقليم والعالم بات يدفع ثمناً غير محتمل لاستمرارها.
وقف الحرب الساخنة سوف يكون بداية لمتغيرات جوهرية أخرى، أحدها سياسي أمني لا بأس من الإشارة له لأهميته الطاغية، بينما تركيزنا سوف يكون حول اجتهادنا للمتغيرات الاقتصادية المؤثرة والمحتملة. في البعد السياسي الأمني سوف يبدأ مشروع ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، وسوف تستفيد منه الأطراف القوية ضمنه، وربما على حساب الأطراف الضعيفة التي قد تدفع الثمن، إن سيادياً أو مالياً، لذلك، لابد من تقييم وضع كل طرف متأثر لإعادة صياغة استراتيجياته وسياساته، فإن لم يكن من المستفيدين، ليكن الضرر عليه في حدوده الدنيا.
ونعتقد أن لوضع اقتصاد العالم ثقل رئيسي في وقف الحرب الساخنة دون حسم، فلو استمرت الحرب بتهديداتها لإمدادات الطاقة، منشآت ومضائق، كان من الممكن أن يعود اقتصاد العالم إلى ما هو أسوأ من حقبة الركود التضخمي في ثمانينات القرن الفائت. ومع وقفها، سوف يتوجه العالم إلى حقبة مفاوضات قد يتحقق فيها الكثير من التنازلات لخفض مآسي تلك الحرب التجارية، والتوافق حولها قد يقنع الفيدرالي الأمريكي بالبدء بخفض أسعار الفائدة الأساس على الدولار الأمريكي، وهي معركة الرئيس ترامب الأهم، وربما بدءً من يوليو القادم، وسوف يتضاعف أثره إن تزامن مع تسويه خلافات الرسوم الجمركية. وقلق الرئيس الأمريكي حول أزمة الديون الأمريكية القياسية، لن يحلها سوى خفض كبير لتكلفتها، أي خفض متصل لأسعار الفائدة، ومستويات نمو أعلى للاقتصاد الأمريكي، وضغط على أسعار النفط لحفز ذلك النمو وخفض مستويات التضخم لديه، وهو أمر يحتاج وقت، ولكن مؤشراته قد تبدأ قريباً.
ورغم أن الكويت تحتاج إلى مراجعة استراتيجيتها وسياساتها بشكل كلي، إلاّ أن وقف الحرب ومعه بدء التحول لمسار الاقتصاد العالمي، يعني احتمال عودة أسعار النفط إلى مستوى السعر المتحفظ للموازنة العامة البالغ 68 دولار أمريكي للبرميل للموازنة الحالية، وربما أدنى، وبفارق شاسع عن سعر التعادل لها البالغ 90.5 دولار أمريكي للبرميل وفقاً لتقديرات وزارة المالية، ما يتطلب ضرورة التعامل السريع مع الحريق المالي. وبينما الوضع المالي يمثل حريق لابد من إطفائه، تظل تلك التغيرات الجوهرية المحتملة في الإقليم والعالم تدعم الحاجة إلى مراجعة الكويت أسوة بغيرها لكل مساراتها، فالنفع قد يتضاعف إن فعلت والتكاليف قد لا تكون محتملة إن لم تفعل.
2 - الاستثمار الأجنبي المباشر – دول مجلس التعاون الخليجي
وفقاً لتقرير “مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية – UNCTAD –” الصادر في 19 يونيو الجاري والخاص بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل والخارج لعام 2024، حظيت دول مجلس التعاون الخليجي بزيادة في التدفقات الداخلة إليها، وأيضاً زيادة في التدفقات الخارجة منها. فقد ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي الداخلة إليها من مستوى 67.1 مليار دولار أمريكي في عام 2023، إلى مستوى 73.6 مليار دولار أمريكي في عام 2024، أو بنسبة زيادة بحدود 9.7 %. وارتفعت التدفقات الخارجة منها من مستوى 51.9 مليار دولار أمريكي لعام 2023 إلى مستوى 58.6 مليار دولار أمريكي لعام 2024، أي بنسبة زيادة بحدود 12.9 %، ما يعني أنها حققت أداء أفضل مقارنة بانخفاض التدفقات الداخلة للعالم، بينما ارتفعت التدفقات الداخلة إليها، وهو أفضل أيضاً نتيجة التفوق في القيمة المطلقة لتدفق تلك الاستثمارات الداخلة إليها على القيمة المطلقة للخارجة منها.
في التفاصيل، يذكر التقرير بأن الإمارات العربية المتحدة حظيت بالنصيب الأكبر من تلك التدفقات الداخلة بما قيمته نحو 45.6 مليار دولار أمريكي، أو نحو 62.0 % من إجمالي التدفقات الداخلة للدول الست. تلتها المملكة العربية السعودية بمستوى 15.7 مليار دولار أمريكي، أو نحو 21.4 % من إجمالي التدفقات للدول الست، ولكن بانخفاض بحدود -31.0 % عن مستوى التدفقات الداخلة إليها في عام 2023. وجاءت عُمان ثالثة بقيمة تلك التدفقات وبحدود 8.7 مليار دولار أمريكي وبزيادة بنحو 83.0 % عن مستوى تدفقات عام 2023، وبنسبة من إجمالي التدفقات للدول الست بحدود 11.8 %. واحتلت مملكة البحرين المرتبة الرابعة في حجم التدفقات إليها البالغة 2.5 مليار دولار أمريكي وبانخفاض بحدود -65.7 % عن مستوى تدفقات عام 2023، وبنصيب بنحو 3.4 % من إجمالي التدفقات للدول الست. وجاءت الكويت خامسة بحجم التدفقات إليها وبنصيب بحدود 614.1 مليون دولار أمريكي وبانخفاض بحدود -70.9 % عن تدفقات عام 2023 وبنصيب متواضع لا يذكر من إجمالي التدفقات للدول الست. وجاءت قطر الأخيرة وبنصيب بحدود 460.2 مليون دولار أمريكي وهو نصيب لا يذكر أيضاً وإن تحولت تلك التدفقات من سالب في عام 2023 وبحدود -474.2 مليون دولار أمريكي، إلى الموجب.
ومن ناحية أخرى، بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجة من دول مجلس التعاون الخليجي نحو 58.6 مليار دولار أمريكي، وجاء صافي التدفقات موجب لصالح ثلاث دول ضمنها، وسالب لثلاث أخرى. أعلى تلك التدفقات الخارجة كانت للإمارات العربية المتحدة وبحدود 23.4 مليار دولار أمريكي أو نحو 39.9 % من جملة التدفقات الخارجة من دول المجلس، ولكن، صافي التدفقات ظل موجب لصالحها وبحدود 22.2 مليار دولار أمريكي. ثاني دول المجلس في حجم التدفقات الخارجة كانت للمملكة العربية السعودية وبحدود 22 مليار دولار أمريكي، وحققت صافي عجز في تفوق الخارجة منها وكان بحدود -6.3 مليار دولار أمريكي. ثالث أعلى التدفقات الخارجة كانت للكويت وبحدود 10.3 مليار دولار أمريكي، وبعجز في صافي التدفقات هو الأعلى وبحدود 9.7 مليار دولار أمريكي. رابع أعلى التدفقات الخارجة كانت لقطر وبنحو 1.6 مليار دولار أمريكي، وبصافي عجز لتلك التدفقات بنحو 1.1 مليار دولار أمريكي. وخامس أعلى التدفقات الخارجة كانت لعُمان وبحدود 1 مليار دولار أمريكي وبفائض لصالحها بحدود 7.6 مليار دولار أمريكي. وسادس التدفقات الخارجة كانت للبحرين وبحدود 275 مليون دولار أمريكي وبفائض لصالحها بحدود 2.2 مليار دولار أمريكي. وموقع الكويت بالأرقام يعكس حالة بيئة الأعمال لديها ومدى ضعفها، فهي شحيحة جداً في جاذبيتها للاستثمار الأجنبي المباشر الداخل، وهي في نفس الوقت أعلى الدول الطاردة للاستثمار المباشر المحلي كونها الأعلى في صافي الفرق لصالح الخارجة منها.
3- الاستثمار الأجنبي المباشر – العالم
صدر في 19 يونيو الجاري كما أسلفنا تقرير الاستثمار العالمي لعام 2025 الصادر عن “مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية – UNCTAD –” حول تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2024، وخلاصته هبوط في مستواه بنحو -11 % في عام 2024 بعد هبوط أيضاً في عام 2023 عن مستواه في عام 2022. والهبوط المطلق لم يكن شاملاً لكل المجموعات والدول، وإنما متفاوتاً في هبوطه، ومختلفاً لمجموعات ودول أخرى، أي موجباً لبعض المجموعات والدول.
4 - مؤشرات اقتصادية ونقدية (يناير – مارس 2025)
تذكر النشرة الإحصائية الفصلية (يناير – مارس 2025) الصادرة عن بنك الكويت المركزي والمنشورة على موقعه على الإنترنت، بعض المؤشرات الاقتصادية والنقدية التي تستحق المتابعة، وسنورد بعضها من باب توثيق تطوراتها. ومن ذلك مثلاً، أن إجمالي عدد السكان في الكويت قد بلغ نحو 5.019 مليون نسمة كما في نهاية الربع الأول من العام الجاري، وهو رقم يزيد بنحو 31 ألف نسمة عن الرقم المسجل في نهاية الربع الرابع 2024 عند نحو 4.988 مليون نسمة، ما يعني أن نمو عدد السكان قد بلغ نحو 0.6 % خلال الفترة المذكورة. وسجلت أسعار المستهلك في الربع الأول من عام 2025 ارتفاعاً بنحو 2.4 %، إذ بلغ معدلها نحو 135.7 (سنة 2013 = 100) ارتفاعاً من معدل 132.5 في الربع الأول من عام 2024، ويعزى بعض هـذا النمو إلى غلبة تأثير ارتفاع أسعار السلع والخدمات المتنوعة من معدل بلغ 130.3 في الربع الأول 2024 إلى معدل 137.0 في الربع الأول 2025 (+5.1 %)، وكذلك ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات من معدل 147.3 إلى معدل 154.8 للربع الأول 2025 (+5.1 %).
وتشير النشرة إلى تراجع المعدل الموزون للفائدة على الودائع من نحو 2.632 % في الربع الرابع 2024 إلى نحو 2.602 % في الربع الأول 2025، أي بنسبة انخفاض ربع سنوي بلغت نحو -1.1 %، وانخفض بنسبة -5.6 % مقارنة مع نحو 2.757 % في الربع الأول 2024. وانخفض المعدل الموزون للفائدة على القروض من نحو 5.088 % إلى نحو 5.051 % للفترة نفسها، أي بنسبة انخفاض ربع سنوي بلغت نحو -0.7 %، وانخفض من نحو 5.187 % للربع الأول 2024 أو بنسبة انخفاض بلغت نحو -2.6 %.
وبلغ حجم ودائع القطاع الخاص لدى البنوك المحلية نحو 39.763 مليار دينار كويتي، بارتفاع من نحو 38.994 مليار دينار كويتي في نهاية الربع الرابع 2024، أي بنسبة ارتفاع ربع سنوي بلغت نحو 2.0 %، وارتفعت بنسبة 4.3 % مقارنة مع نحو 38.106 مليار دينار كويتي في نهاية الربع الأول 2024. وأخيراً، ارتفعت أيضاً مطالب البنوك المحلية على القطاع الخاص إلى نحو 47.951 مليار دينار كويتي في الربع الأول 2025، من نحو 47.246 مليار دينار كويتي في الربع الرابع 2024، أي بارتفاع ربع سنوي بنسبة 1.5 %، وارتفعت كذلك بنسبة 5.2 % مقارنة مع 45.595 مليار دينار كويتي في الربع الأول 2024.
5 - الأداء الأسبوعي لبورصة الكويت
كان أداء بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي (4 أيام عمل بمناسبة عطلة رأس السنة الهجرية) كان أكثر نشاطاً، حيث ارتفع مؤشر كل من قيمة الأسهم المتداولة، كمية الأسهم المتداولة وعدد الصفقات المبرمة، وكذلك ارتفعت قيمة المؤشر العام. وكانت قراءة مؤشر الشال (مؤشر قيمة) في نهاية تداول يوم الأربعاء الماضي قد بلغت نحو 706.4 نقطة، بارتفاع بلغت قيمته 24.9 نقطة ونسبته 3.7 % عن إقفال الأسبوع الماضي، وظل مرتفعاً بنحو 70.2 نقطة أي ما يعادل 11.0 % عن إقفال نهاية عام 2024.