أكد الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» هيثم الغيص أمس الخميس أن توقعات المنظمة لا تزال متفائلة بشأن نمو الطلب العالمي على النفط مشيرا إلى أن العالم سيشهد ارتفاعا في استهلاك الطاقة الأساسية بنسبة تصل إلى 24 في المئة بحلول عام 2050 مدفوعا بزيادة سكانية وتوسع اقتصادي لافت.
وقال الغيص في تصريح ل «كونا» قبيل انطلاق أعمال اليوم الثاني من أعمال الندوة الدولية التاسعة لأوبك في فيينا إن التوقعات قصيرة الأجل تشير إلى ارتفاع الطلب على النفط بنحو 3ر1 مليون برميل يوميا خلال هذا العام مقارنة بالعام الماضي استنادا إلى معدل نمو اقتصادي عالمي متوقع يبلغ 9ر2 بالمئة
وأضاف أن أغلب هذه الزيادة تأتي من الدول النامية نتيجة للنمو السكاني وتسارع النشاط الاقتصادي مؤكدا أن توقعات «أوبك» تبنى على «الحقائق والبيانات الواقعية لا على الأخبار العابرة
وأشار الأمين العام للمنظمة إلى أن تقرير «آفاق سوق النفط العالمية» سيصدر في وقت لاحق «الخميس» موضحا أنه سيتناول التطورات المتوقعة في قطاع الطاقة حتى عام 2050 في ضوء وجود تحول في السياسات العالمية تجاه مصادر الطاقة التقليدية بعد أن بدأت بعض الدول في العودة إلى استخدام الفحم لتأمين إمدادات الطاقة
وتابع «نحن أمام تحول كبير في النظرة العالمية بعد أن كانت التوقعات تشير إلى أن ذروة الطلب على النفط ستتحقق بحلول عام 2030 نشهد اليوم مراجعات عكسية نتيجة لأولوية أمن الطاقة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي».
كما شدد الأمين العام للمنظمة على أهمية الاستثمارات طويلة الأجل في قطاع الطاقة قائلا في هذا الصدد إن «تلبية الطلب المستقبلي تتطلب ضخ استثمارات تتجاوز 17 تريليون دولار حتى عام 2050» مشيرا إلى أن الأرقام المحدثة سيتم الكشف عنها في النسخة الجديدة من التقرير خلال فعاليات الندوة
وأكد أن الطلب المتزايد على الطاقة وتحديدا النفط يتطلب استثمارات ضخمة ومستمرة لضمان أمن الإمدادات واستقرار الأسواق العالمية مشددا على أن «أوبك» تؤمن بدورها في تأمين طاقة موثوقة وآمنة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية عالميا.
واختتم الامين العام لأوبك تصريحه بالقول «ان متابعتنا للأحداث مستمرة من خلال مشاركتنا في هذه الندوة التي تجمع أكثر من ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم».
وأعرب عن شكره لوزير النفط الكويتي طارق الرومي على حضوره ومشاركته الفاعلة إلى جانب الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الشيخ نواف سعود الصباح «التي كان لها جناح مميز في المعرض المصاحب».
كما تقدم بالشكر إلى كل من وزارة الإعلام ممثلة بالتلفزيون الكويتي و»كونا» على حضورها وتغطيتها المتميزة لأعمال هذه الندوة الدولية التاسعة لأوبك في إطار دورها كإحدى الجهات الراعية للحدث.
تقرير «أوبك» السنوي الجديد
وفي ذات السياق أطلقت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» أمس الخميس تقريرها السنوي الجديد تحت عنوان «آفاق النفط العالمية 2025» ورجحت فيه أن يبلغ إجمالي الاستثمارات اللازمة في قطاع النفط نحو 6ر10 تريليون دولار حتى عام 2040 لتلبية احتياجات الإنتاج والنقل والتكرير.
وأوضح أمين عام «أوبك» هيثم الغيص في كلمة استهل بها التقرير الذي قدمه في إطار فعاليات الندوة الدولية التاسعة للمنظمة أن قطاع النفط سيحتاج حتى عام 2050 إلى استثمارات إجمالية بقيمة 2ر18 تريليون دولار لضمان استقرار الأسواق وتلبية احتياجات دول العالم النامية والمتقدمة على حد سواء.
وشدد الغيص على أهمية مضاعفة الجهود للحد من الانبعاثات وتعزيز الكفاءة ودعم الحلول منخفضة الكربون مشيرا إلى الاستثمارات المتزايدة في مجالات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه والاقتصاد الدائري للكربون.
وأكد أن أمن الطاقة وتحقيق أهداف المناخ يتطلبان نهجا متوازنا يشمل جميع مصادر الطاقة والتقنيات وأن التعاون والشفافية والاعتراف بالحقائق الميدانية في قطاع الطاقة عناصر لا غنى عنها لبناء مستقبل طاقي مستدام. واعتبر أمين عام «أوبك» التقرير السنوي بأنه «يشكل مرجعا مهما لصناع القرار والخبراء في مواجهة تحديات المستقبل وضمان أداء اقتصادي عالمي فعال».
ويقدم التقرير تحليلا شاملا لمستقبل قطاع النفط حتى عام 2040 مع التركيز على محاور عدة أبرزها ارتفاع متوقع في الطلب العالمي على النفط يقوده النمو في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخاصة في آسيا بمعدل قد يبلغ 4ر21 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040 واستمرار بروز قطاعات البتروكيماويات والطيران كعوامل رئيسية في تعزيز الطلب مقابل استقرار او انخفاض الاستهلاك في الدول الصناعية. ويرصد التقرير تحولات كبيرة في مشهد الطاقة تشمل اعتبارات مناخية وجيوسياسية وتقنية مشيرا إلى أن الطاقة الإنتاجية من خارج «أوبك» وخاصة من النفط الصخري الأمريكي ستصل إلى ذروتها منتصف العقد الجاري قبل أن تبدأ في التراجع ما يعزز من موقع المنتجين التقليديين في السوق.
ويؤكد التقرير أن النفط سيظل عنصرا محوريا في مزيج الطاقة العالمي رغم التوجهات المتسارعة نحو مصادر الطاقة المتجددة وتختتم ندوة الدول المصدرة للنفط «أوبك» الدولية التاسعة أعمالها في وقت لاحق اليوم الخميس ويشارك فيها وزير النفط الكويتي طارق الرومي وعدد من وزراء النفط والطاقة الأعضاء وغير الأعضاء في المنظمة ورؤساء شركات النفط والغاز العالمية وخبراء اقتصاديون وصناع سياسات من مختلف دول العالم.
وتبحث الندوة التي تعقد في قصر «هوفبورغ» التاريخي التحديات المتنامية في قطاع الطاقة ودور النفط في تأمين مستقبل طاقة مستدام ومنصف في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية والمناخية.
