
تناول المحور الثامن من ندوة «امتدادات الربيع العربي» ضمن مهرجان القرين الثقافي في دورته الـ19 وضع الأردن والمغرب من خلال ابحاث قدمها وزير الاعلام الأردن السابق صالح قلاب والباحثان الموريتاني الدكتور عبدالله ولد أباه والمغربي الدكتورة أمامة الكتاني.
وقال القلاب في الجلسة التي أدارها الاكاديمي الاماراتي الدكتور محمد العسومي ان الأردن تجنب في العامين الماضيين أي شكل من أشكال العنف وحرص على إنجاز إصلاحات حقيقية منها المحكمة الدستورية العليا والهيئة العليا للاشراف على الانتخابات اضافة الى «شن حرب على الفساد والمفسدين».
واضاف القلاب ان الواقع الأردني الحالي وبوجود حريات عامة مقبولة وتعددية سياسية وحزبية جعل الأردن يستقبل «عواصف الربيع العربي» استقبالا سلسا وجعل الأردنيين شعبا ونظاما يحرصون حرصا شديدا على الابتعاد عن العنف وعلى تغليب فضيلة الحوار والتفاهم على التباعد والتباغض.
من جهتها قالت استاذة التعليم العالي في جامعة محمد الخامس بالمغرب الدكتورة أمامة الكتاني في بحث بعنوان «المغرب وظرفية الربيع العربي» ان المغرب لم يكن بمنأى عما اطلق عليه «الربيع العربي» لكنه تفاعل مع هذه الظاهرة بطريقة مختلفة مشيرة الى قيام ملك المغرب محمد السادس باتخاذ قرارات جريئة «هدفت الى تطبيق عملية اصلاح سياسي واسعة في غضون فترة قياسية».
واوضحت الدكتورة أمامة ان لذلك الاصلاح محطتين تبلورت الأولى في تشكيل لجنة تقنية مختصة لصياغة دستور جديد بناء على مشاورات مع مختلف المنظمات الحزبية والنقابية والفعاليات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني وتم استفتاء شعبي للمصادقة عليه.
وبينت ان المحطة الثانية تجلت في نوفمبر الماضي الذي اجريت فيه انتخابات برلمانية سابقة لأوانها «حملت حزب العدالة والتنمية الذي يمثل التيار الاسلامي المعتدل لأول مرة في تاريخه من موقع المعارضة الى مواقع القرار».
من جانبه قال استاذ الفلسفة في جامعة نواكشوط بموريتانيا الدكتور عبدالله ولد أباه في بحث بعنوان «الثورة أو الاصلاح.. قراءة في التجربتين التونسية والمغربية» ان نظام بن علي نجح «على نطاق واسع في تمرير صورة البلد المستقر الذي حقق أفضل مقاييس التنمية الاجتماعية الموازية للمعايير الأوروبية مع نفس تحديثي قوي وبنية إدارية فعالة تديرها نخبة قوية التعليم وطبقة وسطى واسعة».
واشار الى مصطلح «الاقتصاد السياسي للقمع» الذي يعني «أن الاقتصاد السياسي للهيمنة لم يأخذ في عهد بن علي شكل ديكتاتورية عسكرية تقليدية وانما تمحور حول آليتين متداخلتين هما آليات الضبط والرقابة والقمع من جهة واليات الدمج التي توفر فرصا واسعة للسكان للاستفادة من فضاءات الاستهلاك والقروض الميسرة والتوظيف في الجهاز الإداري المتورم مع ضمان الحد الأقصى من الأمن العام في منطقة مضطربة من جهة أخرى».
وعن تجربة الاصلاح السياسي في المغرب قال الدكتور ولد أباه ان منها «النص الصريح على اختصاص الشعب بالسيادة واختصاص ممثليه بالسلطة التشريعية الكاملة وتعزيز سلطات الحكومة في الشؤون التنفيذية وتكريس مسلك التنوع الثقافي واللغوي المعبر عن النسيج القومي والحضاري المغربي والتمسك القوي بمرجعية حقوق الإنسان المعاصرة في مرتكزاتها النظرية والمعيارية». واعتبر ان من العوامل التي ساهمت في استقرار المغرب انطلاق تجربة الاصلاح السياسي في مطلع التسعينات من القرن الماضي من «خلال مبادرة الملك الراحل الحسن الثاني لقيام حوار وطني جامع لانتشال المغرب مما عبر عنه بخطر السكتة القلبية التي تهدد البلاد».