
تتوالى المنافسة بين الفرق المسرحية المشاركة في المهرجان الأكاديمي الثالث والذي ينظمه المعهد العالي للفنون المسرحية حيث قدمت فرقة المعهد عرضاً مسرحي بعنوان «الرجل الأصم « للمؤلف البريطاني هاورد بيكر، وإخراج طالب الفرقة الرابعة قسم تمثيل وإخراج مسرحي حسين العوض، وبطولة كل من خالد السجاري ، وعبد الله البلوشي، وبدر البناي.
تطرح المسرحية قصة رجل أصم كان في الأصل يعمل ككاتب وتناول من ضمن كتاباته السلطة مما أدى إلى قهره والانتقام منه وقطع لسانه ، وتعذيبه ، وأيضاً قتل زوجته مما دفع ذلك لزرع الشر والعنف بداخل أبنه تمهيداً للانتقام لكل من يسكن الفندق الذي يقتنيه ذلك الرجل الأصم ، وقتل كل من له صله بالسياسة.
أداء مميز
استطاع المخرج العوض على إيضاح فكرة الشر والعنف من خلال رؤيته الإخراجية وتوزيعه لأدوار الممثلين ، فمن خلال ملامح القسوة التي بدت لنا مع شخصية السجاري «الرجل الأصم « الذي كان من وجهة نظري أداؤه ينطبق عليه الصمت أبلغ من الكلام ، أغنى الحضور عن سماع صوته ومعاناته التي بدت واضحة لنا إلى حد كبير .
وفي المقابل سقط الأداء التمثيلي من قبل كل من الممثل عبد الله البلوشي «الجلاد» الذي كان يتحدث بسرعة فائقة أضاعت معه مخارج الحروف بينما تفوق أداء الممثل بدر البناي عليه من حيث سماع الصوت ، وإن كان هو الأخر وقع في فخ الأخطاء اللغوية التي لاحصر لها .
تكرار الوجوه
ولنتحدث عن شخصية «الفلاش باك» عندما جلس يتذكر الرجل «الأصم» ذكريات شبابه ، ومراحل التعذيب التي مر بها ، وما جسده الطالب محمد فايق ، والذي كان من وجهة نظري لم يخرج كثيراً عن دوره من خلال تجسيده لدور عطيل في مسرحية «المنديل « والتي قدمت من قبل ، وهو الخطأ الفادح الذي أوقع المخرج في تكرار الوجوه معه ، والصعوبة التي تبدو من ممثل لأخر أن يخرج من جلد شخصية أخرى، وما يلفت الانتباه هنا هو ظهور المرأة زوجة الأصم ، والتي كان ظهورها لا فائدة منه من الأساس فكان من الممكن أن يكتفي العوض بمشهد التعذيب فقط .
انعكاس للفكرة
وعن حديثنا عن عناصر العرض المسرحي الأخرى لنبدأ مع الديكور وتلك الحبال التي ملأت فضاء المسرح لإعطاء الدلالة على القسوة والتعقيد لدى الشخصية حتى على مستوى الحبال التي كانت يمسك بها الرجل الأصم أيضاَ وصولاَ إلى خاتمة المسرحية ونزول المخرج بالجثث من الأعلى ، وكأنه يقول لنا عن الحال العدائية التي وصلت مابين السلطة والشعب وخلق مساحة كبيرة للحركة للممثلين فوق الخشبة.
الإضاءة أعطت انعكاس الشر والدموية في مشهدي الجلاد والشاب ، وأيضاً للتعذيب ، وفي أحياناً أخرى لم يوفق مصمم الإضاءة في توزيع البقع اللونية على وجه الممثلين حيث كان الأداء في بعض الأحيان يعتريه الإظلام .
الموسيقى كانت جيدة وحماسية وتصاعد الصراع مابين الشخصيات منذ بداية الحدث ووصولا إلى القتل ومانت المحرك لحالة الملل التي أصابت الحضور في تكثيف الحوارات بين الممثلين .