
اسمه الأصلي طلال بن عبد الشيخ بن أحمد بن جعفر الجابري. ولد الفنان طلال المداح في مكة تاريخ 5 أغسطس 1940 تولى تربيته منذ ولادته زوج خالته علي مداح فسماه طلال مداح وسجل في حفيظة نفوسه وجواز سفره باسم طلال علي مداح. كان له صديق تربى معه منذ الصغر هو محمد رجب كان من هواة ترديد الأغاني المشهورة في ذلك الحين للموسيقار محمد عبد الوهاب، فبدأ يلقن طلال تلك الأغاني المشهورة ليشاركه في ترديدها معه، كما كان والده عبد رب الشيخ من المجيدين للعزف على آلتي المدروف والسمسمية، وعليه فقد ساعدت تلك العوامل مجتمعه في ادخاله مجال الفن وجعله يعشق هذا اللون ويهواه بل ومرددا له في أغلب أوقاته.
وكان طلال تلميذاً في المدرسة السعودية في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية وكانت هذه المدرسة تقيم عدة حفلات في مناسبات عدة وكان معروفا عن طلال حلاوة الصوت ونقاوته، الامر الذي شجع المدرسة على أن تسند إليه القيام بمقرئ الحفل في كل حفلات المدرسة.
وكان من بين تلاميذ المدرسة وزملاء طلال تلميذ اسمه عبد الرحمن خوندنه، وكان هذا التلميذ من هواة الموسيقى ويمتلك عودا يعزف عليه، ولربما كانت تلك الاحساسات الفنية المشتركة عاملا على التقارب بين طلال وعبدالرحمن خوندنه، فاتفقا على احياء ليالي سمر تضم الاصدقاء وأن يقوم طلال مداح بالغناء فيما يقوم عبد الرحمن بالعزف على آلة العود، وهكذا بدأت أولى خطوات طلال مداح الفنية.
ولما كان الطرب سابقا أمرا محرما ومستهجنا فقد رأى الخونده أن يبقى العود دائما بمنزل طلال مداح لأنه آمن مكاناً، ولا يستطيع والده اكتشاف ملكيته للعود، وعليه فقد كان كثير التردد على منزل طلال ليشبع هوايته في العزف
وبحكم وجود ذلك العود بمنزل طلال فأن طلالا كان يداعب اوتاره في نشوة واصرار، ومضى وقت طويل.. وخابت مرة وأصابت أخرى.. إلى أن بدأ طلال فعلا في إخراج نغمات تطرب سامعيها.. وبذلك تعلم طلال العزف على أولى الالات الموسيقية.
ألقابه
عُرف طلال مداح بألقاب عديدة منها «الحنجرة الذهبية» و«قيثارة الشرق» و«صوت الأرض» و«زرياب» «أطلقه عليه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب» و«أستاذ الجميع» «أطلقه عليه الأستاذ محمد عبده». له تأثير هائل على الثقافة العربية في القرن 20 وهو رائد الحداثة بالأغنية السعودية.
فترة السبعينات
بعد فترة الستينيات والتي تعد فترة مهمة في حياة طلال مداح حيث غنى خلالها اعمالاً من تلحين ملحنين كبار مثل الموسيقار طارق عبد الحكيم، والموسيقار غازي علي، وفوزي محسون وعبد الله محمد. والموسيقار سراج عمر، والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب في أغنية « ماذا اقول».
بعد ذلك وفي فترة السبعينات الميلادية - التي يعتبرها البعض حقبة انشهار طلال مداح فنياً - بتكوين الرباعي «طلال مداح + الامير بدر بن عبد المحسن+الامير محمد العبدالله الفيصل +سراج عمر» حيث قام طلال مداح بالتلحين تارةً وتارة سراج عمر، واما الغناء فكان بطبيعة الحال لطلال للعديد من النصوص التي كتبها الأمير بدر بن عبد المحسن، والامير محمد العبدالله الفيصل، وبالنسبة للامير بدر من أهم تلك الأعمال في تلك الفترة «زمان الصمت» واغنية «وعد» من الحان طلال مداح نفسه، والاخيرة كان التلفزيون الفرنسي يذيعها احيانا، واغنية «لاوعد» من الحان سراج عمر، وكانت قبل تلك الاعمال في مطلع السبعينيات اعمال اخرى جميلة مثل «غربة وليل» و«اغنية هدي خطانا» من الحان كذلك سراج عمر, مع العلم ان ذلك التعاون كان قبل ذلك منذ فترة الستينيات باعمال ربما ليست بقليلة كان اولها عطني المحبة، ونفس الشيء كان هنالك ثلاثي آخر بين «طلال مداح + الامير محمد العبد الله الفيصل +سراج عمر» وأشهرها «مقادير» و«أغراب» و«لا تقول» وكان طلال مداح قد ألهب مسارح القاهرة في السبعينات رغم وجود أساطير الغناء في العالم العربي مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش بأدائه على مسارح مصر أغانيه الضاربة في ذلك الوقت مثل «مقادير» و«أغراب» و«أنادي» و«لا تقول» و«وقفي» و«هلي الجدايل» وغيرها.
كما ان ذلك لم يمنع طلال مداح من الغناء من الحان ملحنين آخرين فقد غنى اغنية «يا صاحبي» واغنية «يا زينة يا ام الجدايل» من الحان عبد الله محمد، واغنية «عاش من شافك» من الحان الموسيقار طارق عبد الحكيم. كما قام طلال مداح خلال فترة السبعينات بتأليف مقاطع موسيقية كان أشهرها مقطوعة «ليالي البرازيل» والتي أثبتت موهبة طلال مداح التلحينية حتى وإن لم يتواجد نص شعري، وأن الموسيقى وتأليف الألحان هو جزء من تكوين طلال مداح الإنساني.
فترة الثمانينات
في بداية الثمانينات اتجه طلال مداح لطرح الأغاني القصيرة مثل « أحبك كثر خطوات الثواني» و«زلزيني» و«بسكات» وغيرها، ولكن هذا لم يستمر طويلا فقد ابتعد طلال مداح عن الساحة الفنية مؤقتا وانتقل للعيش في مدينة لندن وكان يتنقل بينها وبين المغرب لمدة 4 سنوات، ولكنه عاد ليشدو منتصف الثمانينات وتحديدا في عام 1985م إلى المكان الذي شهد بزوغه الفني «مدينة الطائف» في افتتاح البطولة العربية وأطرب الحضور بمواله الرائع «زارنا في الظلام.. يطلب سترا» وفجر الساحة بأغاني رائعة مثل أغنية «العشق» من الحان رفيق دربه سراج عمر, واغنية «ما عاد لي نفس» و«تصدق ولا أحلف لك» و«زل الطرب» و«سيدي قم» و«بالاشارة» والاخيرة من الحان عدنان خوج، كما قام بتقديم بعضا من روائع الأغاني في تاريخ السعودية مثل «خلصت القصة» و«احرجتني» والاخيرة من الحان عبدالرب ادريس، ليحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية والذي منحه إياه ملك المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت الملك فهد بن عبد العزيز.
ثم شدا طلال مداح برائعة «يا حبيب العمر» وهي قصيدة بالفصحى طويلة ولكنها لم تطرح في الاسواق الا بعد وفاته وهي من الحان ملحن مصري هو الدكتور جمال سلامة.
فترة التسعينات
كان بعض مما طرحه طلال مداح في فترة التسعينات الميلادية هو عبارة عن تجديد لأغانيه القديمة في الستينات والسبعينات بتسجيل وتوزيع مجدد او غناءها على آلة العود كجلسات مثل «بعد إيه ترسل كتاب» و«ظالم ولكن» و«الله يرد خطاك» و«ماعننا وعنك» و«لسه برضو« وغيرها من روائعه القديمة التي طرحها قبل فترة حفظ الحقوق والألبومات الرسمية والتي كانت تصدر على شكل أسطوانات مفردة لكل أغنية،
كما قام بإصدار بعض الألبومات الجديدة مثل «أنا راجع أشوفك» ,و«ذهب» و«العطر» الذي عاد فيه للتعاون مع رفيق دربه القديم «سراج عمر»، كما رجع تعاون طلال مداح مع بعض الملحنين المصريين مثل الدكتور إبراهيم رأفت كان ذلك في البوم لم يعنون ومن ضمن تلك الاعمال «عز اغترابي»، ومع توفيق فريد في عملين هما «وفقك الله» و«لحظة غضب»، وتعاون طلال مع صالح السيد في اغنية «اعذروني» كان ذلك في البوم بنفس عنوان هذه الاغنية، كما أصدر ألبوما للعزف على العود بشكل منفرد أسماه «7 لمن؟» وهو يعد أول فنان سعودي يخوض مثل هذا المجال، وخفف طلال مداح من حفلاته واقتصر في أغلب الأحوال على الحضور المحلي في مهرجانات جدة وأبها والجنادرية ولم يكن يقيم حفلات خارجية إلا فيما ندر.
مساهمته في تطوير الأغنية السعودية
كانت أول أغنية عرفت لحنها وغناها طلال مداح هي «وردك يازارع الورد» وكانت بأسلوب الذي يسمونه «الاغنية المكبلة» حيث جرت العادة قبلها عند المطربين السعودين ان يلحنوا أي عمل بأسلوب مايسمى باغنية اللحن الواحد، ثم لحن وغنى طلال مداح كثير من الأعمال المكبلهة منها «يالي الليالي مشوقة»، و«مجروح وان»، و«هو حبك»، و«غريبة»، و«مكتوب ومقدر «أسمر من البر»» وغيرها.
كذلك قام بعمل بعض الاغنيات التي لحنها يشبه الموسيقى الغربية مثل اغنية «وعد»، والى حد ما «يا حلوة شيلي اللثام».
كذلك خاض طلال مداح تجربة الاغنية الطويلة فغنى بعض الاعمال منها رائعة «يا حبيب العمر» واغنية تعالي التي غناها في التسعينيات الميلادية، واغنية «خلصت القصة»، واغنية «أحرجتني»، و«أنا العاشق».
مساحة صوته
صوت الأستاذ طلال مداح مميز جدًا حيث أنه يجمع بين حلاوة الصوت والأداء معًا ويعتبر هذا نادر إن يجتمع، في فنان في وقت واحد بخلاف الأستاذ طلال مداح الذي جمع بينهما وهذه هبه من الله سبحانه وتعالى، وفي العلم الموسيقي يعتبر الأستاذ طلال مداح من أصوات ««الميزو التو»» حيث يوجد قرار الصول، وجواب الصول فوق الخطوط بشهادة كبار الفنانين العرب، ما يعني أن الأستاذ طلال مداح يغني من صول القرار إلى جواب الصول «اكتافين»
ويتمتع طلال مداح بصوت نادر مفعم بالحساسية والدفء الذي يصل إلى القلب قبل الأذن ونبرات صوته في القرار جميلة وفي الحدة أجمل، تطربه موسيقى بيتهوفن وتعجبه قصائد القصيبي. وهو صاحب موهبة فذة. وقد تميز طلال بألحانه الأصيلة التي قدمها في مسيرته الفنية. ولم يكن طلال مداح فناناً محلياً فقط، فهو منذ بدأ الفن قبل خمسين عاماً وهو يغني للعرب وبكل اللهجات العربية، فقد غنى باليمنية والسودانية والتونسية والمغربية والمصرية وكان نجماً لامعاً يقف مع نجوم الغناء العربي على عرش الأغنية العربية نداً بند مبرزاً فن الجزيرة العربية واللبنانية والسورية.
وفاته
في سنواته الأخيرة عانى طلال مداح من مشاكل في القلب وانسداد في صمامات القلب، وأجرى عملية قسطرة للقلب ونصحه الأطباء بالراحة المطلقة والابتعاد التام عن التدخين، ولكنه استمر في أداء الحفلات والغناء حتى توفي يوم الجمعة الموافق 11/5/1421هـ إثر تعرضه لأزمة قلبية وهو على مسرح المفتاحة كان للتو بدأ يؤدي وصلته الغنائية بعد موجة تصفيق كبيره استمرت خمس دقائق وكان قد سقط من على الكرسي وهو يتهيآ لأداء اغنية «الله يرد خطاك» الذي كان يجلس عليه وتم نقله سريعا إلى المستشفى ولكن كانت المشيئة الإلهية أسرع وأمضى، وقد نقل جثمانه للصلاة عليه في المسجد الحرام بمكة المكرمة ودفن بمقابر المعلاة بمكة المكرمة وقد شيّعه أكثر من 100 ألف من محبيه ومعجبيه، كما حضر مراسم العزاء بمدينة جدة عدد كبير من رجالات الدولة وعدد كبير من الفنانين والصحفيين.