
عمار الشريعي، موسيقار ومؤلف وناقد موسيقي مصري شهير. له علامات وبصمات في الموسيقى الآلية والغنائية المصرية، بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية للكثير من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية، ورغم أنه كفيف البصر، إلا أنه نبغ في الموسيقى، حتى أصبح من عمالقة المؤلفين الموسيقيين المصريين، واشتهر ببرنامجة إلأذاعي الشهير «غواص في بحر النغم» بالإضافة إلى برنامج تليفزيوني على قناة دريم يسمى برنامج سهرة شريعي. وقد توفي الموسيقار الكبير فى شهر ديسمبر من العام الماضي جراء أزمة صحية لازمته خلال العام الماضى كله.
حياته
ولد عمار الشريعي في سمالوط إحدى مراكز محافظة المنيا بصعيد مصر في 16 إبريل عام 1948 م. وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدرسة طه حسين الثانوية للمكفوفين بالقاهرة حيث تخرج منها عام 1966 م والتحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة عين شمس والتي تخرج فيها عام 1970 م.
المشوار الفني
خلال فترة دراسته، وبمجهود ذاتي، أتقن العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود ثم أخيراً الكي - بورد، بدأ حياته العملية عام 1970 م – وعقب تخرجه من الجامعة مباشرةً - عازفاً لآلة الأكورديون في عدد من الفرق الموسيقية التي كانت منتشرة في مصر آنذاك، ثم تحول إلى الكي - بورد «الأورج» حيث بزغ نجمه فيها كأحد أبرع عازفي جيله، واعتبر نموذجاً جديداً في تحدى الإعاقة نظراً لصعوبة وتعقيد هذه الآلة واعتمادها بدرجة كبيرة على الإبصار.
ثم اتجه إلى التلحين والتأليف الموسيقى حيث كانت أول ألحانه «إمسكوا الخشب» للفنانة مها صبرى عام 1975 م، وزادت ألحانه عن 150 لحناً لمعظم مطربي ومطربات مصروتميز في وضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية والمسرحيات والتي نال معظمها شهرة ذائعة، وحصل العديد منها على جوائز على الصعيدين العربى والعالمي.
فرقة الأصدقاء
في عام 1980 م كون فرقة الأصدقاء والتي كانت تضم منى عبد الغنى، حنان، علاء عبد الخالق وقد حاول من خلالها مزج الأصالة بالمعاصرة وخلق غناء جماعي حيث يتصدى لمشاكل المجتمع في تلك الفترة.
كما اهتم اهتماماً كبيراً بأغانى الأطفال فقام بعمل أغانى احتفالات عيد الطفولة لمدة 12 عاماً متتالية، وشارك في هذه الأعمال مجموعة من كبار الممثلين والمطربين مثل عبد المنعم مدبولى، نيللى، صفاء أبو السعود، لبلبة، عفاف راضى.
كما أولى اهتماماً كبيراً لاكتشاف ورعاية المواهب الجديدة مثل منى عبد الغنى، حنان، علاء عبد الخالق، هدى عمار، حسن فؤاد، ريهام عبد الحكيم، مي فاروق، أجفان الأمير، آمال ماهر، وحديثاً أحمد على الحجار، سماح سيد الملاح.
احتفالات أكتوبر
تولى منذ عام 1991 م وحتى عام 2003 وضع الموسيقى والألحان لاحتفاليات أكتوبر التي تقيمها القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع وزارة الإعلام والتي تعتبر ذروة احتفالات جمهورية مصر العربية بانتصارات أكتوبر المجيدة
وفي عام 1995 م صدر قرار وزاري بتعيينه أستاذاً غير متفرغ بأكاديمية الفنون المصرية.
وتناولت أعماله العديد من الرسائل العلمية لدرجتي الماجستير والدكتوراه في المعاهد والكليات الموسيقية بلغت 7 رسائل ماجستير و3 رسائل دكتوراه من مصر في كلية التربية الموسيقية، جامعة حلوان، وكلية التربية النوعية، جامعة القاهرة، ومعهد الموسيقى العربية بأكاديمية الفنون، ورسالة دكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا.
مع الثوار
ولم يكن الرجل بذلك بعيدا عن هموم المصريين، وكانت أنغامه بمثابة طرق على جدار الصمت -الذي كان مطبقا في فترة ما- ليس بالمعنى المباشر، بل عبر المعالجة الموسيقية المتروية للأعمال التي لحن لها والتي كان بعضها جريئا ويحمل بعدا سياسيا واضحا.
وبذلك لم يكن قلب الموسيقار الراحل حاملا للألحان الشجية فقط بل أيضا لتصاريف السياسة وهموم الوطن والشعب، ولم يمنعه المرض وتعب القلب من النزول إلى ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير 2011، وكان أحد الرموز الفنية الحاضرة بين الثوار.
ذلك القلب المرهق الذي أسعد الملايين زاد تعبه وألمه فيما بعد ما عرف بجمعة الرحيل يوم 11 فبراير، حيث نقل إلى احدى المستشفيات ليتعافى، ثم يصاب بنوبة قلبية جديدة أثرت على وظائف الكليتين لديه، فأدخل إلى غرفة العناية المركزة باحدى مستشفيات القاهرة ليفارق الحياة.
كان الشريعي غواصا حاذقا في بحر النغم، أحد أشهر برامجه الإذاعية، لم يعد قلبه وجسده يحتملان أكثر ليواصل استخراج لآلئ ودرر الألحان في لحظة فارقة ومختلفة في تاريخ مصر السياسي، أفرزت ثورة شعبية رابط فيها الفنان الراحل في ميدان التحرير.
عبقرية موسيقية
«طه حسين الموسيقى» كما يصفه الملحن حلمي بكر يمثل بلا شك ظاهرة فنية فريدة، ولم تكن عبقرية الشريعي الموسيقية نتاج موهبة وشغف فقط، بل إن ثقافته العلمية والأدبية الواسعة - وهو الحاصل على عدة شهادات أكاديمية- وذكاءه الحاد وقدرته الفذة على التواصل الاجتماعي بخفة الظل التي لازمته وقربت منه الجميع، ساهمت أيضا في دفع مساره الإبداعي ليكون من أكثر مؤلفي موسيقى الأفلام والمسلسلات وحتى الأعمال المسرحية.
ولعل الموسيقار هاني مهنى لم يكن مبالغا عندما وصفه بأنه «قامة فنية وثورية»، وأنه «صاحب رؤية وفكر باعتباره يرى ما لا يراه المبصر سواء في مجال الموسيقى أو في مجالات أخرى».
ولا تبدو الموسيقى التصويرية الكثيرة التي يضعها الشريعي للأعمال الدرامية والسينمائية مسقطة أو خالية من الروح كما في أعمال عديدة لغيره، فمن «حلم الجنوبي» و«المصراوية» و«إمرأة من زمن الحب» و«أرابيسك» إلى «حب في الزنزانة» و«يوم الكرامة» و«حليم»، يلتقط الشريعي اللحظة بعمقها الاجتماعي والسياسي والوطني، ليقدم بموسيقاه إضافة كبيرة لتلك الأعمال على المستوى الجمالي والجماهيري
ذلك الرجل الكفيف الودود استطاع ببصيرة نافذة أن يحول حكايات «زيزينيا» إلى رؤية موسيقية ألفناها، وأن ينقل إلينا خوف «البريء» وإذعانه وتمرده أيضا، كما «دون كيشوتية» السيد «أبو العلاء البشري»، والأروع أن مشاعر «رأفت الهجان» المتلاطمة تحولت إلى دفق موسيقي أنجزه الراحل بروعة الفنان وإحساس الوطني، وكأنما خبر اللحظة، التي عشناها نحن بموسيقاه ربما أكثر من أداء محمود عبد العزيز المبهر.
أعماله
تجاوز عدد أعماله السينمائية 50 فيلماً، وأعماله التليفزيونية 150 مسلسلاً، وما يزيد على 20 عملاً إذاعياً، وعشر مسرحيات غنائية استعراضية. من أشهر أعماله الموسيقية في الأفلام: الشك يا حبيبي، البرئ، البداية، حب في الزنزانة، أرجوك أعطينى هذا الدواء، أيام في الحلال، آه يا بلد، كتيبة الإعدام، يوم الكرامة، حليم.
من أشهر أعماله الموسيقية التليفزيونية «مسلسلات»:
الأيام، بابا عبده، أديب، النديم، وقال البحر، دموع في عيون وقحة، رأفت الهجان، فاطمة، أرابيسك، العائلة، الراية البيضا، الشهد والدموع، زيزينيا، الأمير المجهول، ذو النون المصري، بين السرايات، امرأة من زمن الحب، أم كلثوم، حديث الصباح والمساء، لا، نصف ربيع آخر، أوبرا عايدة، بنات أفكارى، البر الغربي، حدائق الشيطان، العندليب، محمود المصري، أحلام عادية، ريا وسكينة، بنت من شبرا.
من أشهر أعماله الموسيقية المسرحية:
رابعة العدوية، الواد سيد الشغال، علشان خاطر عيونك، إنها حقاً عائلة محترمة، الحب في التخشيبة، تصبح على خير يا حبة عينى، لولى، يمامة بيضا.
كما قام بتأليف كونشرتو لآلة العود والأوركسترا ومتتالية على ألحان عربية معروفة وعزفهما مع أوركسترا عُمان السيمفونى عام 2005. وشارك بالتعاون مع شركة ياماها اليابانية في استنباط ثلاثة أرباع التون من الآلات الإلكترونية.
وشارك بالتعاون مع شركة إميولتور الأمريكية في إنتاج عينات من الآلات التقليدية والشعبية المصرية والعربية.
وابتكر العديد من الإيقاعات الضروب الجديدة. أعاد صياغة وتوزيع العديد من المقطوعات الموسيقية والأغنيات. ساهم مع مؤسسة دانسنغ دوتس Dancing Dots الأمريكية في إنتاج برنامج جود فيل Good Feel والذي يقدم نوتة موسيقية بطريقة برايل للمكفوفين
كما قام بتقديم وإعداد برنامج إذاعي لتحليل وتذوق الموسيقى العربية بعنوان « غواص في بحر النغم « منذ عام 1988إعداد وتقديم برنامج سهرة شريعي مع قناة دريم الفضائية. وبرنامج «مع عمار الشريعي»، من إعداده وتقديمه أيضاً، على راديو مصر وقد سبق البرنامج حملة دعاية كبيرة له قام بها العديد من النجوم مثل عمرو دياب وآخرين. وبرنامج «المسحراتي» وقدمه في التلفزيون المصري.
المؤتمرات التي شارك بها:
- شارك بأوراق عمل لبعض مؤتمرات كلية التربية الموسيقية بالقاهرة.
الجوائز والأوسمة التي حصل عليها
حصل عمار الشريعي على العديد من الجوائز من الكثير من دول العالم ومنها:
جائزة مهرجان فالنسيا، إسبانيا، عام 1986. جائزة مهرجان فيفييه، سويسرا، عام 1989. وسام التكريم من الطبقة الأولى من السلطان قابوس بن سعيد، سلطنة عمان، عام 1992. وسام التكريم من الطبقة الأولى من الملك عبد الله بن الحسين - ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
كما حصل على العديد من جوائز جمعية نقاد السينما والمركز الكاثوليكي للسينما ومهرجان الإذاعة والتليفزيون عن الموسيقى التصويرية من عام 1977 حتى عام 1990.
جائزة الحصان الذهبي لأحسن ملحن في إذاعة الشرق الأوسط لسبعة عشر عاماً متتالية. جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، عام 2005. وسام التكريم من الطبقة الأولى مرة ثانية من السلطان قابوس بن سعيد، سلطنة عمان، عام 2005.