
كانت اليمن تابعة للنجاشي ملك الحبشة. وقام والي اليمن (أبرهة) ببناء كنيسة عظيمة، وأراد أن يغيّر وجهة حجّ العرب. فيجعلهم يحجّون إلى هذه الكنيسة بدلا من بيت الله الحرام. فكتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك, ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب. إلا أن العرب أبوا ذلك، وأخذتهم عزتهم بمعتقداتهم وأنسابهم. فهم أبناء إبراهيم وإسماعيل، فكيف يتركون البيت الذي بناه آباءهم ويحجّوا لكنيسة بناها نصراني وقيل أن رجلا من العرب ذهب وأحدث في الكنيسة تحقيرا لها. وأما بنو كنانة قتلوا رسول أبرهة الذي جاء يطلب منهم الحج للكنيسة.فعزم أبرهة على هدم الكعبة. وجهّز جيشا جرارا، ووضع في مقدمته فيلا مشهورا عندهم يقال أن اسمه محمود. فعزمت العرب على تقال أبرهة. وكان أول من خرج للقاءه، رجل من أشراف من اليمن يقال له ذو نفر. دعى قومه فأجابوه، والتحموا بجيش أبرهة. لكنه هُزِم وسيق أسيرا إلى أبرهة.
ونبدا بما قاله الله تعالى:
}أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}( سورة الفيل). المسلمون اليوم في أمسّ الحاجة إلى الدروس والعبرة التي يمكن أن تستنبط من هذه القصة، ذلك أن أخطر شيء في حياة الأمة أن تهزم من الداخل، أن تشعر بالإحباط أن يقول قائل:
انتهى المسلمون، هذا أخطر شيء يصيب الأمة، لذلك هذه القصة لها دلالات ويستنبط منها عبر ودروس نحن في واقعنا الجديد في أمسّ الحاجة إلى هذه الدروس.
حادثة الفيل واستنباطاتها
ذكر ابن إسحاق أن أبرهة بن الصباح، كان عاملاً للنجاشي ملك الحبشة على اليمن، العامل يقابله اليوم المحافظ، في بعض البلاد الوالي، في السودان الوالي، كان أبرهة بن الصباح عاملاً للنجاشي ملك الحبشة على اليمن، فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة، فبنى كنسية بصنعاء، وكتب إلى النجاشي: إني بنيت لك كنيسة لم يبنَ مثلها، ولست منتهياً حتى أصرف إليها حج العرب.
الاستنباط الأول: لا للانهزام من الداخل: يمكن أن ينشأ صراع بين جهة وجهة، بين أمة وأمة، بين شعب وشعب، بين فئة وفئة، بين قوم وقوم، وفي قواعد للنصر أن الأقوى ينتصر، لكن حينما يكون الصراع بين الأرض والسماء، فالنتيجة محسومة سلفاً.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}(سورة الأنفال الآية:36).
{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ}
( سورة آل عمران الآية: 12). فهذا أبرهة أراد أن يلغي الحج إلى مكة المكرمة، طبعاً دين إبراهيم له آثار، من آثار دين إبراهيم أن مكة المكرمة يقصدها العرب حجاجاً،
سمع رجل من بني كنانة مقالة أبرهة فدخل الكنيسة ليلاً فلطخ قبلتها بالعذرة، يعني بالنجس، فلما علم أبرهة سأل: من الذي اجترأ على هذا ؟ قيل: رجل من أهل ذلك البيت من مكة، سمع بالذي قلت ففعل ما فعل، فحلف أبرهة ليسرن إلى الكعبة حتى يهدمها.
غزو أبرهة للكعبة بفيله
أقسم أبرهة ليهدمن الكعبة، وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك،فسأله أبرهة أن يبعث إليه بفيله، كان هناك فيل عظيم جداً عند النجاشي، وكان له فيل يقال له محمود، لم يُرَ مثله عظماً وجسماً وقوةً، فبعث به إليه، فخرج أبرهة سائراً إلى مكة، فسمعت العرب ذلك فأعظموه، ماذا أعظموه ؟ أعظموا أن يفكر أبرهة بهدم الكعبة، ورأوا جهاد أبرهة حقاً عليهم جميعاً، فخرج ملك من ملكوك اليمن يقال له ذو نفر، فهزمه أبرهة، وأخذه أسيراً، وكاد يقتله، فقال أيها الملك: استبقني خيراً لك، فاستبقاه وأوثقه، سار معه، وكان أبرهة كما تروي الروايات رجلاً حليماً، فسار حتى إذا دنا من بلاد خثعم سار باتجاه مكة، حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي، ومن اجتمع إليه من قبائل العرب، فقاتلوهم فهزمهم أبرهة، فأخذ نفيلاً، فقال له أيها الملك: إنني دليلك بأرض العرب، أنا دليلك، وهذه خيانة، ولي على قومي يد السمع والطاعة، يعني أمري نافذ في قومي، فاستبقني خير لك، فاستبقاه، وخرج معه يدله على الطريق، فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف، فقال له أيها الملك: نحن عبيدك، أرأيت إلى النفاق . أرأيت إلى الذل . وبعث أبرهة رجلاً من الحبشة يقال له الأسود بن مصفود على مقدمة خيله، وأمر بالغارة، الآن اقترب من مكة، بعث أبرهة رجل يقال له الأسود بن مصفود على مقدمة خيله، وأمره بالغارة على نعم الناس، على إبلهم ومواشيهم، فجمع الأسود إليه أموال الحرم، وأصاب لعبد المطلب 200 بعير، غزوة جادة، تصدى لها رجلان مع قومها، فانتصر أبرهة، وأخذ الملكين أسرى معه، ثم أمر هذا الذي جاء به من الحبشة أن يأخذ أموال أهل مكة، فأخذ لعبد المطلب200 ناقة،