
ولد في قرية كفر أبو جندي التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، وهو الابن الواحد والعشرون من أصل خمسة وعشرين ولداً وبنتاً، منهم المطربة هدى سلطان.
نال محمد فوزي الابتدائية من مدرسة طنطا عام 1931م، ومال محمد فوزي إلى الموسيقى والغناء مذ كان تلميذاً في مدرسة طنطا الابتدائية، وكان قد تعلم أصول الموسيقى في ذلك الوقت على على يدي أحد رجال المطافئ محمد الخربتلي وهو من أصدقاء والده وكان يصحبه للغناء في الموالد والليالي والأفراح.
تأثر بأغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وصار يغني أغانيهما على الناس في حديقة المنتزه، وفي احتفالات المدينة بمولد السيد البدوي. التحق بعد نيله الشهادة الإعدادية بمعهد فؤاد الأول الموسيقي في القاهرة، وبعد عامين على ذلك تخلى عن الدراسة ليعمل في ملهى الشقيقتين رتيبة وإنصاف رشدي قبل أن تغريه بديعة مصابني بالعمل في صالتها. حيث تعرف على فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمود الشريف، وارتبط بصداقة متينة معهم، واشترك معهم في تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها فساعدته فيما بعد في أعماله السينمائية. تقدم وهو في العشرين من عمره، إلى امتحان الإذاعة كمطرب وملحن أسوة بفريد الأطرش الذي سبقه إلى ذلك بعامين، فرسب مطرباً ونجح ملحناً مثل محمود الشريف الذي سبقه إلى النجاح ملحناً.
بداية مشواره الفني
حضر إلى القاهرة عام 1938م، واضطربت حياته فيها لفترة قبل العمل في فرقة بديعة مصابني ثم فرقة فاطمة رشدي ثم الفرقة القومية للمسرح.
وكان الغناء هاجس محمد فوزي، لذا قرر إحياء أعمال سيد درويش لينطلق منها إلى ألحانه التي هي مِلْء رأسه، وقد سنحت له الفرصة عندما تعاقدت معه الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى ممثلاً مغنياً بديلاً من المطرب إبراهيم حمودة في مسرحية «شهرزاد» لسيد درويش، ولكنه أخفق عند عرضه الأول على الرغم من إرشادات المخرج زكي طليمات، وقيادة محمد حسن الشجاعي الموسيقية، الأمر الذي أصابه بالإحباط، ولاسيما أمام الجمهور الذي لم يرحمه، فتوارى زمناً إلى أن عرضت عليه الممثلة فاطمة رشدي، التي كانت تميل إليه وتؤمن بموهبته، العمـل في فرقتها ممثلاً وملحناً ومغنياً فلبى عرضها شاكراً.
وفي العام 1944 طلبه يوسف وهبي ليمثل دوراً صغيراً في فيلم «سيف الجلاد» يغني فيه من ألحانه أغنيتين، واشترط عليه أن يكتفي من اسمه محمد فوزي حبس عبد العال الحو بمحمد فوزي فقط، فوافق من دون تردد.
ثم شاهد المخرج محمد كريم فيلم «سيف الجلاد»، وكان يبحث عن وجه جديد ليسند إليه دور البطولة في فيلم «أصحاب السعادة» أمام سليمان نجيب والمطربة رجاء عبده، فوجد ضالته في محمد فوزي، واشترط عليه أن يجري جراحة تجميلية لشفته العليا المفلطحة قليلاً، فخضع لطلبه، واكتشف عند ذلك أن محمد كريم كان على حق في هذا الأمر. وكان نجاحه في فيلم «أصحاب السعادة» كبيراً غير متوقع، وساعده هذا النجاح على تأسيس شركته السينمائية التي حملت اسم أفلام محمد فوزي في عام 1947.
وخلال ثلاث سنوات استطاع فوزي التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات وكان «فوزي» ينتمي إلى الجيل الثاني من المجددين في الموسيقى العربية، وكان أحد المجددين في مواضيع الأغاني
الأغاني الوطنية
دأبت الإذاعة المصرية التي رفضته مطرباً، على إذاعة أغانيه السينمائية من دون أن تفكر بالتعاقد معه. وبعد ثورة يوليو 1952؛ دخل الإذاعة بقوة بأغانيه الوطنية كأغنية «بلدي أحببتك يا بلدي»، والدينية من مثل: «يا تواب يا غفور»، و«إلهي ما أعدلك». وأغاني الأطفال مثل «ماما زمانها جاية» و«ذهب الليل»، والتي غنها في فيلم «معجزة السماء». كذلك اشترك مع مديحة يسري، وعماد حمدي، وشادية، وفريد شوقي، وهدى سلطان في رحلات قطار الرحمة التي أمرت بتسييره الثورة عام 1953 بين مديريات الوجه البحري والآخر القبلي، وقدَّم جانباً من فنه مع الفنانين الآخرين لمواساة المرضى في المستشفيات، وفي مراكز الرعاية الاجتماعية.
تأسيس شركة مصرفون
عام 1958م استطاع فوزي تأسيس شركة مصرفون لإنتاج الإسطوانات، وفرغ نفسه لإدارتها، حيث كانت تعتبر ضربة قاصمة لشركات الإسطوانات الأجنبية التي كانت تبيع الإسطوانة بتسعين قرشاً، بينما كانت شركة فوزي تبيعها بخمسة وثلاثين قرشاً، وأنتجت شركته أغاني كبار المطربين في ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما.
دفع تفوق شركة فوزي وجودة إنتاجها الحكومة إلي تأميمها سنة 1961م وتعيينه مديراً لها بمرتب 100 جنيه الأمر الذي أصابه باكتئاب حاد كان مقدمة رحلة مرضه الطويلة التي انتهت برحيله بمرض سرطان العظام في 20 أكتوبر 1966م.
وتقول مديحة يسري حول حياتها مع الراحل، في مقابلة قديمة مع «الكواكب» ان أكثر ما كان يشعرها بالمرارة، هو عدم تكريم الراحل في العقود الماضية بعد رحيله، رغم أن وزارة الاقتصاد الحالية كرّمته بوصفه أحد رجال الاقتصاد الوطني المصري.
وبحسرة، روت الفنانة الكبيرة كيف أمّمت الدولة في عهد الرئيس جمال عبدالناصر شركة «مصرفون»، وكانت يسري شريكته في الحياة الزوجية، وفي الشركة أيضاً، قالت: «الدولة لم تقدّر الدور العظيم الذي قام به لخدمة الاقتصاد المصري وقامت بتأميم المصنع والشركة والبيت والسيارات وكل شيء كنّا نملكه، أخذوا حتى ملابسي ولم يبق لي أي شيء إلا «بورتريه» لي كان قد رسمه صلاح طاهر، ثم بيعت الفيلا.
وقاموا بتعيينه مستشاراً فنياً للشركة، لكنه فوجئ في أحد الأيام عندما ذهب في الصباح الى مكتبه، بشخص كفيف يحتل مكانه، فأصيب بصدمة كبيرة وحزن أدى الى إصابته بالسرطان الذي بقي ينهش جسده طوال أربعة أعوام حتى توفي رحمه الله.
تكريم الناس
وتتذكر مديحة يسري: «رغم عدم تكريم الدولة له حتى بعد وفاته، إلا أنه حاز تكريم الناس، وجنازة مهيبة، حتى أننا انتظرنا أربع ساعات أمام المدفن الخاص به، لأن الجماهير خرجت لوداعه مما اضطر الداخلية لإرسال سيارات خاصة لتحمل جثمانه الى المدفن.
«واضافت أحببت فوزي جداً، لكني حزنت كثيراً عندما علمت بخيانته لي حيث كانت صدمة كبيرة، وطلبت الطلاق لكن استمرت العلاقة طيبة بيننا». هكذا تصف مديحة يسري حياتها مع الفنان الراحل، أما أطرف المواقف حسب مديحة يسري أنها سافرت لتصوير فيلم خارج مصر من دون موافقة فوزي، لكن عند وصولها الى المطار فوجئت بباقة ورد مرسلة إليها منه، ويومها جاءت شقيقته هدى سلطان وأوضحت لها أنه أرسل الورد لخوفه أن تصدق الخبر المنشور في جريدة «الأهرام» والذي يفيد بطلاقه لها، وهو خبر غير صحيح.
وتضيف الفنانة أنها عرفته في البداية كصديق وفيّ وقف الى جانبها بعد وفاة زوجها أحمد سالم، مما كان لذلك أثر كبير في نفسها الى أن طلبها للزواج، فبدأت تنظر إليه نظرة أخرى لتدرس الإنسان الذي سيشاركها حياتها، فأعجبت به: «.. لم أملك نفسي من الإعجاب به فقد كان وفياً، شهماً، كريماً وفوق هذا كله أحسست بأن روحه قد تآلفت مع روحي وأصبحنا شخصاً واحداً وتزوجنا وعشنا معاً ثماني سنوات أعتبرها من أجمل سنوات عمري... وأعتقد أن الصداقة التي جمعتنا قبل الزواج والكيمياء الخاصة بيننا بعد الزواج كانا سبباً في نجاح الثنائيات السينمائية التي قدمناها معاً مثل «قبلة في لبنان»، «فاطمة وماريكا وراشيل» قبل الزواج، وبعده قدمنا: «من أين لك هذا»، «معجزة السماء» و»بنات حواء» وكلها حققت النجاح».
وتعتبر مديحة يسري أن محمد فوزي «... كان كوميدياناً من الدرجة الأولى إضافة الى مواهبه المتعددة كملحن ومطرب وممثل».
«وكان إنساناً نادراً ينظر الى محبة جمهوره بأنها أمانة في عنقه لابد من ردها، وكان شديد الالتصاق بأبناء بلده ومسقط رأسه وأفراد أسرته هناك ويسأل عن الجميع بمن فيهم الفلاحون والفقراء».
وبعد الطلاق، بقيت الصداقة بينهما حتى آخر يوم في حياته وكانا في وفاق وسعادة رغم خسارتها لابنها منه عمرو بحادث سيارة، وكانت الصدمة الكبرى في حياتها
ومحمد فوزي هو صاحب لحن النشيد الوطني للجزائر قسما الذي نظمه شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا
غنى فوزي العديد من الأغاني ضمن هذه الأفلام وكانت كلها من ألحانه، كما لحن للعديد من مطربي عصره أمثال محمد عبد المطلب وليلى مراد ونازك وهدى سلطان أخته ونجاح سلام، وغيرهم الكثير
ريادة
في عام 1951 أنتج في خطوة مبكرة وجريئة فيلما ملونا هو ثاني الأفلام العربية الملونة «الحب في خطر»، ولحن أول أغنية رمضانية «المسحراتي»، وأول أغنية لعيد الميلاد «عيد ميلادك أحلى عيد».
أسرته
هو شقيق للممثلة والمطربة هدى سلطان... تزوج محمد فوزي عام 1943م بزوجته الأولى السيدة هداية وأنجب منها المهندس نبيل 1944 ـ المهندس سمير 1946 ـ الدكتور منير 1948 وانفصل عنها عام 1952، تزوج عام 1952 بالفنانة مديحة يسري وأنجب منها عمرو عام 1955 وقد توفي لها ابنان من محمد فوزي، وانفصل عنها عام 1959م، تزوج عام 1960 بزوجته الثالثة كريمة وأنجب منها ابنته الصغرى إيمان عام 1961وظلت معه حتى وفاته.
وفاته ومرض لم يعرفه أحد
بعدما أسس شركة مصر فون لتكون أول شركة للاسطوانات في الشرق الأوسط والتي لحق بها استوديو لتسجيل الالحان والأغاني وكان تأميم هذه الشركة في أوائل الستينيات من أكبر الصدمات في حياته بل وأعظمها، بدأت بعدها متاعبه الصحية ومرضه الذي احتار أطباء العالم في تشخيصه وقرر السفر للعلاج بالخارج وبالفعل سافر إلى لندن في أوائل العام 1965م ثم عاد إلى مصر ولكنه سافر مرة أخرى إلى ألمانيا بعدها بشهرين إلا أن المستشفي الألماني أصدر بيانا قال فيه انه لم يتوصل إلى معرفة مرضه الحقيقي ولا كيفية علاجه وانه خامس شخص على مستوى العالم يصيبه هذا المرض حيث وصل وزنه الى 36 كيلوغراما. المرض هو تليف الغشاء البريتوني الخلفي فيما بعد وأطلق على هذا المرض وقتها مرض فوزي هكذا سماه الدكتور الالماني باسم محمد فوزي. وهكذا دخل محمد فوزي دوامة طويلة مع المرض الذي اودى بحياته إلى أن توفي في 20 أكتوبر عام 1966م.
وقد بلغ رصيد محمد فوزي من الاغنيات 400 أغنية منها نحو 300 في الافلام من اشهرها «حبيبي وعينيه» و»شحات الغرام» و«تملي في قلبي» و«وحشونا الحبايب» و «اللي يهواك اهواه» ومجموعة من أجمل اغنيات الأطفال التي اشهرها «ماما زمانها جاية» و «ذهب الليل طلع الفجر» وغيرها من الأغاني الخالدة.