
الفنان الكبير الراحل رشدى اباظه كان حلم الكثير من الفتيات في عصره وحتى بعد وفاته وكان رشدي اباظة دائما ما يسرق الاضواء في الافلام التي كان يشارك في بطولتها نظرا لجاذبيته الشديدة وخفة دمه وادائه القوي وحضوره الطاغي.. فلم تكن وسامة رشدي أباظة جمال ملامح ولا خفة ظل فحسب.. إنما هي رجولة متكاملة وجمال في كل تفصيلة.
تربع على عرش السينما المصرية طوال ربع قرن، وشارك في بطولة 128 فيلما من أجمل أفلامها.. هو ذلك الرجل الذي عاش حياته بالطول والعرض، وكاد أن يدفع حياته ثمنا لإحدى علاقات الغرامية.
الدخول إلى عالم التمثيل
لم يكن التمثيل يوما من أحلامه، وكان يضحك عندما يروي حكايته مع السينما، فقد ولد رشدي سعيد أباظة، الشهير برشدي أباظة ولد عام 1927 لأب يعمل ضابط شرطة، وأم ايطالية، وحصل على شهادة البكالوريا من كلية سان مارك بالاسكندرية.
وفي شبابه، كانت أسرته تتمنى أن يصبح ضابطا في سلاح الفرسان أو طيارا، ولكن القدر كان يهييء له شيئا آخر فقد كان متجها ذات ليلة من صيف 1948 إلى المكان الذي يمارس فيه هوايته المفضلة البلياردو وعندما لمحه المخرج كمال بركات وهو من مخرجي الأربعينيات استوقفه وهو يتحرك بليونة ولياقة عالية، وراقبه وهو يضحك ضحكته الصافية، لاحظ نظرات عينيه الحاسمتين، وقوامه الفارع، فلم يتردد في أن يعرض عليه المشاركة في فيلمه الجديد الذي يحمل عنوان المليونيرة الصغيرة أمام فاتن حمامة التي كانت وقتها وجها جديدا يتألق على الشاشة الكبيرة..
معارضة الأهل
قرأ والد رشدي خبر اشتغال ابنه بالتمثيل في الصحافة فانتظر حتى دخل رشدي عليه، وقابله بانفعال شديد، وألقى بالصحيفة، التي كان يطالعها في وجه الشاب الصغير.
وسأله سؤالا واحدا: هل أنت مصر على العمل بالتمثيل؟ فأجاب رشدي: بعد إذن حضرتك يا بابا.
وهنا لم يتمالك الأب أعصابه فطرده من البيت.
رحلة النجومية
في أربع سنوات فقط.. من 54 إلى 1958 شارك رشدي أباظة في أربعة وعشرين فيلما، معظمها تعد من كلاسيكيات السينما المصرية، ومنها على سبيل المثال جعلوني مجرما لعاطف سالم وحياة أو موت لكمال الشيخ وارحم دموعي وموعد غرام لبركات ونساء في حياتي واسماعيل يس في البوليس لفطين عبدالوهاب وتمر حنه لحسين فوزي ودليلة لمحمد كريم ولا أنام لصلاح أبوسيف ورغم أهمية هذه الأفلام إلا أنها لم تصل به إلى مرحلة البطولات المطلقة، فقد تراوحت أدواره فيها بين الثانوية والمساعدة والبطولة الثانية، ولكنها تنوعت مابين الشرير والطيب، والشاب خفيف الظل والرياضي المخلص لصديقه.
ورغم كل هذا التنوع فقد كان رشدي أباظة بحاجة الي مخرج يؤمن بقدراته ويستطيع أن يوظفها ويضعها في الإطار الصحيح.. فلم يكن هذا المخرج إلا عز الدين ذو الفقار الذي التقي به لأول مرة في فيلم إني راحلة عام 1955 وأخذ يتعهده بالرعاية، ويزيد من مساحة الدور الذي يسنده إليه من فيلم إلى آخر.
الرجل الثاني والنقلة في حياته
وبالفعل قرر عزالدين ذوالفقار أن يأخذ بنفسه هذه الخطوة ويتحمل نتائجها، فأنتج وأخرج وشارك مع يوسف جوهر في كتابة سيناريو وحوار رائعته الرجل الثاني عام 1959 وهو الفيلم الذي حقق لرشدي أباظة أهم وأكبر نقلة في حياته، وجعله يلقي وراء ظهره معاناة وتشتت أحد عشر عاما في دنيا الفن، فاستطاع أن يكون شريرا غير مكروه، حيث برع في مشاهد الحركة والتعبير بالوجه والصوت عندما تكون الكلمة للمكر والدهاء، وكان هذا دون تكلف أو استعراض..
فانطلق سهم رشدي أباظة بسرعة فائقة حتي كانت فترة الستينيات والسبعينيات في السينما هي مرحلة رشدي أباظة فلعب في السنوات من 59 إلى 1972 بطولة واحد وثمانين فيلما من أصل 145 فيلما قدمها على مدي مشواره السينمائي في مصر كما يقول الكاتب أشرف غريب في دراسته عن سينما رشدي أباظة.. بخلاف عشرات الأفلام التي قدمها في سوريا ولبنان وتركيا وايطاليا..
كما شهدت هذه السنوات أول ظهور له كنجم كوميدي في أفلام الزوجة 13 وآه من حواء ونصف ساعة جواز وجناب السفير وبابا عاوز كده إلى جانب الأدوار الرومانسية في أفلام لقاء في الغروب ومبكي العشاق والحب الضائع كذلك قدم عددا كبيرا من الأدوار الوطنية في أفلام في بيتنا رجل ولا وقت للحب وغروب وشروق وشيء في صدري كما ساهم في عدد من الأفلام التاريخية مثل وااسلاماه وشهيدة الحب الإلهي وأميرة العرب ..
رشدي أباظة يضيع فرصة القيام بدور لورانس العرب
كانت أمام رشدي أباظة فرصتان للانطلاق إلى السينما العالمية، عندما قام بدور البديل للنجم روبرت تايلور في فيلم وادي الملوك حيث نشأت بينه وبين النجمة إلىانور باركر صداقة عميقة جعلتها تدعوه للسفر إلى هوليوود لتقديمه إلى السينما العالمية.
والفرصة الثانية عندما حضر المخرج ديفيد لين إلى القاهرة لاختيار أبطال فيلم لورانس العرب وكانت المنافسة شديدة بين عمر الشريف ورشدي أباظة ، فتعامل رشدي مع المخرج معاملة النجم الكبير رافضا إجراء اختبار له، بينما امتثل عمر الشريف فكان الدور من نصيبه.
رغم أن رشدي أباظة كان مهيأ تماما لهذه الفرصة، فهو بطل رياضي في المصارعة والملاكمة والسباحة والفروسية، يجيد خمس لغات غير العربية، وهي الانجليزية والفرنسية والايطالية والألمانية والأسبانية.
شركة النجوم الثلاثة للإنتاج الفني
الصداقات عند رشدي أباظه كان لها أثر كبير في حياته، فقد جمعته صداقة وأخوة مع ابن عمه وجيه أباظه، الذي كان كاتما لأسراره، كذا النجم الكبير أحمد رمزي، كما جمعنه صداقة مع ليدي السينما المصرية نادية لطفي، كان رشدي يطلق عليها الواد الشقي بينما كانت تطلق هي عليه الطفل المتهور.
كانت الثقة بينهما كبيرة حتى أن نادية كانت تمثل الأخت المعتمدة لرشدي أباظة في العائلة الأباظية.
الطريف أن رشدي أباظة وفريد شوقي ونادية لطفي قاموا بتأسيس شركة جديدة أطلقوا عليها النجوم الثلاثة لإنتاج فيلم يجمع بينهما وقاموا بتوقيع عقود الشركة التي بلغ رأسمالها 12 ألف جنيها مصريا.
ومرت أيام والنجوم الثلاثة يجتمعون ويسهرون ويقيمون الحفلات دون أن تقدم شركتهم فيلما واحدا.
ثم اكتشفوا أن المتبقي من رأس المال 6 آلاف جنيها فقط فاقتسموه و كانت نهاية الشركة ولكن ليست نهاية الصداقة.
زيجات وغراميات
كان رشدي أباظة يدخن ما يقرب من مئة سيجارة أثناء اليوم، وخمسة وعشرين فنجانا من القهوة، ولايتناول طوال اليوم سوي وجبة واحدة، وتزوج ست مرات، الأولى كانت مضيفة فرنسية تعمل بالقاهرة، ولكن زواجهما لم يستمر سوى عدة أشهر..
ثم تعرف رشدي على فلورنس رئيسة فرقة الباليه التي تعمل في الأوبرج، ونشأت بينهما قصة حب رغم فرق السن بينهما حيث كانت تكبره بعدة سنوات.