ما أن يرد اسم «سعاد حسني» حتى يتبادر إلى الذهن قضية زواجها المثير من العندليب الأسمر «عبد الحليم حافظ»، والذي ظل أمرًا غير محسوم لسنوات طويلة، بين اعتراف وإنكار، وغموض تام! إلا أن الإعلامي مفيد فوزي كشف عن زواجها بـ «عبد الحليم حافظ» فعلاً! متحدثًا عن أسرار كثيرة حول حياتهما معًا، مثل عدم قدرة «العندليب» على ممارسة الحقوق الزوجية معها بسبب تدهور حالته الصحية، ووفقًا لنصائح أطبائه، وكذلك غيرته الشديدة عليها، التي دفعت به إلى مراقبتها! وكشف «فوزي» استياء «سعاد حسني» من موقف العندليب عندما طالبها بالتوقف عن الغناء والاكتفاء بالتمثيل!
مع حسم زواجها من «عبد الحليم»، لم تكن هذه هي الزيجة الوحيدة التي ارتبطت بها «سندريلا» الشاشة العربية، ففي كتاب يحمل عنوان «سعاد حسني بعيدًا عن الوطن.. ذكريات وحكايات!»، ومؤلفه «د. عصام عبد الصمد»، الذي ارتبط بعلاقة صداقة وطيدة معها، يكشف عن حديث دار بينهما حول زواجها، فأخبرته بأنها تزوجت خمس مرات بكل من «المصور صلاح كريم»، و «عبد الحليم حافظ»، و «علي بدرخان»، و»زكي عبد الوهاب»، وأخيرًا «ماهر عواد»!
وحينها سألها متعجبًا عن سبب إخفاء زواجها من «عبد الحليم حافظ»، فبررت هذا الموقف، بأنها حينما تزوجت من «عبد الحليم» عرفيًّا طلب منها إخفاء هذه الزيجة خوفًا على معجباته! ولأن هذا الطلب أثار غضبها وضيقها فردت هي الأخرى بأنها تفضل ذلك خشية على معجبيها! وعند استفساره عن عدم إعلانها لهذه الزيجة بعد وفاته، ردت بأنها خشيت أن يظن أهله أنها تقول ذلك طمعًا في ميراثه! كما أكد «عز الدين حسني» شقيق الفنانة بأنها كانت متزوجة فعلاً من الفنان الراحل «عبد الحليم حافظ»، وذلك أثناء رحلة بالمغرب وأنها لم تبلغ أهلها بهذا الزواج!
نهاية درامية
بعدما قطعت «سندريلا» الشاشة العربية شوطًا من العلاج، وبعد تحسن حالتها الجسدية والنفسية قررت العودة إلى القاهرة في الأسبوع الأخير من شهر يونيو 2001 لتعود إلى حياتها الطبيعية وتمارس عملها من جديد، ولم تكن تعلم أنها على موعد مع القدر الذي أراد أيضًا رجوعها إلى الوطن في ذلك التوقيت، ولكنها كانت عودة جثمان بلا روح! لتنتهي مسرحية حياتها، في ظروف درامية غامضة؛ حيث توفيت «سعاد حسني» يوم الخميس 21 من يونيو 2001 بلندن، إثر سقوطها من الطابق السادس بمبنى «سيتوارت تاور» من شرفة شقة صديقتها «نادية يسري» التي انتقلت إليها قبل رحيلها بأيام لترتطم بالأرض جثة هامدة، تاركة هذا العالم المليء بالحقد والكراهية، والذي عانت منه طيلة حياتها مع المرض!
وهنا أخذ الجميع في التساؤل: هل من المعقول أن تيأس «سندريلا» من حياتها بعدما قطعت مشوارًا من العلاج، فأرادت بحياتها تلك النهاية الأليمة؟! أم قتلت عمدًا إثر قرارها بكتابة مذكرات حياتها، والتي يخشى الكثيرون من نشرها؟! تضاربت الأقاويل والآراء بين القتل العمد والانتحار والقضاء والقدر، ولكن أين تكمن الحقيقة؟!
الخيط الأول!
يقال إن وفاتها كان نتيجة اختلال توازنها فسقطت هاوية من الشرفة، والتي لا يتجاوز سورها 35 سنتيمترًا فقط، وذلك بسبب نوعية الأدوية التي تناولتها، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف بها أن تقع هاوية من شرفة مقفلة بأسلاك حديدية؟ ومن قص الأسلاك إذًا طالما أنها سقطت إثر فقدانها لتوازنها؟! فهذا الخيط قصير للغاية وينتهي طرفه الأخير بسرعة فائقة! لذا نمسك بالخيط الثاني وهو الانتحار.
الخيط الثاني في القضية
رجح البعض بأن «سعاد» أقدمت على الانتحار نتيجة يأسها من الحياة وإحساسها بالإحباط، بينما أكد كل من الدكتور «وفيق مصطفى» طبيبها الخاص، و»نادية يسري» صاحبة الشقة بأن «سعاد» أقدمت على الانتحار بسبب الحالة النفسية التي أحاطت بها! في الوقت نفسه أكد أهلها بأن حالتها النفسية كانت مرتفعة جدًا، وأنها كانت تستعد للرجوع إلى مصر، كما أكد الدكتور «عصام عبد الصمد» بأن «سعاد» وضعت خطة معه لعودتها لمصر عن طريق شركة طيران «شارتر»؛ حيث تقوم بالسفر للقاهرة عن طريق شرم الشيخ، حيث تكون في استقبالها صديقتها المقربة «سامية جاهين» وهي أخت «صلاح جاهين»؛ لأنها لا تريد مقابلة أحد! كما اتفق في الرأي مع أخت «سعاد حسني» «نجاة» بأن «سعاد» لم تقم عند «نادية» مطلقًا إلا لأيام محدودة بعد خروجها من المصحة؛ حيث كانت عبارة عن ترانزيت كما وصفتها أختها «نجاة»! فإذا كانت «سعاد» قد أقدمت على الانتحار فعلاً فلماذا احتاجت إلى مقعد ومنضدة وجدتهما الشرطة البريطانية بالشرفة لترمي بنفسها من شرفة لا يتجاوز ارتفاع سورها 35 سنتيمترًا؟! ألا يعد ذلك تضاربًا في الأقوال؟!
الخيط الأخير!
تبين وجود تضارب في أقوال الشهود، فبينما أكدت «نادية يسري» أنها شاهدت سقوطها وهي في المصعد، أكدت في رواية أخرى أنها فوجئت بزحام حول المبنى وعندما اقتربت من هذا الزحام وجدت «سعاد» جثة هامدة على الأرض!
وارتبك طبيبها الخاص، والذي أكد سابقًا بأنها أقدمت على الانتحار حينما واجهه أحد المتصلين في برنامج كان يتحدث به بأنه يخفي شيئًا عن هذه القضية، فكانت إجابته بأنه فعلاً يخفي شيئًا، ولكنه لن يكشفه وسوف يدعه للأيام لتكشف الكثير منه!
وقد اتهم «أحمد عز الدين حسني» ابن شقيق الفنانة في جلسة المحاكمة الأولى بأن «نادية» قالت له عندما زارها بأن «سعاد» ماتت في حضنها كالوردة على أحد كراسي غرفة الاستقبال، بينما نفت «نادية» ذلك بشدة! في مسرح الجريمة عثر على آثار قد يتركها الجناة وراءهم دائمًا؛ حيث لا توجد جريمة كاملة، فإذا قامت «سعاد» بقص سلك البلكونة لتلقي بنفسها، فأين هي أداة الجريمة؟ تلك الأداة التي استخدمتها لقص السلك؟! أذهبت خارج الشقة لتخفي هذه الأداة في مكان آخر بعيدًا عن مسرح الواقعة ثم تعود لتستكمل دورها في هذا السيناريو؟! أمن المعقول أن المنتحر تكون لديه القدرة على التفكير بأدق التفاصيل؟! لو حدث ذلك لكان دليلاً على أنها كانت واعية بتصرفاتها ومدركة لما تفعل، وليست كما ظهر لنا في مسرح الجريمة متسرعة تتعجل الانتحار؛ حيث سقطت فردة «الشبشب» الذي كانت ترتديه في الحمام والآخر في الشرفة! فكيف كانت تقدم على الانتحار فتذهب لتلقي بإحداهما في الحمام، ثم تذهب للشرفة لتترك بالأخرى؟ أليس هذا دليلاً واضحًا على وجود شخص آخر كان يدفعها للشرفة ليلقي بها؟!
مبنى مريب!
هناك أيضًا تكررت حوادث القتل والسقوط في هذا المبنى، ولأفراد عرب! مما يؤكد احتمالية القتل العمد خاصة حينما أكد أحد الجيران بوجود أبواب خلفية لكل شقة تساعد على اقتحامها ومغادرتها دون أن يشعر أحد! وتأتي المفاجأة التي ألقتها الفنانة «شريهان» حينما أعلنت بأنها تحدثت إلى الفنانة الراحلة ظهر الخميس يوم وفاتها، وأكدت لها «سعاد» بأنها كانت عائدة في هذه اللحظة من السينما وأنها سعيدة لإنقاص وزنها وأنها سوف تعود لمصر، وهذا دليل واضح على الحالة النفسية المرتفعة لديها والتي تنفي وجود احتمالية انتحارها تمامًا!
وهناك مفاجأة أخرى حينما أدلى أحد الجيران بالمبنى، والذي يقيم بالشقة المجاورة بأنه سمع عراكًا بين «سعاد حسني» وشخص ما، وأنها كانت تستغيث تقريبًا، ولكنه تراجع عن اتصاله بالشرطة حينما قالت له زوجته: إن البيوت أسرار! وأكد أن هذه هي المرة الوحيدة التي سمع فيها «سعاد» تتشاجر، كما أكد أن صديقتها «نادية يسري» قد خرجت قبل الحادث بدقائق قليلة، وهذا يعني وجود شك حولها! خاصة أن الشرطة لم تجد مالاً لدى «سعاد»، بينما أكدت «نادية» أن «سعاد» لم تكن تمتلك شيئًا! على عكس ما أكدته أسرة الراحلة بأنها اعتادت الاحتفاظ بعدة آلاف من الجنيهات الإسترلينية في شقتها!
كما أكد ضابط كبير في الشرطة البريطانية بأن ملف هذه القضية أغلق بطريقة سريعة جدًّا، إلا أنه أكد إمكانية فتح الملف من جديد إذا ما ظهرت ملابسات جديدة بالقضية. فمعظم الشواهد المتاحة ترجح احتمال مقتل الفنانة «سعاد حسني»، ولكن يبقى السؤال حائرًا: لماذا قتلت؟! ومن هي الجهة المستفيدة من قتلها وإسكاتها للأبد؟!