العدد 2506 Thursday 30, June 2016
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
الخالد : مطار الكويت سيكون ضمن أفضل المطارات الآمنة عالمياً مقتل 41 شخصاً بتفجيرات انتحارية استهدفت مطار إسطنبول المرابطون بالأقصى .. عين على القرآن وعين تحرس في سبيل الله «ناسا» اختبار جديد لصاروخ يسهل سفر البشر للمريخ البحث مستمر عن حوت عالق في شباك صيد قبالة ساحل كاليفورنيا «المركزي» يطالب بضرورة التعامل بالأوراق النقدية بأسلوب لائق وحضاري» تباين الأداء وتجميل المستويات السعرية للأسهم القيادية أبرز سمات جلسة البورصة فهد المخيزيم رئيساً لمجلس إدارة «أركان» الأمير معزياً أردوغان : نؤيدكم بكل ما تتخذونه لحماية أمن بلادكم واستقرارها ولي العهد استقبل المبارك الغانم يدين العمل الإرهابي بإسطنبول المبارك استقبل الجبوري والوفد المرافق له الصبيح : ضرورة إنجاز المشروعات المتعلقة بأنظمة الحاسب الآلي في أسرع وقت الحمود يترأس اجتماعاً نوعياً حول دراسة خصخصة الرياضة الكويتية فيديو «رامبو» يثير التكهنات حول اعتزال كاسياس دولياً «الصاروخ» البرتغالي يهدد أحلام المجد البولندية مقتل 41 شخصاً بهجمات انتحارية استهدفت مطار إسطنبول اليمن: مقتل 3 على يد مسلحين يشتبه بانتمائهم للقاعدة في حضرموت مقتل قيادي في تنظيم «داعش» و6 من عائلته شمال بغداد نيللي .. ملكة الفوازير الاستعراضية مدينة دقة تاريخ يحكي مثالاً عن تعاقب الحضارات

منوعات

مدينة دقة تاريخ يحكي مثالاً عن تعاقب الحضارات

 
يمتدّ تاريخ دقّة على أكثر من 25 قرنا، وتعتبر أثارها من بين أكثر المواقع التي تستحق المشاهدة ليس في تونس فقط وإنّما في المغرب العربي كله.
تقع دقّة في الشمال الغربي للبلاد التونسية في منطقة جبليّة تتابع فيها الأودية والهضاب المتدرّجة، حيث تكون درجات الحرارة أكثر برودة والتربة متنوّعة وخصبة.
شيّدت دقة فوق هضبة يحيط بها من الشرق والشمال الشرقي جرف شديد الانحدار. وتشرف من خلال منحدر حاد على سهول وادي خالد. لقد توفّرت لثقة كل المستلزمات الضروريّة لنشأة تجمع سكني قديم : موقع محصّن ذو وضعيّة دفاعيّة جيّدة، مواد بناء متوفّرة وقريبة، عيون جارية وأرضا خصبة للفلاحة.
تبدو الآثار ظاهرة للعيان من مسافات بعيدة من خلال سواري واجهة معبد بعل حانون ساتورنوس الشامخة والذي حدّد طبوغرافية الموقع بعد أشغال الترميم التي تمت في بداية القرن الفارط حيث يشرف بارتفاعه على سهول وادي خالد.
على مسافة 108 كلم من تونس العاصمة و على بعد بضعة كيلومترات من بلدة تبرسق يوجد الموقع الأثري بدقة, الذي يشرف على هضاب وحقول قمح وزيتون الممتدة حول المعلم, مشكلة مشاهد طبيعية خلابة. ويحتوي الموقع على عدد من أروع المعالم الأثرية في البلاد وخاصة الضريح اللوبي البوني والكابيتول والفوروم والمسرح.
مدينة نوميدية تاسست سنة 500 قبل ميلاد المسيح كانت مركزا إداريا للمملكة النوميدية ثم تحولت الى مدينة قرطاجانية فرومانية و كانت تابعة انذاك الامبراطورية القرطاجية ثم احتلها الرومان و اصبحت احد اهم المدن الرومانية في العالم و ثاني اهم مدينة رومانية في شمال افرقيا بعد قرطاج.
لتصبح بعد ذلك «باقوسا» أي قطاع او منطقة ملحقة بمستوطنة قرطاج الرومانية التابعة لولاية افريقية البروقنصلية ثم انتقلت تحت حكم قالينوس 253-268م إلى مرتبة المستوطنات الشرفية.
وتتميز «دقة» بمعمارها وآثارها الدينية المتميزة سواء منها المحلية النوميدية أو الوافدة أي الفينيقية/ القرطاجية ثم الرومانية. فقد عرفت تشييد عديد المعالم ابتداء من أقدم ما اكتشف في القرن الثالث قبل الميلاد (بقايا معبد بعل حمون) وكذلك في فترة الملك النوميدي ميسيبسا(148- 118ق.م) ,حيث تم بناء ضريح تخليدا للملك ماسينيسا
بالإضافة إلى معبد ساتيرن الذي بني في فترة حكم الإمبراطور الإفريقي سبتيموس سيفيروس
إجمالا عرفت دقة في القرنين الثاني والثالث ميلادي خاصة حركة معمارية مهمة. فشيد الكابيتول في بداية النصف الثاني من القرن الثاني ميلادي ومعبد ماركير في نهاية القرن الثاني وغيرهما. في بداية القرن الثالث تم تشييد عديد معابد النصر في عهد الإمبراطور كركلا وغيرها من
المعالم. ولعل هذا الثراء والتنوع الذي يعرفه المشهد العمراني التاريخي والطبيعي في دقة هو الذي يفسر إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي.
و قد عرفت دقة ازدهارا منقطع النظير خاصة في القرون الاولى من ميلاد المسيح. و لكنهاسرعان ما بدأت تنهار بحلول القرن الثالث خاصّة عند اجتياح «الوندال» لها و بذلك تركت دقّة, و بقيت هذه المدينة في طيّ النسيان إلى أن تمّ اكتشافها بحلول القرن السّابع عشر, و قد بدأت
الحفريات الأثرية منذ 1890
مجمل هذه الاكتشافات الأثرية والاضاءات التاريخية كانت نتاجا لعديد الحفريات المنجزة منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم, بدءا بحفرية الدكتور كرتون في بداية الفترة الاستعمارية إلى ما يقوم به المعهد الوطني للتراث ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية بعمل متواصل منذ سنوات والتي أدت إلى إحداث منتزه دقة ضمن الموقع اثري بدقة للرفع من عدد الزوار
وبعث حركية اقتصادية في المنطقة وتنشيط المهرجان الثقافي والترفيهي.
وقد انطلق المشروع بإدخال بعض التحسينات الخدماتية وترميم المعالم وتهيئة المسالك المتوفرة بالموقع.
و تم إعداد البحوث الميدانية العلمية بشراكة تونسية فرنسية وانتهت إلى انجاز دراسات حول عدد من المعالم الدينية لدقة تم نشرها سنة 2005 في كتاب تحت عنوان «دقة: دراسات في المعمار الديني».
إن موقع دقة يمثل شاهدا اثريا ومعماريا حيا على التواصل التاريخي ودلالة معبرة عن تقاطع المحلي في تراثه الثقافي المادي مع الوافد. فمعمار دقة وغيرها من المدن والمراكز الحضرية الأخرى في الفترة الرومانية والبيزنطية قد شيدته معارف الصانع المحلي الإفريقي فجاء متمثلا لبعض رؤى وأفكار منجزيه, لذا فان الحفاظ عليه والاعتناء به يندرج اليوم ضمن رؤية متكاملة لتاريخ البلاد التونسية وآثارها عبر حقبه ولحظاته التاريخية المختلفة.
و قد طرح خبراء اثار تونسيون وفرنسيون «مشروعا نموذجيا» لاعادة الاعتبار لمدينة «دقة» التي تعد واحدة من اهم واجمل المواقع الاثرية في شمال افريقيا وذلك لجعلها موقعا متطورا على خريطة السياحة الثقافية.
ويمتد موقع دقة الاثري على مساحة 70 هكتارا شاهدا على اكثر من خمسة و عشرون قرنا من حياة هذه المدينة التي اسسها الامازيغ في اواخر القرن السادس قبل الميلاد والتي تأثرت بحضارة قرطاج وازدهرت في العصر الروماني.
ويحتوى الموقع على عدد من اجمل المعالم الاثرية في تونس مع المسرح الروماني ومعبد الكابيتول وبعض المقابر الرومانية والقصور واقواس النصر والحمامات العمومية والمنازل الفخمة المفروشة بالفسيفساء فضلا عن الاراضي الزراعية.
وقد ادرجت «دقة» المعروفة قديما باسم «ثوقة» ضمن قائمة التراث العالمي فى كانون الاول/ديسمبر 1997 الا ان زوارها وعلى رغم من اهميتها لا يتعدون 45 الف زائر سنويا في حين تستقبل المنطقة الاثرية بقرطاج بالضاحية الشمالية للعاصمة التي تأسست سنة 814 قبل الميلاد 750الف زائر في السنة.
و دقة تعيش اليوم من المورد الفلاحي في أراضيها الخصبة.
إنّها المدينة الواقعة على جبل يتجاوز ارتفاعه عن البحر 700م. وهي ظلّت واحدة من أكبر المواقع الأثرية في العالم و يشهد على ذلك المسرح الذي يتّسع لأكثر من 000 3 متفرّج.
 
اكتشاف الموقع
زار توماس داكروس موقع دقة سنة 1631 وهو من مقاطعة البروفانس ومن أصل إسباني أسّره القراصنة واشتراه أحد تجار تونس الأثرياء قبل أن يفتدى ويعتنق الإسلام. كانت دقة في هذه الفترة مخفية وسط ضيعة فلاحيّة صغيرة فأصبحت منذ بداية القرن 18 م من أهمّ المواقع الأثريّة التي يرتادها الرحّالة الأوروبيّون في البلاد التونسيّة. فانطلقت الأبحاث بنسق حثيث منذ السنوات الأولى للحماية الفرنسيّة بتونس سنة 1881. وكانت الحصيلة حفر ثلث الموقع تقريبا لكن هذه الحفريات مكنت من إبراز عدد كبير من المعالم المتنوّعة والتي تعود إلى عدّة فترات تاريخيّة. ونجد من بينها معالم فريدة من نوعها جعلت من دقة موقعا خارقا للعادة.
 
طاقة استيعاب الموقع
قدّر عدد سكّان هذه المدينة في أوج امتدادها بحوالي 5000 ساكن (10000 لو أحصينا السكان المقيمين حولها) يتوزّعون على مساحة جمليّة تقدّر بـ 70 هكتار تقريبا.
ويمكن لدقّة أن تفتخر بإكتسابها مجموعة نقائشيّة تقدّر بـ 2000 نقيشة لوبيّة، بونيّة محدثة، إغريقيّة ولاتينيّة ذات قيمة كبيرة. ولقد حقّقت الإضافة سواء على مستوى فكّ رموز الكتابة اللوبيّة أو لمعرفة التنظيم الاجتماعي والبلدي للنوميديّين. كما تمكّن من فهم بعض المظاهر التي كانت غامضة في تاريخ السياسة الإستعماريّة لروما وكذلك التنظيم البلدي داخل مقاطعاتها.
إضافة إلى ذلك هناك مجموعة هامّة من الفسيفساء الرومانيّة. نجد من بينها أكثر من عشرين لوحة وهي إمّا معروضة في قاعات المتحف الوطني بباردو أو محفوظة داخل المخازن. وتمثّل هذه الفسيفساء ملامح الحياة اليومية (تنشيط، آلهة، أرباب، جلسات خمريّة ...) كما نجد مشاهد ميثولوجيّة. تمكّن مختلف هذه العروض من تصور ومعرفة عقليّة السكّان الدقيين .

اضافة تعليق

الاسم

البريد الالكتروني

التعليق