
داخل أروقة فرقة المسرح العربي أقيمت أحدى أمسيات تكريم الرواد وهو النهج الذي تسير عليه الفرقة في عهدها الجديد استكمالا لما بدأته قبل عقود في تكريم الرواد في يوم المسرح العربي كانت الأمسية لتكريم واحدا من جيل الرواد الأوائل الذين حملوا مشاعل التنوير عبر أعمالهم الفنية هو الفنان محمد جابر حيث كان في استقباله المخرج والفنان أحمد الشطي رئيس مجلس إدارة الفرقة والمخرج صالح القيلاني نائب الرئيس ونخبة من الفنانين منهم الفنان القدير سليمان الياسين والمخرج محمد سليمان والدكتور شايع الشايع والشاعر بندر المطيري "البندر " والفنان حسن القلاف وكوكبة من الفنانين الشباب والإعلاميين . كلمة الشطي
وفي البداية رحب المخرج أحمد الشطي بالفنان القدير محمد جابر قائلا : نرحب بالعم بو خالد داخل فرقته المسرح العربي في أمسية للحب والوفاء لهذا الرمز الفني الذي تعلمنا منه الكثير والكثير ونفخر به جميعا كما تفخر الكويت فهو أحد أبنائها النابهين الذين بذلوا جهودهم بإخلاص لعقود طويلة من أجل رفعة الفن الكويتي والخليجي والارتقاء به وأنا شخصيا تعاملت مع العم بوخالد كما تعاملت مع أبناء جيلي كمخرج فالتعامل معه للأمانة كان أسهل وأسلس يتقبل أي ملاحظة بصدر رحب كذلك العم بوصلاح غانم الصالح رحمه الله فهذا جيل ذهبي نكن له كل تقدير واحترام واليوم نسعد بتكريمه ونحتفي به داخل المسرح العربي.
أمسية الوفاء والتكريم
لتنطلق الأمسية وكان عريفها الفنان والمحامي حسن المتروك الذي قدم الفنان محمد جابر بمقدمة أشارت إلى تاريخه العريق في الفن وأعماله المؤثرة والتي تركت بصمة على صفحات الفن الخليجي ليترك المجال لجابر للحديث عن ذكرياته ومشواره وكيف كانت البدايات الأولى .
يقول الفنان القدير محمد جابر يطلقون علينا الرعيل الأول وهذا ليس صحيحا فالرعيل الأول هم عقاب الخطيب ومحمد المنيع وصالح العجيرى وعبد الله المنيس ومحمد النشمي وعبد الرزاق النفيسي والنفيسي هو ابن عم خالد النفيسي وأول من قدم دور المرأة على المسرح الكويتي وهذا لا يعرفه الكثيرين لكن عائلته منعته من تقديم هذا الدور فتلقفها الفنان عبد العزيز النمش وقدمها لسنوات طويلة .
البدايات الجميلة
ويضيف جابر في بداية سنين عمري الأولى درست عند «الملا الخنيني» ، ثم التحقت بالمعهد الديني وكانوا يعطوننا مكافأة شهرية «30 روبية» وعندما توقفت المكافأة دخلت مدرسة المثنى وكان معلمي عقاب الخطيب ومحمد النشمي فقالا لي: نحن إخوة في اللون ويظهر عليك الذكاء نريدك أن تعمل معنا في مسرحية مدرسية فوافقت وعملت معهم في المسرحية وبدأت أحب الفن حباً شديداً بعد ذلك تخرجت في مدرسة المثنى بعد4 سنوات وانتقلت إلى المدرسة القبلية لمدة أربع سنوات أخرى،وتركت الدراسة وتوجهت للعمل الحكومي فالتحقت بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وكان مديري في العمل الفنان الكبير المؤسس محمد النشمي فقال لي: يا محمد نحن نريد فنا على أصوله ونريد منك أن تقدم تجربة أداء على المسرح فقدمت الاختبار وكانت جملة حواري «عزيز على نفسي أن أطيح الأعناق بهذا السيف بعدل، فعلت هذا أيها الأمير؟، نعم فعلت ولكني قسوت» ففرحوا بما قلته وقال لي «انك ناجح» وهنا بدأت رحلتي مع الفن ودخلت هذا المجال، قبل ذلك عندما كنت موظفا في الشؤون كان وقتها محمد النشمي يقدم مسرحيات ارتجالية ويقول لي: «تعال معنا وضع مسجل الصوت بيدك وسجل حوارنا» فكنت اذهب معهم وامسك لهم مسجل الصوت لأنه لم يكن هناك كتابة نص فقط ارتجال النص، اذكر أنه كان معنا سعد الفرج وغانم الصالح وأول عمل للتلفزيون قدمته مع محمد النشمي عند افتتاح تلفزيون الكويت وهو عبارة عن سهرة عنوانها «بغيتها طرب صارت نشب» وكانت مدتها ساعة وعرضت عام 1962 وأخرجها الإعلامي الكبير والوزير السابق محمد السنعوسي وكان يقدمها رضا الفيلي واشتغلنا لمدة أربع سنوات قدمنا فيها «صقر قريش» و«ابودلامة» وتخرجنا في دورة زكي طليمات عام 1964 وبعدها أراد زكي طليمات ان يفتح معهداً للتمثيل تقدمنا للدراسة فيه فقال لنا زكي طليمات انتم لا تحتاجون إلى الدراسة لأنكم افضل من الذين سأدرسهم في هذا المعهد وسوف نمنحكم الشهادات بأسمائكم.
ويستطرد محمد جابر قائلا : ثم جاءت بعد ذلك محطة مهمة في تاريخ الفن الكويتي وهي إنشاء المسارح الأهلية الشعبي ويضم إبراهيم الصلال وجاسم الصالح ومحمد الصالح و«العربي» يضم عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وغانم الصالح وخالد النفيسي وحسين الصالح و«الكويتي» يضم سالم الفقعان و«الخليجي» يضم صقر الرشود ومنصور المنصور ومحمد المنصور.
عشت وشفت
وأول مسرحية قمنا بتمثيلها كانت «عشت وشفت» تأليف سعد الفرج وإخراج حسين الصالح فانا وعبد الحسين عبد الرضا لم نعمل بها لأنه كان لدى عبد الحسين عبد الرضا مسرحية قام بكتابتها، وقال لي إننا سوف نعمل بها فكانت مسرحية «اغنم زمانك» التي مثلت بها شخصية «العيدروسي» للمرة الأولى وهي المسرحية التي عرفني الجمهور من خلالها واثبت وجودي وأبدعت بها بشهادة الجميع وتعتبر تاريخاً ونقلة بالحركة الفنية الكويتية ونقطة تحول لي وللذين كانوا معي وبعدما انتهيت من المسرحية وعرضت للجمهور انهالت علي عروض المسلسلات بشخصية «العيدروسي».
شخصية العيدروسي
ويكشف جابر تفاصيل هذه الشخصية قائلا : شخصية العيدروسي لها قصة طريفة للغاية، فهي لم تأت من فراغ وإنما من حفلات السمر من سامري إلى ليوة إلى غير ذلك التي تستخدم بها الإيقاعات الخليجية، فكنت أحب الفن الشعبي واحضر هذه الحفلات فاستمع إليهم وهم يغنون بصوت جميل «شي لله يالعيدروسي، شي لله محي النفوسي»، فأحببت الاسم لأنه يطلق على رجل من أهل الخير ولا يخلو من الكوميديا وفيه مساحات للإبداع فعرضت الفكرة على المخرج حسين الصالح وأعجب بالشخصية فقمت بتمثيلها ونجحت نجاحاً منقطع النظير وكانت سبب شهرتي وتوالت الأدوار علي بعد ذلك فما انتهي من عمل حتى ابدأ بعمل آخر وزاد الطلب على ولله الحمد وتوالت الأدوار لنفس الشخصية ومنذ عام 1965 إلى عام 1984 وأنا أقدم شخصية «العيدروسي» فكتبت الصحافة الفنية قائلة إنني وضعت نفسي في إطار لا يمكن أن اخرج منه وجعلت نفسي مثل عبد العزيز النمش في دور «أم عليوي» وعبد الحسين فى دور أبو عليوى فتوقفت لفترة عن هذه الشخصية لأثبت لهم أن الفنان يستطيع أن يقدم شيئاً جديداً ولا يربط نفسه في شخصية معينة وقادر على تقديم كل الأدوار ونجحت بفضل الله.
الفن بين الأمس واليوم
ويضيف الفنان القدير محمد جابر : لا يُخفى على احد ممن يهمه مصلحة الفن ولا على المتابعين أن الفن تراجع إلى الوراء ولا وجه للمقارنة بما كنا عليه وبالطبع لا قياس بين فن الأمس وفن اليوم فقد كنا كتلة واحدة نعيش مع بعضنا البعض أكثر مما نعيش مع أهلنا والمشكلة تكمن في من يعمل بالفن هذه الأيام النفوس تغيرت والمادة سيطرت فلم نكن نسعى خلف الفلوس ومن يظن أن محمد جابر غني فهو واهم لأن كل ما أكسبه أصرفه على أسرتي وفني ، هؤلاء الناس لا يهمهم الفن وإنما همهم الأكبر جمع المال والتجارة في الفن وهذا سبب رئيسي في تراجعه إضافة إلى أسباب كثيرة منها ضعف النص وضعف الممثلين فكثير مما يقدم من أعمال بعيد عن الواقع وليس لها هدف والناس اليوم اختلفت رؤيتهم ونحن نسعى جاهدين إلى رفعة الفن والجمهور .
الجيل الجديد
ووجه الفنان حسن القلاف له سؤالا حول الشباب والنصيحة التي يوجهها لهم فرد قائلا -الالتزام فالفن خلق، والخلق فن، ومواعيد التصوير مهمة للغاية ويجب الالتزام بها ومن يريد أن يكون فنانا ناجحا عليه أن يتعلم مما سبق، كنا ومازلنا نحضر مواعيد التصوير قبل ساعة من بدئها ونكون آخر من يخرج من العمل ولكن اليوم حدث ولا حرج تأخير وعدم التزام وعدم احترام لأصول العمل ولا أقول الجميع فهناك فنانون يسيرون كما كنا نسير ويحترمون العمل.
وفي نهاية الأمسية قام المخرج احمد الشطي بتكريم الفنان محمد جابر بدرع تذكارى وسط حفاوة الجميع والتقاط الصور التذكاريه ثم قام الفنان محمد جابر بجولة في معرض الصور الفوتوغرافية للأعمال المسرحية القديمة وصور الرواد .