العدد 5134 Sunday 23, March 2025
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
الهديبان : سنظل نحافظ على ميراث الآباء والأجداد الصافي لـ الصباح : الملفات العالقة بين العراق والكويت على سكة الحسم وزير الدفاع اللبناني : لا عودة لما قبل الهدنة الوسمي : نجاح تنظيم الصلوات والفعاليات في ليالي رمضان المباركة استقرار الاقتصاد الكويتي يعتمد على بناء قواعد مساندة لقاعدتي النفط واحتياطي الأجيال سمو أمير البلاد هنأ رئيسة ناميبيا بذكرى الاستقلال لبلادها أ.د. بركات الهديبان استقبل المهنئين برمضان: هذا العرس ميراث من أجدادنا إلى آبائنا ولا نزال نحافظ عليه الصافي لـ الصباح : معالجة الملفات مع الكويت من خلال تكثيف الاجتماعات تنفيذا لتوجيهات قيادتي البلدين زبيدوف لـ الصباح : الكويت تحتل مكانة مرموقة دوليا لسياستها الحكيمة والمتوازنة ووساطتها لحل النزاعات وفاة أسطورة الملاكمة جورج فورمان مطار هيثرو يستأنف عملياته بعد يوم من حريق وانقطاع الكهرباء وشق مصري يهاجم جنوداً إسرائيليين مدرب» الأزرق»: نستعد جيداً لمباراة عُمان المقبلة ولا زلنا متمسكين بالأمل البدر : نسير بخطى ثابته لتحقيق إنجازات تسجل باسم الكويت الصليبيخات والنصر يتغلبان على الفحيحيل والقرين في دوري اليد عمومية « KIB» تقرّ توزيع أرباح 5 % نقداً و5 % أسهم منحة عن 2024 أمسية رمضانية بعنوان «21 عاماً.. وإرث زايد ينبض بالعطاء» إسرائيل تواصل غاراتها على غزة.. و«حماس» ترد على ويتكوف : «تقلب الحقائق» لبنان : عون يطالب الجيش بتحقيق لمعرفة ملابسات ما حدث بالجنوب غارات أمريكية جديدة على مواقع الحوثيين في الحديدة وصعدة حكايات ومشاعر الأمومة بحياة النجمات في عيد الأم عبد العزيز السريع أحد أهم أعمدة المسرح الكويتي مسيرة حافلة وعطاء زاخر عبد العزيز تاج أحد أهم رواد الكاريكاتير في العصر الحديث يرسم عن البسطاء والمهمشين

منوعات

عبد العزيز السريع أحد أهم أعمدة المسرح الكويتي مسيرة حافلة وعطاء زاخر

التقيت بالعم أبو منقذ للمرة الأولى في القاهرة حينما كان أمينا عاما لمؤسسة عبد العزيز البابطين الشعرية في أحد مكاتب المؤسسة بشارع جامعة الدول العربية وكان سبب المقابلة هو اختبار لاختيار من يصلح ليكون مديرا لتحرير مجلة «المسرح والناس» المزمع تأسيسها في الكويت كان ذلك في نهاية التسعينيات وعلى مشارف الألفية الجديدة وكنت قد أعددت نفسي جيدا لهذا اللقاء بعد أن رشحني لدخول الاختبار الكاتب الكبير رجاء النقاش وكنت أعمل وقتها معه في مجلة الكواكب كما كنت سكرتيرا لتحرير مجلة المسرح التي تصدرها وزارة الثقافة المصرية وكنت أتخيل أنني سأرى رجلا جادا جدا متجهما يطرح الأسئلة بوجه تكسوه ملامح عابسة عليه أمارات الثراء ككويتي هكذا تصورت أن المقابلة ستكون شديدة ولا أعرف لماذا المهم أعددت فايلات أقرب الى المجلدات فيها صور موضوعاتي ولكل مجلة وجريدة عملت فيها فايل مثل الكواكب والمسرح والميدان اليومية وكاريكاتير وفايل يجمع المتفرقات في مجلات وجرائد مصرية وعربية ودخلت على العم بومنقذ فاذا برجل أنيقا في لباسه لكنه بسيطا في مظهره ليست هناك مبالغات تشي بالثراء الفاحش كما تصورت وبابتسامة لطيفة قال بصوت هاديء خفيض تفضل اجلس وقبل أن يسألني قررت إظهار فايلاتي قائلا : هذه أعمالي لعلها تجيب عن بعض الأسئلة وتوفر وقت حضرتك فساد الصمت لعدة دقائق كان يقلب فيها العم بومنقذ الصفحات تلو الصفحات وأنا أترقب لكني شعرت بارتياح كبير وأنا ارى ابتسامته كلما تنقل بين الصفحات حتى انتهى منها لم يفرها سريعا بل أخذ وقته ثم نظر الى قائلا : ماشاء الله هذا جهد كبير ويدل على قدراتك حقيقة ليس عندي أسئلة لك فقد أجابت على كل شيئ موضوعات فأخرجت الفايل الأخير بعدما شعرت أنني أتحدث مع رجل متواضع كأني أعرفه منذ سنوات طويلة فقلت حضرتك هذا الفايل يتضمن دراسة متكاملة عن كيفية تأسيس المجلة والخطوات اللازمة وتحديد الجمهور المستهدف واليات التوزيع فابتسم من جديد ابتسامة أشاعت في نفسي حالة من الاطمئنان وهو يقول أحسنت تمنيت وقتها أن يوفقنى الله واعمل معه  فقال بلهجة هادئة تليفونك عندنا وأبشر خير إن شاء الله ومضت ستة أشهر تقريبا بعد هذا اللقاء كنت أعتقد أنه تم اختيار أحد غيري وانتهى الموضوع وكل شيء نصيب لكن حدث الاتصال ووصلت الكويت وأتذكر أنه في الاجتماع الاول التقيت بعمالقة كنت أعرف بعضهم من القاهرة منهم على سبيل المثال عملاق المسرح المخرج الكبير فؤاد الشطي والأستاذ الدكتور سليمان الشطي ووجدت دراستي في يد العم بومنقذ وهو يقول بالحرف هذه الدراسة لم تترك شاردة ولا واردة الا أحصتها بخصوص المجلة وأنه اختيار موفق إن شاء الله لكن صادفت المجلة عثرات وصعوبات عديدة حالت دون إصدارها بعد فترة قصيرة لكن لم يتركني العم بومنقذ ففتح لي مجال للعمل في مؤسسة عبد العزيز البابطين ثم رشحني لرئاسة أحد أقسام الفنون والمنوعات في جريدة يومية وعلى مدى أكثر من ربع قرن كان السند والعون مع رفيق دربه عمنا الراحل الكبير فؤاد الشطي فأنا مدين لهما بكل خطوة خطوتها في الكويت فرحم الله الشطي الكبير وبارك في نجله المخرج أحمد الشطي الذي أكمل المسيرة وشفى الله عمنا بومنقذ ومتعه بالصحة والعافية فمن هو بومنقذ أحد أهم أعمدة الفنون خاصة المسرح في الكويت والخليج.
يعتبر الكاتب الكبير عبد العزيز السريع من أهم مبدعي المسرح في الكويت يشار إليه بالبنان صاحب التجربة الاستثنائية والإسهامات الثقافية المميزة الذي ترك أثرًا جليًا وأحدث فرقاً واضحًا وصنع سيرة مشرفة.
تميز بشخصية محببة وهادئة، ذات صدر رحب وإنسانية فياضة لا حدود لها كان شفافًا يميل للوضوح قولًا وفعلًا عُرف بإخلاصه في عمله وتواضعه الجم وأدبه البالغ وجديته في طرح القضايا الاجتماعية والسياسية لمجتمعه .
ولد الكاتب القديرعبد العزيز محمد السريع في الثالث من نوفمبر من عام 1939. كان الثاني في الترتيب بين أشقائه الثمانية تدرج في المراحل التعليمية حتى التحق بكلية الآداب في جامعة الكويت، وحاز إجازة في اللغة العربية سنة 1980.
تأثر بو منقذ بحكايا الجدات الشعبية اللاتي استمع إلى أحاديثهن في طفولته حتى اقتنى أول كتاب في حياته وهو كتاب عابر سبيل للعقاد- من عمه الشغوف بالعلم، وانصرف لقراءة كل ما تقع عليه عينه بعدها. وسرعان ما بدأ بمتابعة مسرحيات محمد النشمي التي تؤديها فرقة المسرح الشعبي على مسرح مدرسة صلاح الدين ومدرسة الصدّيق ليهتمّ بالمسرح العربي، كما تابع مجلة المسرح المصرية ومجلة الآداب البيروتية ببالغ الاهتمام عُرف بشغفه بالرواية العربية والمترجمة، وإعجابه بنتاج نجيب محفوظ ونزار قباني ويوسف إدريس، فضلًا عن قراءاته المكثفة لكتاب عالميين مثل تشيخوف وموباسان وشكسبير وموليير ويوجين أونيل وأنريكي بونثيلا وتينيسي ويليامز ودوستوفيسكي وتولستوي وهوغو وديماس وغيرهم.
البداية المسرحية
أما بالنسبة لأولى محاولاته في الكتابة، فكانت مسرحية «أنا محتار» التي قدمها لزملائه على استحياء وفوجئ باستحسانهم وآرائهم الإيجابية حولها، ثم ما لبث أن أسماها فيما بعد «عنده شهادة» وقدمها للمشاركة في أول مسابقة للتأليف المسرحي في الكويت في عام 1965، كانت قد نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية- بإشراف المسرحي الكبير زكي طليمات- بهدف تشجيع التأليف المسرحي، وفازت المسرحية بالجائزة الأفضل آنذاك.
ومما لا شك فيه أن اهتمامه بالشأن الثقافي والسياسي والاجتماعي، وقراءاته المتنوعة قد أثرت مخيلته وحصيلته اللغوية، وساهمت بشكل أو بآخر في خلق تلك الأعمال المسرحية التي اتسمت بالعمق والتأثير وتناولت قضايا في غاية الأهمية، وكانت ملائمةً للبيئة التي تكونت في ظلها، ومعبرةً عن تحولاتها ومشكلاتها بأسلوب لا يخلو من البساطة رغم عمقه.
العم أبو منقذ هوالكاتب المتمكن من أدواته وشخوصه، والمجدد في الأحداث والأبعاد الاجتماعية والإنسانية والفكرية في أعماله، والذي استطاع بذلك خلق اتجاه جديد في فن المسرح وهو أحد الكبار الذين ساهموا في تأسيس حركة ثقافية وفنية نشطة في الكويت الحديثة آنذاك بالتعاون مع رفيق دربه الراحل صقر الرشود الذي شكل معه ثنائيا تاريخيا وكانا سببا في تطوير وازدهار فن المسرح على نحو لافت وجلي، والمساهمة في إيصال الفن المسرحي الكويتي إلى العالم العربي من خلال طرحه لقضايا بيئته المحلية بمستوى رفيع من العمق الإنساني الذي يسمح بتذوقها وفهمها في مختلف البيئات. فاستطاع دمج المشهد المسرحي الكويتي والخليجي في التجارب المسرحية العربية .
كما ساهم في إصدار العديد من الكتب عن بعض الرموز المرتبطة بالمسرح؛ مثل محمد الرجيب، وسعى إلى توثيق المسرحيات الكويتية في سلسلة منظمة. كما كان له دور كبير في إصدارات مؤسسة عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري.
وعندما انتقل إلى منزله في منطقة مشرف في عام 1994، خصص حيزًا كبيرًا منه لمكتبته الخاصة التي نقلها معه من بيته القديم، والتي ضمت ما يقارب العشرة آلاف كتاب؛ وللأدب المسرحي نصيب الأسد فيها، تليه الرواية ثم الشعر ثم التاريخ والسياسة والإعلام.
بين فن المسرح ومسرح الحياة سعى بو منقذ لخلق كل ما هو جميل ومختلف، ففاق جمال روحه اختلاف وتميز أعماله وتفردها.
وتميزت علاقة بو منقذ بعائلته بالمحبة والمودة والاحترام المتبادل تزوج بابنة عمه السيدة أنيسة السريع، وأنجبا منقذ وهو المخرج المسرحي ورئيس مجلس إدارة فرقة مسرح الخليج العربي لعدة دورات - ونازك ومؤيد، والمرحوم منذر- الذي توفي شابًا يافعًا وخلّف رحيله حزنًا عميقًا في قلوب والده ووالدته وأشقائه وكل من عرفه - ونادية ونور كما اتسمت علاقته بأبنائه وبناته بالتفهم، فلم يكن ذلك الأب الذي يحبذ التوجيه المباشر وإصدار التعليمات، بل امتاز باللين والعطف، وكان حريصًا على منح مساحة من الحرية لأبنائه وبناته. كما يحرص بو منقذ منذ زمن بعيد على تجمع أشقائه وشقيقاته وأبنائهم في منزله كل أسبوع؛ باعتباره عميدًا لعائلة السريع الكرام؛ يرحب بالصغير قبل الكبير، ويفتح قلبه قبل بيته للجميع.
إنجازات كبيرة
امتدّت مسيرة عطاء بو منقذ لأكثر من ستين عامًا، قضى منها ثلاثين سنة في القطاع الحكومي- عمل خلالها أمينًا لمكتبة القادسية التي استطاع تحويلها إلى مركز ثقافي، مرورًا بعمله في وزارة الإعلام، فضلًا عن دوره الفاعل في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
ثم عشرين عامًا في مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، أشرف خلالها على إصدار ما يزيد على أربعمئة كتاب، كان من بين أهم تلك الإصدارات القيمة معجم البابطين للشعراء، والذي استغرق العمل على إصداره إحدى عشرة سنة.وشارك في المهرجانات المسرحية والندوات والملتقيات والمؤتمرات في الداخل والخارج فكان خير سفير لديرته الكويت الحبيبة
كل الأشخاص الذين عرفوا أبا منقذ، أشادوا بالتزامه ومهنيته العالية وإتقانه لعمله ولا ننسى دوره المؤثر إبان الاحتلال العراقي للكويت، حيث عمل مديرًا لإدارة الثقافة والنشر في المركز الإعلامي الكويتي بمقره الكائن في مدينة القاهرة.
هذه السطور القليلة لا يمكن أن تغطي جوانب من حياة هذه الشخصية التي تعتبر نسيج وحدها متفرد في عمله وانجازاته فقد سجل اسمه بمداد الذهب على خارطة الفن الكويتي وسرد سيرته وأعماله يحتاج الى صفحات طويلة لكنه جهد المقل أمام قامة كبيرة وقيمة عظيمة على المستوى المهني والانساني والاحتفاء به هو احتفاء بذاكرة الكويت الثقافية وروادها وصناعها الكبار شفي الله العم بومنقذ الرجل الذى أعطى الكويت الكثير ولا يزال أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية .

اضافة تعليق

الاسم

البريد الالكتروني

التعليق