
استطاع مركز جابر الأحمد الثقافي «دار الأوبرا الكويتية» أن يشكل فارقا كبيرا في عالم الطرب الأصيل واستعادة رونق الزمن الجميل بعيدا عن التلوث السمعي والصخب والضجيج الذي بات يفرض نفسه على الأذن العربية فأصبحنا نرى مطربين ومطربات يغنون بأجسادهم أكثر من أصواتهم الزاعقة لكي يعوضوا ضعف صوتهم ويجدون من يصفق لهم ويرقص معهم لكن تأتي ليالي الأوبرا الكويتية لتعيد ضبط ايقاع الطرب العربي وتحيي ليالي الأصالة والألحان الشجية لكبار نجوم الطرب والالحان في محاولة لتنظيف الاذان العربية مما علق بها من هذا التلوث السمعي وتخلصها من الاضطراب والتخبط الوجداني وليس أدل على ذلك من ليلة بليغ حمدي وهي إحدى الليالي العريقة التي تضاف الى عقد اللؤلؤ الذي يجمعه المركز أو اللوحة التي ينسجها بابداع وتميز فقد عاشت الجماهير مع ليلة استثنائية طربية أحياها بامتياز كلاً من الفنانين خلف المشعوف وريهام عبدالحكيم بقيادة المايسترو الدكتورعلاء عبدالسلام وفرقته الموسيقية في «المسرح الوطني» بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي من إنتاج وتنظيم شركة «كيف» للإنتاج الفني ليستمتع الحضور بروائع النغم والطرب لكبار المطربين الذين أثروا الحياة الفنية بأصواتهم البديعة ومن ألحان العبقري بليغ حمدي الذي يردد البعض أنه موسيقارالأجيال بلا منازع وهو الملقب بملك الموسيقى وسلطان الالحان أحد أعلام الموسيقى العربية في القرن العشرين.
الحفل استمر لمدة 120 دقيقة من الوقت حيث أطل في البداية المطرب خلف المشعوف بأداء رائع وصوت رخيم شجي مقدما أربعة أغنيات نالت استحسان الجميع الذين تفاعلوا معها بالتصفيق الحار
أولها كانت لـ»العندليب» عبدالحليم حافظ وحملت عنوان «أي دمعة حزن لا» وهي من كلمات محمد حمزة، ثم انتقل بعدها بسلاسة ويسر إلى واحدة من روائع «كوكب الشرق» أم كلثوم وهي أغنية «حب إيه» من كلمات عبدالوهاب محمد ومع انتشار اجواء الطرب في أرجاء القاعة و»سلطنة» الحاضرين واندماجهم ، قدم أغنية «على رمش عيونها» وهي إحدى روائع الفنان الكبير وديع الصافي وهي من كلمات حسين السيد، في حين كانت أخر أغنية له في وصلته الغنائية بعنوان «أنا بعشقك» للفنانة ميادة الحناوي ليختتم المشعوف وصلته الغنائية وسط تصفيق الجمهور وامتنانه لصوت أمتعهم بحق وأعاد لهم زمن الطرب الجميل
لتطل بعد ذلك ريهام عبدالحكيم بإطلالة مميزة كلها ثقة واقتدار لتكمل مسيرة الإبداع والنجاح لهذه الليلة الاستثنائية التي ستبقى محفورة في الأذهان بقيادة احترافية ومميزة من المايسترو علاء عبدالسلام، حيث كان منتشياً بالألحان، منسجماً مع كل نوتة موسيقية، يعبّر عنها بكل تفصيلة من جسمه مما منح جمالاً بصرياً يضاف الى المتعة السمعية
انطلقت ريهام عبد الحكيم مع «كوكب الشرق» بأغنية «ألف ليلة وليلة» كلمات مرسي جميل عزيز، ثم أتبعتها بأغنية لوردة بعنوان «العيون السود»، في حين شَدَت بفخامة صوتها بأغنية «الحب اللي كان» لميادة الحناوي
وكانت عبدالحكيم كلما انتهت من أغنية، يزداد معها تألقها ورونقها وبريق صوتها،فريهام تملك قدرة على التلوين والتطريب ومساحات من الجمال تتلاعب بالنغمات فلا يملك الجمهور الا أن يهتز طربا وتفاعلا مع كل اهة وبحة صوتية فنجحت ريهام في التلاعب بالقلوب والأفئدة لتهتز الرؤوس شوقا وطربا وجمالا من فرط حلاوة صوتها ونبراتها المتمكنة وكأن الجميع يقولون ليتها لا تنتهي كمات شدت عبد الحكيم بأغنيتي «ليالينا» و»أهل الهوى» لوردة، ليكون الختام بـ «دويتو» مع المشعوف بعنوان «على حسب وداد قلبي» وهي واحدة من أجمل ما غناه عبدالحليم حافظ ليكون مسك ختام هذه الليلة الاسطورية
لقاءات على هامش الحفل
وتحدث المطرب خلف المشعوف عن وصلته الغنائية مؤكدا ومعبرا عن سعادته بأداء هذه الروائع من الالحان متمنيا أن يكون قد أدى أمتع الجمهور ومشيدا بالتفاعل الكبير معه مشيرا الى أن الحفل كان أكثر من رائع خاصة أنه كان أمام جمهور مثقف وواعي ويقدر الطرب الأصيل فكل الشكر له
وعلى هامش الحفل عبرت الفنانة ريهام عبد الحكيم عن بالغ سعادتها يتواجدها في الكويت وسط جمهور ذواق للفن أصيل خاصة وأن التفاعل معها كان كبيرا مما ساعدها على الانسجام والاندماج في وصلتها الطربية مؤكدة أن جمهور الكويت يتمتع بمكانة خاصة في قلبها وأنها تتمنى أن تكون متواجدة معه بشكل دائم متمنية لهم السعادة ودوام التوفيق والنجاح فشكرا أهل الكويت على الاستقبال الرائع ودامت الكويت بكل خير
وعلى هامش الحفل، تحدث المدير التنفيذي في شركة «كيف» بدر بوغيث، بالقول: «القادم معنا سيكون في 28 و 29 و 30 مايو المقبل في (المسرح الوطني) بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي من خلال عرض تراثي موسيقي يحمل عنوان (روح الكويت) بقيادة المايسترو الدكتور أحمد العود ومشاركة الفنانين سلمان العماري وعبدالعزيز المسباح، والذي يعيد توزيع مقطوعات وأغنيات تراثية في قالب عصري متجدد وبأسلوب أوركسترالي يحاكي لغة العصر ويُوائم تطوراته، ويحافظ في الوقت نفسه على العمق التاريخي والثقافي للكويت».
وتابع: العرض سيشمل أيضاً إنتاج مقطوعات جديدة تخلق هوية صوتية تمثّل ثقافة الكويت وتاريخها وقد قام بتأليف عدد منها المايسترو محمد القحوم، أحد أهم المؤلفين والموزعين الموسيقيين في الوطن العربي، في حين يقود المايسترو الدكتور أحمد العود الأوركسترا، الذي يبلغ قوامه نحو 70 عازفًا ومؤديًا، ويجمع بين الآلات الشعبية والأوركسترالية. كما ستصاحبُ العرض تقنياتٌ مرئية وصوتية عالية المستوى، حيث سيُجهَّز المسرح بأحدث تقنيات الإبهار البصري والسمعي، في حين من المقرر أن يشدو بكلمات تلك الأعمال كل من الفنان سلمان العماري بصوته الجميل ذي النفحة الكويتية الأصيلة والفنان الشاب عبدالعزيز المسباح».