
شهدت صالة أوراسيا في مركز يني كابي للمعارض بإسطنبول، مساء السبت 9 أغسطس 2025، تنظيم ندوة ثقافية مميزة بعنوان: “فلسطين في وجدان الدكتورة سعاد الصباح.. شعراً ونثراً وفعلًا”، وذلك ضمن فعاليات معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، بتنظيم من دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع، وبمشاركة نخبة من الكتاب والشعراء والإعلاميين.
حضر الندوة وتحدث فيها كل من: الإعلامية والباحثة هالة هلال، والإعلامية والناشطة في الشأن الفلسطيني أنسام أبو عودة، والشاعر سمير عطية مدير بيت فلسطين للشعر، والكاتب علي المسعودي مدير دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع، حيث تطرّقوا جميعاً إلى الجوانب المتعددة التي تجلّت فيها القضية الفلسطينية في شعر وأدب ومواقف الدكتورة سعاد الصباح.
استهلت أنسام أبو عودة كلمتها بعنوان: “سعاد الصباح… حين صار القلم بندقية”، مؤكدة أن الدكتورة سعاد الصباح اختارت أن تكون الكلمة سلاحها في مواجهة الاحتلال، فحوّلت القلم إلى أداة مقاومة، والمقال إلى منبر للمكاشفة، والقصيدة إلى ملحمة. وسردت أبو عودة نماذج من مقالاتها الجريئة، ومنها مقالها الشهير “إسرائيل على شواطئ قرطاج” الذي كتبته عقب قصف حمام الشط في تونس عام 1985، ومقال “قتلة بالوراثة” الذي فضحت فيه الطبيعة الإجرامية للاحتلال. وأشارت إلى أن كتاباتها لم تكن مجرد رد فعل غاضب، بل قراءة سياسية واعية، وإيمان عميق بقدرة الكلمة على الفعل والتغيير.
من جانبها، تناولت هالة هلال البعد القومي في شعر وكتابات سعاد الصباح، مركزة على حلم الوحدة العربية الذي ظل يرافقها رغم هشاشة الواقع. واستشهدت بقولها: “إنهم يتفاوضون على كل شيء… إلا أن يكونوا أمة واحدة!”، مؤكدة أن الشاعرة رأت في الوحدة شرطاً أساسياً لتحرير فلسطين. وأوضحت أن سعاد الصباح لم تكن تخاطب الشعوب ببرود الخطابة، بل بحرارة الإيمان، وأنها كانت تعتبر الشعر جزءاً من معركة الوعي، تماماً كما هو سلاح في معركة التحرر.
أما الشاعر سمير عطية، فقد تحدث عن دور سعاد الصباح الشعري والأدبي في مناصرة فلسطين، معتبراً أن قصائدها كانت تلتقي في معناها وروحها مع إرث القصيدة الفلسطينية المقاومة، وأنها أعادت إلى الشعر العربي دوره التاريخي في استنهاض الأمة، مستشهداً بنصوصها التي جعلت من القدس قصيدة مفتوحة، ومن فلسطين رمزاً إنسانياً خالداً.
واختتم الندوة الكاتب علي المسعودي، الذي استعرض جهود الدكتورة سعاد الصباح العملية في نصرة القضية، إلى جانب دورها الأدبي. وأشار إلى دعمها للمبادرات الثقافية والفنية التي تحمل رسالة فلسطين، وإلى رعايتها لمسابقات إبداعية أفسحت المجال أمام الشباب لتجسيد فلسطين بالكلمة والصورة. كما قرأ المسعودي مختارات من أشعارها التي تغنت بالقدس ورسمت ملامح الحلم العربي، مؤكداً أن كلماتها لا تزال تحافظ على وهجها وحضورها في وجدان القراء والمبدعين.
شهدت الندوة تفاعلاً كبيراً من الحضور الذين تنوعوا بين أكاديميين وكتاب وطلاب وباحثين، وتوقفت المداخلات عند أهمية استلهام نموذج سعاد الصباح في الجمع بين الكلمة والموقف، وضرورة أن يظل الأدب العربي حارساً للذاكرة الفلسطينية، وأن يتحول الشعر والنثر إلى فعل مؤثر في الوعي العام.
واختتمت الندوة بالتأكيد على أن إرث سعاد الصباح في نصرة فلسطين ليس مجرد صفحات في كتاب أو قصائد في ديوان، بل هو رسالة إنسانية وثقافية مستمرة، تتجاوز حدود الزمن والمكان، وتبقى دعوة مفتوحة لكل مثقف عربي ليكون صوته شاهداً ومقاوماً، بالكلمة كما بالفعل.