
> استنفار نيابي ضد قصور الأداء الحكومي في مواجهة الانفلات الأمني وتهديد مزدوج باستجواب الحمود
> المجلس يوصي بوضع إستراتيجية متطورة لمكافحة الجريمة وتحديث الهيكل الإداري لـ«الداخلية»
> معالجة مشكلات الشباب والحد من تدفق العمالة الوافدة إلى البلاد
> الدويسان والقلاف يشنان هجوماً حاداً ضد النائب الأول.. والمليفي يتساءل: لماذا جاءنا «جطل» دون وثائق أو بيانات؟
رغم الأجواء الساخنة التي خيمت على مجلس الأمة أمس، وتهديد بعض النواب باستجواب النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود، وانسحاب آخرين من الجلسة السرية التي خصصت لمناقشة «الانفلات الأمني» في البلاد، فإن ذلك لم يحل دون إدارة مناقشة جادة وشاملة لجميع الجوانب المتعلقة بالقضية الأمنية، وخروجها بتوصيات مهمة لتصحيح أوجه الخلل في هذا الشأن.
لكن التوصيات التي جاءت شاملة وغطت معظم جوانب النقص والخلل في الأداء الأمني، لم تستطع بدورها التغطية عما أعلنه النائب هشام البغلي في تصريح له عقب الجلسة، عندما قال: «شيء واحد طلعنا به من الجلسة، هو تأكيد من رئيس الحكومة، وليس وزير الداخلية، بأن هناك من يمول الخلايا الإرهابية في الإمارات، وأن لها ارتباطات في الكويت».
وقد دعت التوصيات التي تبناها المجلس في نهاية جلسته إلى ضرورة الاستعانة بالخبرات الأمنية المتطورة من أعرق الدول المتقدمة، وإنشاء مركز علمي متخصص في هذا المجال، وإعداد هيكل تنظيمي لتوصيف جميع وظائف وزارة الداخلية وعرضه على لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية، ووضع خطط إستراتيجية لمكافحة الجريمة والانحراف وتحقيق الأمن المجتمعي، وكذلك التأكيد على ارتباط الشعور بالأمن والأمان بتطبيق القانون ونزاهة الجهاز الأمني والقضائي، ووضع برامج لمعالجة مشكلات الشباب، استنادا إلى أن معظم مرتكبي الجرائم هم من المنتمين لهذه الفئة، وسن القوانين والضوابط الكفيلة بالحد من تدفق العمالة الوافدة إلى البلاد.
وشددت التوصيات في الوقت ذاته على أهمية الحد من ظاهرة الجرائم الالكترونية بالتعاون مع الوزارات الاخرى، من خلال ادخال مادة «أخلاقيات الانترنت» ضمن المناهج الدراسية في التعليم قبل الجامعي، ونشر الوعي بين صفوف المواطنين، لاسيما الشباب، بمخاطر التعامل مع المواقع السيئة على الانترنت وتعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية المعنية بمكافحة هذا النوع من الجرائم.
وطالبت الحكومة بالتعجيل في تقديم مشروع قانون لتجريم حمل الآلات الحادة والفردية المؤذية بصفة الاستعجال، وتطوير آلية التعامل مع حوادث السير بانشاء مركز حوادث أسوة بالدول المتقدمة.
وأشارت التوصيات الى ضرورة القيام بدراسة نقل اختصاص الادارة والاشراف على المراكز الحدودية الى وزارة الدفاع، بعد تدريب العاملين فيها واعدادهم وتحسين مرافق منفذ العبدلي وتسهيل اجراءات العابرين والارتقاء بالتعامل معهم.
وطالبت بمراجعة كل القيود الامنية وخصوصا للمقيمين سابقا في الكويت ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وتكليف لجنة مكونة من رجالات الكويت تختص باعادة فتح ملفات التجنيس لكشف حالات الازدواجية والتزوير وحالات تحويل بعضها الى المادة الاولى.
وكان المجلس قد وافق على تحويل الجلسة إلى سرية، بناء على طلب الحكومة الذي أيده 38 عضوا وعارضه 24، فيما أبدى الوزير الحمود ملاحظة على مسمى «الانفلات الأمني»، قائلاً: «أنا ليس لدي تحفظ بل علامة استفهام على كلمة الانفلات الأمني وأرجو أن تكون الجلسة وفقاً للمادة 69 من اللائحة الداخلية».
كما انتقد بعض النواب وزير الداخلية، واتهموه بأنه «لم يقدم أي بيانات، وأنه بكل أسف يحترم مجلس السعدون وما يحترم مجلس الراشد»، لكن نوابا آخرين دافعوا عن الوزير، معتبرين أنه «يتعرض لاستهداف شخصاني» وأن منتقديه «استبقوا الأحداث ولم يمهلوه حتى يقدم ما لديه من بيانات وحقائق وأرقام».
وعقب انسحاب النائب فيصل الدويسان من الجلسة، تواردت انباء عن توجهه لاعداد صحيفة استجواب بحق وزير الداخلية واستعجال تقديمها.
وقال النائب حماد الدوسري: «هناك توجه لدى بعض النواب لاستجواب وزير الداخلية وفوجئنا بعدم وجود القيادات الامنية للرد على استفسارات النواب».
من جهته قال النائب أحمد المليفي إنه كان يعتقد أن وزير الداخلية سيقدم استراتيجية ورؤية الوزارة في معالجة القضية الامنية، لكننا فوجئنا بأن الوزير «جاينا الجلسة «جطل» بلا بيانات ولا معاونين، وما طرحه مجرد سوالف وضحك واستهزاء، وعلى سمو رئيس مجلس الوزراء أن يقيله».
اضاف المليفي: «على الوزير ان يقص الحق من نفسه، والا سنمارس دورنا في محاسبته ووضعه على المنصة، احتراماً للشعب الكويتي وللدماء التي سالت وللارواح التي ازهقت».
بدوره رأى النائب عبدالحميد دشتي: «إن وزير الداخلية ليس لديه ما يقوله ولم يبدِ احترامه للمجلس.. وكنا سننسحب من الجلسة، لكن آثرنا الجلوس من أجل أبناء الشعب الكويتي».
واعتبر النائب فيصل الكندري أن «القفز إلى الاستجواب يفقد الأدوات الدستورية قيمتها»، لافتا إلى أن «الممارسة النيابية يجب ألا تخضع لقاعدة، لكل فعل رد فعل»، وقال إن الحمود «من افضل الوزراء الذين تولوا حقيبتها، ونتطلع لرؤية توافق بين السلطتين والعمل سويا فالملف الأمني من أهم الملفات على الإطلاق».
من جانبه بين النائب الدكتور مشاري الحسيني ان «الشخصانية كانت واضحة في الجلسة السرية، الامر الذي دعانى الى شطب دوري من التحدث معارضاً لسرية الجلسة».
واستغرب الحسيني المطالبة باصدار بيان من وزير الداخلية، قائلا: نحن نناقش الملف الامني وليس في بيان، لأن الملف يحتوي اموراً عدة، وبذلك لابد ان نصدر بيانات عدة، البيان يصدر لوجود قضية معينة، اما الملف الامني يصدر اثناء مناقشة ارقام واحصاءات.
أضاف: «لقد وضح جلياً أن هناك من كان يريد احراج الوزير او اقالته»، مشيرا إلى أن «اعلان احد النواب استجواب وزير الداخلية هو حكم مسبق قبل سماع اي معلومات من الوزير، وما نخشاه ان هناك من يريد تسجيل بطولات ويفكر بصوت عال متأثراً بأجواء الحل».
من جهته دعا النائب حماد الدوسري الوزير الحمود الى «استبدال بعض قيادات الوزارة التي باتت غير قادرة على العمل»، مؤكداً ان هذا القرار سيحل الكثير من مشاكل الانفلات الأمني التي تعاني منها البلاد.
وقال الدوسري في تصريح الى الصحافيين: ان النواب تفاجأوا من عدم تواجد قيادات وزارة الداخلية في الجلسة الخاصة، الامر الذي وضع الوزير الحمود لوحده في مواجهة اسئلة النواب، مشيرا في الوقت نفسه إلى ان «بعض الاعضاء ينوون استجواب وزير الداخلية، ونحن في كتلة المحافظين سنستمع الى كل الاطراف قبل ان نتخذ موقفاً»، كما شدد على «استعجال الوزير لمعالجة كل المشاكل الامنية، والتجاوب مع ملاحظات الاعضاء والا سنرفع الامر الى سمو رئيس الوزراء».
من جانبه استبعد النائب حسين القلاف استهداف النواب لوزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود بصورة شخصانية، وقال في تصريحات للصحافيين عقب رفع الجلسة امس بالاستراحة: اننا تناقشنا حول سرية الجلسة من عدمه، وقلنا اذا كان الوزير لديه رؤية استراتيجية امنية سيقدمها الوزير، وماهي الخطوات العملية التي ستقدمها وزارة الداخلية لمواجهة الانفلات الامني.
أضاف: «تفاجأنا في الجلسة السرية انه ليس لديه بيان أو استراتيجية، لذلك فإن مجموعة من نواب المجلس انتفضوا لأنه لا يمكن ان نسمح بهذا الوضع فنحن جئنا لمعالجة الوضع الامني ونسمع خطوات عملية لمواجهة ما يحدث».
ورفض القلاف تصريح احد النواب بأنه كان هناك استهداف شخصي لوزير الداخلية، وقال: «هذا الكلام عيب، لا يوجد استهداف شخصي للوزير، فهذا المجلس جاء للتعاون ولخدمة البلد، ولا توجد مجالات، وهذا الذي صار اما ما قاله البعض فالنوايا عند الله».
وحول المسيرات التي تنظمها المعارضة في الشوارع وهل تم التطرق لها في الجلسة، أكد أنه جرى الحديث عن كل شيء في الجلسة، بل وقيل ماهو اخطر من ذلك فقد تم التعرض لبعض الشخصيات من خارج الكويت التي تلعب بأمن البلاد.
وتابع: «اليوم صار موقف يجعل الحكومة تدرك ان هذا المجلس مو بالجيب بل هو مجلس حقيقي ويشتغل ويحقق انجازات ويراقب».
وتعليقا على النائب الذي قال ان وزير الداخلية يحترم مجلس السعدون ولا يحترم مجلس الراشد، قال القلاف: «هذا الكلام غير صحيح، ولو رأيتم الذي صار في الجلسة لعلمتم ان من قال هذا الكلام في قلبه شيء».