
> هناك من يستغل تصريحاً فردياً لإشعال نار الفرقة والانقسام في المجتمع
> صاحب السمو قطع الطريق على كل بغاة الفتنة بتأكيده دائما ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية والترابط المجتمعي
> العمير: نحن دولة دستور وقانون ولن ينجح الساعون لافتعال الأزمات
> المطوع: كيف يقبل من لا يحترمون قضاءنا العادل تشويه سمعته في الداخل والخارج؟
حذرت مصادر نيابية وسياسية من ارتفاع وتيرة الاستقطاب السياسيي في الساحة المحلية، خلال الفترة الأخيرة، لافتة إلى أن ذلك من شأنه أن يقضي على نبرة التفاؤل التي سادت الشارع الكويتي بإمكانية ترسيخ الاستقرار السياسي والمجتمعي، في أعقاب الانتخابات الأخيرة، ومجيء مجلس أمة جديد قادر على استعادة الأوضاع الطبيعية والتعاون مع الحكومة، من أجل إنجاز الكثير من التشريعات التي تترقبها البلاد.
وأوضحت المصادر أن أخطر ما تشهده البلاد حاليا هو محاولة كل فصيل الانتقام من الآخر، وتصفية الحسابات معه، وبروز نغمة جديدة وصفتها بأنها «كريهة»، توحي وكأننا أمام «أعداء» يواجهون بعضهم البعض، لا شركاء في وطن واحد يقتسمون المعايش والآمال والآلام، مستغربة في هذا الصدد من ترديد بعض نواب الأغلبية في المجلس المبطل تعبيرات من نوع «الانتصار قريب» التي رددها النائب السابق خالد السلطان خلال اجتماع ممثلي المعارضة في مزرعته بالوفرة نهاية الأسبوع الماضي، وقوله ان «النتائج لن تأتي الا بعد صبر وتحتاج الى نفس طويل، لكن النصر قريب».
وقالت: إنه من الغريب أن تصدر مثل هذه التصريحات عن سياسي مخضرم كالسلطان، يدعي أيضا أنه الأمر يتطلب عدم الكشف عما سماه «خطط وإستراتيجيات وأهداف المعارضة، حتى لا يستفيد من ذلك القوى المناوئة للمعارضة كما حصل في سابق حراك الأغلبية»!
أضافت أنه «مما يثير الاستياء أيضا استمرار بعض ممثلي المعارضة في الحديث عما يسمونه تدويل الشأن السياسي الكويتي»، لافتة إلى خطورة هذا المنحى على المعارضة نفسها، لأنه يظهرها بمظهر من يسعى إلى تشويه الكويت في الخارج، من دون سبب مقنع يستحق ذلك، مشيرة في هذا الصدد إلى ما أعلنته المعارضة عقب اجتماع الوفرة عن اعتزامها «تنظيم ودعم كافة جهود اللجوء للمحافل الحقوقية والإنسانية الدولية ووسائل الإعلام العالمية»، مبررة ذلك بأنه «تبين لها بوضوح إغلاق مساحات الاعتراض والتظلم الطبيعية أمام المواطنين، في ظل هجمة منظمة على الحقوق الأساسية والحريات العامة والمبادئ الدستورية».
وتساءلت المصادر: أين ما تحدثت عنه المعارضة من «إغلاق مساحة الاعتراض»، أو ما تزعمه عن وجود «هجمة منظمة على الحقوق والحريات»؟ وهل المطالبة بالتزام الشروط والضوابط القانونية في تنظيم المظاهرات والمسيرات، وضرورة الحصول على إذن مسبق قبل الخروج في أي مسيرة، يعد تضييقا على حريات المواطنين حقوقهم، مذكرة في الوقت نفسه بأن الكثيرين من الأهالي أنفسهم أعربوا مرارا عن استيائهم الشديد من تنظيم المسيرات في مناطقهم السكنية.
في هذا السياق أكد النائب عدنان المطوع أن الكويت دولة مستقلة ذات سيادة وتحترم المواثيق الدولية ولها علاقات دولية، وهي من أكثر شعوب العالم إيمانا بالديمقراطية وحرية الكلمة وحرية الرأي والرأي الآخر، معربا عن استيائه ممن لا يحترم القضاء ويتسبب كذلك بتشويه سمعة القضاء، عبر التلويح بالذهاب إلى الخارج والادعاء باطلا بأن الكويت لا تحتكم إلى القضاء، رغم أن لدينا قضاء عادلا والكويت شفافة في هذا الموضوع، وطالب الجميع باللجوء إلى القنوات الرسمية قبل أن يدعي أحد ادعاءات باطلة.
بدوره أوضح النائب د.علي العمير أن الكويت دولة دستور ودولة قانون ولا نقبل أبدا بأن نتجاوز هذه الحدود التي وثقت بوثيقة بيننا وبين الحاكم، وأيضا من ناحية ثانية بالنسبة للقوانين المعمول فإننا لا نقبل بخرق هذه القوانين، لذلك أعتقد اليوم أنه ليس هناك داع أساسا لهذا التصعيد، لأن أغلب القضايا محل الخلاف هي منظورة حاليا أمام المحاكم، بما في ذلك مراسيم الضرورة التي أصدرها سمو الأمير خلال فترة حل مجلس الأمة كمرسوم الصوت الواحد، فما الهدف إذن من محاولة تدويل موضوع معين في ظل وجوده أمام القضاء كي يفصل فيه؟.
ورأى النائب يعقوب الصانع أن أي مواطن لديه غيرة على البلد لا يمكن أن يقوم بهذا العمل، لأن اليوم المساس بسمعة الكويت أكبر من هذا العضو المبطل أو ذاك، الكويت أسمى من الجميع، متسائلا: كيف يعقل أن يفعل ذلك من ينشد الديمقراطية ويتكلم عن الدستور ويطالب بممارسة العمل البرلماني والقواعد الدستورية وهو لا يؤمن بالقضاء؟
من جهة أخرى لفتت المصادر النيابية والسياسية المشار إليها آنفا إلى خطورة «الترصد والتربص» لأي تصريح وتحويله إلى مادة لـ«الكيد السياسي»، كما حدث مع التصريح المنسوب إلى إحدى شخصيات الأسرة الحاكمة، واستغلاله لصناعة أزمة جديد، رغم تأكيد هذه الشخصية على أن تصريحها تعرض للتحريف والتشويه، بما أخرجه عن سياقه وموضوعه، وتلويحها بمقاضاة الصحيفة التي نشرت التصريح بصورته المحرفة والمسيئة لها، موضحة أن ذلك كان كفيلا بوضع حد للغط والجدل الذي لا يفيد الوطن في شيء، لكن يبدو أن هناك من له مصلحة في استغلال أي حدث لإثارة البلبلة في صفوف المجتمع، بدليل المبالغة في تأثيرهذا التصريح وادعاء أن التصريح المشار إليه «تضمن تخوينا لمئات آلاف المواطنين المشاركين والداعمين للحراك الوطني المطالب بإصلاحات دستورية وسياسية حقيقية»، داعية إلى التريث وإعمال العقل والحكمة في معالجة قضايانا، بدلا من الاندفاع الذي يؤدي إلى الشحن وزيادة توتير الأجواء.
المصادر ذاتها ذكرت أيضا أنه سبق لسمو أمير البلاد أن أكد مرارا رفضه لكل الدعاوى التي تثير الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد، ودعا في مناسبات كثيرة إلى ضرورة ترسيخ الوحدة الوطنية والبعد عن مواطن الفرقة والخلاف وإثارة الفتنة، مشددة على أنه في ضوء ذلك يصبح لا معنى لمطالبة الديوان الأميري بإصدار بيان برفض تصريح ما صدر عن إحدى الشخصيات وجرى تحريفه، لأن ذلك التصريح، حتى على فرض صحته لا يعبر بحال من الأحوال عن رأي الديوان أو الأسرة.
أضافت أنه من الضروري وضع الأمور في نصابها، وعدم تعظيم الصغائر وافتعال أزمات لا لزوم لها، في الوقت الذي يجب فيه أن تتوحد الصفوف، ويسعى الجميع إلى تصفية كل أوجه الخلاف والشقاق.
في المقابل طالبت المصادر أعضاء مجلس الأمة بالتهدئة وعدم تكرار أخطاء المجالس السابقة، والابتعاد عن محاولات الإقصاء أو تصفية الحسابات التي تورطت فيها كثيرا المجالس الأخيرة، مشيرة بوجه خاص إلى أن ردود الفعل حول ما نشر عن استعداد الحكومة للتنزل عن القضايا ضد المتظاهرين، مبالغ فيها بدورها، ولم تكن تستحق كل هذه الضجة.
وقالت: حتى لو تم التنازل بالفعل، فلا ضير في ذلك إذا كان سيؤدي إلى إشاعة الهدوء والاستمرار في حياتنا السياسية.