
القاهرة – «كونا»: لقيت كلمة الكويت التي وجهها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في قمة منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت بالقاهرة أمس الأول، اهتماما كبيرا في أوساط القمة والتي أشادت أيضا بمبادرة سموه باستضافة مؤتمر المانحين للشعب السوري، والجهود الكبيرة التي بذلتها الكويت لإنجاح المؤتمر، وتحقيقه أكثر مما كان مخططا له، من حيث حجم التبرعات التي قدمت للأشقاء السوريين.
وكان سمو الأمير قد حذر في كلمته من أن الإساءة إلى الأديان السماوية والرموز الدينية، وفي مقدمتها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ستؤدي إلى زيادة التطرف والغلو واتساع رقعته، لافتا سموه إلى أن استمرار هذه الظاهرة التي نشهدها بين فترة وأخرى، هو مما يؤلم عالمنا الاسلامي الذي يرفض أن يتم ذلك تحت ذرائع وحجج مختلفة باسم حرية التعبير.
وأكد سموه في كلمة الكويت أمام قمة منظمة التعاون الإسلامي بالقاهرة أننا «مطالبون بسن قوانين تجرم مثل هذه الأفعال وتضع حدا لها، مستذكرين بالتقدير والاجلال مبادرة أخينا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بانشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية، يكون مقره مدينة الرياض، والتي عكست بعد النظر والحرص على التقريب بين أتباع الدين الإسلامي على اختلاف مذاهبهم».
وأشاد سموه بالترتيب والإعداد من جانب مصر للقمة الإسلامية، داعيا الله «أن يحفظ مصر العزيزة من كل سوء، وأن يعيد عليها نعمة الأمن والاستقرار لتعود لممارسة دورها الرائد والمعهود على المستويين الاقليمي والدولي، ولتتفرغ لتلبية استحقاقاتها المحلية بما يحقق آمال وتطلعات شعبها في التنمية والبناء».
من جهة أخرى أوضح سمو الأمير ان مجلس الأمن «أمام مسؤولية تاريخية تتطلب توحيد الصفوف وتجاوز بعض العقبات والمسارعة في ايجاد حل سريع للأزمة السورية، بما يحقق للأشقاء مطالبهم ويحقن دماءهم ويعيد الأمن والاستقرار لوطنهم».
وقال: «ان النجاح الذي حققه المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا، والذي استضافته الكويت مؤخرا حقق نتائجه المرجوة، حيث تجاوز مجموع ما تعهدت به الدول من مساهمات أرقاما فاقت ما كان مقدرا، مما يؤكد لنا عمق مشاعر الألم الذي يحمله المجتمع الدولي وتعاطفه تجاه تلك المأساة وادراكه لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وهو ما يجعلنا نتفاءل بانعكاس هذا الحماس الدولي لنصرة الشعب السوري الشقيق على أداء مجلس الأمن ودفعه الى تجاوز حالة عدم الاتفاق التي ساهمت في استمرار مزيد الدم والدمار في سورية».
وشدد كذلك على أن مأساة فلسطين «مازالت دون حل بسبب صلف وتعنت اسرائيل، واصرارها على بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي»، موضحا في الوقت نفسه أن «النجاح الذي حققته عدالة القضية، بمنحِ فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة، يحتم علينا استمرار مطالبة اللجنة الرباعية الدولية ومجلس الأمن الدولي لتحمل مسؤولياته، بالضغط على اسرائيل لحملها على القبول بقرارات الشرعية الدولية، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق مبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية.
وأكد صاحب السمو أيضا موقف الكويت «الداعم لكافة الجهود الدولية الرامية لوأد الإرهاب، معربا عن تمنياتنا بأن يعود الاستقرار والأمن لجمهورية مالي والمنطقة الساحلية بما يحفظ سيادتهم ووحدة أراضيهم».
ودعا سموه إلى تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية، قائلا: «تؤمن بلادي الكويت بأهمية التعاون الإسلامي، ولم تدخر وسعا في اتخاذ كافة الإجراءات التي تسهم في تعزيز ذلك التعاون، ومن هذا المنطلق فقد اتخذنا اجراءات فعالة تجاه تنفيذ البرنامج العشري لمنظمة التعاون الاسلامي، المتعلق بالجوانب الاقتصادية والمالية، عبر الالتزام بتسديد كافة المساهمات تجاه المنظمة، كما ساهمت الكويت بمبلغ ثلاثمئة مليون دولار أمريكي في صندوق التضامن الإسلامي، والتوقيع والمصادقة على الاتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والتجاري للدول الأعضاء وكذلك اتفاقية تشجيع وضمانِ الاستثمار».
من جهة أخرى دعا البيان الختامي الصادر عن القمة الاسلامية إلى الحوار الجاد بين التحالف الوطني للثورة السورية وقوي المعارضة وبين ممثلي الحكومة السورية الملتزمين بالتحول السياسي في سوريا، والذين لم يتورطوا بشكل مباشر في أي شكل من أشكال القمع. وقال البيان: يهيب قادة الدول الإسلامية بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أن تسرع في تشكيل حكومة انتقالية تمثل كافة أطراف وطوائف شعبها دون تمييز أو إقصاء، وحذر القادة من أن استمرار التصعيد العسكري سيجر البلاد إلى مخاطر جسيمة تهدد السلم والامن والاستقرار في سوريا والمنطقة بكاملها.
وشدد البيان على ضرورة صون وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، منددين باستمرار سفك الدماء، وأكد القادة المسؤولية الأساسية للحكومة السورية عن استمرار أعمال العنف وتدمير الممتلكات.
وأكد القادة مجددا دعمهم لحل سياسي سوري للأزمة، داعين مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤوليته ووضع نهاية للعنف وإراقة الدماء وإيجاد حل سلمي ودائم للأزمة.
ورحب القادة باتفاق المعارضة السورية في الدوحة، وتشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، داعين باقي قوى المعارضة إلى الانضمام للائتلاف الوطني.
وأدان البيان بشدة العدوان الإسرائيلي غير المبرر وغير المشروع ضد سيادة ووحدة أراضي سوريا، مطالبين المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لوقف أي عدوان مستقبلي.
وبالنسبة لفلسطين فقد دعا البيان الختامي الدول الأعضاء إلى تشكيل شبكة أمان مالية إسلامية لمساعدة فلسطين، وكلف الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي باتخاذ الإجراءات العملية لمتابعة تنفيذ ذلك، وأكد البيان مجددا الطابع المركزي لقضية فلسطين والقدس الشريف بالنسبة للأمة الإسلامية جمعاء.
وجدد البيان الختامي الإدانة الشديدة لإسرائيل للاعتداءات المستمرة والمتصاعدة على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
وثمن القادة الجهود التي يبذلها الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، لحماية المقدسات الإسلامية في القدس الشريف، والوقوف في وجه الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ورحب القادة بمنح فلسطين صفة مراقب غير عضو بالأمم المتحدة وقال البيان في هذا الصدد: نثمن الدعم الذي حظي به القرار من أغلبية دول العالم، باعتبار ذلك خطوة مهمة على طريق تصحيح الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني على مدى عقود.
ودان البيان العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة الذي وقع في شهر نوفمبر الماضي، ومواصلة فرض سلطة الاحتلال عقابا جماعيا على أبناء الشعب الفلسطيني، ولاسيما الحصار غير الإنساني والمخالف للقانون الدولي المفروض على قطاع غزة، وطالب إسرائيل بالوقف الفوري التام للحصار الذي تفرضه على قطاع غزة، كما دعا لاتخاذ إجراء عاجل للمضي قدما في إعادة إعمار قطاع غزة، وشدد على أن التسوية العادلة والسلمية والشاملة للصراع في الشرق الأوسط، يجب أن تستند إلى أحكام القانون الدولي وإلى قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
دعا البيان الأطراف الفلسطينية كافة إلى توحيد جهودهم تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، والاستجابة لدعوات الرئيس محمود عباس إلى عقد انتخابات عامة بأسرع وقت ممكن.
وبالنسبة للبنان فقد أكد القادة دعمه في استكمال تحرير جميع أراضيه من الاحتلال الإسرائيلي.
وفيما يتعلق باليمن أعرب البيان الختامي عن دعمه الكامل لوحدة اليمن وسيادته، مشيدا بنجاح مبادرة مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة في اليمن.
وفيما يخص السودان أكد البيان دعمه للسودان واحترامه لوحدته وسيادته وسلامة أراضية، مرحبا بالاتفاقية الاطارية بين شطريه التي وقعها في أديس أبابا.
وأكد البيان الختامي للقمة الإسلامية دعم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، كما أعرب عن الأسف بشأن تأجيل المؤتمر الذي كان مقررا عقده في ديسمبر الماضي بفنلندا حول عدم الانتشار النووي، رافضا هذا التأجيل الذي يعتبر انتهاكا للقرار الذي اعتمدته الدول الأطراف في معاهدة عدم الانتشار النووي، وأعرب عن بالغ قلقه إزاء موقف النظام الإسرائيلي فهو بعدم إعلان نيته المشاركة في المؤتمر يواصل عرقلة انعقاده.
وبالنسبة لميانمار فإن البيان الختامي طالب السلطات في ميانمار بالسماح بإيصال المساعدات للجماعات المتضررة هناك، كما دان الأعمال الوحشية المتواصلة في حق الروهينجيا المسلمين في ميانمار.
وأكد دعم الجهود التي يقوم بها الأمين العام لإيجاد الحلول العادلة لقضايا هذه الجماعات مثل قضية المسلمين في جنوب الفلبين والجبهة الوطنية لتحرير مورو.
وفيما يخص مكافحة الإرهاب، ندد البيان بإرهاب الدولة بجميع أشكاله وتجلياته وأيا كان مرتكبه، مؤكدا الالتزام بتعزيز التعاون المتبادل في مكافحة الإرهاب. كما أكد أنه من الضروري تعزيز ثقافة التسامح بين الشعوب لمواجهة محاولات تغذية الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، معربا عن بالغ قلق منظمة التعاون الإسلامي إزاء تنامي الهجمات على الإسلام والمسلمين.
وشدد على أن الإسلام دين الوسطية والانفتاح وينبذ جميع أشكال التعصب والتطرف والانغلاق، مشيرا إلى ضرورة التصدي لإشاعة أو نشر الفكر المنحرف وبكل الوسائل المتاحة، داعيا في الوقت نفسه إلى وضع مناهج تعليمية.
كما أكد قادة العالم الإسلامي ضرورة التعاون بين الدول الأعضاء من أجل التنفيذ الفعال لاستراتيجية محاربة الإسلاموفوبيا التي أقرتها الدورة الحادية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي، وأهمية التعجيل بعملية تنفيذ قرارها بشأن وضع آلية دولية ملزمة قانونا لمنع التعصب والتمييز والتحيز والكراهية على أساس الدين وتشويه الأديان.