
> القوى السياسية أدركت أن الأغلبية المبطلة تستدرج البلاد بمخالفاتها وتجاوزاتها إلى العنف والفوضى
> حديث المبارك عن تعزيز مدنية الدولة ورفض القبلية والطائفية أوصل رسالة بالغة الأهمية لكل شرائح المجتمع
> التحالف والمنبر أسقطا الأغلبية المبطلة بالضربة القاضية عبر كشف مساعيها «المخربة للديمقراطية»
> القضاء هو الحصن الحصين للعدالة وتطبيق القانون.. ومحاولات تشويهه سترتد على أصحابها
برزت مؤشرات عدة خلال الأيام القليلة الماضية تؤكد تزايد الاقتناع لدى كل أطراف العملية السياسية بضرورة ترسيخ دولة القانون، والتصدى للفوضى التي يريد البعض جر البلاد إليها.
وأوضحت مصادر برلمانية لـ«الصباح» أن من أهم هذه المؤشرات: حديث سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك إلى صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، والذي أكد فيه إصرار القيادة السياسية على المضي قدما باتجاه تكريس دولة القانون، ورفض كل محاولات جر الكويت إلى العصبيات القبلية والطائفية، وكذلك الضربة الموجعة التي وجهها كل من التحالف الديمقراطي والمنبر الديمقراطي إلى الأغلبية المبطلة في نهاية الأسبوع برفضهما الانخراط في أي ائتلاف تشكله المعارضة، واتهامهما تلك الأغلبية بـ«سيطرة النفس الطائفي والقبلي عليهما، بما يمثل تهديدا صارخا للدولة المدنية ودولة القانون».
ورأت المصادر أن سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك وضع النقاط على الحروف، من خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، بشأن عدم السماح بالتراجع عن المكتسبات الدستورية والديمقراطية، خصوصا حين أكد أن «السبب الرئيسي في تراجع الحراك هو أن أهل الكويت اكتشفوا أن هذه الجماعات تسوق البلد في اتجاهات الولاءات القبلية والطائفية الأدنى، بينما سموأمير البلاد وحكومته يحاولان تعزيز دولة المواطنة. أحدنا يريد السير بالبلد إلى عالم القبائل والطوائف والأمير يريد أن يأخذنا إلى عالم الدولة الحديثة والمواطنة»، وكذلك إشارة سموه إلى أن «الناس في الكويت يحترمون الإنجاز لا المسيرات، العالم يفهم أن لكل مواطن صوتا واحدا، أما ما كانت تطالب به المعارضة وهو أربعة أصوات لكل مواطن، فإنه أمر غير مفهوم لكل العالم، لذلك لم تجد المعارضة أي تعاطف دولي. ثم إننا لسنا مجتمعا منقسما على نفسه، نحن لدينا، رغم كل هذا، تناغم اجتماعي وقبول بنظام الحكم، رغم النعرة الطائفية والقبلية التي تبرز على السطح أحيانا».
أضافت أن هذا الحديث الذي نشرت الصحيفة أبرز ملامحه أوصل رسالة إلى جميع القوى السياسية والمجتمعية، بأن الكويت التي احتفلت منذ فترة قليلة بمرور خمسين عاما على صدور دستورها لا يمكنها أن تتراجع عن توجهها الديمقراطي، أو توقف مسيرتها الدستورية والقانونية، لأن ذلك سيعني ببساطة هدم أهم مرتكزات مدنية الدولة التي تعتد «المواطنة» أساسا للتعامل مع جميع مواطنيها، وتستبعد كل ما عداها من عوامل أو اعتبتارات فئوية أخرى.
وشددت على أن حديث المبارك لقي ارتياحا كبيرا في مختلف الأوساط السياسسية والمجتمعية، وجاء ملبيا للكثير من المطالبات والنداءات بضرورة ترسيخ دولة القانون، وإخضاع الجميع تحت لوائه.
أضافت أنه يتصل بذلك أيضا الوضوح الذي تعاملت به وزارة الشؤون الاجتماعية مع الحركة النقابية، والتأكيد على رفضها أي توجه لتسييس النقابات، أو صرفها عن أهدافها ومطالبها العمالية، وتوجيهها لخدمة أهداف سياسية حزبية قد تتصادم مع المصلحة العليا للوطن، وهو ما تعزز بالتعاميم التي وجهتها «الشؤون» إلى جميع النقابات وجمعيات النفع العام المشاركة فيما يسمى بائتلاف المعارضة، وأكدت فيها ان القانون يحظر عليها العمل السياسي، وتحذيرها النقابات من اتخاذ اجراءات قانونية ضدها تصل الى حل مجالس اداراتها بأحكام قضائية.
في سياق متصل شددت المصادر البرلمانية كذلك على أهمية الخطوة التي اتخذها التحالف الوطني والمنبر الديمقراطي، بتأكيدهما على أنهما «ليسا طرفا في أي جبهة أو ائتلاف يتمخض عنه اجتماع المعارضة» في نهاية الأسبوع الماضي، وأنهما غير معنيين كذلك بأي قرارات تنتج عنه.
وقالت إنه من المهم أيضا الالتفات إلى تحذير أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي خالد الخالد من «خطورة الأوضاع التي تعيشها البلاد ومحاولة تجاهل حقيقة الحالة التي نمر بها، وان الأزمة السياسية عميقة وآخذة في التصاعد بشكل غير مسبوق»، وإعلانه كذلك أن «القضاء هو الملاذ الأخير لدولة الديمقراطية، وأي اساءة لجسد القضاء هي بمثابة اساءة مباشرة للدستور والديمقراطية، ومن غير المقبول أن يوضع القضاء كطرف في الصراع السياسي أو يتم اقحامه بشكل مباشر أو غير مباشر في الأحداث التي تعيشها الدولة».
أضافت أن التحالف الوطني فضح ممارسات الأغلبية المبطلة، حينما اتهمها صراحة بالمسؤولية عن «تدهور وتراجع قوى المعارضة لاستمرارها في التصرف بمعزل عن القوى السياسية الأخرى ومؤسسات المجتمع المدني، ومحاولة الاستفراد في القرارات دون مناقشة الأطراف الأخرى»، فضلا عن أن «النفس الطائفي والقبلي مازال مسيطرا على تصريحات بعض أعضاء الكتلة، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو الندوات التي يدعون لها ويشاركون بها، وأن التكسب القبلي والطائفي وغيره لن يحقق سوى التراجع في حراك المعارضة بشكل خاص وهدم للدولة المدنية الديمقراطية».
وخلصت المصادر إلى القول بأن كل ذلك يصب في اتجاه ترسيخ أسس دولة القانون، ورفض أي حراك من شأنه الإخلال بهذه الأسس، أو تعريض أمن واستقرار البلاد لأي هزات أو مخاطر.