
قال محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد يوسف الهاشل ان البنك المركزي انتهى من مراجعة البيانات المالية المدققة للبنوك الكويتية لنهاية ديسمبر 2012، مبينا أن نتائج هذه البيانات المالية أظهرت تطورات إيجابية واضحة مقارنة بالأعوام الماضية التي أعقبت الأزمة المالية العالمية الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل والثقة بتحسن النشاط الاقتصادي المحلي.
واضاف الهاشل في تصريح لـ«كونا» أمس ان تحسنا ملموسا طرأ على عناصر الأداء الأساسية لهذه البنوك وعلى النحو الذي يعكسه مؤشر المرتكزات الرئيسية الأربعة التي تشكل عناصر دعم قوة البنك وسلامة مؤشراته المالية والتي يمكن أن نطلق عليها «مربع السلامة المالية» وتتمثل في كل من جودة الأصول والسيولة والربحية ومعدلات كفاية رأس المال وهي قنوات متداخلة ومتكاملة بطبيعتها ويعزز بعضها بعضا.
وفي إطار تقديم المزيد من الايضاحات حول تلك التطورات أشار المحافظ إلى سبع نقاط رئيسية اولاها ارتفاع رصيد التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك المحلية إلى مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني من نحو 25.6 مليار دينار في نهاية ديسمبر 2011 إلى نحو 26.9 مليار دينار في نهاية ديسمبر 2012 بزيادة قدرها 1.3 مليار دينار أي بنسبة نمو في حدود 5 في المئة.
وقال المحافظ ان نسبة النمو هذه تعكس تطورا ايجابيا في نمو الائتمان المصرفي مقارنة بنسبة نمو سنوي قدرها 1.6 في المئة في عام 2011 ونسبة نمو سنوي قدرها 0.4 في المئة في عام 2010 وبما يدعو إلى التفاؤل والثقة في تحسن حركة النشاط الاقتصادي المحلي ومما لا شك فيه أن استمرار هذا النمو في عام 2013 سيكون له انعكاسات إيجابية على ايرادات البنوك وصافي أرباحها وتدعيم قواعدها الرأسمالية.
وعن النقطة الثانية قال المحافظ انها تتمثل في استمرار التحسن في جودة الاصول للبنوك الكويتية نتيجة للجهود الحثيثة لبنك الكويت المركزي والبنوك خلال عام 2012 بشأن تحليل وتقييم جودة محفظة القروض بشكل دقيق في ضوء تطبيق المعايير المهنية السليمة في هذا المجال وقد انعكس هذا التحسن في مواصلة الانخفاض في نسبة القروض غير المنتظمة التي تراجعت بشكل ملموس من 7.06 في المئة في نهاية ديسمبر 2011 إلى 4.95 في المئة في نهاية ديسمبر 2012.
وذكر المحافظ ان هذا التحسن في مؤشر جودة الأصول قد رافقه أيضا تحسن في نسبة تغطية المخصصات المحددة والعامة والاحترازية إلى اجمالي الديون النقدية غير المنتظمة حيث ارتفعت تلك التغطية من 71.8 في المئة في نهاية ديسمبر 2011 إلى 94.8 في المئة في نهاية ديسمبر 2012 علما بأنه في حالة أخذ الضمانات مقابل تلك المديونيات بعين الاعتبار فإن نسبة التغطية المشار إليها ترتفع إلى 128.6 في المئة في نهاية ديسمبر 2011 ولتسجل قفزة كبيرة لتصل إلى 174.8 في المئة في نهاية ديسمبر 2012 ولا شك في أنها معدلات تغطية مريحة تدعو إلى مزيد من الاطمئنان حول سلامة المؤشرات المالية للقطاع المصرفي.
وعن النقطة الثالثة اشار الدكتور الهاشل الى ان البنوك الكويتية واصلت تحقيق أرباح صافية وبمعدلات تعتبر جيدة أخذين بالاعتبار انحسار فرص التوظيف المناسبة لاستغلال فوائض السيولة لدى البنوك مع استمرارها ببناء المخصصات التحوطية «الاحترازية» في إطار تعزيز إدارة المخاطر لدى البنوك وتحسين نسبة التغطية للديون غير المنتظمة لديها.
واضاف ان هذه الاجراءات من قبل البنوك تاتي استجابة للسياسة التي يطبقها البنك المركزي في إطار أسلوب الرقابة التحوطية وبما يتماشى مع تطورات الرقابة المصرفية الدولية التي أكدتها الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية وتضمنتها أيضا حزمة إصلاحات بازل «3» بشأن بناء المخصصات في ضوء نظرة مستقبلية.
واوضح انه في نهاية ديسمبر 2012 بلغ صافي الأرباح الخاص بمساهمي البنوك الكويتية التقليدية والاسلامية وبنك الكويت الصناعي نحو 578.8 مليون دينار كويتي مقارنة بمبلغ 570.9 مليون دينار في نهاية ديسمبر عام 2011 بزيادة قدرها 7.9 ملايين دينار وبنسبة نمو 1.4 في المئة علما بأن أرباح بنك الكويت الوطني لعامي 2011 و 2012 تشمل حصته من أرباح بنك بوبيان.
اما عن النقطة الرابعة فقال الهاشل ان البنوك المحلية حافظت كذلك على معدلات كفاية رأس مال أعلى من متطلبات الحد الأدنى لهذه النسبة البالغة 12 في المئة بموجب تعليمات بنك الكويت المركزي والتي هي بدورها أعلى من متطلبات لجنة بازل للرقابة المصرفية وقدرها 8 في المئة وفقا لمعيار بازل «2» حيث بلغت هذه النسبة في نهاية ديسمبر 2012 نحو 18.2 في المئة.
واضاف انه اضافة الى المعدلات العالية لكفاية رأس المال لدى هذه البنوك وبما يفوق المعدلات الدولية فإنه جدير بالملاحظة أيضا أن البنوك الكويتية تتفوق بشكل واضح في جودة رأس المال الذي يشكل مصدات حقيقية لمواجهة أي صدمات ويعطي هذه البنوك المرونة والقدرة الكافية على احتواء آثار أي متغيرات معاكسة مع الاستمرار في مواصلة النشاط.
وتابع ان جودة رأس المال لدى البنوك الكويتية تتمثل في كون الجزء الأكبر من قاعدة رأس المال لديها وبنحو 89.2 في المئة يمثل رأس المال المدفوع والاحتياطيات المعلنة التي تم بناؤها من صافي أرباح البنوك عبر سنوات طويلة بالإضافة إلى الأرباح المحتجزة وهي مجموعة البنود التي تدخل ضمن مكونات ما يعرف بالشريحة الأولى لرأس المال وفقا لمعيار بازل «2».
واوضح الهاشل انه يلاحظ بناء على ذلك بان البنوك الكويتية وخلافا للنهج الذي تتبعه الكثير من البنوك العالمية لا تعتمد في بناء رأس المال التنظيمي لديها أو قاعدة رأس المال على الديون والأدوات الأخرى المساندة لرأس المال وهي بمنزلة جودة أقل وتعتبر ضمن الشريحة الثانية وفقا لمعيار بازل «2».
وذكر ان الأزمة المالية العالمية كشفت عن أن هذه النوعية من مكونات رأس المال لم تسعف تلك البنوك في احتواء الصدمات وهو ما أجبر العديد من الدول على تطبيق خطط انقاذ مالي غير مسبوقة لحماية مصارفها الأمر الذي أثقل كاهل الموازنات العامة لتلك الدول وكان من الأمور التي أخذتها حزمة اصلاحات بازل «3» بعين الاعتبار جاءت متضمنة تعديلات تستهدف تعزيز وتحسين جودة رأس المال.
وقال الهاشل «لذلك أرى أن هذا التفوق الذي تسجله مصارفنا الوطنية على صعيد جودة رأس المال وليس فقط حجمه هو من المقومات الأساسية التي توفر لديها المرونة الكافية لمقاومة الصدمات والقدرة على استيفاء متطلبات بازل «3» بشأن التعديلات المقترحة في معيار رأس المال».
واضاف «هذا وفي ضوء التوجهات المستمرة لبنك الكويت المركزي لحث البنوك على تدعيم قواعدها الرأسمالية أخذا بالاعتبار جانب الحيطة والحذر في مواجهة أي احتمالات لانعكاسات الأزمة المالية العالمية فقد قام العديد من هذه البنوك بتدعيم قواعدها الرأسمالية منذ عام 2009 من خلال طرح أسهم جديدة للاكتتاب وضخ أموال جديدة ساهمت أيضا في تعزيز جودة رأس المال».
اما عن النقطة الخامسة فقال الهاشل ان البنوك الكويتية تتمتع بفوائض سيولة تزيد على متطلبات الحدود الدنيا لنسبة السيولة القانونية المحددة بموجب تعليمات بنك الكويت المركزي وقدرها 18 في المئة حيث بلغت هذه النسبة في نهاية ديسمبر 2012 نحو 27 في المئة وتمتاز هذه الأصول في كونها ذات جودة عالية حيث تتمثل في أدوات الدين العام اضافة إلى الودائع لأجل لدى البنك المركزي والسندات الصادرة عنه وهي من أدوات التدخل التي يستخدمها البنك المركزي لتنظيم مستويات السيولة في إطار عمليات السياسة النقدية.
واشار الهاشل في النقطة السادسة الى اختبارات الضغط حيث اظهرت نتائجها عن نهاية ديسمبر 2012 ولمنظور أمامي لمدة سنة قدرة هذه البنوك على مواجهة الصدمات في ظل سيناريوهات صعبة لاختبارات الضغط والعمل في أوضاع ضاغطة مبينا أن بنك الكويت المركزي يقوم بتطبيق ثلاثة أنواع من اختبارات الضغط يستند الأول منها الى تعريض البنوك لصدمات افتراضية سلبية في أهم متغيرات الاقتصاد الكلي والجزئي ومنها تراجع أسعار النفط وتراجع الناتج المحلي الاجمالي وانخفاض أسعار الصرف وتراجع أسعار الأصول المالية والعقارية وتراجع مستويات السيولة لدى البنوك وارتفاع تكلفة الأموال لديها.