
رجحت مصادر نيابية وحكومية أن تتراجع الحكومة عن تبني مشروع قانون الإعلام الموحد الذي كانت بصدد إحالته إلى مجلس الأمة، إثر الانتقادات الحادة التي وجهت إليه من جانب النواب، وكذلك من أهل الاختصاص في الحقل الإعلامي، والتي كشفت عن ثغرات كثيرة في المشروع تهدد المكتسبات الكثيرة التي حققتها الكويت طوال العقود في مجالات الديمقراطية والحريات.
وأوضحت المصادر أن التوجه الغالب الآن هو أن تلجأ الحكومة إلى إجراء تعديلات على المشروع، قبل إحالته إلى المجلس، تتفادى من خلالها المآخذ والتحفظات التي أبداها الكثيرون حوله، ورأوا فيها مساسا بالحريات، وسلبا لمكانة الكويت كدولة ديمقراطية رائدة في المنطقة بأسرها، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه من الوارد أيضا أن تحيل الحكومة المشروع بصيغته الحالية إلى مجلس الأمة، ثم تعلن بعد ذلك موافقتها على التعديلات التي يحتمل أن تجريها عليه اللجنة التعليمية البرلمانية، وتحسم بذلك الجدل الدائر على مشروع القانون.
في هذا السياق أعلن عضو اللجنة التعليمية في مجلس الامة النائب خليل أبل أن لجنته «لم تتسلم حتى الآن قانون الإعلام الموحد الذي أقرته الحكومة في اجتماعها الإثنين الماضي»، وقال: انه «قبل ان نتكلم عن القانون يجب ان نتحدث عن المبدأ.. فنحن مع الحريات المسؤولة».
وأوضح ان «علينا ان نتجرأ ولا يمكن ان تكون الحريات مطلقة»، لافتا إلى أن «بيئة الرقابة الذاتية غير موجودة، وبالتالي لا يمكن ان تكون الحريات راجعة للرقابة الذاتية، وكان الاجدر بالحكومة ان تقدم مع هذا القانون مشاريع تثقيف وتوعية للمجتمع».
أضاف ابل: «مستحيل ان نراقب الاعلام الالكتروني لاسيما ان اليوم الاكثرية من الجبناء ينتحلون الشخصيات، ومصادر الخدمات قد تكون خارج الكويت».
وأشار إلى أن «هناك بعض الامور مقبولة في قانون الاعلام واخرى غير مقبولة وسوف نقدم تعديلاتنا اذا ما عرض القانون على المجلس».
وعن لجوء بعض الدول إلى تسجيل مكالمات الافراد الالكترونية وهل يمكن ان يطبق هذا الامر داخل الكويت قال أبل: «لا يجوز ذلك الا باذن النيابة العامة».
من ناحيته وصف النائب نواف الفزيع قانون الإعلام الجديد الذي اقرته الحكومة ورفعته الى مجلس الامة بأنه «شيوعي لايتسق مع الديمقراطية، وهو ضد التوسع في الحريات».
وذكر ان «غرامة الـ300 الف دينار التي تتضمنها بعض مواده، تمثل اعداما اكثر من عقوبة الحبس ولن نسمح بالموافقة علي هذا القانون».
ولفت إلى أن «القانون لن يخدم سوي التضييق على الحريات»، موضحا أن «قانون المرئي والمسموع افضل بكثير من هذا القانون».
بدوره انتقد تجمّع العدالة والسلام قانون الاعلام الموحد، مؤكدا أن «هذا القانون يشكل خطرا غير مسبوق على حرية الاعلام وانتاج المبدعين، فضلا عن أنه يزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير، وهو يعد أحد الطرق لتكميم الأفواه».
واستنكر التجمّع في بيان أصدره أمس «ما تقوم به الحكومة من محاولات فاشلة تعيد الكويت الى مراحل الظلام وعصور ما قبل الدستور»، مشيرا إلى أن «مواد القانون ما هي إلا مشروع لخنق الحريات في بلد الحريات».
وشدد على ضرورة «تصدي أعضاء مجلس الأمة لهذا القانون.. فهم أمام اختبار حقيقي للمحافظة على مواد الدستور الذي كفل حرية الرأي والتعبير والابداع».
كان وزير الاعلام الشيخ سلمان صباح الحمود قد أكد ان مشروع قانون الاعلام الموحد الذي أقرته الحكومة أخيرا يمثل دعما للاعلام الكويتي، وقال: ان مشروع القانون المذكور يهدف في أحد جوانبه الى تنظيم التعامل حيال التجاوزات في أي قضية ضمن القوانين الاعلامية دون القوانين الجزائية. وأضاف ان وسائل التواصل الاجتماعي جميعها أو الشخصية «لا تخضع لأي اجازة أو ترخيص مسبق من وزارة الاعلام ومن شأن مشروع القانون هذا أن يخضع أي قضية في هذا المجال الى قوانين اعلامية» موضحا ان تنظيم هذه الوسائل ضمن قوانين اعلامية «أفضل من تعاملها مع قوانين جزائية كما هو معمول به حاليا».