
لم تكد علاقة التعاون بين مجلس الأمة والحكومة تؤتي ثمارها، في صورة إنجازات تشريعية متتالية لمسها الشارع الكويتي بقوة خلال دور الانعقاد الحالي، حتى ظهرت مؤشرات تؤكد أن هذه العلاقة تتعرض لـ«زلزال» شديد يوشك أن يطيح بالآمال الجماهيرية المعلقة عليها، وينذر بعودة التأزيم السياسي بين السلطتين، وتكرار تجارب الإخفاق والعجز عن العمل والإنجاز التي كانت السمة الواضحة للمجالس السابقة.
في هذا الصدد أكد النائب خليل الصالح أنه عندما بدأت الحكومة بالرغبة في تأجيل الاستجوابات المقدمه لأعضائها، كانت تريد منحها فترة كافية لحل المشاكل والملفات العالقة ذات الاهمية البالغة لاستقرار البلد وتحريك عجلة التنمية.
وتساءل الصالح في تصريح خاص لـ«الصباح»: هل بعد مضي اربعة اشهر على بداية دور الانعقاد الحالي، استطاعت الحكومة ان تتفاعل تفاعلا ايجابيا بالنسبة للملفات القديمة، لكي تنظر لما هو جديد؟ مشيرا إلى ان الثقل على السلطة التنفيذية كبير جدا، خصوصا بعد أن تعامل معها مجلس الامة بنوابه تعاملا ايجابيا، من خلال حضور الجلسات واجتماعات اللجان البرلمانية وتقديم مشاريع بقوانين في مختلف المناحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والامنية.
أضاف: ماذا يريد المراقب السياسي من هذا المجلس ان ينجز او ان يكون متعاونا اكثر من ذلك؟، لافتا إلى ان حق الاستجواب مكفول لأي نائب تجاه اعضاء الحكومة، متى وجدت مبررات تقديمه.
وانتقد الصالح محاولات الحكومة في ان تغفل دور المجلس الحالي قائلا: «الحكومة تريد ان تأخذ المجلس الحالي اربع سنوات ردفا» واضاف: «لا نريد ان نكون في العربة والحصان يجر فينا»، مشيرا إلى انه لن يسمح النواب بذلك مهما كلفهم الامر، وأكد أهمية الدورين الرقابي والتشريعي المنوطين بالمجلس، مشددا في الوقت نفسه على عدم الرغبة في تعطيل قطار التنمية والإنجاز.
ودعا اعضاء الحكومة الى ان يقوموا بدورهم المنوط بهم على الوجه الاكمل، منوها انه كان يتمنى من كل وزير ان يختار مشروعا يشرع في تنفيذه، ويقوم صاحب السمو امير البلاد حفظه الله بوضع حجر الاساس له.
واوضح ان التأخير والقصور من الجهة التنفيذية لا النواب، لاسيما وانهم يمثلون سلطة تشريعية ورقابية، مشيرا إلى ان الشغل الشاغل لدى الشعب حاليا من خلال الاتصالات التي ترد له كنائب ينحصر في التوظيف والتطمين حول التسابق على المناصب القيادية في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وهذا ما يمثل 70 في المئة من الاتصالات التي ترد اليه.
وقال الصالح ان هذا المجلس قدم مشاريع بقوانين، يعجز اي مجلس آخر يقدم مثلها في هذه الفترة الزمنية الوجيزة.
من جانبه رد النائب نبيل الفضل على مطالبة بعض النواب الحكومة بان تقدم استقالتها، مؤكدا أنه في العمل البرلماني والديمقراطي من يحسم الموضوعات هو التصويت والأعداد، مشيرا انه ليس معنى نائب او عشرة نواب لديهم رأي يطلقونه في الاعلام، فهذا ليس نتيجة للتصويت على الرغبة باستقالة الحكومة، لاسيما وانه هناك قوانين وقرارات أساسية واستجوابات يفصل فيها صوت واحد.
اضاف الفضل في تصريح خاص لـ«الصباح» ان التوجه العام في المجلس الحالي هو نحو التهدئة والوصول للحلول، لافتا إلى ان المدة الممنوحة للحكومة يتبقى عليها شهران، حتى تتم محاسبتها على الأداء والانجاز.
ونوه انه «مع الأسف الوزراء يعتقدون فترة التهدئة بمثابة «كارت بلانش»، وكأنها رخصة دائمة»، مشيرا إلى انها «ليست كما يعتقدون، وانما هي مجرد فرصة للعمل من دون عوائق» مؤكدا ان «الوزراء في هذا السياق اذا اصروا على الخطأ والخطيئة، فلن يكون امام النواب الا تفعيل ادواتهم الدستورية».
واوضح ان بعض الوزراء يستدرجون النواب لتفعيل ادواتهم الدستورية لاسيما في قضية الانفلات الامني فماذا فعل وزير الداخلية لكي يحسن الوضع الامني؟ مشيرا إلى انه لم يفعل شيئا وبالتالي يريد فتح الابواب على نفسه.
وبين الفضل انه يقع في حرج حاليا في رغبته ان يجيز للنواب الذين اعلنوا عن نيتهم استجواب وزير الداخلية، بعدما وقف ضد استجوابه في السابق، بذريعة انها فترة هدوء لا ينبغي لاحد ان ينقضها، وكشف انه لديه العديد من الملاحظات على وزير الداخلية لكنها ليست كافية لكي ينقض وعده بالتهدئة ويتوجه نحو الاستجواب.
ونفى الفضل ان يكون المجلس انقسم الي فريقين كما يعتقد البعض، مؤكدا انه لا يوجد بين نواب البرلمان الحالي مشاكل تدعو للصراع والخلاف، مشيرا إلى انه لا ينبغي ان توجد تربة لنمو اي خلافات في المجلس الحالي، وان النواب قبلوا بمنح الحكومة مهلة وعليهم ان يتحملوا مالم يجد جديد يتعلق بشيء يعرض الوطن او حياة الشعب للخطر، ففي هذه الحالة يكون الوضع مختلفا، ولكن لا يوجد اي طارئ بحمد الله حتى الآن.
وشدد على ضرورة الالتزام بمهلة الستة اشهر، معقبا على رأي بعض النواب بانه مرت اربعة اشهر ولم تفعل الحكومة شيئا بقوله: لماذا وعدتم بستة اشهر؟ لماذا لم تعدوا بأربعة منذ البداية؟ مؤكدا انه بالنهاية الحكومة ووزراؤها هم من «يرقصون بالوحل»، خاصة وان الناس تدرك ان المشكلة بالحكومة وليس بالمجلس بعد ان وفر البرلمان كل اسباب النجاح للسلطة التنفيذية، ومع ذلك لم تنجح، اذن الخلل فيها.
وشدد على انه آن الاوان لإعادة النظر بتشكيل حكومة بشكل صحيح، موضحا انه من المشاكل الموروثة في أزمة الادارة انه بدأ عهد جديد ومجلس بوجوه جديدة من خلال قانون جديد للانتخاب، لكن مع الأسف ردت نفس الحكومة القديمة لم يتغير شيء الا في اضيق الحدود، مؤكدا أن تشكيل الحكومة الحالية لم يواكب التغيير الجذري الذي احدثه مرسوم الصوت الواحد، لذلك جاءت باناس متعودين على النهج القديم للمجالس السابقة، وفي الوقت ذاته النواب المخضرمون القدامى في المجلس الحالي لا يزالون يعيشون بالنفس القديم ذاته، وهو التهديد بالاستجوابات، وهو ما ينطبق عليهم المثل الانكليزي بان «العادات السيئة تموت بصعوبة»، وايضا الخوف من الاستجوابات لدي الوزراء يموت أيضا بصعوبة شديدة.