
كتب د. بركات عوض الهديبان
> أمراؤها جددوا ولاءهم للأمير وأسرة الصباح وواصلوا تأكيدهم عدم القبول بالمساومة على الثوابت الوطنية
> كلمة بن جامع أعطت درساً لكل السياسيين في كيفية التمسك بالمبادئ حتى مع اختلاف وجهات النظر
> تصريحات بن جامع تتفق مع موقف قوي مماثل لسلطان بن حثلين عن وقوف قبيلة العجمان ظهيراً وسنداً لسمو الأمير والأسرة الحاكمة
لم يعد لدى أحد ذرة شك في إجماع أهل الكويت على ارتباطهم وولائهم لقيادتهم السياسية وللأسرة الحاكمة، ورفضهم المساومة على هذا الولاء، أو القبول بأن يكون الأمر محل جدل أو خلاف.. وقد جاءت كلمة أمير قبيلة العوازم فلاح بن جامع، في مناسبة احتفالية الأسبوع الماضي، لتؤكد هذه المبادئ الراسخة رسوخ الجبال، ولتعزز ما سبق أن أكده أيضا أميرقبيلة العجمان سلطان بن حثلين منذ أيام قليلة أيضا، وما شدد عليه كذلك معظم قادة وممثلي التيارات السياسية، من أن الكويت كلها متضامنة تماما في ولائها واحترامها الكبير لصاحب السمو أمير البلاد، وعدم القبول بأي مساس بسموه، ليس فقط لأن الدستور ينص على ذلك، ولكن لأن هذا ما تربينا عليه، وما تلزمنا به قيمنا العربية والإسلامية الأصيلة.
ما أكدته أيضا كلمتا بن جامع وبن حثلين وتصريحات عدد كبير من السياسيين، هو التوافق الكامل على رفض أي محاولات للانجرار إلى الفوضى والتخريب وتدمير المنشآت، واعتبار أمن واستقرار الكويت «خطا أحمر» لا يجوز لأحد الاجتراء على تعديه أو المساس به، وأن الشعب الكويتي بلغ من النضج حدا لا يستطيع معه أحد خداعه أو التمويه عليه بشعارات براقة، تفضي إلى الإضرار بالبلاد، أو تهديد مصالحها الحيوية، أو ضرب مؤسسات الدولة، خصوصا مؤسسة القضاء التي يثق الجميع بعدالتها ونزاهتها، ويرفضون تماما الزج بها في أتون الصراعات السياسية.
هذه المواقف تثبت تضامن الكويت كلها في الحفاظ على الثوابت الوطنية والدستورية، ورفض الانزلاق إلى الفوضى، أو التخلي عن القيم والمبادئ التي حفظت للكويت استقرارها السياسي والاجتماعي، وحمتها من العواصف والتقلبات، وجعلتها تعيش ربيعا دائما ومبكرا جدا، أرسى بهدوء وتدرج وأناة أصول الممارسة الديمقراطية السليمة، بعيدا عن تلك «الانفجارات» التي أصابت بعض الدول فجأة، فأحالت أمنها خوفا، واستقرارها تصدعا، وازدهارها شظفا وتدهورا.
وشيوخ القبائل ينطلقون في مواقفهم الثابتة هذه من إدراكهم بأن لهم دورا كبيرا في التعبير عن توجهات قبائلهم، وأهمية مشاركتهم السياسية، وإسهامهم في صنع الأحداث، وتحديد ملامح التوجهات الوطنية.. وليس أدل على ذلك من أن بعض هذه القبائل كان لها موقف معارض لمرسوم الصوت الواحد، لكنها مع ذلك تعي أن هذا الموضوع شيء، ووقوفها ظهيرا وسندا لقيادتها السياسية شيء آخر، فحين يتعلق الأمر بـ«الثوابت الوطنية»، فلا مجال عندئذ للمساومات أو «الحسابات»، أو محاولة التكسب السياسي على حساب مصلحة الكويت.. وإذ نؤكد على هذا الأمر فإنما لنلفت إلى أن قبائل الكويت لديها «البوصلة» الصادقة لتحديد توجهاتها الصحيحة، ووعيها بأن موروثها الاجتماعي يفرض عليها أن تتواجد دائما في المكان الصحيح، وأن يشكل هذا الموروث الضابط الأساسي والمحوري لممارساتها ومواقفها.
في هذا الإطار الوطني جاءت كلمات أمير قبيلة العوازم حاسمة قاطعة، حين قال: «إن قبيلة العوازم ضد الحكومة المنتخبة، وضد فكرة الإمارة الدستورية، وأن اختيار رئيس الوزراء من سلطات سمو أمير البلاد، ولا نقبل أن يكون رئيسا للحكومة إلا من كان من أسرة الصباح ولا يجوز ما يردده البعض أن الشيخ جابر المبارك آخر رئيس للحكومة من الأسرة، فجميع أبناء القبيلة مع هذه الأسرة الكريمة ولن يحيد أحد عن هذا الرأي»، وحرصه على أن يبين الفروق الواضحة والضرورية، بين اتخاذ موقف سياسي ما من قضية بعينها، كموضوع الانتخابات، وأن ذلك لا يعني بأي حال التعدي على الثوابت الوطنية.. وتجلى ذلك في إشارته إلى أن «ابناء القبيلة قاطعوا الانتخابات في الصوت الواحد، والتزم أبناؤها بتلك المقاطعة، «ولكننا في الوقت ذاته اعترضنا على المسيرات والمظاهرات، وكذلك اعترضنا على مواجهة رجال الأمن، اضافة الى اعتراضنا على الشتائم التي ظهرت ببعض التجمعات، فلم نكن معها وكنا واضحين في ذلك، فنحن لا نبحث عن المشاكل لكننا وطنيون ونحب الكويت ونتمنى لها الاستقرار»، وتأكيده كذلك على القول: «لن نقبل أن يتعدى أحد على الأسرة الحاكمة، وساعتها سنتعاون مع الشيطان الأحمر من أجل الكويت وحكامها.
هذا الموقف كما يذكرنا يضاف إلى مواقف قبائل أخرى، أبرزها قبيلة العجمان التي أكد أميرها سلطان بن حثلين عقب لقائه منذ وقت قريب صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد، على ولاء العجمان الكامل لسموه، وقوله: إنه «مهما كان الحال فديننا الاسلامي يحض على طاعة الله عز وجل والرسول وولي الامر، وسموه عودنا على رحابة الصدر» متمنيا لسموه طول العمر، وهو الموقف ذاته أيضا الذي عبرت عنه سائر القبائل الأخرى، من خلال شيوخها ورموزها وكودرها السياسية والأكاديمية.
تلك هي الكويت، وهذا هو شعبها الحر الأصيل الذي يثبت في كل المواقف أنه مهما تباعدت الرؤى السياسية، واختلفت التوجهات والمسارات تجاه بعض القضايا التفصيلية، فإن ذلك لا يؤثر من قريب أو بعيد في وحدة صفه، وسلامة بنيانه، وكونه لا يقبل المساومة على ولائه لصاحب السمو الأمير ولأسرة الصباح، وأنه لن يسمح يوما لأحد بأن يتلاعب بثوابته الوطنية، أو يهدد نسيجه المجتمعي، أو يمس بالقيم الأصيلة التي تحكم حركة حياته، وتنتظم وجوده، وتحميه – بفضل الله تعالى – من عوادي الردى ورياح الفتن التي تجتاح هذه الأيام منطقتنا وعالمنا كله.