
توالت أمس ردود الفعل المختلفة على الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية أمس الأول، وأبطلت من خلاله مجلس الأمة، وحصنت مرسوم الصوت الواحد، حيث جدد مجلس الوزراء التزامه بهذا الحكم وبمضامين كلمة سمو أمير البلاد التي وجهها إلى المواطنين عقب حكم المحكمة، مؤكدا أنه لن يدخر وسعا في ترجمة هذه التوجيهات وتحقيق غاياتها الوطنية، وبما يؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية، وتطوير مسيرتنا الديمقراطية ودفع مسيرة الإنجاز والتنمية في البلاد.
وأوضح وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون البلدية الشيخ محمد العبد الله أن المجلس تدارس خلال اجتماعه مضامين كلمة سمو أمير البلاد التي وجهها للمواطنين مساء أمس الأول، في أعقاب صدور حكم المحكمة الدستورية بشأن الطعون الانتخابية المقدمة من بعض المواطنين، والتي أشار فيها سموه إلى تأكيده السابق على قبوله عن طيب خاطر حكم المحكمة أيا كان، انطلاقا من إيمانه بقضائنا النزيه والتزامه بمرجعياتنا الدستورية، ودعا جميع المواطنين إلى احترام الحكم والامتثال له إجلالا وتقديرا لقضائنا الشامخ والتزاما بالدستور.
وأشاد مجلس الوزراء بمضامين الكلمة السامية، وعبر عن اعتزازه بما تضمنته من معان وتوجيهات سامية منوها بما تفضل به سموه، من أن هذا الحدث وبما انتهت إليه المحكمة الدستورية من حكم تاريخي يجسد حقيقة ساطعة وانجازا حضاريا، تعكس إيمان الكويتيين بدولة القانون والمؤسسات والاحتكام إلى المرجعيات الحاكمة في كل ما قد يجري الاختلاف حوله من موضوعات، ثم أحاط سمو الشيخ جابر المبارك المجلس بنتائج الزيارة التي قام بها للعراق يوم الأربعاء الماضي، والتي جاءت انطلاقا من حرص قيادتي البلدين على تقوية الروابط الأخوية والعلاقات المتميزة التي تربط البلدين الشقيقين، وأوجه تطوير سبل التعاون في مختلف الميادين الاقتصادية والنقل والثقافة والتعليم العالي والدبلوماسية والبيئة.
وعبر المجلس عن تهنئته للرئيس المنتخب لجمهورية إيران الإسلامية حسن روحاني بفوزه بثقة الشعب الإيراني، معربا عن صادق أمله في أن تشهد العلاقات الثنائية المزيد من النمو والتطوير لتحقيق المصالح المشتركة بين البلدين الصديقين، وأن يتعزز بإسهام جمهورية إيران الإسلامية بدور ايجابي في بناء مقومات السلام والاستقرار في المنطقة لتنعم جميع شعوبها بالمزيد من الأمن والسلام والازدهار والرخاء.
وفي إطار ردود فعل القوى السياسية على حكم المحكمة الدستورية، فقد وضع التحالف الوطني الديمقراطي التكتلات الأخرى في مأزق، حين أعلن أنه سيشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، موضحا في بيان أصدره أمس أن حكم المحكمة الدستورية «وضع نهاية لجدل دستوري حول مراسيم الضرورة بشكل عام، ومرسوم تعديل النظام الانتخابي الى الصوت الواحد بشكل خاص، ليسجل القضاء الكويتي انتصارا تاريخيا ببسط رقابته القضائية على مراسيم الضرورة، قاطعا الشك باليقين أن سلطة التشريع لا يمكن لها أن تكون منفردة وبعيدة عن الرقابة البرلمانية والقضائية».
وأكد التحالف في بيانه أن «احترام الأحكام القضائية أحد سمات المجتمعات الديمقراطية مهما اختلف أو اتفق حولها، فلا يمكن للأحكام أن تأتي وفق الأهواء بالمطلق، ولا يقبل للقضاء أن يكون أسير التدخلات من أي طرف كان، وهو ما يدعونا الى التأكيد على الالتزام بأحكام المحكمة الدستورية في الطعون الانتخابية وإن جاءت بخلاف تطلعاتنا وأمانينا».
أضاف البيان: «لقد جاء الحكم الدستوري الأخير ليؤكد ما ذهب اليه التحالف في موقفه السابق بأن مراسيم الضرورة لا يمكن لها أن تكون حقاً مطلقا لرئيس الدولة، او تكون خارج إطار الرقابة الدستورية، حين أكدت عدم دستورية مرسوم انشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات، إلا أن المحكمة قبلت بمسببات الضرورة التي أرفقت مع مرسوم تعديل النظام الانتخابي الى الصوت الواحد لتؤكد على دستوريته».
وقال التحالف الوطني في بيانه أيضا: إنه «أمام الواقع الجديد الذي فرضته المحكمة الدستورية، فإن التحالف الوطني الديمقراطي يجدد التزامه بتطبيق الحكم، ويعلن مشاركته في الانتخابات المقبلة، سعيا نحو إقرار نظام انتخابي أكثر تقدما وتطورا وفق القوائم النسبية، يحقق التطلعات الديمقراطية السليمة، ويقضي على التصويت القائم على المبدأ الطائفي والانتماء القبلي والفئوي».
في المقابل انتهى اجتماع المعارضة في ديوان أحمد السعدون إلى تشكيل لجنة تعد تصورا للمرحلة المقبلة، وتتألف من وليد الطبطبائي وأسامه الشاهين وفواز صاهود العنزي ويوسف الشطي وطارق المطيري وعواد النصافي وناصر البلهان وناصر المطني.
وقال رئيس المجلس السابق «أحمد السعدون» إنه وإن كانت المقاطعة السابقة واجبة، فإن المقاطعة في المرحلة القادمة أوجب»، موضحا أن «اجتماع المعارضة ليس من أجل المقاطعة، بل الأمر يحتاج إلى عمل طويل.. شكلنا لجنة لإعداد تصوّر المرحلة القادمة، ورسم الخطوات المقبلة، هذه هي مسؤولية الشعب، ولدينا موعد خلال يوميّن لنحدد ما تصوره لنا اللجنة».
من جهة أخرى عقد نواب المجلس المبطل بحكم المحكمة الدستورية اجتماعا مساء أمس في ديوان يعقوب الصانع، للتشاور حول الخيارات المتاحه للتعامل مع المرحلة الراهنة، وسوء التعامل الحكومي في المراسيم المبطلة.
واكد النائب في المجلس المبطل عبدالحميد دشتي ان الجزء الاكبر من الطعون التي رفضتها المحكمة الدستورية كان فيه منها ما يخصني»، مشيرا الى ان «هذا الحكم من محكمة دستورية، وبالتالي لا يجوز لأحد بعد ان يطعن على شخصي بأنني سيء السمعة».
وقال في مؤتمر صحافي عقده في مجلس الامة ان «هناك الكثير من الامور كان يفترض التوقف عندها، لكن نتيجة للحكومة ومستشاري مجلس الوزراء، فلم تجد المحكمة من سبيل سوى ان تبطل الانتخابات».
واضاف ان «ابطال مجلسين نتيجة اخطاء إجرائية، يعد بمثابة فخاخ وضعت وتحتمل احتمالين، اما انها تنم عن عدم فهم او سوء نية وخبث»، مطالبا المستشارين والمعنيين في إبداء الرأي الدستوري والقانوني، اذا لم يكونوا على درجة من الفهم «بأن يأتوا بمنظمات دولية تنظم الانتخابات والامور القانونية».
أضاف: «هل يعقل ونحن نواب نمثل الامة، ان نسكت علي العبث بارادة الامة ؟»، موضحا أنه يتبنى ويتمنى على نواب المجلس المبطل 2 «بان يتبنوا معي ذلك السقف من المطالب الاتية: محاكمة المتسببين فورا ابتداء من رئيس الوزراء ومن أعانه من وزرائه، ورئيس الفتوى والتشريع ومستشاري مجلس الوزراء الذين كان لهم دور او خط حرف في اي اجراء اثناء المرحلة الانتخابية، او اصدار مراسيم الضرورة ذات الصلة والضرورة بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات».
واشار الى «الصرف بملايين الدنانير على الحملات الانتخابية من قبل مرشحي مجلس الامة وبعد ذلك يبطل المجلس فهذا يسبب ضررا يلحق بمن انتخبوا نوابا للامة، وهناك علاقة سببية ولذلك التعويض لمن لحقه ضرر مستحق وعليه يجب تعويض كل نائب كان في مجلس الامة المبطل «1و2»
ولفت إلى «الدعوة فورا لانتخابات خلال 60 يوما وفق نص المادة 107 من الدستور دون تباطؤ، محذرا من اللف والدوران والمراوغة من مجلس الوزراء حتي نصبح امام اشكالية عودة مجلس 2009 لاجل ان يقترح صوتين»، مبينا ان «الصوت الواحد تم تحصينه وكفي الله المؤمنين القتال، ونحذر من التلاعب بالمدة الزمنية واذا تم ذلك فهذا مخطط سيئ النية لعبث اخر».
واوضح انه: «في حال عدم تلبية المطالب سالفة الذكر فانني أدعو نفسي والنواب في المجلسين المبطلين «1و2» الى مخاطبة الشعب بأن يقاطعوا الانتخابات القادمة، لان ذلك يعني اننا امام مخطط سوء نية مع سبق الاصرار والترصد علي المضي بهذه الألاعيب بادرة الامة».، داعيا الي «اجراء تعديل علي القانون رقم 14 لسنة 1973 بتشكيل المحكمة الدستورية بان يكون ضمن تشكيلها ممثلون للامة من اخيارها».
اضاف انه سيدعو ايضا الى «تفعل المادة 95 من الدستور التي اعطت اصل الاختصاص للفصل في صحة العضوية لمجلس الامة»، مشيرا الى أن «اعضاءه تنازلوا عن هذا الحق بحسن نيه لجهة قضائية هي المحكمة الدستورية، لكن مع تكرار الابطال لمرتين يجب ان يعود الامر لاصله، نظرا لوجود الثقافة الجديدة في الطعون الانتخابية والإبطال».
من جهته أعلن النائب المبطلة عضويته هشام البغلي ان «بعد حكم المحكمه الدستورية بمرسوم الصوت الواحد، طويت صفحة، وبدأت صفحة جديدة ناصعة، ستفتح ان شاء الله في تاريخ الكويت، وعلى الجميع احترام المؤسسة القضائية الشامخة المشهود لها بالنزاهة».
وقال البغلي انه «لاحجة بعد اليوم لمن شكك واتهم»، مشيراً الى ان من «يريد الاستمرار في المقاطعة والتحريض فهدفه اصبح واضحا للعيان، ألا وهو استمرار المحاولات لشل وايقاف التنمية في هذا البلد».
إلى ذلك اعلن النائب السابق عبداللطيف العميري ان ثلاثة من التيار السلفي المعارضين للصوت الواحد لن يخوضوا الانتخابات، وهم: خالد السلطان وعبداللطيف العميري ومحمد الكندري، واكد التزام هؤلاء عدم الخوض في الانتخابات، وهذا أمر أعلناه مسبقاً، وقراراتنا لا تأتي كردة فعل.
ودعا الناشط السياسي راكان خالد بن حثلين القوى السياسية الى الاقتداء بسمو الامير، الذي اكد في خطابه السامي قبوله بحكم المحكمة الدستورية عن طيب خاطر، مشددا على انه بعد ان قالت المحكمة كلمتها الفصل، فلا خيار امام الجميع الا الامتثال لهذا الحكم والعمل بمقتضياته، متمنيا طي صفحة الخلافات والانقسامات والالتئام على ما يحقق مصلحة الكويت واستقرارها.
وطالب بن حثلين الحكومة بالمسارعة في اتخاذ الاجراءات اللازمة لتفعيل مضامين حكم المحكمة الدستورية وتوجيهات سمو الامير، والتعجيل في تنظيم انتخابات جديدة وفقا لنظام الصوت الواحد، وعدم ارتكاب اخطاء جديدة تؤدي الى بطلان الانتخابات، وخصوصا بعد ان تسببت الاخطاء الاجرائية في ابطال مجلسين تشريعيين، ولن يكون مقبولا استمرار حالة اللا استقرار التي تسببت بها الحكومة للمؤسسة التشريعية.
وتابع: سمعا وطاعة يا صاحب السمو ونعم يا صاحب السمو ان امن الكويت واجب مقدس لا تهاون فيه ولا تساهل، ويجب ان يكون على رأس الاهتمامات والاولويات، منوها بما ذكره سمو الامير من انه «لا تنمية اقتصاد ولا خدمات ولا مدارس ولا مستشفيات في غياب الامن».
في غضون ذلك أبلغت الأمانة العامة لمجلس الأمة سكرتارية الأعضاء الذين مازال ندبهم مستمراً بإعطائهم مهلة حتى الخميس المقبل الذي يوافق 20 من يونيو الجاري، للالتحاق بوظائفهم الأصلية وإنهاء ندبهم وذلك بعد صدور مرسوم حل المجلس.
ويأتي هذا الإجراء تطبيقاً للائحة الداخلية لمجلس الأمة وقانون الخدمة المدنية والقوانين المعمولة لهما، واستناداً إلى حكم المحكمة الدستورية رقم 15 لسنة 2012 الصادر بجلسة 16 يونيو 2013 بإبطال عملية الانتخاب التي تمت في 1 / 12 / 2012.
من ناحية أخرى تباينت الآراء حول مدى دستورية الحكومة الحالية، حيث ذهب بعضها إلى أنه بعد ابطال مجلس الامة الحالي بحكم المحكمة الدستورية، فإن الحكومة فقدت وزيرها المحلل، وهي الوزيرة ذكرى الرشيدي التي أبطلت عضويتها النيابية، وبالتالي ابطال تعيينها كوزيرة بناء على عضويتها في المجلس، ووفقا لذلك فإن الحكومة الحالية اصبحت غير دستورية، ولابد من حلها وتشكيل حكومة جديدة، حتى وإن قيل إنها تضم وزيرة كانت نائبة في المجلس السابق 2009 وهي رولا دشتي.. لأن اختيارها لم يكن كمحللة، بل وزيرة غير منتخبة.وهذا يعيدنا الى سيناريو شهدته الكويت بعد ابطال مجلس فبراير 2012، حيث تم حل الحكومة، عقب ابطال عضوية الوزير شعيب المويزري الذي كان وزيرا محللا، لكن آراء قانونية أخرى أكدت أنه لا صحة لهذه الادعاءات، مشيرة إلى أن جميع الحكومات تمر بمثل هذه الوضعية عقب حل مجلس الأمة، ولم يدع أحد يوما أنها غير دستورية.