
نشرت صحيفة «الوطن» المصرية في عددها أمس كما في موقعها الإلكتروني، القسم الأول من تصريحات خاصة للرئيس المتنحي حسنى مبارك ، فيما ستنشر القسم الثاني اليوم الخميس، وهي مقابلة على مراحل قام بها «مصدر» تحفظت على اسمه، وهو مقرب من مبارك.
ونقلت العربية نت عن التسجيلات الصوتية الخاصة بـ«الوطن» المصرية صوت المصدر وهو يسأل مبارك عن رأيه بما يحدث الآن في مصر، وحالة الغضب الشعبي والمظاهرات والانفلات الأمني والأزمة الاقتصادية، فيجيبه: «والله.. أنا زعلان» ثم صمت قليلاً، لكن «المصدر» قطع صمته وسأله: «بخبرتك الدولية وتجاربك الطويلة شايف وضع الإخوان المسلمين مع الناس ازاي» ؟ أجاب مبارك: «همه اللي اختاروهم» ولم يزد كلمة واحدة.
يسأله «المصدر» عن دور الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بما يحدث حاليا في مصر والمنطقة العربية، فيجيب مبارك: «كل ما يهم أمريكا هو ضمان أمن إسرائيل في الأساس، وطول عمرهم بيحاولوا يضغطوا على العرب من أجل هذا الهدف، وأنا لم أزر إسرائيل طوال فترة حكمي غير مرة واحدة فقط، في عزاء إسحق رابين. كان الراجل ده ماشي بعملية السلام، وأعطانا قطاع غزه بالكامل، علشان كده الإسرائيليون قتلوه.. لما رُحت في العزاء، قالوا لي خلليك تبات معانا، فرفضت ورجعت القاهرة فوراً».
يمضي مبارك ويقول، وكله طبقا لما نسمعه في التسجيلات: «أمريكا طول عمرها كانت بتضغط علينا للحصول على قواعد عسكرية في مصر، وكنت أرفض دائماً، ومرة جاءني أبوغزالة «عبد الحليم أبوغزالة وزير الدفاع الراحل» وقال لي إن الأمريكان طلبوا يعملوا قاعدة عندنا وأنا وافقت، فرديت عليه: أنت مالكش سلطة توافق ولا أنا كمان، دي مش ملكك ولا ملكي أنا كمان».
يتابع: «وكنت رايح أمريكا في زيارة رسمية والتقيت وزير الدفاع الأمريكي وقال لي إن أبوغزالة وافق على القاعدة العسكرية، فقلت له الدستور المصري لا يسمح بذلك لا لأبوغزالة ولا لي شخصياً. هذا الأمر يحتاج موافقة البرلمان المصري، وحتى لو وافق البرلمان لازم استفتاء شعبي، وقفلت الموضوع عليهم.. طلبوا أكثر من مرة قواعد في غرب القاهرة وبرج العرب.. كانوا عايزين قواعد بأي تمن».
«كفاية الجيزة وزحلقهم بهدوء كده»
يصمت مبارك لحظات ويضيف ضاحكاً: «.. يا ولاد» ثم يواصل حديثه عن الولايات المتحدة: «في الآخر كانوا عايزين يعملوا لنا شبكة إلكترونية للقوات المسلحة. طبعاً علشان الشاشة تكون في إسرائيل وأمريكا. قلت لوزير الدفاع «زحلقهم» مفيش حاجة من دي هتحصل أبداً. رجعوا تاني وكانوا عايزين يوصّلوا كل سنترالات القاهرة بسنترال رمسيس، واتفقوا مع وزير الاتصالات».
يتابع حديثه عن الموضوع نفسه ويقول: عرفت الموضوع من القوات المسلحة، وعرفت أن هذا المشروع معناه أن الأمريكان يقدروا يصيبوا الاتصالات في مصر كلها بالشلل، يعني لما يتوقف سنترال رمسيس، تتوقف كل الاتصالات في مصر. جبت وزير الاتصالات وقلت له: معنى ذلك أنك علشان تطلب أي مكالمة لازم تعدي المكالمة على سنترال رمسيس، فقال لي وزير الاتصالات إن الأمريكان هيعملوا ده ببلاش. فقلت: أوعى توافق، فأجاب: بس همه وصّلوا الجيزة خلاص بسنترال رمسيس فقلت: كفاية الجيزة وزحلقهم بهدوء كده، وفعلاً زحلقناهم».
يواصل مبارك: «في 2006 أو 2007 جاء الأمريكان وطلبوا تردد FM للقاهرة الكبري. ذهبوا إلى وزير الإعلام، فقال لهم: «القانون لا يسمح» فجاءني السفير الأمريكي وقال: «اديني تردد الـfm لأنهم في واشنطن حاجزين 270 مليون دولار عن المعونة لمصر بسبب الموضوع ده» فقلت له: «خليهم عندكم.. مش عايزينهم.. لا.. خليهم متجمدين» ورفضت.. وبعدها بـ 15 يوما أرسلوا الـ 270 مليون دولار.. طبعا كانوا عايزين تردد الـFM علشان التجسس ومراقبة كل شيء.
مداخلة من صحيفة «الوطن» في النص المنشور: يبدو مبارك بحسب وصف «المصدر» هادئا زاهدا. ويُرجع «المصدر» الذي يجلس معه كثيراً في مستشفي السجن هذه الحالة إلى ما حدث له ومعه خلال السنوات الأخيرة، إذ يؤكد أن وفاة حفيده محمد علاء كانت نقطة تحول فاصلة في حياته، وكلما سأله عن إحساسه وتقديره لما يحدث له ولأسرته يجيب بكلمة واحدة: «دنيا».
وحين سأله عن هذه الحالة قال: «والله بعد موت حفيدي محمد كنت عايز أتنحى. وأمشي..هم دلوقتي عايزين يبهدلوني، من المستشفي للسجن للمحكمة.. فاكرين انهم بيذلوني.. لا. أنا في حياتي شفت أكتر من كده بكتير.. حاربت، واحنا في الجيش بنتعب كتير في حياتنا واتعودنا على الشقا. أنا ببساطة الآن عايش ومش خايف. ربنا هو العالم بكل شيء. على فكرة أنا اتخذت قرار التنحي بنفسي ولم يضغط عليّ أحد، وكان ممكن استمر في الحكم، لكني قررت التنحي حفاظاً على أرواح الناس وعدم إراقة الدماء».
يسأله المصدر: «ماذا حدث بالضبط في أيام يناير»؟ يجيب مبارك: «والله. أنا ما بحبش أتكلم في الموضوع ده.. المسألة خلاص مرّت». يسأله: «طيب هل الإخوان دول هيمشوا، ولا هيكمّلوا» ؟ يصمت مبارك قليلاً ويقول: «والله.. مش عارف». يسأله: «البعض قال إنك تلقيت نصائح بإقالة المشير طنطاوي في يناير 2011 لإنقاذ الموقف والنظام». يجيب: «شوف.. لو كنت أقلته أيامها كانوا قالوا عليه بطل.. كانت الناس هتقول إني طلبت منه انه يضرب الناس بالسلاح وهو رفض. لازم الأمور دي الواحد يوزنها صح».
وقال: «الجيش بتاعنا بخير. فيه أبطال. ولادنا زي الفل. لما يدخلوا حرب يحاربوا بشجاعة، وعندهم أسلحة متطورة.. احنا اشتغلنا على ده كتير. جبنا لهم أحدث الأسلحة، وكان الأمريكان بيلاعبونا، وكنا نلاعبهم، لان مفيش أغلى من الجيش في مصر».
ثم يسأله المصدر: «وما رأيك في أداء مرسي وجولاته بالخارج» ؟ ورد مبارك ضاحكاً: «أهو بيتفسح».
سأله: هل مات عمر سليمان مقتولاً؟ في إشارة إلى مدير المخابرات الراحل، فيجيب الرئيس المتنحي: «لا، لا لم يحدث. عمر كان مريضاً. كانت عنده مشكلة خطيرة في القلب.. الله يرحمه». ثم يصمت قليلا ويتابع: «أكتر حاجة بتضايقني لما يقولوا الرئيس المخلوع. من كام يوم سمعت في التلفزيون رئيس المجلس الأعلى السابق من قضايا الدولة بيقول عني «الرئيس المخلوع».. عيب، مفيش دولة في العالم كله بتقول الرئيس المخلوع. ده أنا اتنحيت حفاظاً على أرواح الناس. كنت أقدر أقعد، لكن قلت أنا امشي».