
كشفت الحملات الانتخابية لمرشحي الانتخابات البرلمانية عن مؤشرات عدة أبرزها أن مجلس الأمة القادم لن يكون برلمانا سهلا أو مطواعا للحكومة في كل ما تريد ، كما يتصور البعض ، فمن المتوقع وصول عدد غير قليل من النواب السابقين المخضرمين إلى قبته ، فضلا عن مرشحين آخرين جدد يبدو أيضا أنهم يمتلكون مقومات تجعل منهم برلمانيين ناجحين وفاعلين ، ومن ثم فإن كل الملفات المهمة والعالقة سيتم فتحها ومناقشتها ، ومساءلة الوزرء المسؤولن عنها في المجلس الجديد .
في هذا الإطار فقد حظيت قضية تسريح العسكريين البدون والخليجيين بمتابعة واهتمام كبيرين خلال الحملات الانتخابية ، وبدا أنها ستكون محورا مهما من المحاور التي تشغل المجلس المقبل ، فقد تم التطرق إليها في معظم الندوات الانتخابية ، والإشارة إلى ان الانتخابات الحالية تجرى في اجواء يتعرض فيها شرائح كبيرة من المجتمع لظلم واضح ، خاصة الكويتيات المتزوجات من غير محددي الجنسية ، وابناءهم الذين تم انهاء خدماتهم من الجيش بقرارات تعسفية ، ناهيك عن العسكريين الخليجيين الذين تم تسريحهم من الخدمة دون مقدمات وقبل انتهاء مدة خدمتهم.
كما حدث تركيز على أن هؤلاء العسكريين الذين تم انهاء خدماتهم من البدون او الخليجيين امضوا سنوات من الخدمة في الجيش وكانت لهم بطولات واعمال خالدة خصوصا ابان ازمة الغزو الغاشم وفي الجولان وسيناء.
ووعد غير مرشح بانه لو وفق في الانتخابات الحالية فلن يسكت على هذه التجاوزات وهذا الظلم ، ، وسيستجوب رئيس الوزراء ووزير الدفاععلى تسريح العسكريين البدون والخليجيين ، مستنكرين صمت نواب المجلس السابق والمجلس الذي سبقه على مثل هذه التجاوزات التي تسببت في ظلم الكويتيات المتزوجات من البدون ، وظلم العسكريين الخليجيين ، وتشتيت الاسر الكويتية بحجة تكويت الجيش على الرغم من النقص الكبير في اعداد القوة العسكرية.
وكانت قضية "ضخ الاموال من اجل انجاح مرشحين في الانتخابات" – على حد تعبير البعض – شاغلا أساسيا أيضا في الحملات الانتخابية ، حيث اعتبر كثيرون ان هذه التصرفات "تبين بما لا يدع مجالا للشك ان المجلس المقبل تم اختطافه من الآن ، وان الشعب الكويتي مطالب بتحري الدقة واختيار افضل المرشحين لتمثيلهم تحت قبة البرلمان والعمل من اجل اسقاط المحسوبين على المتنفذين.
وستكون القضية الإسكانية كذلك إحدى أولويات المجلس المرتقب ، في ظل تخوف من عدم قدرة الحكومة الحالية والحكومات القادمة على حل المشكلة التي يعاني منها المواطن الكويتي على مدى عقود من الزمان، وذلك ان نتيجة عدم وجود الإرادة والادارة والرؤية الاستراتيجية طويلة المدى لتلك المشكلة الأمر الذي أوجد لدينا مسمى جديدا وهو الخلل في التركيبة السكانية ، التي باتت خطراً يهدد المجتمع الكويتي.
وتشير الأرقام في هذا الصدد إلى أن هناك ما يقارب من 61.4% من المجتمع الكويتي شباب تحت سن الرابعة والعشرين ، ما يعنى أنه مجتمع فتى ينتقل فيه الشاب والشابة إلى سن الزواج بمعدلات متسارعة ومتصاعدة ولاتستطيع الدولة مواكبة هذا التسارع ، غير أنه وعلى الرغم من توفر كل الإمكانات من الأراضي والموارد المالية إلا أن التعامل مع القضية ( حكومياً ) يتسبب في إبطاء نمو العرض المتاح للقسائم والبيوت بما لا يتناسب مع هذه الزيادة السريعة والمتسارعة في الطلب على الوحدات السكنية !
من هنا طالب البعض بتوحيد الجهات المسئولة عن الإسكان ، وفي إطار خطة شاملة متكاملة وجيدة تتصدى في مدى زمني محدد للقضاء على المشكلة الإسكانية بالبلاد ، وكذلك توفير الأراضي الصالحة للسكن ، وفق منظومة عمرانية متكاملة الخدمات ، والبحث عن الطريقة التي تدفع بشركة نفط الكويت إلي الإسراع في الإفراج عن الأراضي الصالحة لإنشاء التجمعات العمرانية الجديدة ، وكسر احتكارها لأكثر من 80% من أراضي الدولة ، وضرورة التوسع في إنشاء المدن الجديدة المتكاملة الخدمات خارج حدود المنطقة الحضرية بحيث تكفي لاستيعاب الزيادة المتوقعة للنمو السكاني لحوالي 2,5 مليون نسمة .
كما طرح البعض مقترحات بضرورة تشجيع الحكومة لمشاركة القطاع الخاص في مشاريع الإسكان على المديين المتوسط والطويل ، باعتبارً أن مساهمة القطاع الخاص من خلال المشاريع الضخمة تعطي الخبرة للشركات المحلية العقارية للمساهمة في حل المشكلة بدلاً من جلب الشركات الخارجية ، و تخفيض أسعار مواد البناء والأيدي العاملة إلى حوالي الثلث أو النصف من خلال أسلوب الإنتاج الضخم ، فضلا عن ان هذه المشاريع ستخفف سعر الوحدة السكنية بالنسبة للمواطن ، خاصة إذا ما وضع في الاعتبار سقف للربح على الوحدة ، من ناحية اخرى يعفي الدولة من عناء التحمل الكامل للمشكلة الإسكانية .
ورغم كل الصعوبات ، فلم يخل الأمر من تفاؤل بأن الغد سيكون أفضل ، ورأى البعض أن تزامن الانتخابات مع شهر رمضان الفضيل من شأنه تزايد الاقبال والتواصل مع المواطنين ، من خلال حملات المرشحين ، والتأكيد ان أجواء العرس الديمقراطي التي تعيشها الكويت في هذه الاثناء إيجابية للغاية باستثناء بعض الأمور التي لم كن يتمناها أحد والمتمثلة في مداهمة عدد من الاوكار المشبوهة والتي حاول أصحابها تلويث الذمم ، مشيدين بإجراءات وزارة الداخلية التي وجدت تأييدا من حضرة صاحب السمو امير البلاد عندما شدد سموه على ضرورة تطبيق القانون على الجميع دون استثناء .
وأبدى الكثير من المواطنين تفاؤلهم الكبير بان يأتي يوم الاقتراع والناخبون أكثر حماسا وحرصا على ان يكون المجلس المقبل أفضل مما سبقه من برلمانات ، وان الضغط سوف يكون على رجال الامن والقضاة يوم الاقتراع ، اما بالنسبة للناخبين فلا بأس بأن يسخروا نصف ساعة من وقتهم غدا السبت ليجعلوها شهادة لله ثم لمن يستحق من أبناء الوطن .
وعلى صعيد نسبة التغيير في تشكيلة المجلس المقبل توقع البعض انه بالنسبة للدوائر المقاطعة سابقا وتشارك بالانتخابات الحالية ، فان نسبة التغيير سوف تصل الي 60 بالمئة بينما الدائرتان الثانية والثالثة فان التغيير سوف يتراوح من 30 الي 40 بالمئة .
وطرقت الحملات أيضا موضوع تراجع دور الكويت على المستويات العالمية والمحلية، حيث خسرت الكويت 16 نقطة من التصنيف العالمي لمؤشرالتنميه البشرية ، كما تحدثت عن إهدار الحكومة أموال الشعب من خلال صفقة (الداو) المشبوهة منذ البداية متجاهلة إرادة الأمة كعادتها والتي تمثلت في ( لجنة التحقيق ) التي شكلها مجلس الأمة للوقوف علي الأسباب التي قادت الي هذه الخسارة الكبيرة . واتهمت الحكومهً بالفشل في مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية من خلال خسائر سوق الكويت للأوراق المالية التي قدرت ب 7 مليار دينار كويتي ، ومن المثير للدهشة أيضا أن الحكومة لم تحرك ساكنا ولم تتخذ إجراءت وقائيه لحماية الاقتصاد في مثل هذه الأزمات .
واوضح أن الحكومه فشلت في تحقيق الحد الأدنى لإنجاز خطة التنمية ،هذا علي فرض وجود خطة للتنمية برغم من رصد 37 مليار دينار كويتي لتنفيذ الخطة.
وطالب الكثيرون بان تاتي حكومة تعي دورها وتمتلك ارادة ورؤية اصلاحية ، حكومة من الكفاءات المشهود لها من الجميع ، وأن تعلم السلطة التنفيذيه ان السلطة التشريعيه وهي سلطة منتخبه تمثل الامة لن تسمح بتكرار مع حدث مع المجلس السابق ولن نقبل طلبا بمنح فرصه من الزمن لاي حكومه .
وقد ظل موضوع حل المجلس هاجسا يؤرق الكثيرين ، ولذلك حذرالخبير الدستوري الدكتور محمد المقاطع خلال مشاركته في ندوة الدويلة من ان هناك احتمالا كبيرا لابطال مجلس الامة المقبل، مشيرا الى ان لديه من الاسباب لذلك التوقع ، ومنها ان مجلس 2009 تم حله اول مرة في 6 نوفمبر 2011 ثم عاد الى الحياة من جديد حينما صدر حكم المحكمة الدستورية بابطال المجلس الذي جاء بعده ، ثم تم حل مجلس 2009 للمرة الثانية في 7 اكتوبر 2012 ، ثم تم ابطال المجلس الذي جاء بعده باعتبار ان مرسوم انشاء اللجنة العليا الوطنية للانتخابات لم تتوافر فيه حالة الضرورة ، ومن ثم فان ما بني على باطل فانه باطل ، ومن هنا صدر حكم الدستورية في شهر يونيو 2013 ، مقترحا لحل المشكلة أن تدعو الحكومة مجلس 2009 للانعقاد حتى لو لم ينعقد .
غير أن كثيرا من المرشحين أعربوا عن تفاؤلهم بإكمال المجلس الجديد مدته الدستورية ، استنادا إلى أن تخوفات البعض هي محض اجتهاد وان كافة التوقعات تصب بمصلحة استمرار هذا المجلس ، كما أن الحكومة احتاطت لكافة النواحي الدستورية حتى لا يكون هناك سبيل لتقديم طعن بالإبطال ، وتوقع المزيد من التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المرحلة المقبلة لاسيما وان التحديات الحالية كبيرة جدا .