
القاهرة – «وكالات»: كررت وزارة الداخلية المصرية أمس دعوة مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي إلى إنهاء اعتصاماتهم، معلنة أنها ستسمح لجماعة الإخوان المسلمين بالعودة لممارسة العمل السياسي.
ودعت الوزارة في بيان بثه التلفزيون المصري المحتجين في تجمعي رابعة العدوية وميدان النهضة الى إنهاء الاعتصام، مؤكدة في الوقت نفسه أنها «تجدد تعهدها بتوفير الحماية اللازمة لهم والدفاع عن حقوقهم وضمان خروجهم الآمن وعودتهم السالمة إلى بيوتهم وأعمالهم».
وقالت الوزارة متوجهة إلى كل معتصم إن «خروجك الآمن السالم سيسمح للجماعة بالعودة إلى دورها ضمن العملية السياسية الديمقراطية النزيهة التي سيشهدها العالم كله وسيراقبها أيضاً».
وأكدت الوزارة حرصها على سلامة المواطنين المتواجدين في تجمعي رابعة والنهضة، وجددت تعهدها بتوفير الحماية اللازمة لهم، والدفاع عن حقوقهم وضمان خروجهم الآمن وعودتهم السالمة إلى بيوتهم وأعمالهم.
ولفت بيان الوزارة إلى أن «المتواجدين بتلك التجمعات تعرضوا لحالة خطفٍ ذهني من قبل القائمين عليها، ولا يسمحون لهم بالحصول على معلومات أو أخبار غير تلك التي يروجون لها ويزودونهم بها عبر منصاتهم للسيطرة على عقولهم وإبقائهم رهائن لدى قيادات جماعة الإخوان».
وأوضح بيان الداخلية بقوله أيضا «إن الإسلام في مصر يعلو ولا يُعلى عليه أمس واليوم وغداً، وإذا كنت تعتقد أنك تدافع عن شرعية فالشرعية والسيادة للشعب، وقد عبر عنها بوضوح في 30 يونيو و26 يوليو. وإذا كنت تعتقد أنك تنصر جماعة الإخوان المسلمين فإن خروجك الآمن السالم سيسمح للجماعة بالعودة إلى دورها ضمن العملية السياسية الديمقراطية النزيهة التي سيشهدها العالم كله وسيراقبها أيضاً، وإذا كنت تعتقد أنك تحمي نفسك بالبقاء ضمن زملائك فإننا نتعهد لك بالأمن والأمان والعودة السالمة لممارسة حياتك الطبيعية باعتبارك مواطناً حراً شريفاً طالما أنك لم ترتكب أي جريمة أو تنتهك أي قانون».
من جهة أخرى اختتمت بمقر وزارة الخارجية بعد ظهر أمس جلسة المباحثات المصرية الأميركية والتي عقدت بين وزير الخارجية نبيل فهمي ونائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز، وحضرتها السفيرة الأميركية بالقاهرة آن باترسون وبرناردينو ليون ممثل الاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط.
وغادر وليام بيرنز والوفد المرافق له مقر وزارة الخارجية، عقب المباحثات التي استمرت ما يقرب من ساعة، دون أن يدلي بأي تصريحات.
وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت في بيان لها الجمعة، أن زيارة وليام بيرنز إلى القاهرة تستهدف عقد لقاءات مع القادة المصريين حول أهمية تجنب العنف والمساعدة على تيسير عملية سياسية سلمية وشاملة. وتعد زيارة بيرنز لمصر هي الثانية من نوعها خلال أقل من ثلاثة أسابيع، حيث قام بزيارته السابقة للقاهرة منتصف يوليو الماضي.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية أن وزير الخارجية نبيل فهمي نقل للمسؤولين وجهة نظر الحكومة المصرية تجاه التطورات الداخلية، وشدد على التزام الحكومة بخريطة الطريق والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية بمشاركة كافة القوى السياسية دون إقصاء أحد طالما التزموا بالنهج السلمي، ونبذ العنف والبعد عن كافة أعمال التحريض، بحسب ما أفادت «اليوم السابع».
من جهته أكد رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي أنه لابد أن تتاح المشاركة في الحياة السياسية الجديدة للجميع، مشيراً إلى أن العمل على إعادة الأمن والاستقرار في الشارع ليس مناقضاً للمصالحة، بل شرط لها». وعن الاستقرار وعودة الأمن قال رئيس الوزراء المصري في حوار مع صحيفة الأهرام المصرية أمس السبت إن «الحقيقة الموجودة على الأرض أن هناك أناساً غير مطمئنين على حياتهم ويتعرضون لقطع الطرق، وأن هناك أناساً كثيرين معهم سلاح». واعتبر أن الدولة وفي سبيل حماية الحقوق والحريات، لابد أن تكون حاسمة في عودة الأمن والاستقرار والشعور بالأمان لدى الناس».
إلى ذلك، أضاف الببلاوي أن المصالحة اتجاه، والاتجاه الأساسي أنه لن يعزل فريق، فالكل صاحب بلد بالدرجة نفسها، والقانون سيطبق على الجميع، فالمستقبل نبنيه جميعاً وتشارك فيه قوانين لا تعزل أناسا وتعاقب أناسا.» وأرجع صعوبة المصالحة إلى «انعدام الثقة بالدرجة الأولى». واستطرد الببلاوي قائلاً «المصالحة لابد أن تنتهي بأن يكون الكل مستريحاً».
أما عن دور جماعة الإخوان المسلمين في الحياة السياسية فقال «هذا قرارهم.. إذا قرروا المضي بالأسلوب السابق». ونفى ما يقال عن تدخل الجيش في العملية السياسية، قائلاً «أنا شكلت الوزارة بدعوة من رئيس الجمهورية ولم أسمع شيئا من الفريق أول عبدالفتاح السيسي إلا يوم حلف اليمين. ولفت إلى أن الأخير يشارك في اجتماعات مجلس الوزراء مثله مثل أي وزير وأكاد أقول إنه أقل الناس كلاماً».
يأتي هذا، بعد الاشتباكات التي وقعت أمس الجمعة في محيط مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر بين أنصار الإخوان وقوات الأمن والأهالي، والتي أدت إلى سقوط 24 جريحاً بحسب ما أعلنت وزارة الصحة. فيما كشفت وزارة الداخلية إلقاء القبض على 31 شخصاً من أنصار الإخوان بعد الاشتباكات الليلية، حيث هاجم عناصر الإخوان مدينة الإنتاج الإعلامي وتسببوا في إصابة عنصري أمن.
يذكر أن جماعة الإخوان المسلمين أعلنت عن اعتصام جديد في ضاحية ألف مسكن شرق القاهرة قرب المطار. وأتى الإعلان عن الاعتصام الجديد بعدما رفضت الجماعة إنذاراً وجهته وزارة الداخلية للمعتصمين في رابعة العدوية ونهضة مصر، طالبتهم فيه بفض الاعتصام سلمياً.
في غضون ذلك أطلق محمد فؤاد جاد الله، المستشار القانوني السابق للرئيس المعزول محمد مرسي، مبادرة «الفرصة الأخيرة»، التي تهدف إلى حماية الأمن القومي والسلام الاجتماعي وحقن دماء أبناء الوطن، ورفض التقسيم السياسي والديني، على حد تعبيره.
وقال جاد الله لـ«الشروق»: إن «الوضع الذي وصلت مصر إليه هو الأسوأ على الإطلاق في تاريخ مصر، ولكن كل طرف ينتظر من الأطراف الأخرى المبادرة واتخاذ إجراءات بناء الثقة، وسيحسب للطرف الذي سيأخذ زمام المبادرة أنه كان الأقوى والأفضل والأكثر حرصا على هذا الوطن ومصالح الشعب».
وتنقسم المبادرة إلى ثلاث مراحل أساسية وتشمل 19 بندا، أهمها الإفراج عن المتهمين في قضايا سياسية، ونقل الرئيس المعزول محمد مرسي إلى منزله، وفض جميع الاعتصامات طوعا، وبحث إجراء استفتاء شعبي على ما تم في مصر من خطوات وإجراءات منذ 3 يوليو وحتى الآن، وإجراء تحقيقات شاملة مستقلة في الوقائع الدامية التي شهدتها الفترة الأخيرة.
وتبدأ المبادرة، بمرحلة «بناء الثقة»، وفيها يتعين اتخاذ الخطوات التالية: «الإفراج عن المتهمين في قضايا سياسية والمحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا مسيسة أو على الأقل بعضهم، ثم نقل الدكتور محمد مرسي لمنزله، ومنع المفرج عنهم من السفر للخارج لحين انتهاء إجراءات التحقيق في الاتهامات الموجهة إليهم».
كما تتضمن إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة في الأحداث والمذابح والجرائم التي ارتكبت منذ 30 يونيو وحتى الآن، وتقديم الجناة الحقيقيين لمحاكمات عادلة وناجزة، وإلغاء قرارات تجميد أرصدة بعض الشخصيات وأسرهم، وإعادة القنوات الفضائية المغلقة بعد تعهد القائمين عليها بعدم التحريض على العنف، وتعهد القائمين على باقي القنوات الأخرى أيضا بعدم الإثارة والتحريض.
وتشمل هذه المرحلة أيضا، وقف التحريض على العنف من جانب الرموز السياسية والدينية من جميع الأطراف، وتعليق الاعتصامات والتظاهرات الموجودة حاليا لمنح الحوار فرصة للوصول إلى المصالحة الشاملة، وضمان أمن وسلامة المعتصمين والتعهد بعدم ملاحقتهم نهائيا طالما لم يرتكبوا جرائم قتل أو تحريض على القتل، والالتزام بالسلمية من جانب جميع الأطراف سواء عند التظاهر أو الاعتصام وكذلك عند تعامل الجهات الأمنية معها.
والمرحلة الثانية، هي «الحوار بين الأطراف»، وتبدأ بدعوة جميع الأطراف وخاصة التيارات الدينية والقوات المسلحة للحوار حول نقاط محددة هي فتح تحقيق فوري وشامل في جميع الأحداث التي وقعت منذ 30 يونيو من خلال قضاة تحقيق مستقلين ولجنة تقصي حقائق لمعرفة الحقيقة وإعلان نتائج التحقيقات على الشعب، وتطبيق العدالة الناجزة والعدالة الانتقالية، وضمان حماية قيادات الإخوان والتيارات الإسلامية والقوات المسلحة والجهات الأمنية التي لم تلوث أيديها بدماء المصريين وحماية حقوقهم.
كما يشمل الحوار، بحث مدى الحاجة لإجراء استفتاء شعبي على ما تم اتخاذه من إجراءات وقرارات بدأ من خلع رئيس الجمهورية وحتى إصدار الإعلان الدستوري مرورا بخارطة الطريق، وذلك بهدف إنهاء الصراع حول الشرعية.
أما المرحلة الثالثة، فتتضمن «تفعيل المبادرة» من خلال آلية تتولى تفعيلها لجنة من الحكماء يتم الاتفاق على تشكيلها أثناء الحوار تتولى تنفيذ المبادرة، لتفادى أي صدام بين المؤيدين والمعارضين، حقنا لدماء المصريين وحفاظا على السلام الاجتماعي، وعدم عودة العنف أو اللجوء إلى الشارع.
ويتم الإعلان عن المبادرة من خلال شيخ الأزهر باعتباره شخصية محل ثقة وإجماع وعلى رأس مؤسسة الأزهر الوطنية الدينية، للبدء في إجراءات بناء الثقة من خلال إفطار رمضاني قبل نهاية الشهر الكريم.