
شغلت قضية تسريح العسكريين البدون والخليجيين وعدم شمولهم بالتقاعد الشارع الكويتي طوال الأسابيع الماضية، وكانت موضع اهتمام الكثير من المرشحين للانتخابات البرلمانية الأخيرة، والذين نجح بعضهم في الفوز بعضوية مجلس الأمة ، ما يدفع إلى التفاؤل بإمكانية تبني المجلس الجديد لهذه القضية ، ووضعها على قائمة أولوياته ، حتى يجد حلا مناسبا لها بالتعاون مع الحكومة ، من أجل إنصاف هذه الفئة وحماية حقوقها .
يزيد من التفاؤل بمعالجة هذه القضية أن سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك يأتي هذه المرة ، وهو يترأس الحكومة الرابعة له ، بنفس جديد كشفت عنه كلمته أمام سمو أمير البلاد ، عقب أداء الحكومة اليمين الدستورية أمام سموه ، حيث تعهد بأن تكون حكومته على هدي التوجيهات السامية ، واعتزامه التقيد بمنهج عمل وزاري واضح المعالم ، تمضي فيه الحكومة وفق أولويات محددة تتحقق بها الإنجازات الملموسة ، وتبلغ معها المقاصد المأمولة ، وتجسد من خلالها آمال الموطنين وتطلعاتهم ، وتأكيده أيضا بأن الحكومة ستمد يد التعاون لمجلس الامة ، لنبدأ صفحة ايجابية جديدة من تاريخ وطننا العزيز تسود فيها روح التعاون والتكامل ، وارادة العمل المشترك ، حيث تعمل المؤسسات والسلطات ضمن منظومة الرؤية الوطنية الجامعة ، وذلك يعني بالتأكيد أن تتجاوب الحكومة مع تطلعات المواطنين ومطالب النواب ، ومنها هذا المطلب المهم والملح بوقف تسريح العسكريين البدون والخليجيين ، والتجاوب مع الدعوات المتكررة في هذا الشأن والتي لفتت مرارا وتكرارا إلى أن أهل الكويت جبلوا على الخير ورد المعروف وعدم نكران الجميل ، ولكن الحكومة السابقة بإجراءاتها المتخبطة والمتعسفة تسببت في أزمة كبيرة لفئة م الناس لا ذنب لأصحابها إلا أنهم عملوا وأخلصوا للكويت ، لا سيما أن تكريس هذا النهج سيقتل الكثير من المعاني الجميلة وينقض ما نغرسه في خلال المناهج التربوية والتعليمية في أبنائنا ، فهل نقبل أن يكافأ من حمل السلاح للدفاع عن البلد والذود عن أمنه بهذه الطريقة ؟ وما هو مصير أسرهم وأبنائهم في حال تسريحهم ؟
وما يعرفه الكثير من الكويتيين أيضا أن هؤلاء العسكريين الذين تم انهاء خدماتهم من البدون او الخليجيين امضوا سنوات من الخدمة في الجيش ، وكانت لهم بطولات واعمال خالدة على أرض سيناء والجولان في حرب أكتوبر التي انتصر فيها العرب على إسرائيل ، وكذلك في حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي الغادر ، فضلا عن أن قرار تسريح العسكريين الخليجيين والبدون من وزارة الدفاع سيؤدي إلى آثار وأضرار اجتماعية ونفسية بالغة الخطورة على العديد من الأسر وتشريدها وقطع أرزاقها ،فضلا عن أضراره البالغة على أمهات وزوجات هؤلاء العسكريين الذين تم تسريحهم .
كما لفت البعض أيضا إلى نقطة غاية في الأهمية ، وهي أن هذا القرار يتعارض أولا مع توجهات الدولة الساعية إلى حل أزمة البدون ، ويتعارض ثانيا مع الاتفاقيات الأمنية بين الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي في المجالات الأمنية والدفاعية ، فضلا عن ان المؤسسسة العسكرية في حاجة ملحة لكل الذين تلقوا التدريبات وخدموا بإخلاص، وقد آن الأوان لأن يعودوا إلى موقعهم المعزز لدور القوات المسلحة في الذود عن مقدرات الوطن.
ولفت كذلك إلى أنه لا أحد يعترض على تكويت القوات المسلحة ، لكن مع مراعاة أن يتم ذلك على مراحل ، وإيقاف عملية التسريح العشوائية في صفوف العسكريين الخليجيين والبدون ، لان مثل هذا الإجراء يؤثر بسمعة الكويت فى المحافل الدولية .
ويبقى الأمل في أن تظل هذه القضية حية لدى نواب الأمة ، وكذلك لدى الحكومة رئيسا ووزراء ، خصوصا وزير الدفاع الجديد الفريق الشيخ خالد الجراح الذي يثق الجميع في أنه سيولي هذا الموضوع اهتمامه ويجد له حلا مناسبا يضع حدا لآلام وعذابات العسكريين المسرحين وأسرهم .