
> لا خيار أمام المجلس والحكومة سوى تكريس التعاون بينهما وتضييق نطاق الخلافات من أجل مصلحة الكويت
> التوجيهات السامية ستكون ملزمة للسلطتين خصوصا الدعوة لبدء مرحلة جديدة تنهض بالبلاد وتحقق طموحات المواطنين
> ترشيد العمل البرلماني وتصويب ممارساته في الرقابة والتشريع أحد أهم مرتكزات النطق السامي الواجبة النفاذ
> تعهد الغانم والمبارك بفتح صفحة جديدة واحترام كل سلطة للأخرى يمهد لإنجازات كثيرة مرتقبة
> تأكيد رئيس الوزراء على أنه لن يستمر في حكومته إلا الجادون يقدم البرهان الواضح على انتهاء زمن المجاملات والتغاضي عن الأخطاء
> تقديم برنامج حكومي واضح المعالم يكفل تطوير الأداء ومحاربة الفساد وتطوير الخدمات
لا يزال الموقف الحكومي من انتخابات رئاسة مجلس الأمة وباقي المناصب المهمة فيه خلال أولى جلساته ، يثير علامات استفهام كثيرة بشأن مستقبل التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفرص نجاح كل من المجلس والحكومة منفردين أيضا في تحقيق خططهما وبرامجهما الهادفة لتطوير البلاد ، ودفع حركة التنمية قدما إلى الأمام ، ومدى تأثير ما حدث على سير العمل البرلماني والحياة السياسية عموما .
وكان بعض النواب قد جاهروا بانتقاد الحكومة نتيجة لموقفها المشار إليه ، خصوصا النائبة صفاء الهاشم التي أعربت صراحة عن استيائها مما حدث من «تدخل حكومي في انتخابات رئاسة المجلس» ، وقالت:«إن ما حدث من تدخل حكومي سافر لصالح مرشح دون الآخرين أمر يثير القلق» ، مؤكدة أن «الموقف الحكومي يجعلنا نشعر بخذلان وخيبة أمل، لاسيما بعد أن ساندناها في مواقف عدة ، وها هي تعادي مناصري الصوت الواحد تمهيدا لتقديم نظام انتخابي جديد» .
وأضافت الهاشم: «عدم اتخاذ الحكومة لموقف محايد كما اعتدنا في السابق ، يضع أمام مواقفها المستقبلية الكثير من علامات الاستفهام ، وانني أجزم أنها ستكون خلال الفترة المقبلة مع طرف ضد الآخر» ، محذرة بقولها : «ننتظر القادم من أيام لينكشف المستور، وسنكون لها بالمرصاد» .
كما اتهم النائب سعدون حماد الحكومة بأنها «لم تترك الفرصة لوزرائها ليصوتوا وفق قناعاتهم» .
غير أن بعض المراقبين قللوا من احتمالات التأثير السلبي للموقف الحكومي من انتخابات هيئة المجلس على مستقبل العلاقة بين السلطتين ، مشيرين إلى أن هناك سوابق كثيرة انحازت فيها الحكومة إلى مرشحين بعينهم على حساب مرشحين آخرين في انتخابات رئاسة المجلس وسائر المناصب الأخرى ، ولم يترك ذلك أي رواسب أو تأثيرات ضارة .
وأوضح هؤلاء المراقبون أنه لا بد أن يكون للحكومة موقف معين في أي انتخابات ، وهذا أمر طبيعي يحدث في كل برلمانات العالم ولا تنفرد الكويت به ، مذكرين بأن رئيسي السلطتين أعلنا التزامهما بمضامين النطق السامي ، ورغبتهما في فتح صفحة جديدة لا مكان فيها للحزازات أو الأزمات والاحتقانات ، وأن كل المعوقات يمكن تجاوزها وتخطيها من أجل مصلحة الكويت ، وأكدوا أن ما تعهد به الرئيسان لا يمكن أن يذهب عبثا ، فقد أعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم انه سيبدأ صفحة جديدة مع الجميع يتسامى فيها على كل الجراح ، متعهدا بأن يكون منصتا لكل رأي ، ومتفهما لكل زميل ، وصوتا صادقا للشعب الكويتي «الذي أعتز بتمثيله» ، واعتبر أن الكويت «دخلت اليوم مرحلة جديدة» تستوجب تعاون الجميع لإنجاحها ، وتحقيق آمال وتطلعات الشعب الكويتي منها .
أضافوا أن سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء كان واضحا جدا بدوره في إصراره على تدشين مرحلة جديدة ، لا مكان فيها للتأزيم ، ولا محل للتهاون أو التقصير والإهمال ، وأن من سيستمر في حكومته هم الجادون فقط ، والقادرون على الوفاء بالواجبات والمسؤوليات المنوطة بهم ، مؤكدا كذلك حرص الحكومة على تعزيز التعاون مع مجلس الأمة وفق الأطر الدستورية ، للتصدي لمختلف القضايا المطروحة ، وبما يضمن ممارسة كل سلطة لاختصاصاتها الدستورية للنهوض بالكويت والارتقاء بها إلى المكانة التي تستحقها ، وتعهد سموه أيضا بأن يعكس برنامج عمل الحكومة «تطوير منهجية العمل الحكومي ، والتركيز على الجهاز الاداري للدولة ودفع عملية التنمية والسعي إلى الانطلاق بخطة طموحة ومتطورة» .
ورأى المراقبون كذلك أن توجيهات سمو أمير البلاد في نطقه السامي ستكون بالضرورة ملزمة للسلطتين التشريعية والتنفيذية ، لاسيما تأكيد سموه على «حتمية التعاون بين المجلس والحكومة ، لكي يتحقق الإنجاز المأمول ، ويتأتى الإصلاح المنشود» ، ومطالبة سموه أيضا بـ «ترشيد العمل البرلماني ، وتصويب ممارساته في الرقابة والتشريع ، في إطار الدستور واعتبارات المصلحة العامة ، بهدف تعزيز مكانة المؤسسة التشريعية وتفعيل دورها الحيوي» ، وتنبيهه إلى أن «الشعب الكويتي ينتظر من مجلسكم الموقر رقابة تتسم بالوعي والجدية والموضوعية ، وتبتعد عن الكيدية والشخصانية والحسابات السياسية ، تعالج الخلل وتحاسب المقصر والمتجاوز ، وتقضي على مظاهر التسيب والقصور» .
وأشاروا أيضا إلى أهمية ما شدد عليه النطق السامي من
رفض أي تدخل أجنبي في الشأن الكويتي ، والتأكيد على «أننا ككويتيين قادرون على حل قضايانا ، ومعالجة أمور بيتنا بأنفسنا ، ولعل أوجب ما ينبغي إدراكه هو صيانة حرمة هذا البيت ، وألا نسمح بتدخل الغرباء للعبث بمقوماته وخصوصياته ، كما علينا ألا نسمح بأن تكون بلادنا ساحة لصراعات ومعارك الغير وتصفية حساباتهم ، والحذر كل الحذر من استدراج الفتنة البغيضة التي تشق صفوفنا ، وتنال من وحدتنا وتضعف قوتنا» .
ولفتوا كذلك إلى أن وجود خلافات معينة بين أطراف العمل السياسي في البلاد شيء عادي ومألوف في كل بلدان العالم ، وأن المهم هو أن تتم معالجة هذه الخلافات ، كما أوضح النطق السامي ، وفق القنوات الدستورية والشرعية ، بعيدا عن أي تأجيج أو إثارة للفتنة ، أو سعي للتكسب السياسي على حساب مصلحة الوطن .